الصفحات

Additional Menu

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

الدعوى رقم 27 لسنة 32 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 6 / 12 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من ديسمبر سنة 2025م، الموافق الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1447ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 27 لسنة 32 قضائية "دستورية"

المقامة من

عز الدين عبد الشكور عبد الرحمن عثمان

ضد

1 – رئيس الجمهورية

2 - رئيس مجلس الوزراء

3 - وزير العدل

----------------

الإجراءات

بتاريخ الثالث من فبراير سنة 2010، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (43) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، وجميع المواد المرتبطة به أو الواردة في لائحته التنفيذية أو أية لوائح أخرى.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن المدعي أقام الدعوى التي آل قيدها أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة برقم 594 لسنة 2009 تنفيذ مستعجل، ضد المدعى عليه الثالث، طالبًا الحكم بإلزام إدارة التنفيذ عدم تحميله أي رسوم تتعلق بتنفيذ الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية في الاستئناف رقم 324 لسنة 2002 مدني مستأنف؛ تأسيسًا على أنه سبق أن تحصل على حكم من محكمة الدقي الجزئية في الدعوى رقم 139 لسنة 1999 مدني جزئي، ضد البنك الوطني العماني- مصر، المحدود، بإلزامه أن يؤدي إليه فوائد على مبلغ مقداره تسعة عشر ألفًا وسبعمائة وستون جنيهًا، بواقع 4% خلال الفترة من 2/9/1998 إلى 7/6/2000. وإذ لم يرتض البنك المذكور ذلك الحكم، فطعن عليه أمام محكمة الجيزة الابتدائية بالاستئناف رقم 324 لسنة 2002 مدني مستأنف الجيزة، التي قضت بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بإلزام البنك بأن يؤدي إلى المدعي الفوائد التأخيرية على مبلغ خمسة آلاف جنيه، بواقع 4% خلال الفترة من 12/5/1999 إلى 7/6/2000، وذُيّل الحكم بالصيغة التنفيذية. وإذ تقدم المدعي بطلب لتنفيذ الحكم المار ذكره، طلبت منه إدارة التنفيذ أداء رسم التنفيذ؛ فأقام دعواه الموضوعية بطلباته سالفة الذكر. وفي أثناء نظر الدعوى قدم المدعي مذكرة تضمنت دفعًا بعدم دستورية المادة (43) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية؛ فقد أقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على النص المطعون فيه مخالفته للمواد (32 و34 و64 و65 و68 و72 و165) من دستور 1971، وكذلك مخالفة نص المادتين (184 و186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى بيانًا للنص التشريعي المطعون فيه، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة، باعتبار أن تلك البيانات الجوهرية هي التي تنبئ عن جدية الدعوى، وبها يتحدد موضوعها، حتى يتاح لذوي الشأن –ومن بينهم الحكومة التي تعتبر خصمًا في الدعوى الدستورية بحكم القانون– أن يتبينوا كافة جوانب المسألة الدستورية المعروضة بما ينفي التجهيل عنها. متى كان ذلك، وكانت صحيفة هذه الدعوى قد خلت من بيان النصوص المرتبطة بالنص المطعون فيه، ولم تعين النصوص ذات الصلة بهذا النص، الواردة بقرارات وزير العدل اللازمة لتنفيذ القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، أو غيرها من لوائح لم يحددها المدعي، مما يصم طلباته سالفة الذكر بالتجهيل، ويكون الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها متعينًا.

وحيث إن المادة (43) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية تنص على أن "يحصل ثلث الرسوم النسبية أو الثابتة عند طلب تنفيذ الإشهادات والأحكام التي تصدر من المحاكم أو من المحكمين أو من الجهات الإدارية التي يجيز القانون تنفيذ أحكامها بشرط أن يكون جميع ما ذكر مشمولًا بالصيغة التنفيذية.

ويخفض هذا الرسم إلى ثلثه في الأحوال الآتية:

(أولًا) طلب إعادة التنفيذ على النوع الواحد.

(ثانيًا) التقرير بزيادة العشر.

(ثالثًا) تجديد دعوى نزع الملكية بعد شطبها".

وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة –وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يدور حول طلب المدعي الحكم بعدم إلزامه بسداد رسم التنفيذ المقرر بنص المادة (43) من القانون رقم 90 لسنة 1944 سالف البيان، حال تقدمه إلى إدارة التنفيذ بطلب تنفيذ الحكم الصادر لصالحه في الاستئناف رقم 324 لسنة 2002 مدني مستأنف الجيزة؛ ومن ثم فإن الفصل في دستورية نص تلك المادة يرتب انعكاسًا أكيدًا وأثرًا مباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية وقضاء محكمة الموضوع بشأنها، بما يتوافر معه شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنته الفقرة الأولى من المادة (43) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، من إلزام طالب التنفيذ بسداد ثلث الرسوم النسبية أو الثابتة عند طلب تنفيذ الأحكام التي تصدر من المحاكم، المشمولة بالصيغة التنفيذية، دون غيره من أحكام جرت بها المادة المشار إليها.

وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه إهداره حق التقاضي؛ بوضع عوائق تحول دون تنفيذ الأحكام القضائية، بما يمثل عدوانًا على استقلال القضاء، ومخالفة لمبدأ خضوع الدولة للقانون، وأن المغالاة في تقدير قيمة الرسم، دون وضع حد أقصى لمقداره، وإلزام الصادر لصالحه الحكم بأدائه، يُشكل عدوانًا على الملكية الخاصة.

وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لأحكام المادتين (184 و186) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فمردود بأن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن دستورية النصوص التشريعية، مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا –بذاته- على مخالفة دستورية؛ مما يتعين معه الالتفات عن هذا النعي.

وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، وتعبر عن إرادة الشعب منذ صدوره؛ ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف –أصلًا- صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه بحسبان نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات؛ ومن ثم يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات –أيًّا كان تاريخ العمل بها- لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتي بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم شرطًا لمشروعيتها الدستورية. متى كان ما تقدم، وكانت المناعي التي وجهها المدعي إلى النص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي يقوم مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي؛ ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على دستورية النص المطعون فيه -الذي مازال ساريًا ومعمولًا بأحكامه- في ضوء أحكام الدستور القائم.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين تفسير النصوص التشريعية التي تنظم مسألة معينة بافتراض العمل بها في مجموعها، وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها، باعتبار أنها متآلفة فيما بينها، لا تتماحى معانيها، وإنما تتضافر توجهاتها، تحقيقًا للأغراض النهائية والمقاصد التي تجمعها؛ ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لتفاصيل أحكامها دون اجتزاء جزءٍ منها ليطبق دون الجزء الآخر؛ لما في ذلك من إهدار للغاية التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة –أيضًا- أن الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها بأهدافها، باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها؛ فمن ثم يتعين لاتفاق التنظيم التشريعي مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاءً لمصلحة عامة لها اعتبارها، وبين الوسائل التي انتهجها طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها، بل يتعين أن تكون مدخلًا إليها، وأن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط تحد من إطلاقها، وتقيم لها تخومها التي لا يجوز اقتحامها.

وحيث إن الدستور يكفل للحقوق التي نص عليها الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وإن ضمان الدستور لحق التقاضي مؤداه ألا يُعزل الناس جميعهم أو فريق منهم أو أحدهم عن النفاذ إلى جهة قضائية تكفل بتشكيلها، وقواعد تنظيمها، ومضمون القواعد الموضوعية والإجرائية المعمول بها أمامها، حدًّا أدنى من الحقوق التي لا يجوز إنكارها عمن يلجون أبوابها، ضمانًا لمحاكمتهم إنصافًا، وكان لحق التقاضي غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها، فإن أرهقها المشرع بقيود تُعسر الحصول عليها أو تحول دونها كان ذلك إخلالًا بالحماية التي كفلها الدستور لهذا الحق.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرسم هو مبلغ من النقود تحصله الدولة جبرًا من شخص معين، مقابل خدمة يؤديها له أحد مرافقها، ومن ذلك مرفق القضاء، ومناط استحقاق الرسم قانونًا أن يكون مقابل خدمة محددة بذلها الشخص العام لمن طلبها مقابلًا لتكلفتها وإن لم يكن بمقدارها، عوضًا عما تتكبده الدولة من نفقات لأداء الخدمة التي تتولاها في سبيل تسيير مرفق العدالة، وأن الضرائب العامة أو الرسوم أو أي تكاليف عامة أخرى من تلك التي يجوز فرضها على المواطنين بقانون أو في الحدود التي يبينها القانون، وفقًا لنص المادة (38) من الدستور القائم، يتعين أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونًا لمحتواها، وغاية يتوخاها المشرع.

وحيث إن المادة (100) من الدستور تنص على أن "تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب، وتكفل الدولة وسائل تنفيذها على النحو الذي ينظمه القانون....."؛ ومن ثم فإن اللجوء إلى القضاء –ممثلاً للدولة- لاقتضاء الحقوق هو تطبيق للمبادئ القانونية العامة، وحاصلها عدم جواز الاقتضاء الذاتي للحق، بما مؤداه ضرورة التجاء من يرى أن حقه محل نزاع أو تم سلبه منه إلى القضاء للاعتراف بهذا الحق، فإن قُضي له به، ولو كان مزودًا بسند تنفيذي، لا يستطيع أن يجري التنفيذ بنفسه ولنفسه، وإنما عن طريق قواعد القانون الإجرائي التي تنظم وسيلة اقتضاء الحقوق؛ باعتبارها أداة النظام والسلام الاجتماعي الذي يحقق حلول العدالة العامة محل العدالة الخاصة. ولا شك أن التنفيذ الجبري يعتبر مرحلة تالية وضرورية لحماية الحق الموضوعي، فالحق في التنفيذ هو طريق لتحقيق مضمون الحق الموضوعي، والوضع الطبيعي للأمور فيما يتعلق بالروابط القانونية هو أن يقوم المدين بالوفاء بالتزامه اختيارًا، فإذا لم يفعل اتخذت الدولة من الإجراءات ما يلزم لاستيفاء الدائن حقه من المدين، وقيام الدولة بأعمال التنفيذ إنما يستند إلى ما لها من سيادة تخولها سلطة تطبيق جزاء القاعدة القانونية المخالفة عن طريق التنفيذ المباشر أو التنفيذ بطريق نزع الملكية.

لما كان ما تقدم، وكان المشرع قد ألزم، بموجب النص المطعون فيه، طالب تنفيذ الأحكام التي تصدر من المحاكم، المذيلة بالصيغة التنفيذية، بسداد رسم مقداره ثلث الرسوم النسبية أو الثابتة، مقابلًا لهذه الخدمة –وغايتها تمكينه من تنفيذ الحكم الصادر لصالحه بوسائل القوة الجبرية- وعيَّن استحقاق هذا الرسم وقت تقديم طلب أداء تلك الخدمة، وجاء تقديره لمقدار الرسم دون غلو أو شطط، مقابل ما تتكبده الدولة من نفقات لأداء تلك الخدمة، وبما لا يجاوز موازين الاعتدال، وعلى ضوء علاقة منطقية بين الخدمة التي يقدمها مرفق العدالة في مجال التنفيذ الجبري وقيمة الرسوم القضائية المقررة لأداء هذه الخدمة؛ ومن ثم يكون النص المطعون فيه قد صدر في إطار السلطة التقديرية للمشرع في مجال فرض الرسوم، وجاء متسقًا مع فلسفة التشريع، كافلًا أهدافها، حيث تخير من البدائل المتاحة ما ارتآه محققًا للأغراض المتوخاة، وفقًا لسلطته التقديرية في تنظيم الحقوق.

وحيث إنه عن النعي بافتئات النص المطعون فيه على حق الملكية الخاصة، فمردود بأن الإخلال بالحماية المقررة لحق الملكية الخاصة لا يتحقق– في الأعم من الأحوال- إلا من خلال نصوص قانونية تفقد ارتباطها عقلًا بمقوماتها، فلا يكون لها من أساس عادل ولا سند مبرر لتقريرها، ولما كان المشرع قد فرض تحصيل هذا الرسم نظير ما تتكبده الدولة من أعباء لأداء خدمة تنفيذ الأحكام جبرًا، ووضع معيارًا منضبطًا لتحديد قيمة هذا الرسم، وألزم به طالب الخدمة، والتزم تخوم الضوابط الدستورية في فرض الرسوم، على نحو ما سبق بيانه؛ ومن ثم يكون النص المطعون فيه مرتبطًا عقلًا بمقوماته، ويكون النعي عليه بالافتئات على حق الملكية الخاصة غير سديد.

وحيث إنه عن النعي بإهدار النص المطعون فيه لحق التقاضي والعدوان على ولاية القضاء واستقلاله، وعلى مبدأ خضوع الدولة للقانون، فمردود بأن ذلك القول ينطوي على خلط بين الرسوم القضائية المستحقة على الدعوى، والتي تسوى بعد صدور حكم منه للخصومة فيها، ويُلزم بها خاسر الدعوى، وبين رسم التنفيذ الذي يستحق عند تقديم الصادر لصالحه الحكم طلبًا لتنفيذه بالطريق الجبري، وهي مرحلة تالية لانتهاء خصومة الحق، والولوج إلى خصومة التنفيذ؛ ومن ثم فإن النص المطعون فيه لا يمس حجية الأحكام التي صدرت في خصومة الموضوع ولا ينال –بهذه المثابة- من استقلال القضاء أو من حق التقاضي، فضلًا عن أن النص المطعون فيه لا يحول دون رجوع طالب التنفيذ على المنفذ ضده بقيمة هذا الرسم طبقًا للقواعد العامة؛ باعتبار أن امتناعه قد ألجأ طالب التنفيذ إلى وسائل التنفيذ الجبري وما يستتبعه من تكاليف مالية، فضلًا عن أن التنظيم القانوني الذي أتى به المشرع أتاح لطالب التنفيذ -بموجب المادة (48) من القانون رقم 90 لسنة 1944 سالف البيان- أن يطلب رد رسم التنفيذ إذا لم يكن قد حصل البدء فيه فعلًا؛ ذلك أن مجرد وضع الصيغة التنفيذية على الأحكام، وإعلان السند التنفيذي، أو تكليف المدين بالوفاء، أو تقدم الدائن لإدارة التنفيذ بطلب لإجراء التنفيذ الجبري، لا تعتبر من إجراءات خصومة التنفيذ الجبري؛ إذ إن تلك الأعمال كلها لا تتجه إلى غاية التنفيذ جبرًا، وإنما تتجه إلى تحذير المدين من عاقبة عدم السداد، ودفعه إلى تجنب تحمل تبعات إجراءات التنفيذ الجبري؛ ومن ثم يبرأ النص المطعون فيه من أية مخالفة دستورية، ويكون الطعن عليه، بكافة مناعيه، غير سديد خليقًا برفضه.

وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور؛ ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق