الصفحات

الأربعاء، 6 نوفمبر 2024

الطعن 2078 لسنة 29 ق جلسة 8 / 3/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 46 ص 224

جلسة 8 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-----------------

(46)
الطعن رقم 2078 سنة 29 القضائية

اختلاس أموال أميرية. جناية المادة 112/ 1 ع. عناصر الواقعة الإجرامية.
تسلم المال المختلس: شرطه. كونه من مقتضيات العمل ودخوله في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح.
قصور بيان أحكام الإدانة: عدم استظهار الحكم أن من عمل المتهم واختصاصه الوظيفي تفتيش نزلاء الحجز وتسلم أموالهم الخاصة والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة يعيب الحكم بالقصور.

-----------------
لا تتحقق الجريمة المنصوص عليها في المادة 112/ 1 من قانون العقوبات إلا إذا كان تسلم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر، أو أمر إداري صادر ممن يملكه، أو مستمداً من القوانين واللوائح - فإذا كان الحكم قد أورد في أسبابه أن المتهم منوط به الإشراف على السجن، والمجني عليه لم يصدر أمر قانوني بإيداعه سجن القسم حتى يسوغ للمتهم تفتيشه بل أودع الحجز بناءً على أمر الضابط المنوب حتى يحضر ضابط المباحث ويفصل في أمره، وكان الحكم لم يستظهر ما إذا كان من عمل المتهم واختصاصه الوظيفي تفتيش نزلاء الحجز بالقسم وتسلم أموالهم الخاصة والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة لهذا الغرض، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بوصف كونه مستخدماً عمومياً (أومباشي سجن قسم بوليس الجمالية) اختلس المبلغ المبين بالتحقيقات لإبراهيم بيومي ضيف والمسلم إليه بسبب وظيفته، وطلبت النيابة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 111/ 1، 112/ 1، 118، 119 من قانون العقوبات، ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه 500 جنيه وبعزله من وظيفته، فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك أنه أسس قضاءه بإدانة الطاعن في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات على ما قاله "من أن الأموال قد وصلت إليه بسبب وظيفته وأن هذا يكفي لقيام الجريمة ولا أهمية لكونه مختصاً بحفظ النقود أو تسلمها بل المهم دخولها ليده" وما قاله الحكم من ذلك لا يكفي في استظهار الأركان القانونية لتلك الجريمة وفي بيان ما إذا كان المال موضوع الاختلاس قد سلم للطاعن بمقتضى وظيفته، ولما كان الطاعن لا يعتبر من مأموري الضبطية القضائية وليس من مقتضى وظيفته أن يفتش المجني عليه وقت إيداعه الحجز وأن يضع يده على المال المنسوب إليه اختلاسه وهو ليس مالاً أميرياً، فإن الواقعة بفرض صحتها لا تعدو أن تكون جنحة تبديد لا جناية اختلاس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله "إن ضابط مباحث الجمالية ضبط بعض أشخاص اشتبه فيهم وأرسلهم إلى القسم، ولما أن عرضوا على الضابط المنوب الصول محمد حجازي وكان الطاعن من بينهم أمر الضابط المذكور بإدخاله الحجز حتى الصباح - دون أن يفتشه - وذلك حتى يحضر ضابط المباحث، وعند إدخال المجني عليه الحجز سأله الأومباشي فرج ميخائيل سليمان (الطاعن) المنوط به مباشرة السجن عما إذا كان يحمل نقوداً فأجابه بالإيجاب وأعطاه أربعة جنيهات وكان يحمل في يده سرواله وسترته، ولما أخذ منه المتهم السترة سقط منها حوالي أربعين قرشاً ففهم المتهم أنه يحمل غير ما أعطاه فبدأ يبحث في سرواله وجيوبه كلها وأخرج منها النقود الباقية وهي 68 جنيها، ولما رأى حالة المجني عليه واستنتج أنه لم يفتش لأنه لو كان فتش بمعرفة الصول المنوب لاحتفظ الأخير بها أمانات وجد أن الفرصة سانحة له ليختلس بعضها وأن يظهر في الوقت نفسه بمظهر الرجل الشريف فقاده إلى الصول وأخبره وكان معه المجني عليه أنه فتش هذا الأخير فوجد معه 68 جنيهاً سلمها للصول فلما سمع المجني عليه ذلك اعترض وقال إن نقوده أكثر من ذلك وأن المتهم "الطاعن" أخذها جميعها ووضعها في الدولاب وأنه كان مع المتهم أيضاً بوليس ملكي عرف فيما بعد أنه لبيب عبد المعطي، واستلفتت هذه المشادة نظر الضابط الملازم حسن رشدي الذي كان يجري تحقيقاً بنفس الحجرة بالقسم فسأل المجني عليه الذي أخبره أن نقوده كانت 77 جنيهاً وأنها نقصت تسعة جنيهات وكسور وأنه شاهد المتهم يضع بعضها في دولاب هناك كما شاهد البوليس الملكي الذي كان معه يأخذ شيئاً كذلك، فقام الضابط فوراً ومعه المتهم والمجني عليه والصول النوبتجي إلى حيث الغرفة التي بها الدولاب الذي يحتفظ المتهم نفسه بمفتاحه ويضع فيه الأوراق والقيود الحديدية - وعثر في أحد عيونه...... وراء القيود الحديدية من الداخل مخبأ جنيهين وعشرين قرشاً، ولما صمم المجني عليه على أن نقوده أكثر وجد أيضاً بين الدولاب والحائط مخفي وراءه على متناول اليد جنيهين أيضاً، وصمم المجني عليه على أن نقوده أيضاً ناقصة ورقة بخمسة جنيهات وأن لابد أن يكون اختلسها البوليس الملكي لبيب ثم بعدها عرض المتهم أن يذهب لمنزله لإحضار خمسة جنيهات وقد سمح له الضابط فذهب وأحضرها بعد أن وعده الضابط بأن لا يتهمه ولا يبلغ عنه"، ثم عرض الحكم لما جاء بوجه الطعن من أن المال لم يصل إلى يد الطاعن بسبب وظيفته ورد عليه فقال "وحيث إن ما ذهب إليه الدفاع من أن الأمر هو جريمة تبديد تنفيه وقائع الدعوى، فالأموال إنما وصلت إليه بسبب وظيفته وهو الاختلاس المنطبق أصلاً على المادة 112/ 1 معدلة من قانون العقوبات، ولا أهمية لكونه مختصاً بحفظ النقود أو تسلمها بل المهم كيفية وصولها ليده"، ولما كانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 112/ 1 عقوبات لا تتحقق إلا إذا كان تسلم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد في أسبابه أن الطاعن منوط به الإشراف على السجن - والمجني عليه لم يصدر أمر قانوني بإيداعه سجن القسم حتى يسوغ للطاعن تفتيشه، بل أودع الحجز بناءً على أمر الضابط المنوب حتى يحضر ضابط المباحث ويفصل في أمره. لما كان ما تقدم، وكان الحكم لم يستظهر ما إذا كان من عمل الطاعن واختصاصه الوظيفي تفتيش نزلاء الحجز بالقسم وتسلم أموالهم الخاصة والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة لهذا الغرض، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق