جلسة 9 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / أحمد الوكيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / هشام أنور ، محمد نصر ، طارق عمر وعمر عبد السلام نواب رئيس المحكمة
---------------
(72)
الطعن رقم 19924 لسنة 92 القضائية
(1) سلاح . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص والقصد الجنائي فيها . مناط تحققهما ؟
تدليل الحكم سائغاً على توافر العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها ودور كل منهم بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 إجراءات جنائية . لا قصور .
مثال .
(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
التقارير الفنية . لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين . استناد الحكم إليها كدليل مؤيد لأقوال الشهود . لا يعيبه .
(3) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يُطلب منها . غير مقبول .
القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة . تحضيري . لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق .
مثال .
(5) شهادة زور . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
محاكمة الشاهد على شهادته الزور حال انعقاد الجلسة عملاً بالمادتين 107/2 مرافعات و ٢٤٤ إجراءات جنائية . جوازي للمحكمة . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(6) سلاح . نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " .
لا مصلحة للطاعنين في النعي بشأن جريمة الضرب مع سبق الإصرار . متى كانت العقوبة المقضي بها تدخل في الحدود المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري مششخن دون ترخيص .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم . موضوعي . للمحكمة الاطمئنان لها بالنسبة إلى متهم وعدم الاطمئنان لذات الأدلة بالنسبة لآخر .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه : ( أن اتفاقاً بين المتهمين - الطاعنين - على ضرب وإيذاء المجني عليهما لخلافات سابقة بينهم ، ونفاذاً لذلك الاتفاق أعدوا سلاحين ناريين مششخنين ( مسدسين ٩ مم طويل ) أحرزهما المتهمان الأول والثاني وأسلحة بيضاء ( سكاكين ) وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص ( عصي خشبية وحديدية ) واستقل المتهمون الثاني والثالث والرابع سيارة مملوكة لشقيق المتهمين الثاني والثالث ، واستقل الأول والخامس دراجة نارية وتوجهوا يوم الواقعة إلى حيث مكان تواجدهما وتتبعهما حال استقلالهما سيارة المجني عليه الأول وقيادته والذي حاول الهرب لدى رؤيتهم ، فقام الأول والثاني بإطلاق عدة أعيرة نارية بغرض استيقافه ، فانعطف المجني عليه بالسيارة لشارع جانبي كان مغلقاً بالأتربة ، ونزل ومرافقه من السيارة وتعدى المتهمين عليهما بالضرب بالأسلحة البيضاء حوزتهم وأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الخاص بكل منهما قاصدين إيذائهما وعلى إثر تجمع الأهالي فر المتهمون من مكان الواقعة هاربين ) ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من التقارير الشرعية والطبية وتقارير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية ومعاينة النيابة العامة لسيارة المجني عليه الأول ، ثم أورد مؤداها في بيان وافٍ ، وهي أدلة سائغة من شأنها مجتمعة أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وكان يكفي لتحقق جريمة إحراز سلاح ناري دون ترخيص مجرد الحيازة المادية له أياً كان الباعث على حيازته ، وأنه لا يشترط لاعتبار الشخص حائزاً لسلاح ناري أن يكون محرزاً مادياً له بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية أو كان المحرز للسلاح شخصاً آخر نائباً عنه ، كما أن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة السلاح الناري بغير ترخيص . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ودور كل منهم في الواقعة وبما ينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهم وتتوافر بها كافة الأركان القانونية للجرائم التي دانهم بها ، ومنها جريمة حيازة وإحراز السلاح الناري ، وهو ما يتحقق به مراد المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص .
2- لما كان ما حصله الحكم من تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية - الذي عول عليه في قضائه - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير فلا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن قصور الحكم فيما أورده عن هذا التقرير يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها .
3- لما كانت المحكمة قد اطمأنت في - نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال شاهدي الإثبات واطمأنت كذلك إلى تحريات الشرطة وحصلتهما بما لا تناقض فيه - واطرحت المستندات والذاكرة الوميضية المقدمة من الطاعنين لعدم ثقتها بهما - ، وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتب عليها من استدلال على صحة مقارفة الطاعنين الجرائم التي دانهم بها ، فإن ما يثيرونه حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات والتحريات أو محاولة تجريحها والقول بانفراد الضابط بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة وانتفاء صلتهم بالواقعة وعدم التواجد على مسرحها وعدم قدرة الطاعن الثاني على ارتكابها لظروفه الصحية وكيدية الاتهام وتلفيقه محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهم ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت التأجيل لإعلان الشاهد ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق .
5- من المقرر أن حق محاكمة الشاهد على شهادة الزور حال انعقاد الجلسة عملاً بالمادتين ۱۰۷ /۲ من قانون المرافعات ، ٢٤٤ من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً للمحكمة تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها في هذا الشأن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه يكون على غير أساس .
6- لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين وهي السجن المشدد ثلاث سنوات وغرامة عشرة آلاف جنيه تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري مششخن دون ترخيص - وبرأت مما وُجه إليه من مناعي - ، فإنه لا تكون لهم مصلحة فيما يثيرونه بشأن جريمة الضرب مع سبق الإصرار .
7- من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى عين الأدلة بالنسبة إلى آخر ، فإن رمي الحكم بقالة التناقض في التسبيب لقضائه بإدانتهم مع ما ذهب إليه من تبرئة متهمين آخرين في الدعوى ، يكون غير سديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :-
1- اشترك المتهمان السادس والسابعة بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول حتى الخامس في الشروع في قتل المجني عليهما / .... ، .... مع سبق الإصرار ، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتلهما ، فأعدوا أسلحة نارية وبيضاء ( مسدسين ، سلاحين خرطوش ، سكاكين ، عصي حديدية وأخرى خشبية ) وأقنعة للوجه ومركبتين آليتين ( سيارة نقل رقم .... ، دراجة نارية ) وتوجه المتهمون من الأول حتى الخامس إلى حيث أيقنوا بتواجد المجني عليهما ، وما إن ظفروا بهما مستقلين السيارة رقم ( .... ) حتى لاحقوهم بالمركبتين الآنفتين الذكر ، فأطلقوا على سيارتهما رقم ( .... ) وابلاً من الأعيرة النارية باستخدام الأسلحة النارية على نحو ما ثبت بتقرير الأدلة الجنائية المرفق بالأوراق ، حتى إن ضاق عليهما الطريق إلى سدته وتوقفا ، فتابعوا مترجلين إليهما إبان خروجهما من السيارة فاعتدوا عليهما باستخدام الأسلحة البيضاء بضربات عدة استقرت بأنحاء جسديهما حتى ظنوا وفاتهما ، محدثين بذلك إصاباتهما الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ، وقد خاب أثر ذلك لسبب لا دخل لإرادتهم فيه بمداركة المجني عليهما بالعلاج ، وتمت تلك الجريمة بناء على ذلك التحريض والاتفاق والمساعدة المتمثل في الإمداد بالأدوات والأسلحة النارية والبيضاء والمركبتين ( سيارة نقل رقم .... ، دراجة نارية ) والمعلومات بمكان تواجد المجني عليهما على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازوا وأحرزوا سلاحين ناريين مششخنين ( مسدسين ) بغير ترخيص .
3- حازوا وأحرزوا سلاحين ناريين غير مششخنين ( خرطوش ) بغير ترخيص .
4- حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية موضوع الاتهامين السالفين دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازتها أو إحرازها .
5- حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء وأدوات ( سكاكين ، عصا حديدية وأخرى خشبية ) دون مسوغ قانوني وفي غير أحوال الضرورة الشخصية أو الحرفية أو المهنية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة ٢٤١ /2،1 من قانون العقوبات ، والمواد ۱/1 ، 6 ، ٢٥ مكرراً/١ ، ٢٦/ 4،2،1 ، ٣٠ /1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ۱۹٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ۲٦ لسنة ۱۹۷۸ ، ١٦٥ لسنة ١٩٨١ ، ٦ لسنة ٢٠١٢ ، 5 لسنة ۲۰۱۹ والبندين رقمي ( 6 ، 7 ) من الجدول رقم (1) والبند (أ) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحقين بالقانون الأول والمعدلين بقراري وزير الداخلية رقمي ١٣٣٥٤ لسنة 1995 ، ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، بمعاقبة المتهمين من الأول حتى الخامس بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كلٍ منهم مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصادرة فوارغ الطلقات والأسلحة البيضاء والأدوات المضبوطة ، وببراءة المتهمين الآخرين مما أُسند إليهما وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة ، باعتبار أن وصف الاتهام الأول هو الضرب مع سبق الإصرار .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم إحراز وحيازة سلاح ناري مششخن ( مسدسين ) دون ترخيص وذخائر مما تستعمل فيهما وسلاح أبيض وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ والضرب مع سبق الإصرار قد شابه القصوروالتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه شابه الإجمال والإبهام وعدم الإلمام بواقعة الدعوى وأدلتها ، وعول على تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية وأورد نتيجته دون سائر عناصره ومع عدم صلاحيته كدليل إدانة ، ولم يدلل على قيام الاتفاق بينهم ، كما لم يحدد دور كل منهم في ارتكاب الواقعة وعول على أقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني مع عدم معقوليتها واستحالة تصور حدوث الواقعة وفق تصويرهما وتناقضها بمراحل التحقيق المختلفة ، فضلاً عن تناقضها مع تحريات الشرطة وأقوال مجريها التي أخذ بها الحكم رغم كذب من أجراها وخصومته السابقة معهم ، وانفراده بواقعة الضبط وحجب أفراد القوة المرافقة ، ودون أن يعرض للمستندات المقدمة منهم وكذلك الذاكرة الوميضية والدالة على تلك الخصومة والقاطعة بانتفاء صلتهم بالواقعة وعدم التواجد على مسرحها وعدم قدرة الطاعن الثاني صحياً على ارتكابها ، مما يشير إلى كيدية الاتهام وتلفيقه من قبل شاهدي الإثبات ومجري التحريات ، الذي لم تستجب المحكمة إلى طلب سماع أقواله بالرغم من تقديرها لجدية طلب سماعه وتأجيلها الدعوى لإعلانه ، وهو ما حال دون طلبهم لتوجيه تهمة الشهادة الزور لهم ، وغيرت المحكمة وصف التهمة من جناية شروع في قتل عمد إلى جنحة الضرب مع سبق الإصرار دون تنبيه الطاعنين إلى هذا التعديل ، وأخيراً أعملت في حقهم عين الأدلة التي اطرحتها بالنسبة للمتهمين المقضي ببراءتهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه : ( أن اتفاقاً بين المتهمين - الطاعنين - على ضرب وإيذاء المجني عليهما لخلافات سابقة بينهم ، ونفاذاً لذلك الاتفاق أعدوا سلاحين ناريين مششخنين ( مسدسين ٩ مم طويل ) أحرزهما المتهمان الأول والثاني وأسلحة بيضاء ( سكاكين ) وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص ( عصي خشبية وحديدية ) واستقل المتهمون الثاني والثالث والرابع سيارة مملوكة لشقيق المتهمين الثاني والثالث ، واستقل الأول والخامس دراجة نارية وتوجهوا يوم الواقعة إلى حيث مكان تواجدهما وتتبعهما حال استقلالهما سيارة المجني عليه الأول وقيادته والذي حاول الهرب لدى رؤيتهم ، فقام الأول والثاني بإطلاق عدة أعيرة نارية بغرض استيقافه ، فانعطف المجني عليه بالسيارة لشارع جانبي كان مغلقاً بالأتربة ، ونزل ومرافقه من السيارة وتعدى المتهمين عليهما بالضرب بالأسلحة البيضاء حوزتهم وأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الخاص بكل منهما قاصدين إيذائهما وعلى إثر تجمع الأهالي فر المتهمون من مكان الواقعة هاربين ) ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من التقارير الشرعية والطبية وتقارير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية ومعاينة النيابة العامة لسيارة المجني عليه الأول ، ثم أورد مؤداها في بيان وافٍ ، وهي أدلة سائغة من شأنها مجتمعة أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وكان يكفي لتحقق جريمة إحراز سلاح ناري دون ترخيص مجرد الحيازة المادية له أياً كان الباعث على حيازته ، وأنه لا يشترط لاعتبار الشخص حائزاً لسلاح ناري أن يكون محرزاً مادياً له بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية أو كان المحرز للسلاح شخصاً آخر نائباً عنه ، كما أن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة السلاح الناري بغير ترخيص . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - قد دلل تدليلاً سائغاً على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ودور كل منهم في الواقعة وبما ينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقهم وتتوافر بها كافة الأركان القانونية للجرائم التي دانهم بها ، ومنها جريمة حيازة وإحراز السلاح الناري ، وهو ما يتحقق به مراد المشرع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان ما حصله الحكم من تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية - الذي عول عليه في قضائه - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير فلا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في شأن قصور الحكم فيما أورده عن هذا التقرير يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت التقارير الفنية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة الجريمة إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود فلا يعيب الحكم استناده إليها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في – نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال شاهدي الإثبات واطمأنت كذلك إلى تحريات الشرطة وحصلتهما بما لا تناقض فيه - واطرحت المستندات والذاكرة الوميضية المقدمة من الطاعنين لعدم ثقتها بهما - ، وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتب عليها من استدلال على صحة مقارفة الطاعنين الجرائم التي دانهم بها ، فإن ما يثيرونه حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الإثبات والتحريات أو محاولة تجريحها والقول بانفراد الضابط بالشهادة وحجب أفراد القوة المرافقة وانتفاء صلتهم بالواقعة وعدم التواجد على مسرحها وعدم قدرة الطاعن الثاني على ارتكابها لظروفه الصحية وكيدية الاتهام وتلفيقه ، محض جدل في تقدير الدليل الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات مكتفياً بتلاوة أقوالهم ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة هي التي قررت التأجيل لإعلان الشاهد ثم عدلت عن قرارها ، ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق . لما كان ذلك ، وكان حق محاكمة الشاهد على شهادة الزور حال انعقاد الجلسة عملاً بالمادتين ۱۰۷/۲ من قانون المرافعات ، ٢٤٤ من قانون الإجراءات الجنائية متروكاً للمحكمة تستعمله متى رأت ذلك دون إلزام عليها في هذا الشأن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين وهي السجن المشدد ثلاث سنوات وغرامة عشرة آلاف جنيه ، تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري مششخن دون ترخيص - وبرأت مما وُجه إليه من مناعي - فإنه لا تكون لهم مصلحة فيما يثيرونه بشأن جريمة الضرب مع سبق الإصرار . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى عين الأدلة بالنسبة إلى آخر ، فإن رمي الحكم بقالة التناقض في التسبيب لقضائه بإدانتهم مع ما ذهب إليه من تبرئة متهمين آخرين في الدعوى يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق