جلسة 16 من نوفمبر سنة 1950
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.
------------------
(10)
القضية رقم 201 سنة 18 القضائية
(1) وقف. أصل الوقف.
ما يمس محل عقد الوقف يمس أصله. الفصل فيما إذا كان لأحد النظار أن ينفرد بالاستبدال على خلاف ما نص عليه بقرار النظر وفي قيمة الاتفاق الذي يبرمه قبل أن يتم توقيع الصيغة الشرعية للاستبدال. هو تعرض لمسالة من صميم أصل الوقف مما يمتنع على المحاكم المدنية الفصل فيه. مثال. دعوى ببطلان عقدي بيع صادرين للطاعن من أحد نظار الوقف. أساسها. إن هذا الناظر خالف قرار النظر الذي نص على عدم انفراد أحد النظار فيه كما خالف قرار الإبدال الذي صدر بالموافقة على إبدال أعيان الوقف بثمن لا يقل عن الثمن الذي أسفرت عنه التحريات وعلى ألا ينفذ ذلك إلا بعد دفع الثمن كله بخزينة المحكمة الشرعية وتوقيع صيغة البيع بمعرفتها. الحكم بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظرها. تقرير الحكم أن البحث فيما إذا كان لأحد النظار أن ينفرد بالاستبدال وفي قيمة الاتفاق الذي يبرمه قبل أن يتم توقيع الصيغة الشرعية هو تعرض لمسألة من صميم أصل الوقف. النعي عليه أنه أخطأ في تطبيق القانون لانحصار الخلف فيما إذا كانت شرائط قرار البدل قد روعيت وأن ذلك لا يتصل بأصل الوقف. على غير أساس.
(المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية).
(2) حكم استئنافي. تسبيبه.
قضاؤه بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى. إيراده في أسبابه الأسانيد التي اعتمد عليها والمؤدية لما حكم به من عدم اختصاص المحاكم المدنية. عدم تحدثه عما ورد في الحكم الابتدائي من أسباب متعلقة بصميم الموضوع مما تختص بالفصل فيه المحكمة ذات الولاية. النعي عليه بالقصور. لا محل له.
(المادة 103 من قانون المرافعات القديم).
الوقائع
في يوم 23 من أكتوبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 24 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 65 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الابتدائي المستأنف الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية الوطنية في 13 من إبريل سنة 1946 واحتياطياً إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد وإلزام المطعون عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 24 منه أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن.
وفي 10 من نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته - وفي 23 منه أودع المطعون عليهما مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وفي 7 من ديسمبر سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد وفي 22 منه أودع المطعون عليهما مذكرة بملاحظاتهما على الرد. وفي 21 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومصادرة الكفالة.
وفي 2 من نوفمبر سنة 1950 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن الطعن بني على سببين: ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم اختصاص المحاكم الأهلية بالنظر في بطلان عقدي البيع المؤرخين في 6 من مايو سنة 1941 و25 من أكتوبر سنة 1941 والصادرين للطاعن من المرحوم محمود نبيه غنام بصفته أحد نظار وقف المرحوم سليمان غنام بك لأن الفصل في هذا النزاع يخرج عن ولايتها، مقيماً قضاءه على أن الناظر المذكور قد خالف قرار النظر الذي نص على عدم انفراد أحد النظار فيه وعلى أنه لابد ليكون العمل صحيحاً أن يصدر من جميع النظار ولا وجود لنيابة الناظر المذكور عنهم ولا دليل عليها، كما أن الناظر المذكور خالف أيضاً القرار الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية في 20/ 4/ 1927 بالموافقة على إبدال أعيان الوقف المبينة به بثمن لا يقل عن الثمن الذي أنتجته التحريات على ألا ينفذ ذلك إلا بعد دفع الثمن كله بخزانة المحكمة وتوقيع صيغة البيع بوساطتها إذ لم يدفع الطاعن جميع الثمن بخزانة المحكمة ولم توقع صيغة البيع بمعرفة المحكمة الشرعية، ثم انتهى الحكم إلى تقرير أن الفصل فيما إذا كان لأحد النظار أن ينفرد دون الآخرين بالاستبدال وفي قيمة الاتفاق الذي يبرمه قبل أن يتم توقيع الصيغة الشرعية هو تعرض لمسألة من صميم أصل الوقف مما يمتنع على المحاكم الوطنية نظرها، ووجه الخطأ في هذا الذي قرره الحكم أن القرار الصادر من المحكمة الشرعية في 20/ 4/ 1927 آنف الذكر هو قرار استبدال صادر فعلاً من المحكمة الشرعية المختصة وأن عقدي البيع قد صدرا تنفيذاً له. وينحصر الخلف بعد ذلك بين أطراف الدعوى فيما إذا كانت شرائط هذا القرار قد روعيت والفصل في ذلك مما يقع في صميم اختصاص القضاء المدني لأنه لا يتصل في شيء بأصل الوقف حتى يدخل في ولاية المحاكم الشرعية كما قضى خطأ الحكم بذلك.
ومن حيث إن أسباب الحكم تتحصل في أن قرار المحكمة الشرعية إنما صدر بالموافقة على الإبدال بالثمن الذي أنتجته التحريات كحد أدنى وأذن به للنظار بتحرير عقود البيع بعد دفع جميع الثمن بخزانة المحكمة وتوقيع صيغة البيع بوساطتها، وأن الرأي المعوّل عليه قضاء فيما يختص باستبدال الأعيان الموقوفة أن توقيع صيغته أمام المحكمة الشرعية شرط لازم لصحته ونفاذه، وأن ليس لأحد النظار أن ينفرد به مخالفاً قرار النظر وقرار الإبدال الذي بني عليه، واستطرد الحكم بعد أن مهد بهذا الذي ساقه في أسبابه إلى تقرير ما انتهى إليه وأقام عليه قضاءه بعدم الاختصاص من أنه مع ذلك فالفصل فيما إذا كان لأحد النظار أن ينفرد بالاستبدال وفي قيمة الاتفاق الذي يبرمه قبل أن يتم توقيع الصيغة الشرعية هو تعرض لمسألة هي من صميم الوقف.
ومن حيث إن الحكم إذ أقام قضاءه على ما انتهى إليه من أن الفصل فيما إذا كان لأحد النظار أن ينفرد بالاستبدال على خلاف ما نص عليه بقرار النظر وفي قيمة الاتفاق الذي يبرمه قبل أن يتم توقيع الصيغة الشرعية للاستبدال هو تعرض لمسألة هي من صميم أصل الوقف لأنه يترتب على الاستبدال إخراج إحدى الأعيان الموقوفة وإحلال غيرها محلها فهو ماس بمحل عقد الوقف نفسه وما يمس محل العقد يمس أصله مما يمتنع على المحاكم المدنية الفصل فيه بحكم المادة 16 من لائحة ترتيبها - إذ أقام الحكم قضاءه على هذا الأساس لم يخالف القانون، ومن ثم يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعن نعى في السبب الثاني على الحكم القصور في التسبيب مقتصراً في تجلية ذلك على أنه لم يتحدث عن عنصر جوهري في التقدير وهو دفع الثمن مع أن المطعون عليهما جعلا مما زعماه من عدم وفاء الطاعن له سبباً للفسخ بل إنه لم يرد على واحد من الأسباب المسهبة التي بني عليها الحكم الابتدائي.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه إذ ألغى الحكم الابتدائي وقضى بعدم اختصاص المحاكم المدنية بنظر الدعوى لا يعيبه أنه لم يتحدث عما جاء بحكم محكمة أول درجة من أسباب متعلقة بصميم الموضوع مما تختص بالفصل فيه المحكمة ذات الولاية، وبحسبه أنه أورد في أسبابه الأسانيد التي اعتمد عليها والمؤدية لما حكم به من عدم اختصاص المحاكم المدنية.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن بسببيه على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق