الصفحات

الاثنين، 18 نوفمبر 2024

الطعن 1919 لسنة 54 ق جلسة 20 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 89 ص 489

جلسة 20 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، فهمي الخياط نائبي رئيس المحكمة، يحيى عارف وكمال محمد مراد.

------------------

(89)
الطعن رقم 1919 لسنة 54 القضائية

(1) دعوى "انعقاد الخصومة". إعلان.
الخصومة في الدعوى. انعقادها بتمام المواجهة بين طرفيها سواء بإعلان أو بالعلم اليقيني. علة ذلك.
(2) نقض "أسباب الطعن، السبب المتعلق بالنظام العام". استئناف. نظام عام. محكمة الموضوع.
الدفع بعدم جواز الاستئناف. تعلقه بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض شرطه. أن تكون عناصره مطروحة على محكمة الموضوع.
(3، 5) إيجار "إيجار الأماكن، إثبات الإيجار، التأجير من الباطن" حكم "تسبيب الحكم". صورية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(3) حق المستأجر وحده في إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات. شرطه. ألا يكون هناك عقد مكتوب أو انطواء العقد على تحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام وأن يكون التحايل بقصد الإضرار به. المادة 24/ 3 ق. 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 16/ 2 ق 52 لسنة 1969.
(4) تقدير أدلة الصورية. من سلطة محكمة الموضوع. متى أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم صورية عقد الإيجار من الباطن استناداً إلى القرائن المتساندة الواردة بأسبابه. عدم التزامه بمناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها وتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ومستنداتهم والرد عليها استقلالاً ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
(5) إلغاء الحكم المستأنف الحكم الابتدائي. عدم التزامه بالرد على أسبابه. متى أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه.
(6، 7) إيجار "إيجار الأماكن، التأجير من الباطن". حكم "تسبيب الحكم" دعوى "الطلبات في الدعوى".
(6) حق المستأجر الأصلي المقيم مؤقتاً بالخارج في المستأجر من الباطن عند عودته للإقامة بالبلاد. م 40/ 1 ق 49 لسنة 1977. شرطه. وجوب إخطار المستأجر من الباطن ومنحة أجلاً لإخلاء العين. للمستأجر من الباطن التنازل عن الإخطار صراحة أو ضمناً. انتهاء الحكم إلى تنازل الطاعن عن التمسك بالإخطار استناداً إلى بنود عقد الإيجار. النعي المبدى منه بعدم إعلانه بذلك الإخطار - أياً كان وجه الرأي فيه. غير منتج.
(7) دفاع الطاعن المتمثل في استئجاره شقة النزاع من ذات المؤجر الذي أصدر عقد إيجار المطعون ضده. تصدي الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع. وانتهائه إلى بطلان إيجار الطاعن باعتباره لاحقاً على العقد الصادر للمطعون ضده وصولاً لإجابة طلب المطعون ضده بإخلاء شقة النزاع. عدم اعتبار ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم. علة ذلك.

-----------------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى ترفع وفقاً للمادة 63 من قانون المرافعات بإيداع صحيفتها قلم الكتاب حيث يتصل علم المحكمة بها وتنعقد الخصومة فيها بتمام المواجهة بين طرفيها وأنه ولئن كان المشرع قد عنى بتنظيم إجراءات إعلان الصحيفة باعتباره الوسيلة المثلى لإتمام المواجهة إلا أنه في ذات الوقت لم يأت بنصوص تتنافى مع إتمام المواجهة وبالتالي انعقاد الخصومة بغير الإعلان بل أنه اعتد بالعلم اليقيني كوسيلة لانعقاد الخصومة في حالات كثيرة منها ما نصت عليه المادتان 123، 126 من قانون المرافعات من جواز توجيه الطلبات العارضة وجواز التدخل إنضمامياً أو هجومياً شفاهة بالجلسة في حضور الخصم بغير إعلان وما أجازته المادة 237 من ذات القانون بشأن رفع الاستئناف المقابل بمذكرة تقدم عند نظره بغير إعلان، هذا إلى أنه من غير المقبول أن يعتد المشرع بانعقاد الخصومة بالعلم الحكمي في الحالات التي تسلم فيها ورقة الإعلان لغير الشخص المراد إعلانه ولا يعتد بعلمه اليقيني وبالتالي فإنه يتعين القول بأن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة بين طرفيها سواء تحققت تلك المواجهة بالإعلان أو بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعته السير في الدعوى وإبداء دفاعه فيها في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة ولما كان البين في الأوراق أن الطاعن مثل بوكيل عنه أمام محكمة أول درجة تسلم صورة من صحيفة افتتاح الدعوى وقدم مذكرة بدفاعه ثم تقدم بمستنداته في جلسة تالية وتابع سير الدعوى على نحو يدل بإحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها مبدياً دفاعه في الشكل والموضوع. ومن ثم يتعين القول بأن الخصومة فيها قد انعقدت بتمام المواجهة بين طرفيها ويكون النعي قائماً على غير أساس.
2 - الدفع بعدم جواز الاستئناف وإن تعلق بالنظام العام لتعلقه بإجراءات التقاضي إلا أن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن تكون عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع. ولما كانت طلبات المطعون ضده بفسخ عقد الإيجار وتسليم العين بمنقولاتها ناشئة عن عقد الإيجار فتقدر قيمة الدعوى بمجموع هذه الطلبات وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن قيمة تلك المنقولات كانت تحت نظر محكمة الاستئناف عند إصدار الحكم المطعون فيه وكان يستلزم الوقوف عليها تحقيقاً وتمحيصاً فإنه يمتنع إثارة هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان المشرع في المادة 24/ 3 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقابلة للمادة 16/ 2 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أجاز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات إلا أن مجال ذلك ألا يكون هناك عقد مكتوب وأن تنطوي شروط التعاقد المكتوب على التحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام فضلاً عن أن يكون هذا التحايل بقصد الإضرار به أما إذا كان هذا التحايل على القانون لم يكن موجهاً ضد مصلحته فلا يجوز له إثبات ما يخالف العقد المكتوب إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها إعمالاً للقواعد العامة إذ ليس ثمة ما يحول دون حصوله على ورقة ضد تثبت العقد المستتر الذي اتجهت إليه نية الطرفين.
4 - إذ كان تقدير أدلة الصورية من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم صورية عقد الإيجار من الباطن الذي حرر بمناسبة سفر المطعون ضده وإقامته خارج البلاد فترة موقوتة وذلك على سند من القرائن المتساندة التي أوردها بأسبابه فلا يقبل من الطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ولا على الحكم المطعون فيه إذ لم يتتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم ومستنداتهم وتفصيلات دفاعهم والرد على كل منها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
5 - لا تثريب على الحكم أن لم يرد على أسباب الحكم الابتدائي الذي ألغاه متى أقام قضاءه على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه.
6 - لئن اشترطت الفقرة الأولى من المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 للحكم بالإخلاء لانتهاء إقامة المستأجر الأصلي المؤقتة بالخارج وعودته للإقامة بالبلاد إخطار المستأجر من الباطن لإخلاء العين في الموعد المحدد لعودته ومنحة أجلاً مدته ثلاثة أشهر ليقوم بالإخلاء - إلا أن هذا الإخطار مقرر لمصلحة المستأجر من الباطن فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً - وإذ خلص حكم محكمة أول درجة إلى رفض الدفع المبدى من الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان المؤسس على إخطاره بالإخلاء على سند مما جاء بالبند الرابع من عقد الإيجار بتعهده، بتسليم الشقة في نهاية مدة الإيجار أو عند عودة المطعون ضده بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم، فإنه يكون قد تنازل سلفاً عن التمسك بهذا الإخطار مما لا يجوز له إعادة المجادلة في هذا الشأن ويكون النعي بأن الإخطار الذي وجهه المطعون ضده لم يعلن إليه غير منتج وبالتالي غير مقبول.
7 - لما كانت الدعوى قد أقيمت من المطعون ضده بطلب إخلاء شقة النزاع من الطاعن الأول مع التسليم ومن ثم كان لزاماً على محكمة الموضوع أن تعرض لما أثاره الطاعن الأول من دفاع يبتغي به رفض الدعوى، إما للاقتناع به والقضاء على هداه بعد أن يثبت في وجدانها صحته وإما لتفنيده والرد عليه وصولاً لإجابة المطعون ضده إلى طلباته أو رفض هذه الطلبات، وإذ تمسك الطاعن الأول ضمن دفاعه بأنه يستأجر شقة النزاع من ذات المؤجر الذي أصدر عقد الإيجار الذي يتمسك به المطعون ضده، فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لهذا الدفاع منتهياً إلى بطلان العقد الصادر لصالح الطاعن الأول باعتباره عقداً لاحقاً للعقد الصادر للمطعون ضده الذي لا زال سارياً فإنه لا يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3691 سنة 1981 المنيا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1978 المتضمن تأجيره للطاعن الأول الشقة المفروشة المبينة بالصحيفة خلال مدة إقامته الموقوتة بالخارج، وإنهاء العلاقة الإيجارية القائمة بينهما لعودته إلى البلاد مع الإخلاء والتسليم، دفع الطاعن الأول باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه بصحيفتها خلال ثلاثة أشهر وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان ولرفعها من غير ذي صفة وبعدم سماعها. تدخل الطاعن الثاني في الدعوى منضماً إلى الطاعن الأول، حكمت المحكمة بقبول تدخله وبرفض تلك الدفوع وبرفض الدعوى. استأنف المطعون ضده بالاستئناف رقم 353 سنة 19 ق بني سويف "مأمورية المنيا" - وبتاريخ 14/ 6/ 1984 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء عقد الإيجار المؤرخ أول أكتوبر سنة 1978 وإخلاء الطاعن الأول من الشقة محل النزاع وتسليمها إلى المطعون ضده. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان إذ لم تعلن صحيفة افتتاح الدعوى إلى الطاعن الأول فلا تكون الخصومة قد انعقدت ولا يصحح هذا البطلان حضوره بالجلسات أو استلامه صورة الصحيفة بالجلسة وقد تمسك بذلك من خلال دفعه باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلان الصحيفة إليه خلال الميعاد المقرر - إلا أن محكمة أول درجة قضت برفض هذا الدفع دون أن تفطن إلى أنه لم يعلن بالصحيفة وإذ كان هذا الدفع يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف طالما لم يتنازل عنه فإن من حقه التمسك بهذا البطلان أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى ترفع وفقاً للمادة 63 من قانون المرافعات بإيداع صحيفتها قلم الكتاب حيث يتصل علم المحكمة بها، وتنعقد الخصومة فيها بتمام المواجهة بين طرفيها، وأنه وإن كان المشرع قد عنى بتنظيم إجراءات إعلان الصحيفة باعتباره الوسيلة المثلى لإتمام المواجهة إلا أنه في ذات الوقت لم يأت بنصوص تتنافى مع إتمام المواجهة، وبالتالي انعقاد الخصومة بغير الإعلان، بل إنه اعتد بالعلم اليقيني كوسيلة لانعقاد الخصومة في حالات كثيرة منها ما نصت عليه المادتان 123، 126 من قانون المرافعات من جواز توجيه الطلبات العارضة وجواز التدخل إنضمامياً أو هجومياً شفاهاً بالجلسة في حضور الخصوم بغير إعلان وما أجازته المادة 237 من ذات القانون بشأن رفع الاستئناف المقابل بمذكرة تقدم عند نظره بغير إعلان، هذا إلى أنه من غير المقبول أن يعتد المشرع بانعقاد الخصومة بالعلم الحكمي في الحالات التي تسلم فيها ورقة الإعلان لغير الشخص المراد إعلانه ولا يعتد بعلمه اليقيني وبالتالي فإنه يتعين القول بأن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة بين طرفيها سواء تحققت تلك المواجهة بالإعلان أو بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وإبداء دفاعه فيها في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة، لما كان البين في الأوراق أن الطاعن مثل بوكيل عنه أمام محكمة أول درجة وتسلم صورة من صحيفة افتتاح الدعوى وقدم مذكرة بدفاعه ثم تقدم بمستنداته في جلسة تالية وتابع سير الدعوى على نحو يدل بإحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها مبدياً دفاعه في الشكل والموضوع ومن ثم تعين القول بأن الخصومة فيها قد انعقدت بتمام المواجهة بين طرفيها ويكون النعي قائماً على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما دفعا بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب طبقاً للمادة 47 من قانون المرافعات باعتبار أن الدعوى بإنهاء عقد الإيجار المفروش لا تتجاوز قيمتها النصاب الإنتهائي للمحكمة إلا أن الحكم أعرض عن هذا الدفع. مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أن الدفع بعدم جواز الاستئناف وإن تعلق بالنظام العام لتعلقه بإجراءات التقاضي إلا أن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن تكون عناصره الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع، ولما كانت طلبات المطعون ضده بفسخ عقد الإيجار وتسليم العين بمنقولاتها ناشئة عن عقد الإيجار فتقدر قيمة الدعوى بمجموع هذه الطلبات وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن قيمة تلك المنقولات كانت تحت نظر محكمة الاستئناف عند إصدار الحكم المطعون فيه وكان يستلزم الوقوف عليها تحقيقاً وتمحيصاً فإنه يمتنع إثارة هذا السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالأسباب الثالث والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أنهما دفعا بصورية عقد الإيجار المفروش صورية مطلقة احتيالاً على قانون إيجار الأماكن المتعلق بالنظام العام الذي يمنع تنازل المستأجر للغير بغير إذن المالك وهو ما يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية، إلا أن الحكم ذهب إلى خلاف ذلك بعدم جواز إثبات العكس إلا بالكتابة وخلص إلى جدية عقد الإيجار المفروش رغم تناقضه في موضوع آخر بتقرير صورية العقد مفروشاً لعدم وجود قائمة بالمنقولات وتحديد الأجرة بأجرة الشقة خالية، ورد على محكمة أول درجة بقرائن غير سائغة وسكت عن الرد على مذكرة أحد رجال القضاء بشأن حقيقة الواقعة. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان المشرع في المادة 34/ 3 من القانون رقم 49 سنة 1977 المقابلة للمادة 16/ 2 من القانون رقم 52 سنة 69 أجاز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات، إلا أن مجال ذلك ألا يكون هناك عقد مكتوب وأن تنطوي شروط التعاقد المكتوب على التحايل على القواعد القانونية المتعلقة بالنظام العام فضلاً عن أن يكون هذا التحايل بقصد الإضرار به. أما إذا كان هذا التحايل على القانون لم يكن موجهاً ضد مصلحته فلا يجوز له إثبات ما يخالف العقد المكتوب إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها إعمالاً للقواعد العامة إذ ليس ثمة ما يحول دون حصوله على ورقة ضد تثبيت العقد المستتر الذي اتجهت إليه نية الطرفين. ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعن الأول وهو أحد طرفي التعاقد قد ذهب في دفاعه إلى أن التعاقد في حقيقته تنازل عن الإيجار تم له من المطعون ضده وأثبت في العقد المبرم كتابة بينه وبين المطعون ضده على أنه تأجير من الباطن خلال فترة تواجد الأخير مؤقتاً خارج البلاد تحايلاً على أحكام القانون الذي يمنع التنازل عن الإيجار بغير إذن المالك ولما كان هذا التحايل بفرض وجوده ليس موجهاً ضد الطاعن الأول بل هو موجه في حقيقته ضد المالك - الطاعن الثاني - للحيلولة بينه وبين طلب الإخلاء ومن ثم فلا يجوز للطاعن الأول إثبات صورية ما أثبت بالعقد المكتوب إلا بالكتابة أو ما يقوم مقامها، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. هذا إلى أنه وإن كان الطاعن الثاني - المالك - يعد من الغير بالنسبة للعقد موضوع التداعي فيجوز له إثبات صوريته بكافة الطرق إلا أنه لما كان تقدير أدلة الصورية من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة عليها من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم صورية عقد الإيجار من الباطن الذي صدر بمناسبة سفر المطعون ضده وإقامته خارج البلاد فترة مؤقتة، وذلك على سند من القرائن المتساندة التي أوردها بأسبابه فلا يقبل من الطاعن مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ولا على الحكم المطعون فيه إن لم يتتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم ومستنداتهم وتفصيلات دفاعهم والرد على كل منها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ولا تثريب على الحكم أيضاً إن لم يرد على أسباب الحكم الابتدائي الذي ألغاه متى أقام قضاءه على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ لم يخطر المطعون ضده الطاعن الأول بالإخلاء قبل رفع الدعوى بثلاثة أشهر وفقاً لحكم المادة 40/ أ من القانون رقم 49 لسنة 1977 فتكون دعواه غير مقبولة إلا أن الحكم اعتد في ذلك بالإخطار غير المعلن إليه وذلك خلافاً للثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه ولئن اشترطت الفقرة الأولى من المادة 40 من القانون رقم 49 لسنة 1977 للحكم بالإخلاء لانتهاء إقامة المستأجر الأصلي المؤقتة بالخارج وعودته للإقامة بالبلاد إخطار المستأجر من الباطن لإخلاء العين في الموعد المحدد لعودته ومنحه أجلاً مدته ثلاثة أشهر ليقوم بالإخلاء - إلا أن هذا الإخطار مقرر لمصلحة المستأجر من الباطن فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً - وإذ خلص حكم محكمة أول درجة إلى رفض الدفع المبدى من الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان المؤسس على عدم إخطاره بالإخلاء على سند مما جاء بالبند الرابع من عقد الإيجار بتعهده بتسليم الشقة في نهاية مدة الإيجار أو عند عودة المطعون ضده بغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم، فإنه يكون قد تنازل سلفاً عن التمسك بهذا الإخطار، مما لا يجوز له إعادة المجادلة في هذا الشأن - ويكون النعي بأن الإخطار الذي وجهه إليه المطعون ضده لم يعلن إليه غير منتج وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القضاء بما لم يطلبه الخصوم فيما قرره من بطلان عقد إيجار الطاعن الأول الصادر له من الطاعن الثاني لمخالفته لقاعدة قانونية آمرة وذلك بغير طلب من الخصوم.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت الدعوى قد أقيمت من المطعون ضده بطلب إخلاء شقة النزاع من الطاعن الأول مع التسليم، ومن ثم كان لزاماً على محكمة الموضوع أن تعرض لما أثاره الطاعن الأول من دفاع يبتغي به رفض الدعوى، إما للاقتناع به والقضاء على هداه بعد أن يثبت في وجدانها صحته، وإما لتنفيذه والرد عليه وصولاً لإجابة المطعون ضده إلى طلباته أو رفض هذه الطلبات، وإذ تمسك الطاعن الأول ضمن دفاعه بأنه يستأجر شقة النزاع من ذات المؤجر الذي أصدر عقد الإيجار الذي تمسك به المطعون ضده، فإن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لهذا الدفاع منتهياً إلى بطلان العقد الصادر لصالح الطاعن الأول باعتباره عقداً لاحقاً للعقد الصادر للمطعون ضده الذي لا زال سارياً فإنه لا يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق