الصفحات

السبت، 16 مارس 2013

تمتع جهة الإدارة في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة بسلطة تقــديرية لا يحدها سوى الصالح العام

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
( دائرة توحيد المبادئ )
————
بالجلسة المنعقدة علناً يوم الخميس الموافق 6/5/2004م .
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. محمد أحمد الحسينى عبد المجيد .
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / عادل محمود زكي فرغلـــي و كمـــال زكي عبد الرحمن اللمعي وأبو بكر محمد رضوان سليمان والسيد محمد السيد الطحان وغبريال جاد عبد الملاك ود.حمدي محمد أمين الوكيل و يحيى أحمد عبد المجيد مصطفى و سامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إبراهيم محمود على عطا الله ويحيى خضرى نوبى محمد .
نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة .
مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس .
سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 5850 لسنة 47 القضائية عليا
المقام من /
عبد المجيد سليمان محمد أبو شنب
ضــــد /
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الدولة
3- وزير الداخلية
الإجراءات :-
————
بتاريخ 22/3/2001 أودع الأسـتاذ عـطية محمد عطية المحامي نائباً عن الأستاذ / أحمد يوسف المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة صحيفة طعن قيدت بجدولها برقم 5850 لسنة 47 ق. عليا وذلك للحكم له بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 300 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له تعويضاً مناسباً عما أصابه من أضرار نتيجة صدور القرار المطعون فيه ، وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن انتهى لأسبابه إلى إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له التعويض المناسب الذي تقدره المحكمة ، وبجلسة 15/6/2002 نظرت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا الطعن وبجلسة 19/10/2002 قررت إحالته إلى الدائرة السابعة للاختصاص ، ونظرت الدائرة الأخيرة الطعن بجلسة 24/11/2002 ، وأثناء المرافعة أودع الطاعن مذكرتين بدفاعه وسبع حوافظ تحتوي على تسعة وعشرين مستنداً وبجلسة 16/2/2003 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بموجب المادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للترجيح بين قضاء المحكمة الإدارية العليا المستقر من تخويل الإدارة سلطة تقديرية في التعيين في الوظائـف القـضائية والحكـم الصادر مـن الـدائرة الثانية في الطعن رقم 7437 لسنة 46 ق.ع بإلغاء قرار التعيين في إحدى تلك الوظائف فيما تضمنه من تخطي الطاعن استناداً إلى أن لجنة المقابلة الشخصية قدرت درجاته دون أن تحدد العناصر التي بنى عليها هذا التقدير ، وبجلسة 3/7/2003 نظرت دائرة توحيد المبادئ الطعن وأثناء المرافعة أمامها أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهى لأسبابه إلى ترجيح المسلك المستقر بالمحكمة الإدارية العليا ورفض الطعن ، وبجلسة 4/9/2003 قدم الأستاذ / وحيد عبد العظيم إسماعيل إعلاناً طلب فيه التدخل في الطعن على أساس أنه أقام طعناً برقم 9082 لسنة 48ق أمام المحكمة الإدارية العليا لإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 21 لسنة 1994 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وأن له مصلحة في ترجيح الاتجاه الثاني الذي يذهب إلى تقييد سلطة الإدارة في التعيين في الوظائف القضائية ، هذا وقد أودعت هيئة قضايا الدولة الملف مذكرة بدفاعها وصورة مـن القـرار المطعـون فـيه وكتاب أمين عام مجلس الدولة رقم 88- المؤرخ فى 30/7/2001 بالرد على الطعن ، وبجلسة 6/11/2003 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة وإصدار الحكم أخر الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحكــمـــــة
————-
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب التدخل فإنه لما كانت المادة (2) من قانون المرافعات تنص على أنه ( يجـوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ، ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في حضورهم ويثبت في محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة ) وكان اختصاص هذه المحكمة يقتصر وفقاً لنص المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على الفصل في تعارض الأحكام والترجيح بين المبادئ فإن الفصل في طلبات التدخل المقدمة أمامها يكون منوطاً بمحكمة الموضوع الأمر الذي يستوجب إحالة طلب التدخل إليها .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الطعن رقم 5850 لسنة 47 ق.ع طالباً الحكم له بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 300 لسنة 2000 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة مع تعويضه التعويض المناسب تأسيساً على أنه حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة سنة 1998 بتقدير جيد وكان ترتيبه السادس على دفعته بمجموع 108 من 140 درجة وحصل على تقدير جيد جداً في مادة القانون الإداري وتقدير ممتاز في مادة القضاء الإداري , ومنح جائزة التفوق في مادة التنظيم الدولي , وبعد تخرجه حصل على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام دور مايو سنة 2000 بتقدير جيد, وعلى دبلوم التحكيم دور مايو سنة 2001 بتقدير جيد, وبناء على إعلان مجلس الدولة عن التعيين بوظيفة مندوب مساعد سنة 1998 تقدم بطلب لشغل الوظيفة, إلا أن نتيجة المسابقة أعلنت في 2/2/2000 ولم يكن من بين المعينين, فقدم تظلماً في 28/3/2000 كما أنه تقدم مرة أخرى بطلب للالتحاق بذات الوظيفة بالدفعة التكميلية, إلا أن القرار المطعون فـيه صـدر في 20/7/2000 ولـم يكـن ممن شملهم هذا القرار , فتظلم في 28/8/2000, وأضاف الطاعـن أنـه تبين أن السبب في استبعاده يرجع إلى تحريات مباحث أمن الدولة التي انتهت إلى عدم الموافقة على تعيينه لأسباب شخصية تتعلق برئيس جهاز أمن الدولة بالحوامدية , فقد تضمنت تلك التحريات انتماءه بصلة قرابة لأحد المنتسبين للجماعات الإسلامية مع أن تلك الصلة تتجاوز الدرجة الثامنة, وبالرغم من تعيين أحد أقرباء هذا المنتسب بالنيابة العامة , كما أن تلك التحريات قررت وجود جنحة مقامة ضد جده لأمه برقم 1195 لسنة 1952 مع أن هذا الجد لم يتهم في أي جنحة ويرأس الجمعية الشرعية بأبي النمرس منذ عشرين عاماً, واستند الطاعن إلى المادة 57 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة التي أوجبت تعيين الحاصلين على درجة ممتاز ثم الحاصلين على درجة جيد جداً ثم الحاصلين على درجة جيد وأجازت تعيين الحاصلين على تقدير مقبول عن طريق مسابقة عامة يحدد رئيس المجلس شروطها, وأكد أن المسابقة يجب أن تكون امتحاناً تحريرياً بأسئلة موحدة وليس عن طريق لجنة المقابلة التي تتفاوت فيها الأسئلة ولا تكشف عن المستوى العلمي الحقيقي للمتسابقين, وأوضح أن القرار المطعون فيه عين إسلام السيد محمد الملط وأحمد محمد الجاهل وكلاهما حاصل على تقدير مقبول.
ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر في الترجيح بين الاتجاه السائد في أحكام المحكمة الإدارية العليا الذي يذهب إلى أن التعيين في الوظائف القضائية أمر تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية دون معقب عليها طالما أنها توخت اختيار أفضل العناصر الصالحة لتولى هذه الوظائف والنهوض بأمانة المسئولية فيها وطالما خلت قراراتها من عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهما من العيوب القصدية التي يتعين على من يستند إليها إقامة الدليل على ما يدعيه, وأن مجرد توافر الشروط اللازمة للتعيين لا يلزم الإدارة ولا يقيد حقها المطلق في مباشـرة سلطـتـها الـتـقـديـرية في التعـيين , فـذلك هـو ما قـضت به المحكمة بجـلـسة 17/6/1978 في الطعن رقم 785 لسنة 19ق.ع وجلسة 25/1/1987 في الطعن رقم 237 لسنة 32ق.ع وجلسة 5/7/1997 في الطعن رقم 3396 لسنة 41ق.ع وجلسة 27/2/1999 في الطعن رقم 890 لسنة 43ق.ع وجلسة 13/3/1999 في الطعن رقم 3664 لسنة 41ق.ع وجلسة 12/8/2000 في الطعن رقم 4822 لسنة 41ق.ع الترجـيح بين هذا الاتـجاه السائـد والاتـجاه الذي ذهـبت إليـه الـدائـرة الثـانية بالمحـكمة الإداريـة العـليا في أحكـامها الصادرة بـجـلسة 1/6/2002 في الطعـن رقـم 3881 لسـنـة 41ق.ع وجـلسة 1/7/2002 في الطعـن رقـم 6824 لسنـة 44ق.ع وجـلـسة 5/8/2002 في الطعن رقم 7130 لسنة 44ق. ع , وجلسة 28/9/2002 في الطعن رقم 6084 لسنة 45ق.ع , وحاصل ما اتجهت إليه تلك الأحكام أن سلطة الإدارة في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة مقيدة بنص المادة 2 من قانون المجلس رقم 47 لسنة 1972 التي اشترطت في عضو المجلس أن يكون مصرياً متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة وأن يكون حاصلاً على درجة الليسانس في الحقوق وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة وألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره , كما أن تلك السلطة مقيدة بنص المادة 57 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة التي توجب تعيين المندوبين المساعدين من بين الحاصلين على تقدير ممتاز ثم جيد جدا ثم جيد وأجازت تعيين الحاصلين على مقبول عن طريق مسابقة عامة تحدد شروطها بقرار من رئيس المجلس , وأن ذلك يقتضي النظر في صلاحية تولى منصب القضاء فيما بين أصحاب كل تقدير على حدة فلا ينظر في صلاحية أصحاب التقدير الأدنى إذا شغلت الوظائف بالحاصلين على التقدير الأعلى وأن تعيين الحاصلين على تقدير مقبول رهين بوجود وظائف لم تشغل بأصحاب التقديرات الأعلى وباجتيازهم مسابقة تقوم على امتحان تحريري يحتوى أسئلة واحدة وبثبوت الصلاحية في اختبار شخصى يستند إلى مقومات الشخصية والوسط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الملائم لتكوين إنسان يصلح لأن يكون قاضيا , وأن الإدارة ملزمة بأن تحدد مسبقا الأسس الموضوعية والعناصر والدرجات التي يتم على أساسها تقييم المتقدم للوظيفة في المقابلة الشخصية وإلا كانت المفاضلة التي تجريها بين المتقدمين مفاضلة غير جادة وغير حقيقية .

ومن حيث إنه في مقام الترجيح بين الاتجاهين السالف ذكرهما يتعين التأكيد ابتداء بأن كل منهما يتمسك بالصلاحية لشغل الوظائف القضائية وبتوافر الأهلية اللازمة للنهوض بأعبائها بتجرد كامل دون ميل أو هوى , وأن كلاهما يدخل مقومات الشخصية والوسط الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والخلقي كأسس للاختيار , وكلاهما يسلم بالعرف العام الذي يحيط تولى تلك الوظائف بقيم عالية ومعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية , والفارق بين الاتجاهين ينحصر في أمرين أولهما أن الاتجاه الثاني يتمسك بالمقارنة بين تقدير أعلى وتقدير أدنى رغم ثبوت عدم صلاحية الحاصل على التقدير الأعلى , وثانيهما أن الاتجاه الثاني يلزم الإدارة بتحديد عناصر وأسس موضوعية للمقابلة الشخصية التي تستهدف استجلاء مدى توافر الصلاحية . 
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالأمر الأول الذي يستند فيه الاتجاه الثاني إلى المادة 57 من اللائحة الداخلية لمجلس الدولة , فإنه إذا كانت تلك المادة توجب التدرج في التعيين بحسب التقدير العام وتخول رئيس المجلس إجراء مسابقة بين الحاصلين على تقدير مقبول , فإنه ليس فيها ما يشير إلى العودة إلى إجراء مقارنة بين من لم تثبت أهليته بعد المقابلة الشخصية من الحاصلين على تقدير أعلى وبين الحاصل على تقدير مقبول ممن ثبتت أهليته , وإذا قيل بوجوب إجراء مسابقة في شكل امتحان تحريري بين الحاصلين على تقدير مقبول فإنه بفرض صحة هذا القول بالنظر إلى أن النص خلا من أي إشارة لشكل محدد للمسابقة ولمثل هذا الامتحان التحريري فإن عدم إجراء هذا الامتحان لا يعنى العودة إلى النظر في صلاحية الحاصل على تقدير أعلى رغم ثبوت عدم أهليته بقرار من لجنة المقابلة , ومن ثم فليس للحاصل على تقدير أعلى أن يحتج بتعيين من هو أقل منه تقديراً إذا ثبت أن تخطيه في التعيين يرجع إلى عدم الصلاحية .
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالأمر الثاني الذي يستند فيه الاتجاه الثاني إلى وجوب تحديد عناصر وأسس مسبقة يتم بموجبها النظر في الصلاحية وتلتزم بها لجان المقابلة الشخصية , فإنه من المعلوم أن العرف العام يحيط تولى الوظائف القضائية بسياج منيع من المعايير الدقيقة والقيم الرفيعة والضوابط القاطعة والصفات السامية والخصال الحميدة وتلك أركان لا تخضع للحصر في عناصر بذاتها أو القصر على أسس بعينها , لأنها تستخلص من الوسط الذي ينتمي إليه المتقدم للوظيفة وشخصيته , وليس أدل على ذلك من أن الاتجاه الثاني ذاته يسلم بوجوب توافر مقومات خاصة ووسط اجتماعي وثقافي وأخلاقي واقتصادي ملائم لتكوين قاض يحظى بثقة المجتمع واحترامه وليس من شك في أن القول بغير ذلك إنما يؤدى إلى إهدار كل قيمة لعمل لجان المقابلة ويحل المحكمة محلها بناء على ما تراه من تفسير لما قد يوضع من عناصر وأسس مسبقة أو بناء على ضوابط يضعها القاضي بنفسه ليحدد على أساسها مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية , وتلك نتيجة يأباها النظام القضائي ومبدأ الفصل بين السلطات , وإذا كان الأمر كذلك وكانت ممارسة لجان المقابلة لعملها تستند إلى قيم عليا يختار بموجبها الأصلح لشغل المناصب القضائية والأقدر على النهوض بأعبائها دون خلل , فإنه يضحى من غير المسموح به أن تحل المحكمة نفسها محل اللجنة أو أن تمارس مهمتها بحجة عدم وجود عناصر أو أسس مسبقة للاختيار .
ولا وجه للقول بأن السلطة التقديرية المقررة للجان المقابلة تعد امتيازاً يتعين الحد منه برقابة قضائية حاسمة , ذلك لأن ممارسة السلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجبا يستهدف الصالح العام باختيار أنسب العناصر , وهو أمر سيبقى محاطاً بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها وذلك بالتمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة على مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى , وفضلاً عن ذلك , فإن تلك السلطة التقديرية هي وحدها التي تقيم الميزان بين حق كل من توافرت فيه الشروط العامة لشغل الوظائف القضائية وبين فعالية مرفق القضاء وحسن تسييره , ومن ثم فإنه إذا أتيحت للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص الصلاحية والمشكلة من قمم الجهة التي تقدم لشغل إحدى وظائفها , فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الذي تخطاه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة وعندئذ يقع على عاتقه عبء إثبات هذا العيب وهو أمر يصعب إثباته في الطعن الماثل في ضوء أوراق الطعن ووقائعه التي تفيد دون جدال أن الإدارة اتخذت موقفا جديا ببحث طلب شغل الوظيفة فقبلت أوراق الطاعن وفحصتها وعرضته رغم تقرير المباحث الذي يحتج به على اللجنة لاستخلاص مدى صلاحيته لشغل الوظيفة .
ومن حيث إنه يتعين في هذا المجال التأكيد بأن الطعن الماثل لا يحتمل البحث في قصور الأسباب التي بنى عليها التخطي في التعيين , ذلك لأن القواعد التي تحكم مسلك الإدارة المطعون فيه لم تلزمها بتسبيب قرارها , ولأن الأهلية أو عدمها في تولى الوظائف القضائية إنما هي حالة عامة تستشف إما ببصيرة نافذة لدى مجموعة من المتمرسين عبر لقاء مركز وخلال فترة زمنية محددة , وإما برقابة تستمر لفترة ليست بالقصيرة يجريها المؤهلين لذلك من المتخصصين وعليه فإذا لم تتوافر الوسيلة الثانية لا يصح إهدار الأولى بحجة القصور في الأسباب أو حتى إهمالها , ولا وجه في هذا الصدد لاستبدال رقابة السبب برقابة التقدير لأن السبب هنا وهو الحالة الواقعية للمتقدم للوظيفة يندمج في الأهلية اللازمة لشغلها وبالتالي يذوب في الفكرة الموضوعية المستهدفة من القرار المطعون فيه وهو تحقيق الصالح العام .
" فلهـــــــــــذه الأســــــباب "
————————–
حكمت المحكمة :-
—————-
بترجيح الاتجاه السائد في أحكام المحكمة الإدارية العليا والذي من مقتضاه تمتع جهة الإدارة في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة بسلطة تقــديرية لا يحدها سوى الصالح العام وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق