جلسة 21 من فبراير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.
------------------
(89)
الطعن رقم 220 لسنة 55 القضائية
(1، 2) حكم "حجية الحكم" "تسبيب الحكم" "ما يعد قصوراً" استئناف "أثر الاستئناف".
(1) الحكم القطعي. اكتسابه حجية الشيء المحكوم من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن فيه. استئنافه. أثره. وقف هذه الحجية بالنسبة لما قضى به لغير صالح المستأنف وما تضمنته أسبابه من رفض لدفع أو دفاع للمستأنف ضده أغناه صدور حكم لصالحه عن استئنافه. عودتها بتأييده وزوالها بإلغائه.
(2) الحكم. وجوب اشتماله في ذاته على ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة محصت الأدلة المقدمة توصلاً إلى ما ترى أنه الواقع. تقديم الخصم مستندات للاستدلال بها على وضع اليد قد يتغير ببحثها وجه الرأي في الدعوى. التفات الحكم عنها. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1374 لسنة 1974 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيته لثمانية قراريط شائعة في كامل أرض وبناء العقار المبين بالصحيفة والمكون من جزئين، وقال شرحاً لها أنه يمتلك وشقيقاه... مورثا المطعون من الأول وحتى السادسة ومن الثامن وحتى الحادي عشر ذلك العقار مثالثة بينهم وقد أقر له بموجب عقد مشاركة مؤرخ 11 سبتمبر سنة 1953 بهذا الحق. وإذ أنكر شقيقه الأخير وورثة الأول من بعد عليه ذلك فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان وبتاريخ 26 نوفمبر سنة 1974 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 4 لسنة 31 قضائية وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً وقدم تقريره قضت في 7 من نوفمبر سنة 1984 بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية الطاعن لثمانية قراريط شائعة في كامل أرض وبناء الجزء الداخلي من العقار موضوع النزاع والمتخذ رقم 19 ب ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم وقد ركن في رفض طلب تثبيت ملكيته لثلث أرض وبناء الجزء الخارجي من العقار موضوع النزاع إلى أنه لم يضع يده عليه فإنه يكون قد خالف حجية الحكم الصادر من محكمة أول درجة الذي قطعت أسبابه بذلك وأصبح انتهائياً بعدم طعن المطعون ضدهم عليه بالاستئناف وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لكل حكم قضائي قطعي حجية الشيء المحكوم فيه من يوم صدوره ولو كان قابلاً للطعن عليه إلا أن هذه الحجية تقف بمجرد رفع الاستئناف عنه، ليس فقط بالنسبة لما قضي به لغير صالح المستأنف ورفع عنه الاستئناف ولكن أيضاً بالنسبة لما تضمنته أسباب الحكم المستأنف من رفض لدفع أو دفاع للمستأنف ضده أثناء صدور حكم لصالحه في الدعوى عن استئنافه ولم يتنازل عنه صراحة أو ضمناً وتظل هذه الحجية على هذا النحو موقوفة إلى أن يقضى في الاستئناف، فإذا تأيد الحكم عادت إليه حجيته، وإذ ألغي زالت عنه هذه الحجية، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الابتدائي قد عرض في أسبابه للدفع بتقادم حق الطاعن في تملك ثلث العقار الخارجي فرفضه لما بان له من الاطلاع على أوراق الدعوى رقم 222 لسنة 1974 مدني الإسكندرية الابتدائية أنه يضع اليد على جزء منه فاعتبر ذلك قاطعاً للتقادم المدعي به، فإن استئناف هذا الحكم من الطاعن وحده ليس من شأنه أن يكسب هذه الأسباب حجية في مواجهة المطعون ضدهم تحول دون معاودة محكمة الاستئناف بحث مسألة وضع اليد المكسب للتقادم أو نفيه وهي جوهر دفاعهم في طلب رفض دعوى الطاعن ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق وشابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم سمى جزئي عقار النزاع برقم 19 ب للجزء الداخلي، ورقم 19 م للجزء الخارجي على خلاف الحقيقة مما يجعله منصرفاً إلى عقاراًَ آخر غير عقار النزاع رغم أن هذه التسمية لم ترد بالأوراق أو بصحيفة الدعوى وأن صحتها 18 ألف و18 ب وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ركن في تسمية العقار الذي قضى بتثبيت ملكية ثلثه إلى الطاعن بأنه رقم 19 ب إلى ما ورد بتقريري الخبرة عند معاينة العقار وفقاً لرقم اللوحة الذي يقابل 18 تنظيم ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه غير صحيح.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بتملكه ثلث الجزء الخارجي من عقار النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، ودلل على ذلك بما جاء بتقريري الخبرة من أنه كان يضع اليد على محل به وما ثبت من الدعوى رقم 222 لسنة 1974 مدني الإسكندرية الابتدائية المرفوعة ضده بطلب طرده من هذا المحل، وبما ورد في الشكوى رقم 1621 لسنة 1978 إداري المنتزه من وجود هذا المحل وبه متعلقات لمخبز له فضلاً عما قدمه من مستندات منها ترخيص صادر لهذا المحل باسمه وإيصالات سداد رسوم التفتيش عنه، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لدلالة هذه المستندات ويخضعها لتقديره، وأقام قضاءه بنفي وضع يده على عبارات مرسلة معماة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم يكون في ذاته ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة قد محصت الأدلة التي قدمت إليها توصلاً إلى ما ترى أنه الواقع، وكان متى قدم الخصم لمحكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها على وضع يده على حصته في العقار موضوع النزاع فالتفت الحكم عن هذا الدفاع ولم يتحدث عن تلك المستندات بشيء مع ما يكون لها من دلالة ولو أنه عنى ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بتملكه ثلث الجزء الخارجي من عقار النزاع بوضع اليد المدة الطويلة ودلل على ذلك بما أورده بوجه النعي إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع بأكثر من قوله "وحيث إنه عن موضوع الاستئناف فإن الثابت من أوراق الدعوى وما قدم منها من مستندات وأعمال خبرة أن المستأنف (الطاعن) لم يضع يده على جزء من العقار الخارجي رقم 19 م المدة الطويلة المكسبة للملكية - خمس عشر سنة - ومن ثم يكون طلب تثبيت ملكيته للحصة فيه على غير أساس من الواقع أو القانون متعيناً رفضه فإن الحكم يكون قد أقام قضاءه على أسباب مرسلة معماة ويكون النعي بهذا السبب في محله بموجب لنقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق