جلسة 28 من ديسمبر سنة 1967
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
-----------------
(292)
الطعن رقم 260 لسنة 34 القضائية
(أ) دفوع. "الدفع ببطلان صحيفة الدعوى". دعوى. بطلان. "الدفع ببطلان صحيفة الدعوى".
وجوب إبدائه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط الحق فيه.
(ب) حكم. "بيانات الحكم". بطلان. "البطلان في الأحكام".
المادة 349/ 2 مرافعات لم ترتب البطلان إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص والخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية. ما عدا ذلك من البيانات المذكورة في الفقرة الأولى من المادة 349 مرافعات لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم. إغفال الحكم وجه دفاع لا يبطل الحكم إلا إذا كان هذا الدفاع جوهريا مؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها الحكم. عدم بحث الدفاع الجوهري. اعتباره قصورا في أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان.
(ج) التزام. "الدفع بعدم التنفيذ". دعوى. "دعوى صحة التعاقد". بيع.
دفع دعوى صحة التعاقد بتخلف المشتري عن الوفاء بالتزامه بدفع الثمن. دفع بعدم التنفيذ لا يقبل إلا من المتعاقد الآخر - وهو البائع - عدم قبوله من مشتر ثان.
(د) بيع. "بيع ملك الغير". وكالة. نيابة. "عدم ثبوت صفة النيابة".
توقيع أحد ملاك العقار المبيع على عقد البيع بصفته وكيلا عن باقي الملاك. عدم ثبوت صفة النيابة عنهم وقت إبرام العقد. إقرار هؤلاء الملاك للبيع. سريان العقد في حقهم (المادة 467 من القانون المدني).
----------------------
1 - الدفع ببطلان صحيفة الدعوى يجب إبداؤه قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى وإلا سقط الحق فيه طبقا للمادة 141 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 وطبقا للمادة 132 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون المذكور.
2 - وإن كانت المادة 349 من قانون المرافعات قد أوجبت في فقرتها الأولى تضمين الحكم بيانات معينة عددتها هذه الفقرة من بينها نص ما قدمه الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية - إلا أن هذه المادة كما يبين من فقرتها الثانية لم ترتب البطلان إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية، أما ما عدا ذلك من البيانات المذكورة في الفقرة الأولى فإنه لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم ومؤدى ذلك أن إغفال الحكم ذكر وجه دفاع أبداه الخصوم لا يترتب عليه بطلان الحكم إلا إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها الحكم بمعنى أن المحكمة لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصورا فى أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان طبقا للفقرة الثانية من المادة 349 من قانون المرافعات (1).
3 - لا يجوز لغير البائع أن يدفع دعوى صحة التعاقد بتخلف المشترى عن الوفاء بالتزامه بدفع الثمن لأن هذا الدفع هو بذاته الدفع بعدم التنفيذ ولا يقبل إلا من المتعاقد الآخر فإذا كان البائع لم يطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه من اعتبار العرض والإيداع الحاصلين من المشترى صحيحين وما رتبه على ذلك من اعتبار الإيداع مبرئا لذمة هذا المشترى من الثمن، فانه لا يقبل من الطاعن - وهو مشتر ثان - الطعن على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص ما دام البائع قد ارتضاه ولم يطعن فيه.
4 - إذا كان أحد ملاك العقار المبيع قد وقع على عقد البيع بصفته وكيلا عن باقي الملاك وثبت أنه لم تكن له صفة النيابة عنهم وقت إبرام التعاقد وأنه تصرف بغير علمهم في حصصهم في البيع فانهم متى أقروا البيع فان العقد يسري في حقهم عملا بالمادة 467 من القانون المدني.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام فى 26 من أكتوبر سنة 1957 الدعوى رقم 3725 سنة 1957 كلى القاهرة على كامل والى (مورث المطعون ضده الثانى) بصفته الشخصية وبصفته وكيلا عن شريكه محمود صالح إبراهيم (المطعون ضده الثالث) وطلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الإبتدائى المؤرخ 22/ 4/ 1956 وقال شرحا لدعواه إنه بموجب هذا العقد باعه على كامل بصفتيه المذكورتين أرض وبناء المنزل الموضح بالصحيفة لقاء ثمن قدره 889 ج و312 م بواقع 7 ج و750 م للمتر الواحد ونص فى العقد على أنه دفع من الثمن مبلغ 80 ج عند التوقيع عليه وأن الوفاء بباقى الثمن وقدره 809 ج و312 م يكون على أقساط سنوية وأنه يحق له تسجيل العقد ونقل الملكية عند وفائه بثلث الثمن، وأنه لما كان البائع بصفتيه قد امتنع عن تسلم المبلغ المكمل لثلث الثمن ليحول بذلك بينه وبين تسجيل عقده ثم انتهز فرصة غيابه بالحجاز وأنذره بضرورة دفع هذا المبلغ، فقد قام بمجرد عودته بعرضه عليه وديا، ولما رفض تسلمه عرض عليه مبلغ 216 ج و347 م عرضا رسميا على يد محضر، وإذ امتنع عن تسلمه قام بتاريخ 11/ 9/ 1957 بايداعه خزانة محكمة مصر الجديدة ليصرف للبائع دون قيد أو إجراءات ثم أقام دعواه هذه بطلباته سالفة البيان وأشهر صحيفتها فى 27 من نوفمبر سنة 1957 ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى اختصم رافعها المطعون ضده الثالث محمود صالح إبراهيم بصفته الشخصية بصحيفة أعلنت إليه فى 16/ 4/ 1958 وطلب فيها الحكم بالزامه مع شريكه على كامل والى متضامنين بصحة ونفاذ عقد البيع الإبتدائى المؤرخ 22/ 4/ 1956 - وقد أجاب على كامل والى (مورث المطعون ضده الثانى) على الدعوى بأنه بموجب عقد عرفى اشترى مع كل من محمود صالح إبراهيم (المطعون ضده الثالث) وعلى صالح إبراهيم (مورث المطعون ضدهم من الثالث إلى السابعة) وفريدة صالح إبراهيم (المطعون ضدها الرابعة) 82 منزلا بعزبة البستان بمصر الجديدة وذلك من شركة مصر الجديدة ثم قاموا ببيع هذه المنازل بعقود إبتدائية كان يوقع عليها هو ومحمود صالح أو أحدهما منفردا وبعد أن أشهروا عقد شرائهم من الشركة فى 25/ 9/ 1956 أخطروا المطعون ضده الأول فى 3/ 10/ 1956 بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بأن كافة البيانات الدقيقة التى تتعلق بصحة أسماء البائعين وبمسطح العقار الذى اشتراه وثمنه موجود بمكتب محاميهم كما نبهوا عليه بوجوب بأداء باقى العربون فى ظرف أسبوع وإعداد العقد النهائى خلال شهر، ولكنه لم يفعل فأنذروه على يد محضر فى 29/ 5/ 1957 بأداء باقى العربون خلال أسبوع وإلا حق لهم فسخ البيع والتصرف فى العقار لغيره ثم عرضوا عليه فى 23/ 6/ 1957 مبلغ الثمانين جنيها التى كان قد دفعها عرضا رسميا ولما رفض تسلمها أودعوها خزانة المحكمة بمحضر إيداع أعلن له فى 26/ 6/ 1957 بعد أن كانوا قد أرسلوا له خطابين مسجلين أولهما فى 13/ 10/ 1956 والثاني في 23/ 3/ 1957 طلبوا منه فيهما تنفيذ التزاماته وإلا اعتبر ممتنعا عن التنفيذ وتحمل النتائج المترتبة على ذلك وعلل مورث المطعون ضده الثاني رفضه تسلم مبلغ ال 216 ج و347 م الذي عرضه عليه المطعون ضده الأول في 11/ 9/ 1957 بأن العرض وجه إليه فقط ولم يوجه إلى باقي البائعين وخلص في دفاعه إلى أنه وقد امتنع المطعون ضده المذكور عن تنفيذ التزاماته فإنه يحق له ولباقي البائعين الامتناع عن تنفيذ التزاماتهم قبله خاصة وأنهم سبق أن أعذروه بفسخ هذا العقد وأضاف أن الطلب المقدم من المطعون ضده الأول للشهر العقاري لتسجيل صحيفة دعواه جاء خلوا من أسماء باقي البائعين وهما على صالح وفريدة صالح ومن البيان الصحيح لرقم العقار المبيع وأنه لذلك فإن شهر الصحيفة الذي تم في 27/ 11/ 1957 لا يكسب المطعون ضده الأول أسبقية في التسجيل بعد أن باع هو (أي مورث المطعون ضده الثاني) وشركاؤه ذات العقار إلى أبو زيد حسين قنديل وأمين على محمد (الطاعنين) بعقد سجل في 19/ 1/ 1958 - وبصحيفة معلنة في 21، 28 من ديسمبر سنة 1959 - اختصم المطعون ضده الأول فى دعواه الطاعنين وفريدة صالح (المطعون ضدها الرابعة) الشريكة فى العقار وطلب بالنسبة لجميع خصومه الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الإبتدائى المؤرخ 22/ 9/ 1956 والمتضمن بيع العقار رقم 13 تنظيم ومعطى له رقم 12 عوايد بشارع الفرن شياخة عزبة البستان بمصر الجديدة وإلغاء شطب جميع التسجيلات المقيدة على العقار ومستندا فى ذلك إلى أسبقية تسجيل صحيفة دعواه على تسجيل عقد البيع الصادر للطاعنين، كما اختصم المطعون ضده الأول ورثة على صالح إبراهيم الشريك في العقار المبيع (المطعون ضدهم من الثالث إلى السابعة) ووجه لهم ذات الطلبات وقد أقر محمود صالح إبراهيم وفريدة صالح إبراهيم وورثة على صالح إبراهيم في مذكرتهم المقدمة إلى المحكمة الابتدائية برقم 23 ملف بصدور البيع منهم للمطعون ضده الأول بالعقد المؤرخ 22/ 4/ 1956 وتحصل دفاعهم فى أن هذا العقد يعتبر مفسوخا لتحقق الشرط الفاسخ الضمني لسبب تخلف المشترى (المطعون ضده الأول) عن تنفيذ التزامه بدفع ثلث الثمن في الميعاد الذي حددوه له في الإنذارات والخطابات التي وجهوها إليه - وبجلسة 5/ 2/ 1961 عرض المطعون ضده الأول على الحاضر عن البائعين باقي الثمن وقدره 563 ج و274 م بعد خصم 5% المصرح فى العقد بخصمها فى حالة التعجيل بدفع باقي الثمن وإذ رفض العرض صرحت له المحكمة بإيداع المبلغ فأودعه بتاريخ 7/ 2/ 1961 لذمة البائعين. ثم أودع لذمتهم بتاريخ 4/ 4/ 1962 مبلغ 59 ج و506 م قيمة ال 5% وأعلن محضر الإيداع لوكيل البائعين فى 7/ 4/ 1962 وبتاريخ 25/ 11/ 1962 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على أنه وإن كان عقد البيع المؤرخ 22/ 4/ 1956 لم يوقع عليه إلا من أحد الملاك وهو على كامل إلا أن باقيهم قد أقروا البيع بما يجعل العقد ملزما لهم أيضا، غير أنهم إزاء رفض البائعين قبول الثمن المعروض عليهم وعدم حصول المشترى (المطعون ضده الأول) على حكم بصحة العرض والإيداع الحاصلين منه سواء بدعوى أصلية أو بصفة فرعية فإنه يعتبر مخلا بالتزامه بالوفاء بثلث الثمن المشروط فى العقد دفعه لإمكان تسجيله - استأنف المطعون ضده الأول الحكم المذكور وقيد إستئنافه برقم 2141 سنة 79 ق القاهرة. ومحكمة استئناف القاهرة قضت بتاريخ 17 من مارس سنة 1964 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ التعاقد الذى تضمنه عقد البيع الإبتدائى المحرر بين المستأنف (المطعون ضده الأول) والمرحوم مورث المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الثانى) بتاريخ 22/ 4/ 1956 مع شطب ومحو كافة التسجيلات والتأشيرات من أى نوع آخر على العقار المبيع - طعن الطاعنان على الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب ينعى الطاعنان فى السببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقولان إنهما تقدما بمذكرة لمحكمة الإستئناف أوردا فيها دفاعا قائما بذاته متميزا عن دفاع البائعين لهما وأسسا هذا الدفاع على أن المطعون ضده الأول حين رفع دعواه بطلب صحة ونفاذ عقده لم يوجهها إلا للمرحوم على كامل والى عن نفسه وبصفته وكيلا عن شريكه محمود صالح ولم يختص فيها الشريكين الآخرين وهما فريدة صالح إبراهيم (المطعون ضدها الرابعة) وعلى صالح إبراهيم (مورث المطعون ضدهم من الثالث للأخيرة) إلا بعد تسجيل صحيفة دعواه بأكثر من سنتين. الأمر الذى يترتب عليه بطلان الصحيفة لعدم اشتمالها على جميع البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وبالتالى إنعدام الأثر القانونى المترتب على إشهارها وعدم الاعتداد بأسبقية هذا الاشهار على التصرف الصادر للطاعنين. كما تمسكا فى تلك المذكرة بأنه لا تجوز المفاضلة بين التصرف الذى رفعت الدعوى بطلب صحته ونفاذه وبين التصرف اللاحق لتسجيل صحيفتها إلا إذا تساوى التصرفان وصدرا من نفس الأشخاص وعن نفس العقار. ويقول الطاعنان إنه أيا كان نصيب هذا الدفاع من الوجاهة أو الضعف فإن القانون يوجب على المحكمة إيراده فى حكمها على نحو واضح وإلا كان الحكم باطلا إذ أن المادة 349 مرافعات تحتم على المحكمة أن تبين فى حكمها نص ما قدمه الخصوم من طلبات أو أوجه دفاع وترتب البطلان على إغفال هذا البيان، وإذ خلت أسباب الحكم المطعون فيه من بيان هذا الدفاع فإنه يكون باطلا، كما أنه إذ لم يرد عليه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى يجب إبداؤه قبل أى طلب أو دفاع فى الدعوى وإلا سقط الحق فيه طبقا للمادة 141 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 وطبقا للمادة 132 مرافعات بعد تعديلها بالقانون المذكور وإذ كان الثابت من الاطلاع على الملف المضمون أن الطاعنين طلبا فى مذكرتهما الأولى المقدمة إلى المحكمة الابتدائية لجلسة 23 من أبريل سنة 1961 رفض الدعوى إستنادا إلى ما أبدياه فى هذه المذكرة من دفاع موضوعى فإن حقهما فى التمسك ببطلان صحيفة الدعوى - بفرض وقوع بطلان فيها - يكون قد سقط لعدم إبدائه فى الوقت المناسب ومن ثم يكون إثارتهما بطلان صحيفة الدعوى لعدم اشتمالها على جميع البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم لأول مرة فى مذكرتهما المقدمة إلى محكمة الاستئناف غير مقبول منهما لسقوط حقهما فيه. لما كان ذلك وكان ما ذكراه أيضا فى هذه المذكرة من عدم جواز المفاضلة بين التصرف الصادر لهما والتصرف الصادر للمطعون ضده الأول لعدم صدورهما من نفس البائعين وعن نفس العقار لا يقوم على أساس صحيح من الواقع لأن التصرفين كما انتهى الحكم المطعون فيه صادران من ذات البائعين وعن نفس العقار. لما كان ذلك فإن ما أورده الطاعنان فى مذكرتهما المقدمة إلى محكمة الاستئناف من دفاع يعيبان على الحكم المطعون فيه إغفاله. إنما كان وجه دفاع غير جوهرى ومن ثم فلا يترتب على إغفال المحكمة له بطلان حكمها - ذلك بأنه وإن كانت المادة 349 من قانون المرافعات قد أوجبت فى فقرتها الأولى تضمين الحكم بيانات معينة عددتها هذه الفقرة من بينها نص ما قدمه الخصوم من طلبات أو دفاع أو دفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية إلا أن هذه المادة - كما يبين من فقرتها الثانية - لم ترتب البطلان إلا على القصور فى أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم فى أسماء الخصوم وصفاتهم وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وعضو النيابة الذى أبدى رأيه فى القضية أما عدا ذلك من البيانات المذكورة فى الفقرة الأولى فإنه لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم - ومؤدى ذلك أن إغفال الحكم ذكر وجه دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم إلا إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا فى النتيجة التى انتهى إليها الحكم بمعنى أن المحكمة لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصورا فى أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان طبقا للفقرة الثانية من المادة 349 مرافعات. ومن ثم يكون النعى بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولان إن عقد البيع الإبتدائى الصادر للمطعون ضده الأول فى 22/ 4/ 1956 لم يوقع عليه سوى واحد من مالكى العقار المبيع وهو على كامل والى دون الباقين وهم على صالح إبراهيم وفريدة صالح ابراهيم ومحمود صالح ابراهيم ومن ثم فلا يعتبرون قانونا ملتزمين أمام المشترى المطعون ضده الأول بشئ ولا يجوز له مطالبتهم بإلتزامات البائع وإقامة دعوى ضدهم بنفاذ عقد بيع لم يكونوا طرفا فيه. هذا إلى أن الإثنين الأولين منهم يكونا من الشركاء فى العقار المبيع وقت صدور عقد البيع للمطعون ضده الأول وإذ قبلت محكمة الدرجة الأولى دعوى صحة التعاقد ضد هؤلاء ثم قضت محكمة الإستئناف بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22/ 4/ 1956 دون أن يوقعوا عليه وينيبوا أحدا عنهم فى توقيعه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون - ويضيف الطاعنان أن الحكم المطعون فيه قد شابه التناقض ذلك أنه رغم تقريره بأنه يأخذ بما جاء بالحكم المستأنف من قضاء يعود فيقرر بأنه يخالفه فيما إنتهى إليه من رفض الدعوى ثم يقضى بإلغائه كما أخطأ الحكم فى إعتبار ما قاله على كامل من أنه أبرم عقد البيع للمطعون ضده الأول عن نفسه وبالنيابة عن شركائه فى العقار حجة على الموكلين مع خلو أوراق الدعوى مما يدل على قيام الوكالة المقول بها أو إقرارهم لها، كذلك أخطأ الحكم فيما قاله من أن الشركاء أرسلوا خطابات للمطعون ضده الأول أقروا فيها البيع الصادر من أحدهم، ذلك أن الخطاب الموجه من محاميهم للمطعون ضده الأول بتحديد شهر لتحرير العقد النهائى والتوقيع عليه مع دفع ثلاث الثمن لا يعدو أن يكون إيجابا جديدا منهم فإن قبله المذكور انعقد عقد جديد على أساس تلك الشروط وإن رفضه لم يولد هذا العقد ولم يبق سوى عقده المؤرخ 22/ 4/ 1956 الذى يرتبط به الموقع عليه وحده دون باقى الشركاء.
وحيث أن هذا النعى مردود ذلك أنه يبين من مطالعة أسباب الحكم الإبتدائى المنصرفة إلى قيام الرابطة العقدية بين المطعون ضده الأول كمشترى وملاك العقار المبيع، وهى الأسباب التى أقرها الحكم المطعون فيه أنه ورد بها فى هذا الخصوص قوله "وحيث إنه وإن كان عقد البيع أساس الدعوى قد صدر للمدعى (المطعون ضده الأول) بتوقيع على كامل والى فقط إلا أن هذا الأخير أقر فى دفاعه بأنه أبرمه عن نفسه وعن باقى شركائه فى العقار المبيع وهم على صالح والمدعى عليهما الرابع والخامسة (المطعون ضدهما الثالث والرابع وورثة على صالح باقى المطعون ضدهم) فقد جاء فى مذكرته رقم 7 ملف أن البيع صادر منهم الأربعة وأنه كان هو أو المدعى عليه الرابع يوقعان منفردين أو مجتمعين على العقود الصادرة منهم وقد تأيد هذا النظر باقرار البائعين الأربعة فى خطابات وكيلهم المسجلة للمدعى (المطعون ضده الأول) وفى إنذاراتهم له بصدور البيع المؤرخ 22/ 4/ 1956 منهم وأنهم كلفوا وكيلهم بأن ينبه عليه بأنهم حلوا محل البائعين له فى عقار النزاع بموجب العقد موضوع الدعوى وبأن العلاقة القانونية الناشئة عن عقد البيع المذكور قائمة أصلا بينه وبين موكليه هؤلاء وفى هذا ما يقطع بقيام الرابطة العقدية بين المدعى وبين هؤلاء البائعين بموجب ذلك العقد المؤرخ 22/ 4/ 1956 وبأن المدعى عليهم البائعين يقرون ذلك العقد بالشروط الواردة به بل إن خطاباتهم المسجلة للمدعى جاءت تستحثه على تنفيذ ما ارتبط به فى ذلك العقد، وهذه الخطابات إذا كانت تتضمن تنبيها إليه بدفع نصف الثمن وباتخاذ إجراءات التسجيل فى مواعيد عينوها فلا ترقى إلى درجة تعديل شروط العقد فيما يتعلق بتحديد موعد الدفع أو موعد التسجيل لأن هذا العقد الذى ارتضاه الطرفان حسبما تقدم لا يملك أى من الطرفين بإرادته المنفردة تعديل ما نص عليه فيه بغير موافقة الطرف الآخر وليس فى الأوراق ما يفيد موافقة المدعى (المطعون ضده الأول) على تعديل موعد دفع ثلث الثمن أو تحديد موعد للانتهاء من إجراءات التسجيل على خلاف ما هو ثابت فى العقد المبرم بين الطرفين" وهذا الذى قرره الحكم الإبتدائى وأقره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أنه إذ كان الثابت أن عقد البيع قد وقع عليه أحد المالكين الأربعة للعقار المبيع وأن باقى المالكين قد وجهوا إلى المشترى عن طريق وكيلهم - وهو محاميهم - الذى لم يجحدوا أمام محكمة الموضوع وكالته عنهم - خطابات مسجلة يقرون فيها التصرف الحاصل بعقد البيع الموقع عليه من أحدهم ويقبلون الالتزام به ويطلبون من المشترى تنفيذ هذا العقد بوفاء جزء من الثمن تمهيدا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لشهره. فإن محكمة الموضوع لا تكون قد أخطأ فى القانون إذ رتبت على ذلك قيام الرابطة العقدية بموجب عقد البيع المؤرخ 22/ 4/ 1956 بين المشترى (المطعون ضده الأول) وبين الملاك الأربعة والتزام هؤلاء بالتزامات البائع المنصوص عليها فى هذا العقد ذلك أنه حتى لو صح ما يقوله الطاعنان من أن المرحوم على كامل لم تكن له صفة النيابة عن باقى البائعين وقت إبرام التعاقد وأنه تصرف بغير علمهم فى حصصهم فى المبيع فإنهم وقد أقروا البيع فان العقد يسرى فى حقهم عملا بالمادة 467 من القانون المدنى - لما كان ذلك وكان غير صحيح ما يقوله الطاعنان من أن الخطابات المرسلة من وكيل البائعين إلى المطعون ضده الأول تنطوى على إيجاب جديد لم يصادفه قبول من المشتري. ذلك أن الثابت من الخطابات المذكورة التى إستندت إليها محكمة الموضوع والمودعة الملف أنها منصرفة إلى ذات عقد البيع سند الدعوى وأن المقصود من تحديد ميعاد شهر فيها لدفع ثلث الثمن هو مجرد حث المشترى على تنفيذ التزامه - أما قول الطاعنين بأن الحكم المطعون فيه شابه التناقض إذ أقر قضاء الحكم الإبتدائى فى شطر منه ثم عاد وقضى بالغائه. فانه قول مردود بأنه يبين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه قصد بما أورده من عبارات فى هذا الخصوص الأخذ بما قرره الحكم الإبتدائى من قيام الرابطة العقيدة بين المشترى وبين مالكى العقار جميعا على ما سلف بيانه من أسباب. لكنه خالفه فيما قضى به من رفض الدعوى تأسيسا على أن المشترى لم يقم برفع دعوى بصحة ما عرضه وأودعه من ثمن. وهذا من الحكم المطعون فيه لا ينطوى على تناقض ذلك أنه أقر الحكم الإبتدائى على ما رأى أنه أصاب فيه وخالفه فيما رآه مخطئا فيه. لما كان ما تقدم فان النعى بالسبب الثالث يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولان إن محكمة الدرجة الأولى أسست قضاءها برفض دعوى المطعون ضده الأول على اعتباره متخلفا عن الوفاء بالثمن لأنه لم يطلب الحكم بصحة عرض وإيداع الثمن لا قبل رفعه دعوى صحة ونفاذ عقده ولا أثناء نظرها وأنه على الرغم من صواب هذا النظر فإن الحكم المطعون فيه لم يأخذ به مقيما قضاءه على أن دعوى صحة ونفاذ العقد تتعارض فى جوهرها ونص المادة 339 مدنى، فلا يجوز إعمال أحكامها فى خصوص هذه الدعوى حتى لا يتحلل البائع السيئ النية من التزاماته المترتبة على العقد عن طريق رفضه قبول باقى ثمن المبيع حتى لو عرض عليه وأودع خزانة المحكمة لحسابه. وهذا من الحكم ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان لا يجوز لغير البائع أن يدفع دعوى صحة التعاقد بتخلف المشترى عن الوفاء بالتزامه بدفع الثمن لأن هذا الدفع هو بذاته الدفع بعدم التنفيذ ولا يقبل إلا من المتعاقد الآخر، وكان البائعون الذين أثاروا أمام محكمة الموضوع الدفع بعدم وفاء المشترى بالتزامه الخاص بأداء الثمن لم يطعنوا فيما قضى به الحكم المطعون فيه من اعتبار العرض والإيداع الحاصلين من المشترى صحيحين وما رتبه على ذلك من اعتبار الإيداع مبرئا لذمة هذا المشترى من الثمن - لما كان ذلك فإنه لا يقبل من الطاعنين الطعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما دام البائعون قد ارتضوه ولم يطعنوا فيه.
----------------
(1) راجع نقض 22 يونيه سنة 1967 مجموعة المكتب الفني س 18 ص 1348.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق