باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من فبراير سنة 2025م، الموافق
التاسع من شعبان سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم
والدكتور محمد عماد النجار وخالد أحمد رأفت دسوقي وعلاء الدين أحمد
السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 7 لسنة 25 قضائية "تنازع"
المقامة من
1- محمد عبد الرسول محمد والي
2- عبده سلامة أحمد محمد
3- مصطفى خالد عبد العال
ضد
1- رئيس الجمهورية، بصفته الحاكم العسكري
العام
2- النيابة العامة
---------------
الإجراءات
بتاريخ السابع من مايو سنة 2003، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بتعيين جهة القضاء العادي، ممثلة في محكمة النقض ومحكمة جنايات جنوب سيناء، جهة مختصة لنظر الدعوى الجنائية موضوع الطلب، دون محكمة جنايات أمن الدولة العليا "طوارئ".
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدم المدعون مذكرة، صمموا فيها على طلباتهم الواردة بصحيفة الدعوى،
والتمسوا من المحكمة الدستورية العليا إعمال رخصة التصدي المقررة لها، والقضاء
بعدم دستورية المواد من (7 إلى 10) ومن (12 إلى 17) و (19 و20) من قرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة أسندت إلى المدعين، في الدعوى رقم 287 لسنة 1999 جنايات أمن الدولة "طوارئ" شرم الشيخ، المقيدة برقم 72 لسنة 1999 كلي أمن دولة "طوارئ" جنوب سيناء، أنهم في يوم 27/12/1997، أولًا: لم يراعوا الأصول الفنية المقررة عند إنشاء المبنى المبين بالتحقيقات، وكان ذلك ناشئًا عن إهمالهم إهمالًا جسيمًا، بأن لم يراعوا الأصول الفنية في التنفيذ والإشراف عليه؛ مما أدى إلى انهيار المبنى جزئيًّا، الأمر الذي ترتب عليه وفاة .... . ثانيًا: اشتركوا مع المتهمين .... و..... في التسبب خطأ في إصابة كل من .... و.... و....، وكان ذلك ناشئًا عن إهمالهم وإخلالهم إخلالًا جسيمًا بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم، وذلك بأن أقاموا مبنى غير مطابق للمواصفات والأصول الفنية المقررة، وقام بترميمه .... و.... بدون ترخيص من الجهة المختصة، وبدون مراعاة الأصول الفنية المقررة، فسقط المبنى جزئيًّا وأحدث بالمجني عليهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة، وتمت الجريمة بناءً على ذلك. وقدمتهم النيابة العامة للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات جنوب سيناء، طالبة عقابهم بالمادتين (1/2 و2/2، 3، 4) من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996، والمادتين (41/1 و244/1، 2) من قانون العقوبات. وإذ ارتأت المحكمة عدم سريان أحكام الأمر العسكري المشار إليه على الواقعة المسندة إلى المتهمين، لتمام أعمال تشييد المبنى وافتتاحه في نهاية عام 1994، وأن التكييف القانوني الصحيح للواقعة ارتكابهم جنحتي القتل والإصابة الخطأ المؤثمتين بالمادتين (238/1، 244/1) من قانون العقوبات، فقضت بجلسة 13/6/2000، بمعاقبة كل منهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه من اتهام، وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات، تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًّا. وإذ لم يصادف هذا الحكم قبول المدعيين الأول والثالث؛ فطعنا عليه أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 27058 لسنة 72 قضائية، ولم يكن قد تحدد لنظره جلسة عند إقامة الدعوى المعروضة.
كما أسندت النيابة العامة في الدعوى رقم 376 لسنة 1999 جنح أمن دولة "طوارئ" شرم الشيخ، إلى رئيس مجلس إدارة الشركة المالكة للفندق محل الحادث، وإلى مهندس الصيانة بالفندق، أنهما في يوم 27/12/1997، أولًا: قاما بترميم المبنى المبين بالتحقيقات قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانيًا وثالثًا: اشتركا مع المدعين – في الدعوى المعروضة – بالتسبب خطأ في موت أحد المجني عليهم، وإصابة ثلاثة آخرين، وكان ذلك ناشئًا عن إهمالهما وعدم مراعاتهما القوانين واللوائح، بأن قاما بأعمال ترميم للمبنى، دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وبدون مراعاة الأصول الفنية في أعمال الترميم، فسقط المبنى جزئيًّا على المجني عليهم، وأحدث بهم إصابات أودت بحياة أحدهم. وقدمتهما النيابة العامة للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح أمن دولة "طوارئ" قسم الطور، طالبة عقابهما بالمواد (1 و2 و3 و21) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، المعدل بالقانونين رقمي 25 لسنة 1992 و101 لسنة 1996، والمواد (41/1 و238/1 و244/1، 2) من قانون العقوبات. وبجلسة 27/5/2000، قضت المحكمة حضوريًّا، أولاً: ببراءة رئيس مجلس إدارة الفندق مما أُسند إليه من اتهام، ثانيًا: بمعاقبة مهندس الصيانة بالفندق بغرامة مقدارها خمسمائة جنيه عن تهمتي القتل والإصابة الخطأ، وبراءته من الاتهام بالقيام بأعمال ترميم دون الحصول على ترخيص بذلك. وأوردت المحكمة في أسباب حكمها أن أعمال الترميم التي أجريت لا تدخل ضمن أعمال الترميم التي تستوجب الحصول على ترخيص مسبق بإجرائها.
وبتاريخ 31/12/2000، صدر أمر نائب الحاكم العسكري العام، بإلغاء الحكمين السالفي الذكر، وإعادة الأوراق للنيابة العامة لإحالة جميع المتهمين – في الجناية والجنحة – إلى محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" بجنوب سيناء، لمحاكمتهم أمام دائرة أخرى؛ فأحالت النيابة العامة الدعوى إلى المحكمة المشار إليها، طالبة عقاب المتهمين بالمادتين (1/2 و2/2، 3، 4) من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996، والمواد (41/1 و238/1، 2 و244/1، 2) من قانون العقوبات، والمواد (1 و2 و3 و21) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء. وفي أثناء نظر الدعوى، دفع المدعون في الدعوى المعروضة - بعدم جواز نظر الدعوى قبلهم لسابقة صدور حكم فيها بجلسة 13/6/2000، من محكمة جنايات جنوب سيناء، وبعدم قبول الدعوى لعدم اتصالها بالمحكمة على النحو المقرر قانونًا. وبجلسة 11/3/2003، قررت المحكمة ضم الدفع للموضوع، والتأجيل لجلسة 11/5/2003.
وإذ ارتأى المدعون أن ثمة تنازعًا إيجابيًّا على الاختصاص بين كل من محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ"، كونها محكمة استثنائية، يحاكمون أمامها في الدعوى رقم 287 لسنة 1999 جنايات أمن الدولة العليا "طوارئ" شرم الشيخ، المقيدة برقم 72 لسنة 1999 كلي جنوب سيناء "أمن دولة"، وبين محكمة النقض، المعروض عليها الطعن رقم 27058 لسنة 72 قضائية، المقام من المدعيين الأول والثالث، طعنًا على الحكم الصادر بجلسة 13/6/2000، بإدانتهما من محكمة جنايات جنوب سيناء، في الجناية ذاتها؛ فقد أقاموا دعواهم المعروضة بطلباتهم سالفة البيان.
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص، طبقًا لنص البند "ثانيًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن تُطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كل منهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من قانون المحكمة المشار إليه، على أن "يترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه"؛ ومن ثم يتحدد وضع دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي أمام المحكمة الدستورية العليا بالحالة التي تكون عليها الخصومة أمام كل جهة من جهتي القضاء المدعى بتنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة، ولا اعتداد بما تكون أي من جهتي القضاء قد اتخذته من إجراءات أو أصدرته من قرارات تالية لهذا التاريخ.
وهديًا بما تقدم، وكانت الدعوى الجنائية المقامة ضد المدعين وآخرين – في تاريخ إقامة دعوى التنازع – معروضة على محكمتين، أولاهما: محكمة النقض، في الطعن رقم 27058 لسنة72 قضائية، المقام من المدعيين الأول والثالث، طعنًا على الحكم الصادر بجلسة 13/6/2000، من محكمة جنايات جنوب سيناء، في الدعوى رقم 287 لسنة 1999 جنايات أمن دولة "طوارئ" قسم شرم الشيخ، المقيدة برقم 72 لسنة 1999 كلي أمن دولة "طوارئ" جنوب سيناء، بإدانتهما، والمدعي الثاني، عن ارتكابهم جنحتي القتل والإصابة الخطأ، المؤثمتين بالمادتين (238/1 و 244/1) من قانون العقوبات، بعد أن استبعدت محكمة الجنايات من الاتهام المسند إليهم نص المادتين (1/2 و 2/2، 3، 4) من أمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 7 لسنة 1996. وثانيتهما: محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" بجنوب سيناء، بعد أن قام نائب الحاكم العسكري العام، بتاريخ 31/12/2000، بإلغاء الحكم الصادر بإدانة المدعين، والحكم الصادر في الجنحة بإدانة أحد المتهمين الآخرين، وإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لتقديم جميع المتهمين إلى تلك المحكمة، لمحاكمتهم أمام دائرة أخرى، فأحالت النيابة العامة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" بجنوب سيناء، ضد المدعين وآخرين، بطلب عقابهم بالمادتين (1/2 و 2/2، 3، 4) من الأمر العسكري المشار إليه، والمواد (41/1 و238/1، 2 و244/1، 2) من قانون العقوبات، والمواد (1، 2، 3، 21) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء. وقد تدوول نظر الدعوى أمام تلك المحكمة اعتبارًا من جلسة 17/6/2001، إلى أن قررت بجلسة 11/3/2003، تأجيل نظر الدعوى لجلسة 11/5/2003؛ فأقام المدعون دعوى التنازع المعروضة بطلباتهم السالفة البيان؛ ومن ثم فإن الدعوى الجنائية المقامة ضد المدعين، وآخرين، كانت منظورة – في شق منها – أمام جهتين قضائيتين مختلفتين، أولاهما: القضاء العادي، ممثلًا في محكمة النقض، والأخرى: محكمة أمن الدولة العليا "طوارئ" بجنوب سيناء، المشكَّلة وفقًا لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، وهى – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – لا تتبع جهة القضاء العادي، ولم تتخل أي من المحكمتين – في تاريخ إقامة الدعوى المعروضة – عن اختصاصها بنظر الدعوى الجنائية المعروضة عليها؛ ومن ثم فإن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص المعروضة يكون متحققًا.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع إنما يتم وفقًا لقواعد توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية، المعمول بها في تاريخ الفصل في دعوى التنازع، والتي حدد بها الدستور لكل من الجهات القضائية قسطها من الولاية، وناطت المادة (188) منه بمحاكم السلطة القضائية – القضاء العادي – الفصل في كافة المنازعات والجرائم، عدا ما خص به جهة قضائية أخرى.
متى كان ما تقدم، وكان قد صدر بتاريخ 16 من يناير سنة 2004، أمر رئيس الجمهورية رقم 2 لسنة 2004 بإلغاء بعض الأوامر العسكرية، ناصًّا في المادة الأولى منه على إلغاء عدد من الأوامر التي أصدرها رئيس مجلس الوزراء نائب الحاكم العسكري العام، من بينها الأمر رقم 7 لسنة 1996 بشأن أعمال البناء والهدم، والبنود أرقام (1 و2 و3 و4 و5) من المادة الأولى والفقرة الثانية من المادة الثانية من الأمر رقم 4 لسنة 1992. ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من أمر رئيس الجمهورية المشار إليه على أن " تحيل محاكم أمن الدولة "طوارئ" الدعاوى المنظورة أمامها عن الجرائم المنصوص عليها في الأوامر الملغاة، بالحالة التي تكون عليها، إلى المحاكم العادية المختصة طبقًا لأحكام قانون الإجراءات الجنائية"، وإذ كانت الجرائم المنسوبة إلى المدعين من بين الجرائم المنصوص عليها في الأمرين العسكريين الملغيين؛ فإن لازم ذلك تعيين جهة القضاء العادي مختصة بنظر الدعوى الجنائية محل دعوى التنازع المعروضة، لتلتزم بالفصل فيها، غير مقيدة بقضائها السابق في شأنها، ولو كان نهائيَّا؛ إعمالًا لحكم المادة (192) من الدستور القائم، والبند "ثانيًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا السالف البيان.
وحيث إنه عن طلب تصدي المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية عدد من مواد قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، فإن إعمال هذه المحكمة لرخصة التصدي المقررة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، منوط بأن يكون النص الذي يرد عليه التصدي متصلًا بالنزاع المطروح عليها، وترتبط هذه الرخصة في مجال الفصل في دعاوى تنازع الاختصاص – وفقًا لنص البند "ثانيًا" من المادة (25) من قانونها – بطبيعة ذلك الاختصاص، القائم حسمه على ضوء قواعد الاختصاص الولائي، والنصوص الحاكمة له، والتي يتحدد بها إطار ممارسة هذه الرخصة في هذا الشأن. متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فيما تقدم إلى إسناد الاختصاص بنظر الدعوى الجنائية محل دعوى التنازع المعروضة إلى محاكم جهة القضاء العادي، التي لا تطبق نصوص قانون الطوارئ المطلوب التصدي للفصل في دستورية عدد منها، مما يفقد ذلك الطلب شرط اتصاله بقضاء هذه المحكمة في الدعوى المعروضة؛ ومن ثم فإنه لا يكون هناك مسوغ لإعمال المحكمة الدستورية العليا لرخصة التصدي.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق