بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1038 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ع. س. م. ا. ا.
مطعون ضده:
ح. ا. ل.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1158 استئناف تجاري بتاريخ 15-07-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذى أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر /أحمد عبد القوى سلامة وبعد المداولة : ــ
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية .
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطعن ــ تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1026 لسنة 2024 تجاري على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليها مبلغ 500,000 درهم (خمسمائة ألف درهم) والفائدة القانونية بواقع 12 % اعتباراً من تاريخ الاستحقاق ، وقالت بياناً لذلك أن الطاعن أسند إليها بموجب عقد المقاولة المؤرخ 19/11/2020 استكمال أعمال الفيلا الخاصة به ، والممول بنائها من قبل مؤسسة محمد بن راشد للإسكان وأن قيمة العقد مبلغ 868,375.00 درهم (ثمانمائة وثمانية وستون ألفاً وثلاثمائة وخمسة وسبعون درهماً ) لا تشمل ضريبة القيمة المضافة ، وقد قام الطاعن بإسناد أعمال إضافية إليها ، وجرى إنجازها من قبلها وفقاً للثابت باتفاقية فروق الأسعار الموقعة من الطاعن بمبلغ إجماليه 92,000 درهم ، وقد اتفق كل من الطرفين واستشاري المشروع على التمديد الزمني لإنجازه حتى تاريخ 30/12/2021 ، وبتاريخ 5/1/2022 استلمت المطعون ضدها بريداً إلكترونياً من بلدية دبي ، بإفادتها بتغيرها عن المشروع من قبل الطاعن ــ المالك ــ واسناده إلى مقاول آخر ، وعلى اثره أبلغت بلدية دبى عبر البريد الإلكتروني بعدم علمها بقرار المالك بتغييرها وأنها لازالت تعمل بالمشروع كمقاول رئيسي ، وأنها تطالبه بدفعات متأخرة بالمشروع ، وأتبعته برسالة أخرى في 9/1/2022 أرفقت فيها الدفعة الأخيرة المقدمة للاستشاري رقم 6 وتقرير مصور عن حالة الموقع حتى تاريخ الرسالة ، وبتاريخ 28/9/2021 أصدر استشاري المشروع شهادة الدفع رقم 10، والمعتمدة من الطاعن ، والتي تفيد إنجاز نسبة 80% من الأعمال المسندة للمطعون ضدها بمبلغ 348,750.0 درهم ( ثلاثمائة وثمانية وأربعون ألفاً وسبعمائة وخمسون درهماً ) ، ولم يقم الطاعن بسداد أي مبالغ من شهادة الدفع المنوه عنها ، وإذ قامت المطعون ضدها بتنفيذ الأعمال المسندة إليها والأعمال الإضافية حتى وصلت نسبة الإنجاز في المشروع 90% ، إلا أنها فوجئت بقرار الطاعن بفسخ العقد وإسناده لمقاول آخر بدلاً منها ودون سداد مستحقاتها المترصدة في ذمته لها بالمبلغ المطالب به رغم مطالبته بالسداد دون جدوى ، ومن ثم كانت الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً وأعادتها للخبير ، وبعد أن قدم تقريريه الأصلي والتكميلي ، حكمت بتاريخ 17/4/2025 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ 225,500 درهم (مائتين وخمسة وعشرين ألف وخمسمائة درهم ) والفائدة القانونية بواقع 5% اعتباراً من تاريخ شهادة الدفع رقم 6 الحاصل في 26/12/2021 وحتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1158 لسنة 2025 تجارى ، واستأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 1329 لسنة 2025 تجاري ، وبجلسة 15/7/2025 قضت المحكمة برفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الراهن بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 28/7/2025 بطلب نقضه ، قدمت المطعون ضدها مذكرة بالرد . وإذ عرض الطعن في غرفة مشورة ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع حين اعتنق قضاء الحكم الابتدائي وأيده لأسبابه رغم ابتناء الحكم الأخير على تقرير الخبير الذى بنى على استنتاجات وتخمين دون الركون إلى أدلة مادية ودون الاعتماد على محضر انتقال رسمي أو إثبات حالة ومخالفته الأصول المعهودة بعدم بيان الأعمال الموكول بها للمطعون ضدها واحتسابه قيمة الأعمال الإضافية بمبلغ 90000 درهم ، في حين أن تلك الأعمال لم يتم تنفيذها من قبل المطعون ضدها ، وأنه طلب من المحكمة إعادة المأمورية لذات الخبير للتأكد من نسبة الإنجاز والانتقال إلى مؤسسة محمد بن راشد للاطلاع على ملف المشروع بالكامل للوصول إلى نسبة الإنجاز التي أنجزتها المطعون ضدها وبيان الدفعات والمستحقات وتصفية الحساب بين الطرفين ، هذا إلى أن المطعون ضدها استلمت من الطاعن مبالغ نقدية مقابل العمل الذى قامت به ولا يحق لها المطالبة بأية مبالغ أخرى ذلك أن جملة ما سدده لها يتناسب مع العمل الذى قامت به حال كونها المقاول الثالث ، وأن نسبة الإنجاز التي تدعيها هي نسبة إنجاز المشروع بالكامل وليس الجزء الخاص بها ، كما أثبت الخبير وجود أعمال معيبه نفذتها المطعون ضدها ، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن طلبه وبنى قضاءه على تقرير الخبير رغم عدم سلامته ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه أخذ بالرأي الثاني للخبير دون الرأي الأول له الذى يقضي بأحقيته في غرامات التأخير ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن من المقرر وفق ما تقضي به المواد 872 ، 885 ، 888 , 890 ، 892 ، 895 من قانون المعاملات المدنية أن عقد المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر ، وإذا بدأ المقاول في التنفيذ ثم أصبح عاجزاً عن إتمامه لسبب لا يد له فيه ، فإنه يستحق قيمة ما تم من الأعمال ، وما أُنفق في سبيل التنفيذ بقدر ما يعود على صاحب العمل من نفعٍ ، و أن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له بما مؤداه أنه لا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر ، ولا يكون لصاحب العمل عندئذ إلا مطالبة المقاول بالتعويض إذ كان لحقته اضراراً من عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي ، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه ، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفي بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها ، واستخلاص قيام المسئولية بعناصرها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما أو انتفاء أي ركن منها ، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوي ، ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوي ، وإنه إذا رأت الأخذ به محمولاً علي أسبابه وأحالت إليه اعتبر جُزءً من أسباب حكمها دون حاجةً لتدعيمه بأسبابِ أو الرد استقلالاً علي الطعون الموجهة إليه ، أو إعادة المأمورية للخبير ، أو ندب غيره لمباشرتها ، كما أنها لا تكون مُلزمة ، من بعد ، بالتحدث عن كُلِ قرينةٍ غير قانونية يُدلي بها الخصوم ، ولا بتتبعهم في مُختلف أقوالهم وحُججهم وطلباتهم والرد عليها ، طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات ، وكانت قد أقامت قضاءها علي أسبابٍ سائغة لها ما يُساندها من أوراق الدعوي بما يكفي لحمله ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص من أوراق الدعوى ومستنداتها ولما اطمأن إليه من رأى الخبرة الثاني استحقاق الطاعنة لمبلغ 225,500 درهم في ذمة الطاعن وأضاف الحكم المطعون فيه ورداً على أسباب الاستئناف ( أنه أخذاً في الاعتبار أنه تم سحب أعمال المشروع من الشركة المدعية بتاريخ 15/05/2023 لتأخرها في تنفيذ الأعمال المسندة إليها ، وعدم استكمالها تنفيذ الأعمال المنصوص عليها في العقد بنسبة 100% ، ومن ثم فإن دلالة ذلك ، هو عدم استحقاق المدعية لغرامة التأخير المُطالب بها ، وذلك لأن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ، ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له بما مؤداه ، أنه لا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير ، إذا لم يُنفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم يُنفذ البعض الآخر ، الأمر الذى تنتهي معه المحكمة إلى رفض طلب تطبيق غرامة تأخير على الشركة المدعية ، ومن ثم تأخذ بهذين التقريرين في هذا الشق ) وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه بإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضدها المبلغ المقضي به ، ولا عليه أخذه بالرأي الثاني لتقرير الخبير إذ أن ذلك في حدود ماله من سلطة في هذا الشأن ، وكان هذا الذى خلص وانتهى إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله ما يسانده في الأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ، ومن ثم فإن النعي بما ورد بأسباب الطعن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز .
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : برفض الطعن وألزمت الطاعن بالمصروفات ومبلغ ألفين درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق