الصفحات

الأربعاء، 24 أبريل 2013

الطعن 4346 لسنة 57 ق جلسة 3/ 2/ 1988 مكتب فني 39 ق 32 ص 247

جلسة 3 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وناجي اسحق وفتحي خليفة وعلي الصادق عثمان.
----------
(32)
الطعن رقم 4346 لسنة 57 القضائية
 (1)إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
طلب الدفاع غير المنتج في الدعوى. لا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه.
مثال.
(2) رشوة. موظفون عموميون. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
المقصود بالاختصاص بالعمل في مجال الرشوة؟
تقدير توافر اختصاص الموظف بالعمل الذي عرض عليه رشوة من أجله. موضوعي.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "أوراق رسمية".
الأدلة في المواد الجنائية. إقناعية. للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
(4) رشوة. موظفون عموميون. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
مساواة الشارع في نطاق الرشوة بين ارتشاء الموظف واحتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة بالاتجار بها.
كفاية إبداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في اختصاصه لتوافر الزعم بالاختصاص. ولو لم يفصح به الموظف صراحة.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود؟
الجدل الموضوعي. لا يجوز إثارته أمام النقض.
 (6)إثبات "شهود" "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. إجراءات "إجراءات التحقيق". بطلان.
بطلان التسجيل. بفرض وقوعه. لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل.
 (7)رشوة. محاكم أمن الدولة. نيابة عامة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق الدليل". إجراءات "إجراءات التحقيق".
للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة. أساس ذلك؟
تعييب إجراءات مد الحبس. لا أثر له على سلامة الحكم الصادر في موضوع الدعوى.
 (8)نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة".
حق عضو النيابة في الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين. أساس ذلك؟
---------------
1 - لما كان الحكم قد عرض لطلب الدفاع ندب خبير ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن طلب الدفاع ندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان المراحل التي تمر بها المستخلصات وهل للمتهم دور فيها وكذلك بيان جملة المستحق للمجني عليه وهل هو مبلغ 16000 جـ أم مبلغ 10564 جـ ولا ترى المحكمة وجهاً. لإجابة هذا الدفاع لهذا الطلب إذ أنه غير منتج في الدعوى......." وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً في الرد على طلب الدفاع لما هو مقرر من أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه ولأن طلب ندب الخبير إنما يرمي إلى التشكيك في أقوال المبلغ التي اطمأنت إليها المحكمة وإلى نفي اختصاص الطاعن بالعمل الذي من أجله تقاضى الرشوة وهو ما دلل عليه الحكم بأدلة سائغة تنتجه.
2 - المقصود بالاختصاص بالعمل في مجال الرشوة أن يكون لدى الموظف سلطة مباشرة العمل الذي وقع الارتشاء مقابل تحقيقه أو الامتناع عنه وتحدد القوانين واللوائح أعمال الموظف العام التي تدخل في اختصاصه وقد تتحدد هذه الأعمال بمقتضى أوامر الرؤساء أو تعليماتهم الشفوية أو المكتوبة، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي عرضت عليه الرشوة من أجله، هو من الأمور التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل صحيح ثابت في الأوراق.
3 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
4 - إن الشارع قد ساوى في نطاق الرشوة بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة عن طريق الاتجار فيها ويتوافر الزعم بالاختصاص ولو لم يفصح به الموظف صراحة بل يكفي الزعم الضمني بأن يبدي الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في اختصاصه.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بلا معقب ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات واقتنع بوقوع الجريمة وصحة إسنادها إلى الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن بطلان التسجيل - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل ومن بينها إقرار المتهم اللاحق بحيازته المبلغ المضبوط بحوزته، كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونمى إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعي ببطلانه.
7 - لما كانت المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت في فقرتها الثانية على أن يكون للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة، وكان تعييب إجراء مد الحبس لا أثر له على سلامة الحكم الصادر في موضوع الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
8 - من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله قانون الإجراءات الجنائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهاً أو بالكتابة بغير حلف يمين فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: بصفته موظفاً عمومياً (.....) طلب لنفسه وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ولاستعمال نفوذ حقيقي للحصول من جهة تعتبر في حكم السلطة العامة على مزية بأن طلب من....... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه أخذ منه مبلغ ألفي جنيه على سبيل الرشوة مقابل التقرير بالصلاحية الفنية لمنشآت المشروع التي أقامها واستعمال نفوذه لدى الشركة العربية العامة للمقاولات التي يقوم بالتنفيذ لصالحها لصرف مستحقاته المالية عنها دون عراقيل. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ........ عملاً بالمواد 103، 104، 106 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه أربعة آلاف جنيه.
فطعن الأستاذ/...... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الرشوة قد شابه بطلان وقصور في التسبيب وفساد الاستدلال، ذلك بأن الدفاع قدم مذكرة تمسك فيها بندب مكتب الخبراء لمتابعة المراحل التي تمر بها المستخلصات وتحديد المبالغ المستحقة للمبلغ كما تمسك بأن الطاعن غير مختص بالعمل الذي زعم المبلغ أنه من أجل إنجازه تقاضى مبلغ الرشوة وهو ما أكده المهندس........ فضلاً عن أن المهندس...... رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للمقاولات، قرر أنه هو الذي أمر بوقف صرف مستحقات المبلغ وأن الطاعن لم يطلب منه وقف الصرف لأي مقاول آخر وأن الدكتور......... قرر أنه ليس من اختصاص الطاعن أن يحيل إليه التقرير الاستشاري لبيان مدى مطابقة الأعمال التي تمت للأصول الفنية وليس من اختصاصه اعتماد مثل هذا التقرير وأرفق الدفاع شهادة صادرة من هيئة القطاع العام للتشييد تثبت أن الطاعن لا يختص بصرف أو تسهيل صرف مستخلصات المبلغ، وتناول الدفاع أيضاً تناقض أقوال المبلغ في شأن صلته بالطاعن ومدى اختصاصه في صرف المستحقات وقيمتها وأبان عن عدم معقولية أقواله إذ لا يقبل أن يدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه في سبيل الحصول على ستة آلاف جنيه وأن يتوجه إلى الطاعن في منزله ويطلب منه ذلك برغم أنه لا يعرفه من قبل، وفند الدفاع أقوال الشهود وبين أنها لا تصلح دليلاً قبل الطاعن على ارتكابه الجريمة التي دين بها إلا أن الحكم التفت عن كل ما سطره الدفاع ولم يرد عليه بما يدحضه، وتمسك الدفاع ببطلان تسجيل المحادثات التليفونية التي تمت أيام 30، 31/ 7/ 1986، 25/ 8/ 1986 لاقتصار الإذن على تسجيل المكالمات التي تتم في مكان خاص كما تمسك أنه لا يجوز لقاضي التحقيق الذي يعرض عليه أمر مد الحبس الاحتياطي أن يكون في ذات الوقت ممثلاً لسلطة الاتهام إلا أن المحكمة لم ترد على دفعيه هذين، كما أطرحت دفوعه ببطلان التسجيلات التليفونية وببطلان التسجيلات التي أجراها عضو الرقابة الإدارية....... وبطلان تفريغ الأشرطة وببطلان بعض التسجيلات لحصولها قبل صدور الإذن بها وببطلان الإجراءات لأن النيابة العامة لم تقم بفض أحراز الشرائط وتسمعها بحضور الطاعن وبنت المحكمة قضاءها في هذا الشأن على أنها لم تعول على أي دليل مستمد من هذه الإجراءات إلا أنها عولت على أقوال المبلغ من أنه توجه لمقابلة الطاعن بناء على اتفاق سابق حيث سلمه مبلغ الرشوة وتم ضبطه وهذا الذي عول عليه الحكم من أقوال كان موضوع التسجيلات التي تم فيها تحديد موعد اللقاء وأثبتها عضو الرقابة الإدارية في محضره وقد عول الحكم على أقواله برغم أن الضبط لم يتم إلا بناء على التسجيلات التي سبقته، وعول الحكم على أقوال الدكتور....... كخبير في الدعوى برغم ما تمسك به الدفاع من بطلان ما باشره من أعمال لأنه لم يحلف اليمين وأورد الحكم في مقام الرد على الدفع أنه أطرح تقريره كخبير وعول على أقواله كشاهد برغم أن شهادته تنصرف إلى ما أجراه من معاينة للأعمال التي قام بها المبلغ، وتمسك الدفع ببطلان إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 13/ 8/ 1986 إذ ثبت في المحضر الذي صدر الإذن بناء عليه أن الطاعن ما زال يمارس نشاطه الإجرامي برغم أنه كان في ذلك الحين خارج البلاد، وببطلان الإذن لأنه صدر عن جريمة مستقبلة إلا أن الحكم أطرح دفعيه بما لا يصلح لإطراحهما. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد واقعة الدعوى في قوله "حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة.... من أن..... وهو يعمل موظفاً عمومياً (.....) طلب لنفسه من المهندس المقاول...... مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تقاضى منه مبلغ ألفين من الجنيهات على سبيل الرشوة لتقرير الصلاحية الفنية لمنشآت مشروع القطامية التي أقامها واستعمال نفوذه لدى الشركة العربية العامة للمقاولات التي يقوم بالتنفيذ لصالحها بصفته المشرف عليها وذلك لصرف مستحقاته المالية عنها دون عراقيل". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال الطاعن إثر ضبطه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الدفاع ندب خبير ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن طلب الدفاع ندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان المراحل التي تمر بها المستخلصات وهل للمتهم دور فيها وكذلك بيان جملة المستحق للمجني عليه وهل هو مبلغ 16000 جـ أم مبلغ 10564 جـ ولا ترى المحكمة وجهاً. لإجابة الدفاع لهذا الطلب إذ أنه غير منتج في الدعوى......" وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً في الرد على طلب الدفاع لما هو مقرر من أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه ولأن طلب ندب الخبير إنما يرمي إلى التشكيك في أقوال المبلغ التي اطمأنت إليها المحكمة وإلى نفي اختصاص الطاعن بالعمل الذي من أجله تقاضى الرشوة وهو ما دلل عليه الحكم بأدلة سائغة تنتجه. لما كان ذلك وكان المقصود بالاختصاص بالعمل في مجال الرشوة أن يكون لدى الموظف سلطة مباشرة العمل الذي وقع الارتشاء مقابل تحقيقه أو الامتناع عنه وتحدد القوانين واللوائح أعمال الموظف العام التي تدخل في اختصاصه وقد تتحدد هذه الأعمال بمقتضى أوامر الرؤساء أو تعليماتهم الشفوية أو المكتوبة، وكان توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي عرضت عليه الرشوة من أجله، هو من الأمور التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل صحيح ثابت في الأوراق، وإذا كان ذلك وكان الحكم قد عول في التدليل على اختصاص الطاعن بالعمل الذي من أجله تقاضى الرشوة على أقوال كل من...... رئيس قطاع الشئون الفنية والتنفيذ بالشركة العربية العامة للمقاولات...... رئيس مجلس إدارتها......... عضو الرقابة الإدارية وقرار رئيس هيئة القطاع العام للتشييد رقم 83 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 28/ 11/ 1985 وهي أدلة لها أصلها في الأوراق على ما تبين من المفردات المضمومة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي لمصادرة المحكمة في اعتقادها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا يحول دون ذلك التفات المحكمة عن الشهادة المقدمة من الطاعن والصادرة من هيئة القطاع العام للتشييد تدليلاً على دفاعه في شأن نفي اختصاصه بالعمل وذلك لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وأن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، هذا بالإضافة إلى أن الشارع قد ساوى في نطاق الرشوة بين ارتشاء الموظف وبين احتياله باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة عن طريق الاتجار فيها ويتوافر الزعم بالاختصاص ولو لم يفصح به الموظف صراحة بل يكفي الزعم الضمني بأن يبدي الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي يدخل في اختصاصه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقديره التقدير الذي تطمئن إليه بلا معقب عليها ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى أقوال شهود الإثبات واقتنع بوقوع الجريمة وصحة إسنادها إلى الطاعن فإن منعاه في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عول في إطراح ما أطرحه من دفوع الطاعن على قوله "وحيث إنه عن الدفوع الخمسة الأولى الخاصة ببطلان التسجيلات التي تمت في الدعوى وإجراءاتها فمردود عليها بأن المحكمة لم تتعرض لها من قريب أو بعيد ولم ترتكن إليها في تكوين عقيدتها بل ارتكنت في تكوين عقيدتها على شهادة الشهود التي اطمأنت إليها ووثقت فيها الأمر الذي ترى معه المحكمة أنه لا حاجة بها إلى الرد على الدفوع سالفة الذكر والالتفات عنها"، وكان من المقرر أن بطلان التسجيل - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضي بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التسجيل ومن بينها إقرار المتهم اللاحق بحيازته المبلغ المضبوط بحوزته، كما لا يحول دون أخذ المحكمة بأقوال رجال الضبط فيما باشروه من إجراءات ونمى إليهم من معلومات فيما لا يتصل بالتسجيل المدعي ببطلانه وكان الحكم قد عول على أقوال المبلغ...... والتي حصلها في قوله "فقد شهد..... أنه تعاقد مع الشركة العربية العامة للمقاولات كمقاول من الباطن على إنشاء عمارتين سكنيتين بمشروع إسكان القطامية وأن ذلك المشروع يخضع لإشراف وزارة الإسكان عن طريق جهاز فني من موظفي هيئة البناء والتشييد وأن القائمين على الشركة العربية للمقاولات تعمدوا الإساءة إلى أعماله وصلاحيتها الفنية وعدم صرف مستحقاته ومستخلصاته إذ أن المهندس....... المشرف من قبل الشركة....... كان يضع له العراقيل ...... وكان قد طلب منه تكسير في بعض الأعمدة...... وبعد أن قام بالتكسير وعمل المطلوب طلب صرف مستحقاته المالية عنها..... فطلب منه المهندس....... المشرف على التنفيذ تقريراً استشارياً بسلامة الأعمال التي قام بتنفيذها واعتماده من المهندس....... المتهم وعندما تظلم من ذلك....... إلى مدير عام التنفيذ بالشركة وطلب صرف مستحقاته المالية....... أيد المهندس....... في ضرورة تقديم تقرير استشاري....... معتمد من المتهم...... وتوجه لمقابلة المتهم بمكتبه باعتباره المستشار الفني المشرف على الشركة المتقاولة....... لعرض الأمر عليه فلم يجبه وطلب إليه الحضور في منزله فتوجه إلى هناك يوم 24/ 7/ 1986 فطالبه المتهم بدفع 3000 جـ على سبيل الرشوة يدفع منهم 2000 جـ في الحال والألف الباقية، بعد اعتماد أعماله.. والاتصال بالمسئولين بالشركة لمساعدته وصرف جميع مستحقاته فأخبره بعدم استعداده مادياً وأنه على استعداد لتحرير شيك بالمبلغ وانصرف متوجهاً إلى الرقابة الإدارية مبلغاً بالواقعة وحرر بها محضر وأضاف بأنه قام بالحصول على تقرير استشاري يفيد سلامة أعماله وقدمه للشركة المذكورة خلال وجود المتهم خارج البلاد فطلبت منه الشركة اعتماده من المتهم وبتاريخ 26/ 8/ 1986 توجه لمقابلة المتهم بناء على اتفاق سابق وخرجا معاً وتوجها لسيارته حيث أحضر مبلغ الرشوة السابق إثباته بمحضر تسليمه إليه من الرقابة الإدارية وقام بتسليمه للمتهم الذي وضعه في مظروف كان يحمله وعلى أثر ذلك قامت الرقابة الإدارية بضبطه ومعه مبلغ الرشوة". وحصل الحكم أقوال الشاهد...... في قوله "..... بأن المهندس........ حضر وأبلغه بأن يقوم بتنفيذ أعمال مقاولة من الباطن لحساب الشركة العربية.. وأن له مستحقات لدى الشركة رفضت الشركة صرف مستحقاته بحجة أن المهندس التنفيذي بالشركة أشار بوجود مخالفات في تنفيذ أعماله وأنه تقابل مع المتهم عرض عليه مشكلته بصفته المشرف على الشركة فطلب منه الحضور إلى منزله وعندما ذهب طلب منه مبلغ 3000 جـ يدفع منه مبلغ 2000 جـ في الحال والألف الباقية تدفع بعد اعتماد أعماله وصرف جميع مستحقاته وأنه كلف زميله..... بإجراء التحريات" وحصل الحكم أقوال...... في قوله "أنه قام بعمل التحريات التي أسفرت عن جدية البلاغ وأن سمعة المتهم ليس فوق مستوى الشبهات وطلب من الشاهد الأول المبلغ مجاراة المتهم لضبطه متلبساً واستصدر إذناً من النيابة العامة لضبط وتفتيش شخص المتهم وسكن المتهم عقب تقاضيه مبلغ الرشوة وأنه بتاريخ 26/ 8/ 1986 حضر إليه الشاهد الأول وتم تجهيزه بجهاز تسجيل وتسليمه مبلغ الرشوة المتفق عليه والمثبت أرقامه بالمحضر وإذن النيابة وتوجها إلى مكان الضبط حيث شاهد المتهم والشاهد الأول وتوجها إلى مكان سيارة الشاهد الأول حيث قام الأخير بإحضار مبلغ الرشوة من سيارته وسلمه للمتهم الذي قام بوضعه في مظروف بيده، فقام بالقبض على المتهم وبيده المظروف وبداخله مبلغ الرشوة المضبوط وبمواجهته فور الضبط اعترف باستلامه من الشاهد الأول نظير أعمال استشارية له" وكان ما حصله الحكم من أقوال المبلغ وعضوي الرقابة الإدارية فيما سلف منبت الصلة تماماً بواقعات التسجيل وتفريغ الأشرطة المدعي ببطلانها، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يضحى غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة السابعة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت في فقرتها الثانية أن يكون للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة، وكان تعييب إجراء مد الحبس لا أثر له على سلامة الحكم الصادر في موضوع الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله قانون الإجراءات الجنائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهاً أو بالكتابة بغير حلف يمين فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل دفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة الصادر في 13/ 8/ 1986 لأن الطاعن كان خارج البلاد ولأنه صدر عن جريمة مستقبلة ورد عليه في قوله "أن........ جريمة الرشوة موضوع الدعوى الماثلة تمت بالاتفاق عليها بين المبلغ والمتهم وأن دفع مبلغ الرشوة تأجل مؤقتاً لسفر المتهم إلى الخارج وعند عودته اتفق على زمان ومكان تسليمه مبلغ الرشوة وهو الأمر الذي تحقق بمقابلة المبلغ مع المتهم وتسليمه المبلغ المضبوط يوم الضبط فضلاً عن أن القول بأن الإذن صادر عن جريمة مستقبلة هو قول في غير محله لتمام الجريمة بالاتفاق". وهو رد كاف وسائغ في إطراح الدفع فإن منعى الطاعن في شأنه لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق