الصفحات

Additional Menu

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2025

الطعن 1116 لسنة 49 ق جلسة 6 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ق 8 ص 44

جلسة 6 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ومحمد حلمي راغب، وأحمد محمود هيكل؛ وسمير ناجي.

----------------

(8)
الطعن رقم 1116 لسنة 49 القضائية

(1) إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
غياب المتهم لا يترتب عليه تأخير الحكم في الدعوى بالنسبة لغيره من المتهمين معه.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
عدم تقيد المحكمة بالأدلة المباشرة دون غيرها. حقها في استخلاص الحقائق القانونية مما قدم إليها من أدلة ولو غير مباشرة. ما دام ذلك متفقاً مع العقل والمنطق.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الدليل تستقل به محكمة الموضوع. لا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض.
(4) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات. "إجراءات المحاكمة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي قصد به تعييب التحقيق الحاصل قبل المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
(5) إثبات "بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بلاغ الواقعة. لا عبرة بما اشتمل عليه. العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مستخلصاً من التحقيقات.

-------------------
1 - إن المادة 396 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يترتب على غياب متهم تأخير الحكم في الدعوى بالنسبة لغيره من المتهمين معه. ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنتين لم تعترضا على نظر الدعوى بالنسبة لهما دون المتهم الغائب والذي سبقت إدانته غيابياً. ولم تبينا لمحكمة الموضوع مصلحتهما في نظر الدعوى بالنسبة لهما والمتهم الغائب جميعاً في وقت واحد ومن ثم فلا يقبل منهما النعي على الحكم لهذا السبب.
2 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما هي الحال في الدعوى المطروحة. كما لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
3 - إذا كان ما ساقه الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه وما أورده من استدلال رداً على دفاع الطاعنتين سائغاً وله أصله الصحيح من أوراق الدعوى فإن ما تثيره الطاعنتان بدعوى الفساد في الاستدلال أو مخالفة الثابت بالأوراق يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب من محكمة النقض.
4 - إذا كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع لم يطلب إجراء معاينة على سبيل الجزم وإنما أثار ذلك في صورة تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم من رفض لدفاع الطاعنتين في هذا الصدد في محله.
5 - لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة إنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر سبق الحكم عليه بأنهم هتكوا عرض...... بالقوة بأن اعتدوا عليها بالضرب ثم أمسك بها المتهمان الثانية والآخر السابق الحكم عليه عنوة من شعرها وطرحوها أرضاً وشلوا بذلك مقاومتها وقامت المتهمة الأولى برفع ملابسها وخلعت عنها سروالها ووضعت مادة حارقة (بذور الشطة) في فرجها، وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 261/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة هتك العرض قد شابه البطلان في الإجراءات ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وذلك بأن محاكمة الطاعنتين قد جرت في غيبة متهم ثالث اتهم معهما في ذات الدعوى وتخلف عن حضور المحاكمة بسبب وجوده في السجن كما أن المحكمة أدخلت في تكوين عقيدتها عند استخلاص صورة واقعة الدعوى ما يخالف الثابت في الأوراق فأخذت بأن الواقعة بما سبقها من شكوى شقيق المجني عليها قد حدثت في يوم واحد وأن حجرة الطاعنة الأولى أمام حجرة المجني عليها بذات المسكن وأن الشطة قد أحضرت من غرفة الطاعنة الأولى. وأطرح الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنتين من عدم وجود أثر للشطة بقلامات أظافر الطاعنة الأولى وخلو الأعضاء التناسلية للمجني عليها من أية علامات إصابية وتعييب التحقيق بعدم إجراء معاينة لمكان الحادث وعدم ذكر واقعة هتك العرض عند التبليغ بما لا يسوغ إطراحه به، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن المادة 396 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه لا يترتب على غياب متهم تأخير الحكم في الدعوى بالنسبة لغيره من المتهمين معه. ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنتين لم تعترضا على نظر الدعوى بالنسبة لهما دون المتهم الغائب والذي سبقت إدانته غيابياً، ولم تبينا لمحكمة الموضوع مصلحتهما في نظر الدعوى بالنسبة لهما وللمتهم الغائب جميعاً في وقت واحد ومن ثم فلا يقبل منهما النعي على الحكم لهذا السبب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنتين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستقاة من أقوال المجني عليهما والتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي وقد حصل الحكم أقوال المجني عليها بأنه "في صباح يوم 17/ 4/ 1975 وهو اليوم الثاني لمشاجرة نشبت بين المتهمتين الأولى والثانية وبين....... شقيق المجني عليها حضر إليها المتهمون الثلاثة بحجرتها التي تقع في مواجهة حجرة المتهمة الأولى وجعلت هذه الأخيرة تضر بها في حين أمسك المتهم الثالث بعنقها وملابسها وجذبها بالقوة من حجرتها وطرحها ثلاثتهم أرضاً وخلعوا عنها ملابسها ومنها سروالها وشل المتهمان الثانية والثالث مقاومتها بإمساكها بشعرها وعنقها ويديها وأبعدت المتهمة الأولى فخذيها عن بعضهما ووضعت في فرجها مادة الشطة الحارقة التي أحضرتها المتهمة الثانية من حجرة أمها المتهمة الأولى". وكان الثابت من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن ما تنازع فيه الطاعنتان واستند إليه الحكم في استخلاص صورة واقعة الدعوى من سبق شكوى شقيق المجني عليها وموقع حجرة الطاعنة الأولى من حجرة المجني عليها ومكان إحضار الشطة جميعه له سنده الصحيح بأقوال المجني عليها بتحقيقات النيابة فإنه لا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدر تلك الأقوال لأن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح ثابت في أوراق الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفاع بعدم العثور على شطة بقلامات أظافر الطاعنة الأولى ورد عليه بقوله: "بأنه قد انصرمت مدة أربع ساعات تقريباً، بين وقوع الحادث في الساعة الثامنة صباحاً وبين ضبط المتهمين في نحو الساعة الثانية عشرة طهراً على نحو ما هو مستفاد مما أثبته محقق الشرطة في محضره المؤرخ 17/ 4/ 1975 الساعة 12.30 مساء من أنه تم ضبط المتهمين وقت ذاك، وترجح المحكمة أن المتهمة تخلصت من كل أثر لمادة الشطة يكون قد علق بأصابعها أو أظافرها وذلك بغسل هذه الأصابع وتلك الأظافر وليس فقط إعداماً لهذا الدليل المادي ولكن أيضاًَ تخلصاً من تلك المادة الحارقة الكاوية اللاهبة واتقاء لشرها". وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بياناً لإصابات المجني عليها مؤدى التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي في قوله: "وجاء بالتقرير الطبي الابتدائي عن الكشف الموقع على المجني عليها بتاريخ الحادث 17/ 4/ 1975 أن بها سحجات بالرقبة وأعلى الصدر وعضة بالساعد الأيمن وسحجات بالأيدي كما وجد التهاب واحمرار بجهازها التناسلي الخارجي وعثر على مادة الشطة بذلك الجهاز من الخارج والداخل وتقرر لعلاجها مدة تقل عن واحد وعشرين يوماً، كما جاء بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ 24/ 4/ 1975 عن الكشف الموقع على المجني عليها بتاريخ 20/ 4/ 1975 أن الطبيبة الشرعية الكاشفة لاحظت وجود خدوش سطحية بسيطة غير منتظمة الشكل مغطاة بقشرة دموية جافة وحولها هالة محمرة اللون منتشرة بأعلى يمين صدر المجني عليها ويمين عنقها وسحج احتكاكي سطحي مغطى بقشرة دموية جافة بوحشية العين اليسرى في مساحة سنتيمترين مربعين وخدوش مماثلة لسالفتها منتشرة بالسبابة وخلفية اليد اليمنى وأن هذه الإصابات خدشية احتكاكية حديثة نوعاً وجائزة الحدوث في التاريخ الذي تدعيه المجني عليها وبمثل تصويرها ومضت الطبيبة الشرعية في تقريرها فأثبتت أن فحص الأعضاء التناسلية للمجني عليها أورى خلوها من أية علامات إصابية وإن كان هذا لا ينفي احتمال وضع مادة ملتهبة (شطة) كما جاء بأوراق المستشفى وزال أثرها بتطورات الحالة". لما كان ذلك، وإذ كان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما هي الحال في الدعوى المطروحة، وكان لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصاً سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه وما أورده من استدلال رداً على دفاع الطاعنتين سائغاً وله أصله الصحيح من أوراق الدعوى، فإن ما تثيره الطاعنتان بدعوى الفساد في الاستدلال أو مخالفة الثابت بالأوراق يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب من محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أبداه الدفاع عن الطاعنتين من تعييب للتحقيق لعدم إجراء معاينة بقوله: "لا أهمية لنعي الدفاع على التحقيق عدم اشتماله على معاينة لمكان الحادث ذلك أن المعاينات غير منتجة - عادة - في إقامة الدليل أو نفيه في جرائم هتك العرض والتي تنحصر فيها الأدلة في الغالب الأعم في أقوال الشهود والتقارير الطبية خاصة في مثل ظروف الدعوى الراهنة". وكان الدفاع على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة لم يطلب إجراء معاينة على سبيل الجزم وإنما أثار ذلك في صورة تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا بما يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم من رفض لدفاع الطاعنتين في هذا الصدد في محله. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنتان في شأن عدم اشتمال التبليغ عن الحادث على واقعة هتك العرض مردوداً بما هو مقرر من أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة إنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرة لها في عقيدتها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاًً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق