قضية رقم 273 لسنة 25 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية" |
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من مايو سنة 2012 م ، الموافق الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1433ه.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: على عوض محمد صالح وعبدالوهاب عبدالرازق ومحمد عبدالعزيز الشناوى والسيد عبدالمنعم حشيش وتهانى محمد الجبالى وبولس فهمى إسكندر.
نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجى عبدالسميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 273 لسنة 25 قضائية "دستورية" .
المقامة من
(1) السيد/ فوزى جاد جرس الجندى ، بصفته صاحب ومدير شركة الجرس لمكونات الغذاء.
(2) السيد/ محمود أحمد محمود حسن صالح، بصفته صاحب ومدير شركة الكرتون الحديثة.
(3) السيد/ فتحى إبراهيم سليمان بريكة
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد رئيس مجلس الشعب
4- السيد المستشار وزير العدل
5- السيد/ يحيى زكريا الحديدى ، بصفته أمين التفليسة على شركة كيكر للصناعات الغذائية
6- السيد/ أيمن أحمد الداهمى ، بصفته أمين التفليسة على شركة كيكر للصناعات الغذائية
7- السيد رئيس مكتب خبراء دمياط
الإجراءات
بتاريخ الخامس من نوفمبر سنة 2003 ، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، بطلب الحكم بعدم دستورية نص المادتين (567/ب) و (580/1) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 ، وبسقوط إعمال عبارة (ما لم تأمر باستمرار تنفيذه) الواردة بنهاية الفقرة الثانية من المادة (580) من ذات القانون .
وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بتاريخ 20/9/2001 قضى فى الدعويين رقمى 3 ، 5 لسنة 2001 إفلاس كلى رأس البر، بشهر إفلاس شركة كيكر للمواد الغذائية ، وأضحى هذا الحكم نهائيًا بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 166 لسنة 33 ق عالٍ دمياط، ولدى نظر إجراءات التفليسة فى الدعويين المشار إليهما ، أصدر قاضى التفليسة بتاريخ 11/9/2003 قرارًا بإعادة المأمورية لمكتب خبراء وزارة العدل بدمياط لمباشرة المأمورية المبينة بمنطوق هذا القرار. ولما كان المدعون هم بعض دائنى الشركة المفلسة والمتدخلون فى إجراءات تحقيق الديون بتلك التفليسة وتقدموا بمستندات مديونيتهم لقاضى التفليسة ولأمين التفليسة ؛ فقد جاء ذلك القرار – فى تقديرهم – مشوبًا بالخطأ فى تطبيق القانون ومتجاوزًا للاختصاصات المنوطة بقاضى التفليسة ومجحفًا بالدائنين، الأمر الذى حدا بالمدعين إلى الطعن على هذا القرار بالدعوى رقم 38 لسنة 2003 تجارى كلى مأمورية رأس البر ، مختصمين المدعى عليهم من الخامس إلى السابع، وحال نظر تلك الدعوى بجلسة 23/10/2003، دفع المدعون بعدم دستورية المادتين (567/ب) و (580/1) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 ، وذلك على سند مخالفتهما للمادة (68) من الدستور الصادر عام 1971 ، التى تكفل حق التقاضى لكل مواطن وتحظر النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء .
وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، صرحت لهم برفع الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (567) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 تنص على أن "لا يجوز الطعن بأى طريق فى: (أ) ………… (ب) الأحكام الصادرة فى الطعن فى قرارات قاضى التفليسة ، (ج)………. (د)……… (ه) ……………".
وتنص المادة (580) من القانون ذاته على أن "1- لا يجوز الطعن فى القرارات التى يصدرها قاضى التفليسة ما لم ينص القانون على غير ذلك أو كان القرار مما يجاوز اختصاصه 2-…………….. 3-………………..".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع ، فإذا لم يكن النص التشريعى المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً أو كان من غير المخاطبين بأحكامه ، أو كان قد أفاد من مزاياه أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية .
وحيث إن المدعين كانوا قد أقاموا دعواهم الموضوعية السالف ذكرها بطلب الحكم بإلغاء قرار قاضى التفليسة الصادر بجلسة 11/9/2003 فى تفليسة الدعويين 3 ، 5 لسنة 2001 إفلاس كلى رأس البر ، القاضى بإعادة الأوراق لمكتب خبراء وزارة العدل بدمياط لمباشرة المأمورية المبينة بمنطوق هذا القرار ، ومن ثم فإن مصلحة المدعين فى الطعن بالإلغاء على قرار قاضى التفليسة – على النحو الذى تضمنته أحكام المادة (580/1) – تكون قائمة ومتوافرة ، وتكون مصلحة المدعين المحتملة متوافرة أيضًا وبالقدر ذاته فى الطعن على "الأحكام الصادرة فى الطعن فى قرارات قاضى التفليسة" – على النحو الذى تضمنته المادة (567/ب) – لوحدة الهدف والغاية المنشودة من الخصومة القضائية الموضوعية فى مراحلها المختلفة ، وتوصلاً للترضية القضائية المبتغاة دون التصادم المحتمل بعوائق قانونية مفترضة ؛ وبما يتحدد معه نطاق الدعوى الماثلة فى هذين النصين الطعينين – (567/ب) و (580/1) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 سالفى الذكر .
وحيث إن المدعين ينعون على النصين الطعينين المشار إليهما مخالفتهما لأحكام المادتين 40 و 68 من دستور سنة 1971 – المقابلين فى أحكامهما للمادتين 7 و 21 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس سنة 2011 ، والمحتكم إليه فى شأن الرقابة القضائية على دستورية النصين المطعون عليهما – بقالة إخلال هذين النصين لمبدأى المساواة وكفالة حق التقاضى ، بأن أوصد النصان باب الطعن أمام الدائنين على القرارات التى يصدرها قاضى التفليسة إلا فى حالات محددة ، وكذا على الأحكام الصادرة فى الطعن فى قرارات قاضى التفليسة .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطّرد على أن الأصل فى سلطة المشرع فى تنظيم الحقوق – ومن بينها الحق فى التقاضى المنصوص عليه بالمادة (68) من دستور 1971 المقابل لنص المادة (21) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 – هو إطلاقها ، ما لم يكن الدستور قد فرض فى شأن ممارستها ضوابط محددة ، باعتبار أن جوهر هذه السلطة هو المفاضلة بين البدائل التى تتصل بالموضوع محل التنظيم ، موازنًا بينها ، مرجحًا ما يراه أنسبها لمصالح الجماعة ، وأدناها إلى كفالة أثقل هذه المصالح وزنًا ، وليس ثمة تناقض بين الحق فى التقاضى كحق دستورى أصيل وبين تنظيمه تشريعيًّا بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظر هذا الحق أو إهداره ، ونتيجة لذلك فإن المشرع – فى مجال ضمانه حق اللجوء إلى القضاء – لا يتقيد بأشكال محددة تمثل أنماطًا جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل ، بل يجوز أن يختار من الصور والإجراءات – لنفاذ هذا الحق – ما يكون فى تقديره الموضوعى أكثر اتفاقًا مع طبيعة المنازعة التى يعهد بالفصل فيها إلى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى ، دون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التى تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد محددة تكون منصفة فى ذاتها وغير متحيفة .
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه بالمادة (40) من دستور سنة 1971 – وهو ذات النص الوارد بالمادة (21) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011 – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعى ، غايته صون تلك الحقوق والحريات فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها ، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة ، وبمراعاة أن الحماية المتكافئة أمام القانون التى أعتد الدستور بها ، لا تتناول القانون من مفهوم مجرد ، وإنما بالنظر إلى أن القانون يتغيا بالنصوص التى يتضمنها تحقيق أغراض بذاتها من خلال الوسائل التى حددها ، وكلما كان القانون مغايرًا بين أوضاع أو مراكز قانونية أو أشخاص لا تتحد واقعًا فيها بينها ، وكان تقديره فى ذلك قائمًا على أسس موضوعية ، مستهدفًا غايات لا نزاع فى مشروعيتها ، وكافًلا وحدة القاعدة القانونية فى شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلبات تلك الغايات ، كان واقعًا فى إطار السلطة التقديرية التى يملكها المشرع .
وحيث إن المشرع يهدف من تقرير نظام الإفلاس فى قانون التجارة المشار إليه – وعلى ما أفصحت عنه أحكامه وأعماله التحضيرية – إلى وضع نظام محكم لتصفية أموال المدين المفلس وتوزيعها بين دائنيه توزيعًا عادًلا ينال به كل منهم قسطًا من دينه دون تزاحم أو تشاحن بينهم ، فضلاً عن تزويدهم بالوسائل القانونية الكفيلة بتمكينهم من المحافظة على أموال مدينهم وإبطال التصرفات التى تصدر منه بعد أضطراب مركزه المالى ، عن رغبة فى تبديدها أو إقصائها عن متناولهم؛ وفى الوقت ذاته رعاية المدين بالأخذ بيده وإقالته من عثرته متى كان إفلاسه غير مشوب بتدليس أو تقصير ، وذلك بقصد تقوية الائتمان وتدعيم الثقة فى المعاملات التجارية ، وهو ما أدى بالمشرع إلى تنظيم المسائل المتعلقة بتعيين أمين التفليسة واختيار أحد قضاة المحكمة قاضيًا لها ، من أجل حسم المنازعات التى تثور خلال سير إجراءات التفليسة على وجه السرعة ؛ بما يحفظ للدائنين حقوقهم ويمكن المدينين من سداد ديونهم استقرارًا للمعاملات وحماية للاقتصاد القومى .
وحيث إن ما تضمنه النصان الطعينيان – (567/ب) و (580/1) المشار إليهما – من تقييد الطعن على قرارات قاضى التفليسة ، وكذا على الأحكام الصادرة فى الطعن على قرارات قاضى التفليسة ، إنما قد جاء متّسقًا مع ما يتطلبه التنظيم التشريعى للإفلاس من خصوصية أوضاع التقاضى فى حسم المنازعات التى تثور خلال سير إجراءات التفليسة على النحو الذى يحقق الأهداف المرجوة من هذا التنظيم ، نظرًا لاصطباغ نظام الإفلاس بالسمات العامة لأحكام القانون التجارى التى تتمثل فى خاصية الائتمان التى تقوم عليها المعاملات التجارية ، وما تتطلبه من سرعة فى حسم المنازعات الناشئة عنها ، الأمر الذى يكون معه النصان الطعينان قد وقعا فى إطار السلطة التقديرية للمشرع فى تنظيم حق التقاضى ، إذ لم يترتب على هذين النصين أى خطر أوإهدار لهذا الحق ، بل جاء نتيجة اختيار المشرع للإجراءات الأكثر اتفاقاً مع طبيعة منازعة الإفلاس دون ما إخلال بضماناتها الرئيسية التى تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد منصفة، وبمراعاة ما يقتضيه الصالح العام ؛ ومن ثم تكون قالة إهدارهما لحق التقاضى على غير أساس من صحيح القانون. وغير سديد كذلك ما نعاه المدعون من مخالفة النصين الطعينين لمبدأ المساواة أمام القانون، ذلك أن المشرع قد أفرد تنظيمًا قضائيًا لحسم النزاع محددًا قواعده وإجراءاته وفق أسس موضوعية لا تقيم فى مجال تطبيقها تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها ، مستهدفاً المصلحة العامة متمثلة فى سرعة إنهاء المنازعات الدائرة بين أطرافها ، دون إخلال بما تقتضيه دراستها وفحصها من تهيئة الأسس الكافية للفصل فيها ، ومن ثم فإن القواعد التى يقوم عليها هذا التنظيم تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية المشروعة ومؤدية إليها بما لا مخالفة فيه لمبدأ المساواة أمام القانون .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعين بالمصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
|
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
▼
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق