جلسة الاثنين 13 فبراير 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان ومحمد إبراهيم محمد السعدني.
---------------
(8)
الطعون أرقام 39 و72 و62 لسنة 2017 "جزاء"
(1 ، 2) مواد مخدرة. جمارك "إجراءات جمركية".
(1) جريمة استيراد المؤثرات العقلية في حكم القانون رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل وتنظيم استعمالها والإتجار فيها. مناط تحققها.
(2) استيراد المؤثرات العقلية من خارج البلاد وتجاوز الخط أو الإقليم الجمركي بدون إتباع الإجراءات المنظمة لذلك. مؤثم قانونا في حد ذاته. ولو كان الاستيراد لحساب المستورد أو لحساب غيره. علة ذلك. م 1/49 ق مواد مخدرة.
(3 ، 4) تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". جمارك "إجراءات جمركية". قصد جنائي. قانون "الاعتذار بالجهل بالقانون".
(3) العلم بالقانون الجزائي والقوانين العقابية المكملة له. مفترض في حق الكافة. الدفع بالجهل أو الغلط فيها لنفي القصد الجنائي. غير مقبول.
(4) حظر المادة السابعة من القانون رقم 4 لسنة 1998 بشأن جمارك دبي استيراد البضائع المحظورة إلا وفقا للأحكام المنصوص عليها في ذات القانون أو القوانين الأخرى ذات الصلة وتنظيمها كيفية إدخالها وطريقة حفظها وعبورها في المواد 75 وحتى 83 منه. النعي بخلو القانون من تشريع في هذا الشأن. غير مقبول.
(5) فاعل أصلي. جريمة "أركانها". مساهمة جنائية.
الفاعل الأصلي في الجريمة. يكفي فيه أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها.
(6) حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره. دفوع "الدفع بنفي الاتهام وتلفيق التهمة".
نفي التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعي. عدم استلزامه ردا خاصا من المحكمة. كفاية ما أوردته من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه. عدم التزامها بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك. ما دام الرد يستفاد ضمنيا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة الواردة بالحكم. اطمئنان المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهدي الإثبات. لا تثريب عليها إن هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي قصد به إثارة الشبهة في الدليل المستمد منه الجدل في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. عدم جواز إثارته أمام محكمة التمييز.
(7 - 9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في الإثبات: في شهادة الشهود".
(7) استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث. من سلطة محكمة الموضوع حسبما يؤدي إليه اقتناعها. شرطه.
(8) وزن أقوال الشهود وتقديرها. من سلطة محكمة الموضوع. أخذها بأقوال الشاهد. مفاده. إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(9) تناقض أقوال الشهود بفرض حصوله. لا أثر له. شرط ذلك.
(10 ، 11) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الاعتراف".
(10) الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق. من سلطة محكمة الموضوع. وإن عدل عنه بعد ذلك. شرطه.
(11) الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. انتهاء المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد منه. مفاده. إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به.
(12) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في المواد المخدرة".
تقصي العلم بحقيقة المخدر أو المؤثر العقلي. من سلطة محكمة الموضوع. حسبها أن تورد من الوقائع ما يكفي للدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
(13) دفوع "الدفع بنفي الاتهام وتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
الدفع بانتفاء التهمة وبعدم الصلة بالمضبوطات. موضوعي. عدم استلزامه ردا خاصا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت الواردة بالحكم.
(14) حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده. إطراحها. النعي على الحكم في هذا الشأن. غير مقبول.
(15) قصد جنائي. مواد مخدرة. جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة استيراد المواد المخدرة والمؤثرات العقلية. عدم توافره بمجرد تحقق الحيازة المادية. مؤدى ذلك. وجوب قيام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة المحظور إحرازها قانونا.
(16) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة".
استخلاص محكمة الموضوع واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها. شرطه.
(17) إثبات "مسائل عامة". حكم "تسبيبه".
الأحكام الجنائية. وجوب بنائها على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
--------------------
1 - المقرر أن جريمة استيراد المؤثرات العقلية في حكم القانون رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تتحقق في كل واقعة يتم فيها نقل المؤثر العقلي على خلاف الأحكام المنظمة لاستيراده من خارج البلاد المنصوص عليها في المواد من 6 إلى 10 من القانون المذكور، إذ يبين من استقراء هذه النصوص أن المشرع اشترط لاستيراد المؤثرات العقلية أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة ولا يمنح إلا للفئات المبينة في المادة الحادية عشرة منه ولا تسلم المؤثرات العقلية التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالاستيراد أو لمن يحل محله في عمله وفق ما نصت عليه المادة الثالثة عشرة من القانون ذاته. وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الاستيراد والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة. ومفاد ذلك أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد استيرادا محظورا ومؤثما قانونا.
2 - إذ كان المشرع قد عاقب في المادة 1/49 من قانون المخدرات على استيراد المؤثرات العقلية فدل بذلك على أن استيراد المؤثر العقلي من خارج البلاد وتجاوز الخط أو الإقليم الجمركي بدون إتباع الإجراءات المنظمة لذلك مؤثم قانونا في حد ذاته سواء كان الاستيراد لحساب المستورد أو لحساب غيره قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع الدولي.
3 - المقرر أن العلم بالقانون الجزائي والقوانين العقابية المكملة له يفترض في حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل بها أو الغلط فيها كذريعة لنفي القصد الجنائي.
4 - إذ كان القانون رقم 4 لسنة 1998 بشأن جمارك دبي قد نص في المادة السابعة منه على حظر استيراد البضائع المحظورة إلا وفقا للأحكام المنصوص عليها في ذات القانون أو القوانين الأخرى ذات الصلة، ونظم في المواد 75 وحتى 83 منه كيفية إدخال البضائع المقيدة أو المحظورة وطريقة حفظها وعبورها وحدد في الجدول رقم 2 الملحق به البضائع المحظورة أو المقيدة ومنها المؤثر العقلي المضبوط وكان هذا القانون لم يلغ ولم ينسخ وأوجب الإتباع ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن خلو القانون من تشريع ينظم كيفية عبور البضائع المقيدة إلى دولة أخرى لا يكون مقبولا.
5 - إذ كان يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلا أصليا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت اتفاق الطاعنين الأول والثاني على استيراد المؤثر العقلي المضبوط وقام الأول بالتعاقد عليه في الهند واستورده بواسطة شركة الطاعن الثاني وبعلمه بكنهه فإن في ذلك ما يكفي لاعتباره فاعلا أصليا في الجريمة التي دين بها.
6 - نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه وهي لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ومادامت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهدي الإثبات فلا تثريب عليها إن هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو مما لا يجوز إثارته أمام التمييز.
7 - المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره.
8 - إذ كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - تناقض أقوال الشهود- بفرض حصوله- لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه.
10 - المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
11 - المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المقام لا يكون سديدا.
12 - تقصي العلم بحقيقة المخدر أو المؤثر العقلي هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع ما يكفي للدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
13 - الدفع بانتفاء التهمة وبعدم صلته بالمضبوطات هي من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
14 - المقرر أنه بحسب الحكم كيما تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولا.
15 - المقرر أن القصد الجنائي في جريمة استيراد المواد المخدرة والمؤثرات العقلية لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة المحظور إحرازها قانونا.
16 - المقرر أنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغا وأن يكون الدليل الذي تعول عليه مؤديا إلى ما رتبه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق.
17 - الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة.
---------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: 1-...... 2-...... 3....... بوصف أنهم في تاريخ 25/2/2015 بدائرة مركز شرطة المطار.
أولا: المتهمون جميعا:
استوردوا مادة مخدرة ومؤثرة عقليا (35.000.000 قرص يحتوي على مادة داي فينوكسيلات ومسحوق يحتوي على مادة الترامادول يزن حوالي 2500 كيلو جرام) في غير الأحوال المرخص بها قانونا.
ثانيا: المتهمان الأول والثاني:
استوردا مؤثرا عقليا (ثلاثة ملايين قرصا تحتوي على مادة الترامادول) في غير الأحوال المرخص بها قانونا.
وطلبت عقابهم بالمواد 1، 7، 10، 11، 48/1 - 49/1، 56/1، 63 من القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1995 والجدولين رقمي 3، 8 الملحقين به، ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 26/6/2016 حضوريا بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة عشر سنوات وتغريم كل منهم مبلغ مائتي ألف درهم ومصادرة المضبوطات وإبعادهم عن الدولة فاستأنفوا هذا القضاء بالاستئنافات أرقام 4526، 4573، 4624 لسنة 2016 كما استأنفت النيابة العامة ذات الحكم بالاستئناف رقم 4743 لسنة 2016. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بجلسة 28/12/2016 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف.
وبتاريخ 12/1/2017 قرر المحكوم عليه الثاني ----- بالطعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 39 لسنة 2017 وقدم مذكرة بأسباب طعنه في ذات التاريخ موقع عليها من محام طلب فيها نقض الحكم.
وبتاريخ 22/1/2017 قرر المحكوم عليه ---- في الطعن في ذات الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 62 لسنة 2017 وقدم مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محام طلب فيها نقض الحكم.
وبتاريخ 25/1/2017 قرر المحكوم عليه ---- بالطعن في ذات الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 72 لسنة 2017 بموجب تقرير تمييز أرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محام طلب فيها نقض الحكم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده القاضي/ ---- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الأول -------:
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة استيراد مؤثر عقلي بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه جاء قاصرا في التدليل على توافر أركان الجريمة التي دانه بها وثبوتها في حقه ولم يدل على توافر القصد الجنائي لديه. هذا إلى أنه تمسك أمام المحكمة بدرجتيها من أنه يعمل وسيطا تجاريا استورد المؤثر العقلي المضبوط من الهند بوصفه دواء بقصد إعادة تصديره إلى إيران دون أن يعلم أن حيازته له مؤثمة قانونا في دولة الإمارات بيد أن الحكم التفت عن ذلك الدفاع ولم يعرض له، ودانه رغم خلو قانون الجمارك من نص ينظم كيفية عبور مثل تلك العقارات المضبوطة إلى دولة أخرى عبر موانئ دبي، وعاقبه دون أن يدلل على اشتراكه في تلك الجريمة ودورة فيها ودون أن يعرض لدفاعه بانتفاء الجريمة في حقه. خاصة وأن دفاعه جرى على أن دوره اقتصر على التعاقد في استيراد المؤثر المضبوط وأنه عهد إلى الطاعن الثاني اتخاذ الإجراءات اللازمة قانونا لدى جمارك دبي لإعادة تصديره إلى إيران وسلمه مستندات الشحن وهو عالم بكونها لعقار الترامادول غير أنه تقاعس عن تقديمها وقدم أوراق أخرى مغايرة بغية التهرب الجمركي إلا أن المحكمة أعرضت عن ذلك الدفاع ولم تعن به، ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه والطاعن الثاني أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المختبر الجنائي وهي أدلة سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة استيراد المؤثرات العقلية في حكم القانون رقم 14 لسنة 1995 في شأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل وتنظيم استعمالها والاتجار فيها تتحقق في كل واقعة يتم فيها نقل المؤثر العقلي على خلاف الأحكام المنظمة لاستيراده من خارج البلاد المنصوص عليها في المواد من 6 إلى 10 من القانون المذكور، إذ يبين من استقراء هذه النصوص أن المشرع اشترط لاستيراد المؤثرات العقلية أو تصديرها الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة ولا يمنح إلا للفئات المبينة في المادة الحادية عشرة منه ولا تسلم المؤثرات العقلية التي تصل إلى الجمارك إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالاستيراد أو لمن يحل محله في عمله وفق ما نصت عليه المادة الثالثة عشرة من القانون ذاته. وأوجب على مصلحة الجمارك في حالتي الاستيراد والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى الجهة الإدارية المختصة. ومفاد ذلك أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها القانون والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد استيرادا محظورا ومؤثم قانونا. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن اتفق مع الطاعن الثاني على استيراد المؤثر العقلي المضبوط من الهند واجتازا به الخط الجمركي بنقله عن طريق الجو إلى داخل ميناء مطار دبي الدولي وعن طريق البحر بنقله إلى ميناء جبل علي بدبي، على خلاف أحكام القانون المنظمة لاستيراد المؤثرات العقلية وبغير استيفاء الشروط التي نص عليها والحصول على الترخيص المطلوب من جهة الإدارة التي حددها، فإن ما أثبته الحكم من ذلك هو الاستيراد المحظور كما عرفه القانون وتتوافر معه الجريمة بأركانها القانونية كافة ويكون النعي على الحكم في هذا المقام غير سديد. لما كان ذلك، وكان المشرع قد عاقب في المادة 1/49 من قانون المخدرات سالف الذكر على استيراد المؤثرات العقلية فدل بذلك على أن استيراد المؤثر العقلي من خارج البلاد وتجاوز الخط أو الإقليم الجمركي بدون إتباع الإجراءات المنظمة لذلك مؤثم قانونا في حد ذاته سواء كان الاستيراد لحساب المستورد أو لحساب غيره قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية في المجتمع الدولي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت قيام الطاعن الأول بالاتفاق مع الطاعن الثاني على استيراد كمية من مؤثر الترامادول قدر بثلاثة ملايين قرص واثنين ونصف طن خام ذات المؤثر وكذا عدد خمس وثلاثين مليون قرص لعقار النينوكسيلات من دولة الهند ونقلها إلى داخل دولة الإمارات المتحدة عبر جمارك دبي بواسطة شركة الطاعن الثاني وشركة ------- للتجارة على خلاف القانون المنظم لذلك. فإن هذا حسبه في بيان القصد ولا تكون المحكمة مكلفة من بعد في التحدث عن قصد الجاني من فعل الاستيراد ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العلم بالقانون الجزائي والقوانين العقابية المكملة له يفترض في حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل بها أو الغلط فيها كذريعة لنفي القصد الجنائي ومن ثم فإن ما يخوض فيه الطاعن بعدم علمه بأن حيازته للمؤثر العقلي المضبوط مؤثم قانونا لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 4 لسنة 1998 بشأن جمارك دبي قد نص في المادة السابعة منه على حظر استيراد البضائع المحظورة إلا وفقا للأحكام المنصوص عليها في ذات القانون أو القوانين الأخرى ذات الصلة، ونظم في المواد 75 وحتى 83 منه كيفية إدخال البضائع المقيدة أو المحظورة وطريقة حفظها وعبورها وحدد في الجدول رقم 2 الملحق به البضائع المحظورة أو المقيدة ومنها المؤثر العقلي المضبوط وكان هذا القانون لم يلغ ولم ينسخ وواجب الإتباع ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن خلو القانون من تشريع ينظم كيفية عبور البضائع المقيدة إلى دولة أخرى لا يكون مقبولا، لما كان ذلك، وكان يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلا أصليا في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها. وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت اتفاق الطاعنين الأول والثاني على استيراد المؤثر العقلي المضبوط وقام الأول بالتعاقد عليه في الهند واستورده بواسطة شركة الطاعن الثاني وبعلمه بكنهه فإن في ذلك ما يكفي لاعتباره فاعلا أصليا في الجريمة التي دين بها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء التهمة في حقه بقالة إنه عهد للطاعن الثاني إنهاء إجراءات استيراد المؤثر العقلي المضبوط وإعادة تصديره لإيران عن طريق نظام الترانزيت وأنه تقاعس عن تقديم المستندات اللازمة ولم يسلك الطريق القانوني- مردودا- بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد إطراحه وهي لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ومادامت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهدي الإثبات فلا تثريب عليها إن هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو مما لا يجوز إثارته أمام التمييز.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقام من الطاعن الأول يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثاني/ ------------
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة استيراد مؤثر عقلي بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك أنه عول على أقوال شاهدي الإثبات رغم تناقضها وعدم معقوليتها لا يتأتى منها إدانته، كما عول على اعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات بخصوص علمه بحقيقة المؤثر المضبوط رغم عدوله عنه أمام المحكمة، هذا إلى أنه دفع بانتفاء علمه بكنه المضبوطات مرددا أنه وافق على استيراد المضبوطات باسم شركته بعد أن أخبره الطاعن الأول أنها أدوات طبية وأدوية لعلاج الإسهال، وظاهر ذلك بما قدمه من مستندات تتضمن أوراق الشحن تحمل توقيعات وبيانات الطاعن الأول غير أن المحكمة التفتت عن ذلك الدفاع ولم تعن بتحقيقه كما أنه دفع بانتفاء صلته بالواقعة وببطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وبانتفاء أركان الجريمة في حقه ونسبتها إليه وبعدم معقولية الواقعة غير أن الحكم دانه دون أن يعرض لتلك الدفوع مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت بتقرير المختبر الجنائي وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض أقوال الشهود- بفرض حصوله- لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، وكانت المحكمة في الدعوى المعروضة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات التي حصلها الحكم بما لا تناقض فيها وإلى صحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم معقولية تصوير الشهود للواقعة أو تصديقها لأقوالهما أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه وهو بصدد الرد على دفاع الطاعن بانتفاء علمه بكنه المؤثر المضبوط إلى اعتراف الطاعن الأول في حق نفسه وفي حق الطاعن من أنهما اتفقا على استيراد المؤثرات العقلية المضبوطة من الهند وإدخالها البلاد عبر شركة الطاعن الثاني لقاء جعل من المال وأنه سلمه الأوراق الخاصة بالشحن ومدون فيها أنها لعقار الترامادول وذلك بعد أن اطمأنت المحكمة إلى صحة ذلك الاعتراف وبراءته مما يشوبه وإن عدل عنه بعد ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المقام لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان تقصي العلم بحقيقة المخدر أو المؤثر العقلي هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع ما يكفي للدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي وإذ كان الحكم المطعون فيه قدر استظهر من ظروف الدعوى وملابساتها علم الطاعن الثاني بحقيقة المؤثر العقلي المضبوط، وساق على توافره في حقه أسبابا سائغة تتمثل في اعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات على النحو المار ذكره باتفاقهما على استيراد العقار المضبوط وتحديد دور كل منهما وقيام الطاعن بتقديم أوراق الشحن عن طريق شركته أثبت فيها خلافا للحقيقة أن البضاعة الواردة أنها أدوات طبية، وهي أسباب كافية لتحقق القصد الجنائي لدى الطاعن ويتحقق به العلم لديه بكنه المؤثر المضبوط ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان الدفع بانتفاء التهمة وبعدم صلته بالمضبوطات هي من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم إذ بحسب الحكم كيما تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن القبض على الطاعن وتفتيشه كان نفاذا للأمر الصادر من النيابة العامة أثر التحقيقات التي أجرتها بشأن ضبط المؤثر العقلي المضبوط بجمارك دبي بمعرفة رجال الجمارك في الشحنة الواردة باسمه ومن ثم فلا مصلحة لما يثيره بشأن بطلان الإذن لعدم جدية التحريات، فإن ما ينعاه الطاعن بشأن بطلان القبض لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن سبق الرد عليها في مجال الرد على أسباب الطاعن الأول ومن ثم فلا محل لتكرارها. لما كان ما تقدم، فإن الطاعن المقدم من الطاعن الثاني يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الثالث --------------
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة استيراد مؤثر عقلي بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دفع بانتفاء علمه بكنه المؤثر المضبوط وأقام دفاعه على أنه من يدعى -------- هو من طلب منه الموافقة على إنهاء الإجراءات الجمركية للمضبوطات باسم شركته واستخدام رمز المستورد الخاص به بحسبان أنها بضائع فاستجاب له دون أن يعلم أنها تحوي مؤثرا عقليا ممنوعا وأنه طلب تأييد لدفاعه سماع أقوال الشاهد سالف الذكر ومن يدعى ------ غير أن المحكمة بدرجتيها لم تجبه إلى طلبه واكتفت بالرد على دفعه برد قاصر ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة استيراد المواد المخدرة والمؤثرات العقلية لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة المحظور إحرازها قانونا، وكان من المقرر كذلك أنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغا وأن يكون الدليل الذي تعول عليه مؤديا إلى ما رتبه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، وكانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة، وإذ كان الطاعن الثالث ------ قد دفع بانتفاء علمه بالمخدر والمؤثر العقلي المضبوط وبمحتوى الشحنة المستوردة من قبل الطاعن الأول وأنه وافق على استخدام الرمز التجاري الخاص بشركته باعتبار أن البضائع المستوردة أدوات طبية فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يورد ما يبرر اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر والمؤثر العقلي بالشحنة المضبوطة، إلا أنه لم يواجه دفاع الطاعن في هذا الصدد. واتخذ من مجرد موافقته للطاعنين الأول والثاني باستخدام رخصته التجارية ورمز المستورد الخاص به في إنهاء الإجراءات الجمركية للشحنة المستوردة بمعرفتهما- دليلا على علمه بمحتوى الشحنة وكونه مخدرا وكان ما أورده الحكم في ذلك إنشاء لقرينة قانونية مبناها افتراض العلم بالمخدر المضبوط من واقع استخدام اسم شركته وهو ما لا يمكن إقراره قانونا ما دام القصد الجنائي من أركان الجريمة ويجب أن يكون ثبوته فعليا لا افتراضيا خاصة وأن البين من أوراق الدعوى أن أيا من شاهدي الإثبات اللذين عول عليهما الحكم في قضائه لم يجزم بعلم الطاعن بمحتوى الشحنة المضبوطة وكونها مخدرا، فإن الحكم يكون مشوبا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يعيبه ويتعين نقضه من هذا الوجه، وفوق ذلك ولما كان الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بدرجتيها بسماع كل من ----- وعن ---- للتدليل على انتفاء علمه بالمؤثر العقلي المضبوط غير أن لم تجبه إلى طلبه وكان الثابت من الأوراق أن الشاهدين آنفي الذكر قد تم سؤالهما بتحقيقات النيابة العامة وقررا أنهما وبناء على طلب الطاعن الثاني عملا على البحث عن شركة تجارية يسمح ترخيصها في إنهاء الإجراءات الجمركية للبضائع المستوردة الخاصة به والطاعن الأول وأنهما توصلا إلى الطاعن والذي وافق على استخدام رمز المستورد الخاص بشركته في الإفراج الجمركي للبضائع بحسبان أنها أدوات طبية لقاء مبلغ 800 درهم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن على أساس أنه يعلم بكنه المؤثر المضبوط مستندا في ذلك على مجرد موافقته على استخدام رمز المستورد الخاص به دون أن يلتفت إلى أقوال الشاهدين سالفي الذكر ودون أن تجيبه المحكمة إلى طلبه. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن يعد- في خصوص هذه الدعوى- دفاعا جوهريا لتعلقه بالدليل المقدم فيها، مما كان يتعين على المحكمة أن تسعى إلى سماعهما بكافة الوسائل التي رسمها القانون أما وهي قد قصرت في ذلك فإن حكمها يكون فوق قصوره في التسبيب مشوبا بعيب الإخلال بحق الدفاع مما يتعين نقضه، والإحالة بالنسبة للطاعن الثالث وحده دون الطاعنين الأول والثاني وذلك لعدم تعلق طعنهما بوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق