بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 26-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 577 ، 628 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
س. ا. ا. ك. د. ل. ش.
مطعون ضده:
ش. ب. ل. و. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/559 استئناف تجاري بتاريخ 12-05-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر / احمد عبد القوى سلامة وبعد المداولة : ـــ
حيث استوفى الطعنين شروط قبولهما الشكلية .
وحيث ان الوقائع ــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطعنين ـــ تتحصل في أن المطعون ضدها في الطعن رقم 577 لسنة 2025 تجاري أقامت الدعوى رقم 3679 لسنة 2024 تجاري على الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليها مبلغ 3,189,106 درهم ( ثلاثة ملايين ومائة وتسع وثمانون ألفا ومائة وست درهم ) وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد ، وقالت بيانا لذلك أن ه بموجب ثلاثة عقود مقاولة مؤرخة في14/6/2005 اسند إليها ـــ بصفتها المقاول الأصلى ـــ من مالك المشروع إنشاء أبراج ارمادا المبينة بالصحيفة ، وتفرع عنها تعاقدها بتاريخ 5/8/2006 مع الطاعنة ـــ كمقاول باطن ــ لإنجاز أعمال التكسية و الزجاج و الألمنيوم لتلك الابراج ، وجرى الإنتهاء من الأعمال في غضون يونيو 2010 وإستلام شهادات الإنجاز ، وعليه أصدرت الطاعنة شهادات الضمان لأعمالها حسبما يقضى به عقد مقاولة الباطن لصالح المطعون ضدها ، وأن الأخيرة قامت بموافاة إستشاري المشروع بهذا الضمان ومنها ضمان الأعمال لمدة عشر سنوات ، وعلي اثر ذلك صدرت شهادات الإنجاز قبيل إنتهاء مدة الضمان الخاص بمقاول الباطن ـــ الطاعنة ، وعقب ذلك قرر مالك المشروع بظهور عيوب فيما يخص الأعمال التي نفذتها الطاعنة ، ووجه إنذارا إليهما بذلك ، ثم أتبعه بتسجيل النزاع رقم 344/2019 بتعيين خبير تجارى في مواجهتهما وإنتهى الخبير فيه إلى أن هناك عدد من الألواح العمودية فوق الروف تحتاج إلى تبديل نظرا لتغير لونها وأثبت أن هناك ضمان خاص بعدم تغيير اللون ، وعلى ضوء ما إنتهى إليه الخبير أقام مالك المشروع قبلهما الدعوى رقم 511 لسنة 2020 تجارى والتي قضى فيها بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدى إليه مبلغ 1,724,237 درهم مليون وسبعمائة وأربعة وعشرون ألفا ومائتان وسبعة وثلاثون درهما والفائدة القانونية 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية 22/3/2020 وحتى السداد التام وإلزامها بأن تؤدى إليه مبلغ مليون درهم تعويض وذلك تأسيسا على وجود عيوب في أعمال الأمونيوم المنفذة من قبل الطاعنة ، فاستأنفت هذا القضاء بالإستئناف رقم 2831/2021 تجارى ، كما استأنفه مالك المشروع بموجب الإستئناف رقم 2791/2021 تجارى ، وبعد أن ندبت المحكمة لجنة خبراء وأودعت تقريريها الأصلي والتكميلي اللذين أثبتا العيوب في جانب الطاعنة ومسئوليتها عنها وأن هذه العيوب مضمونة لمدة عشر سنوات من تاريخ التسليم الإبتدائي قضت في موضوع الاستئنافين برفضهما ، فطعنوا بطريق التمييز على هذا الحكم وقضت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة وأن محكمة الإستئناف قضت بعد الإحالة في موضوع الإستئناف رقم 2791 لسنة 2021 تجارى المقام من مالك المشروع بتعديل الحكم المستأنف بجعل إلزام المطعون ضدها والطاعنة بالتضامن بالمبلغ المقضي به وتأييده فيما عدا ذلك وفى موضوع الاستئناف رقم 2831 لسنة 2021 تجارى برفضه ، فطعنت عليه المطعون ضدها بالطعن رقم 1560 لسنة 2023 تجارى ، و طعنت الطاعنة بالطعن رقم 1605 لسنة 2023 تجارى ، كما طعن مالك المشروع بموجب الطعن رقم 1625 لسنة 2023 تجارى ، وقضت محكمة التمييز في الطعن رقم 1605 لسنة 2023 بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به بإلزام الطاعنة بالتضامن مع المطعون ضدها عن المبالغ المقضي بها للمطعون ضده الأول ــ مالك المشروع ، و في موضوع الإستئناف رقم 2791 لسنة 2021 تجاري وفي حدود الشق المنقوض بتأييد الحكم المستأنف ، وفي الطعنين رقمي 1560، 1625 لسنة 2023 برفضهما ، وإذ قام مالك المشروع الصادر لصالحه الحكم رقم 511 لسنة 2020 قبلها بفتح ملف التنفيذ رقم 1392 لسنة 2023 تنفيذ تجارى لتنفيذ الحكم مار الذكر ، فما كان منها إلا أن قامت بسداد المبلغ المقضي به ، وجرى إنذار الطاعنة بسداده دون جدوى ، ومن ثم أقامت الدعوى بما سلف من طلبات . حكمت المحكمة بتاريخ 29/1/2025 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ وقدره 3,189,106 درهم ( ثلاثة ملايين ومائة وتسع وثمانون ألفا ومائة وست درهم ) على سبيل التعويض وفائدته القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وحتى تمام السداد . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالإستئناف رقم 559 لسنة 2025 تجارى ، وبتاريخ 12/5/2025 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف في المبلغ المقضي به ليكون إلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضدها مبلغ 1724237 درهم والتأييد فيما عدا ذلك . طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 577 لسنة 2025 تجارى بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 13/5/2025 بطلب نقضه ، قدمت المطعون ضدها مذكرة بالرد . كما طعنت المطعون ضدها على هذا الحكم بالطعن رقم 628 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 26/5/2025 بطلب نقضه ، قدمت المطعون ضدها مذكرة بالرد . وإذ عرض الطعنين في غرفة مشورة ورأت المحكمة أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما في المرافعة ليصدر فيهما حكما واحدا للإرتباط وفيها قررت حجزهما للحكم بجلسة اليوم . أولا الطعن رقم 577 لسنة 2025 تجاري حيث ان الطاعنة تنعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان حين رفض الدفع المبدي منها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم البات الصادر في الدعوى رقم 1194 ، 1391 لسنة 2013 تجاري المستأنفة برقم 1101 ، 1171 لسنة 2014 تجارى والحكم الصادر من محكمة التمييز في الطعن رقم 109 لسنة 2014 تجارى بقالة أن سبب الدعوى المرددة هو إلزام الطاعنة بضمان المنتج وليس تصفية الحسابات بين الطاعنة والمطعون ضدها ، في حين أنه سبق الفصل في موضوع الضمان المتفق عليه بين الطاعنة والمطعون ضدها ومدى جودة التنفيذ بموجب الأحكام المحتج بها ، وهو ما يعنى وحده السبب والموضوع في الدعويين ، بما يمتنع معه معاودة طرح هذه المسألة أو التنازع فيها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على غير مقتضاه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود ، ذلك أن المقرر ـــ في قضاء هذه المحكمة ـــ أن النص في المادة 49/ 1 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية أن الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة ولا يجوز قبول دليل ينقص هذه القرينة ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا ، مفاده أن حجية الأمر المقضي تقتضي أن يتوافر في الدعويين إتحاد الخصوم والموضوع والسبب ، ويكون المحل متوافرا في الدعويين متى كان الأساس فيهما واحدا ولو تغيرت الطلبات لأن العبرة في هذا الخصوص هي بطبيعة الدعوى وليس بنوع الطلبات التي قدمها الخصوم ، وأن تقدير قيام وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين أو نفيها هو من سلطة محكمة الموضوع بغير معقب عليها متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ، وأن سلطة محكمة الموضوع في تفسير صيغ الأحكام المقدمة لها كمستندات في الدعوى هي كسلطتها في تفسير العقود وسائر المحررات الأخرى ، فإن لها مطلق السلطة في تفسيرها مادام أنها لم تخرج عن المعنى التي تحتمله عبارات الحكم وما دام ما إنتهت إليه سائغا ومقبولا بمقتضى الأسباب التي بنت عليه حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنة الوارد بوجه النعي وأطرحه على ما إنتهى إليه أن سبب الدعوى التي سبق للمطعون ضدها إقامتها على الطاعنة و المحاج بالحكم الصادر فيها قام على إخلال الطاعنة عن الوفاء بإلتزماتها التعاقدية بموجب عقد المقاولة المبرم بينهما والتأخير في تنفيذ الأعمال الموكولة لها بموجبه وما ترتب على ذلك من أضرار لحقت بها وما تكبدته من تكاليف نتيجة لذلك ، فيما أقامت الدعوى المعروضة على أساس إلتزام الطاعنة بضمان المنتج بعد تمام تسليم الأعمال المنفذة من جانب الطاعنة ، ومن ثم تغاير الموضوع في الدعويين ، وكان ما إنتهى إليه الحكم المطعون فيه سائغا ولا مخالفة فيه للقانون ، والنعي عليه بما سلف على غير أساس .
وحيث ان الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال حين عقد مسئولية الطاعنة وقضى بإلزامها بالمبلغ المطالب به مستندا في قضائه على الضمان العشري الوارد بعقد مقاولة المطعون ضدها رغم عدم وجود مسئولية للطاعنة بموجب هذا العقد كونها ليست طرفا فيه ولا تحاج به إعمالا لقاعدة نسبية العقود ولا يسوغ للمطعون ضدها التمسك بالضمان العشري الوارد بعقد المقاولة المبرم بينها ومالك المشروع ، فضلا عن إنقضاء فترة ضمان العيوب البالغة عام إعتبارا من تاريخ التسليم الأولى وحتى تاريخ التسليم النهائي دون طلب تنفيذ أية إصلاحات خلالها ، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لذلك والتفت عن دفاعها في هذا الشأن ومضى في نظر الدعوى وفصل في موضوعها ، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود ، ذلك أن المستفاد من مدونات الحكم الصادر من محكمة التمييز في الطعن رقم 1650 لسنة 2023 تجارى أنه تناول دفع المطعون ضدها بعدم سماع الدعوى التي أقامها مالك المشروع بالنسبة للطاعنة بإنقضاء مدة الضمان العشري الخاص بها ـــ مقاول الباطن ــ مقررا فيه أن دعوى مالك المشروع أقيمت قبل إنقضاء فترة الضمان المقررة بعقود المقاولة مثار النزاع ، ومن ثم فإن الحكم المشار إليه يكون قد فصل في مسألة ضمان مقاول الباطن ـــ الطاعنة ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر و اعتد بما إنتهى إليه القضاء الصادر في الطعن مار الذكر وأعمل أثره في الدعوى المطروحة ورفض دفاع الطاعنة المثار في هذا الشأن ، وكان ذلك من الحكم بأسباب سائغة ولا مخالفة فيها للقانون ، ولا يجدى الطاعنة من بعد تمسكها بدفاعها الوارد بوجه النعي والقائم على أن مدة ضمانها للأعمال موضوع عقد المقاولة من الباطن الصادر لها من المطعون ضدها عام على نحو ما ورد بالبند الخامس عشر منه ، ومن ثم النعي على الحكم المطعون يكون على غير أساس .
وحيث ان حاصل ما تنعاه الطاعنة بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال والتناقض حين قضى في الدعوى بإلزامها بأداء المبلغ المقضي به للمطعون ضدها حال إنتفاء الخطأ في جانبها على نحو ما هو ثابت بتقرير الخبرة التكميلي المودع بالدعوى رقم 511 لسنة 2020 تجارى الذى إستند إليه الحكم المطعون فيه في قضائه والذى أعزى الخطأ إلى المطعون ضدها ومالك المشروع ، هذا إلى أنه ألزمها بكامل المبلغ المقضي به دون أن يستنزل منه مبلغ 106000مبلغ التعويض عن الضرر المادي المقضي عنه لصالح مالك المشروع ضد المطعون ضدها إستنادا إلى تقرير الخبرة التكميلي الذى نفى الخطأ عن الطاعنة ، فضلا عن أن الحكم المطعون فيه قرر مسئولية المطعون ضدها عن التعويض ووجوب تحملها جانب من المسئولية عن تفريطها في إستلام ومراجعة أعمال الطاعنة ، ورغم ما قرره الحكم المطعون فيه ألزم الطاعنة بكامل مبلغ التعويض الصادر قبل المطعون ضدها دون أ ن يخصم منه مقدار مساهمتها في الخطأ عن الضرر المادي ودون أن يخصم قيمة الضرر المعنوي المقضي به قبلها بتوافر الخطأ في جانبها بعدم إتباعها الشفافية مع المالك ولم يثبت مشاركة الطاعنة في هذا الخطأ ، فضلا عن التناقض الذى اعترى الحكم المطعون فيه فتارة يعتد بتقريري الخبرة المودعين أمام محكمة أول درجة بملف الدعوى رقم 511 لسنة 2020 تجارى ثم يعود ويعتد بتقرير الخبرة التكميلي في الإستئنافين رقمى2721 ، 2831 لسنة 2021 تجارى وتارة ثالثة يقرر أنه لم يستند إلى تقرير اللجنة ، وهو الأمر الذي لا يفهم ولا يعرف منه الأساس الذى قضى بموجبه في الدعوى ، مما يعيبه ويستوجب نقضه . ثانيا الطعن رقم 628 لسنة 2025 تجارى حيث ان الطعن أقيم الطعن على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك أن الأساس الذي قامت عليه دعواها هو إلتزام المطعون ضدها بضمان عدم تغير لون ألواح الأمونيوم المقرر لها عشر سنوات وهى مسألة تختلف عن أعمال الصيانة المقرر لها سنة حسبما جاء بعقد المقاولة من الباطن المحرر بينهما ، كما أن طلباتها تضمنت القضاء لها بأداء كامل المبالغ التي تكبدتها وأوفت بها لمالك المشروع بما فيها طلب التعويض الذى جرى استيدائه منها للمالك المذكور تأسيسا على ثبوت خطأ المطعون ضدها في الأعمال المنفذة من قبلها ، فضلا عن أن دفاعها جرى على التمسك بإعمال أحكام البند الثالث عشر من عقد المقاولة من الباطن والمحرر بينها والمطعون ضدها والذى تضمن وجوب إلتزام الأخيرة بكافة بنود عقد المقاولة الأصلي الصادر لها من مالك المشروع متى كانت لم تتعارض مع بنود عقد المقاولة من الباطن ، إلا أن الحكم المطعون فيه إكتفى في قضائه بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إليها مبلغ 1.724.237قيمة التكاليف الخاصة بإصلاح العيوب التي شابت ألواح الألمونيوم والتي قامت بالوفاء بها لمالك المشروع نفاذا للحكم رقم 511 لسنة 2020 تجارى ، هذا إلى رفضه القضاء لها بطلب الفوائد عن المبالغ المقضي بها عليها في الدعوى المشار إليها والرسوم والمصاريف الخاصة بالتنفيذ على ما ذهب إليه أن التعويض مقضى به في مواجهة الطاعنة دون المطعون ضدها وأن الأخيرة ليست طرفا فيه ، وأن الطاعنة قصرت في الإستلام الإبتدائي للأعمال التي باشرتها المطعون ضدها و تحملها قدر من المسئولية بصفتها مقاول رئيسي لتفريطها في إستلام ومراجعة أعمال المطعون ضدها للتأكد من مطابقتها للمواصفات ، وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وساقه لا يواجه الأساس الذى قامت عليه الدعوى والطلبات فيها وما جرى عليه دفاعها ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث ان النعي في كلا الطعنين في جملته مردود ، ذلك أنه من المقرر ـــ في قضاء هذه المحكمة ـــ أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح هو من صحيح عمل المحكمة والتي عليها أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على واقعة الدعوى المطروح عليها وأن تعطى لهذا الواقع وصفه الحق وتكييفه القانوني السليم ، وأن العبرة في تكييف الدعوى بحقيقة المطلوب فيها والسبب القانوني الذى ترتكز عليه مهما كانت طبيعة المسئولية التي تساند عليها الخصم في تأييد طلبه أو النص القانوني الذى إعتمد عليه في ذلك إذ إن هذا الإستناد يعتبر من وسائل الدفاع في الدعوى لا تأخذ منه محكمة الموضوع سوى ما يتفق وحقيقة النزاع المطروح عليها وأن تنزل حكمه على واقعة الدعوى ، و أنه وفقا لنصوص المواد 872 ، 877 ، 878 من قانون المعاملات المدنية أن المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد طرفيه بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الأخر ، وعلى المقاول إنجاز العمل وفقا لشروط العقد ، وأنه وفقا للمادة 246 من القانون المدني يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق ما يوجبه حسن النية ، وأن إلتزام المتعاقدين ليس مقصورا على ما ورد في العقد ولكنه يشمل أيضا كل ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف وطبيعة التصرف ، بما مؤداه أن تنفيذ الإلتزامات التي أنشأها العقد تتم وفقا لطبيعة التصرف ومقتضيات تنفيذه بحسن نية ، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن اليه منها واطراح ما عداه ، ولها استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للإلتزامات التي إلتزم بها في العقد ، و تقدير قيام المقاول بتنفيذ عملية المقاولة طبقا للشروط والمواصفات المتفق عليها وفي الميعاد المحدد للتنفيذ ، و استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية ونسبته إلى فاعله وما نجم عنه من ضرر وثبوت رابطة السببية بين الخطأ والضرر ومدى مشاركة المضرور في الخطأ ، وتقدير التعويض متى قامت أسبابه ، ولها تقدير تقرير الخبير والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها محمولة على الأسباب التي بنى عليها وذلك متى اطمأنت إلى هذه النتيجة والأسباب التي بنيت عليها ورأت كفايتها لتكوين عقيدتها في الدعوى مضافا إليها باقي العناصر المقدمة في الدعوى لأن في أخذها بما اطمأنت إليه ما يفيد أنها رأت كفاية تقرير الخبرة الذي اقتنعت به ، و تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين أرائهم فيما يختلفون فيه ، وأن أخذها بأحد التقارير المقدمة في الدعوى يفيد أنها لم تجد في التقارير الأخرى ما ينال من صحة تقرير الخبير الذي أخذت به ، وأنها اطمأنت إلى التقرير المذكور ووجدت فيه وفي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها ، ولها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما أن لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه ، وأنه متى أحال الحكم إلى تقرير الخبير الذي أخذ به مقاما على أسبابه فان مؤدي ذلك إعتبار هذه الأسباب جزءا مكملا لأسباب الحكم وتسبيبا كافيا له ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن واجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية قد انتهى ـــ بما له من سلطة في هذا الشأن ـــ من أوراق الدعوى ومستنداتها إلى مسؤولية الطاعنة عن التعويض المطالب به بإعتبارها هي القائمة بأعمال المقاولة من الباطن والتركيبات لأعمال التكسيات والواجهات والمسؤولة عما ظهر بها من عيوب في المصنعية ومسؤوليتها عن ضمان عيوب تلك الأعمال التي ظهرت في فترة الضمان المتفق عليهاورتب على ذلك قضاءه بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدى مبلغ 1,724,237 للطاعنة ، ولا على الحكم المطعون فيه إن هو حدد مسئولية المطعون ضدها بقيمه إصلاح العيوب بالمبلغ المشار اليه دون أن يستنزل منه المبلغ الذى انتهت إليه لجنة الخبراء في الإستئنافين رقمي 2791 و2831 لسنة 2021 تجاري لا سيما بعد إطراحه له ، وكان ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه يقوم على أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح من الأوراق وفيــــه الرد الضمن المسقط لكل حجة مخالفة ، فإن النعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز . وغير صحيح إدعاء الطاعنة في الطعن الأول بوقوع تناقض في الحكم المطعون فيه وقد جاء قصده واضحا جليا في قضائه . وبخصوص ما تتحدى به الطاعنة في الطعن الأول من أن الحكم الإبتدائى ألزامها بأداء مبلغ 1,000,000 درهم كتعويض إضافي ، وكان الحكم المطعون فيه قد عدل الحكم الإبتدائي بشأن هذا الشق ، ومن ثم فإن النعي لا يصادف محلا من قضاء الحكم المطعون فيه وغير مقبول . وأن ما تثيره الطاعنة في الطعن الثاني بشأن ما قرره الحكم المطعون فيه من تحملها قدر من المسئولية عن تفريطها في استلام ومراجعة أعمال المطعون ضدها للتأكد من مطابقتها للمواصفات ، فلا يعيب الحكم المطعون فيه هذا التقرير طالما كان تزيدا واستطرادا لتأييد وجهة نظره وقضائه في الدعوى ، والنعي في جملته علي غير أساس متعينا رفضه .
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين وألزمت كل طاعنة بمصاريف طعنها ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين في الطعنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق