الصفحات

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الطعن 1744 لسنة 29 ق جلسة 26/ 4/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 74 ص 365

جلسة 26 من أبريل سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-----------------

(74)
الطعن رقم 1744 لسنة 29 القضائية (1)

عقوبة.
عقوبة الإعدام: ضمانات تطبيقها.
نقض.
عرض القضايا المحكوم فيها حضورياً بعقوبة الإعدام على محكمة النقض.
ماهية هذا العرض. واجب إجرائي يقع على عاتق النيابة خلال ميعاد تنظيمي حدده الشارع.
أثر ذلك. تقديم القضية بعد الميعاد أو دون مذكرة لا يرتب بطلان العرض.
نقد النص. عدم تحقيقه ما تغياه الشارع من وضعه. قد ينتقص من مهلة الطعن بطريق النقض بما تستلزمه من بقاء الأوراق بقلم الكتاب حتى ينتهي ميعاد الطعن بالنقض.
قانون.
تفسيره: المذكرة الإيضاحية: مثال في تفسير المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959.

------------------
1 - تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها طبقاًً للمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواءً قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم - وسواءً قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده، وذلك درءاً للشبهة بين حق النيابة وواجبها - حقها في الطعن بطريق النقض في الحكم بوصف أنها خصم عام - وواجبها في أن تعرض القضية طبقاًًًًً للمادة 46 المذكورة.
2 - تجاوز الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك بأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاًًًًً إلى غير نهاية، والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم بالإعدام حضورياًًًًً، ولو أن النص بصورته الراهنة لا يحقق الغرض الذي يهدف إليه واضعه والذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية من أن مراد الشارع من النص هو تحقيق المصلحة العامة بحيث أصبح واجباًًًًً على النيابة العامة أن تلتزم هذا العرض.
3 - تقييد عرض قضايا الإعدام بميعاد الأربعين يوماً قد ينتقص من المهلة الممنوحة للنيابة العامة والمحكوم عليه وسائر أطراف الدعوى الجنائية للطعن بطريق النقض مما يستلزم بقاء الأوراق بقلم الكتاب طوال مدة الأربعين يوماًًًًً حتى ينتهي الميعاد المذكور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما قتلا مبروكة عباده أبو العزم عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم المصمم على قتلها وقام المتهم الثاني بالإمساك بها لشل مقاومتها وضغطت المتهمة الأولى على عنقها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاًًًًً لنص المادتين 230 و231 من قانون العقوبات. فقررت ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثاني بمعاقبة المتهمة الأولى بالإعدام شنقاًًًًً وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة عاماًًًًً. فطعن المتهمان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو فساد الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعنة إلى أقوال ابنها المتهم الثاني مع أنها بوصفها أقوال متهم على آخر قد اكتنفها الشك وشابها التناقض فقد أنكر المتهم المذكور معرفته الحادث عندما سئل في محضر البوليس ثم قال في تحقيق النيابة إن والده هو الذي قتل المجني عليها، وبعد أن أدلت كل من ستيته عبد الستار عبد الرازق وفاطمة عبد المجيد الغلبان من أن المتهم المذكور هو القاتل، وبعد أن قدم رجال المباحث تحرياتهم التي قصد بها خدمة الوالد الذي كانت التهمة موجهة إليه أصلاًًًًً - عدل المتهم عن قوليه السابقين وزعم أن والدته (الطاعنة الأولى) هي التي ارتكبت جريمة القتل لاعتقادها أن زوجها على علاقة أثيمة بالمجني عليها - ولما كان المتهم الثاني لم يستقر على رواية واحدة وتضاربت أقواله فإنها لا تصلح دليلاًًًًً على إدانة الطاعنة والحكم عليها بالإعدام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنه من مدة حوالي سنة خلت قبل وقوع هذا الحادث تزوج المتهم الثاني من المجني عليها وعاشت معه في منزل والديه وكانت المجني عليها تقوم بأعمال المنزل وتحسن القيام بخدمة والد زوجها شيخ البلد - عبد الستار عبد الستار أبو العزم الذي يعتبر بالنسبة إليها في مقام الوالد وكان هو من ناحيته إزاء ذلك يحبوها بعطفه وحنانه مما أوغر صدر زوجته (الطاعنة) واشتعلت في قلبها نيران الحقد والغيرة وأصبحت لا تطيق بقاءها معها تحت سقف واحد فحدثتها نفسها بأن تتخلص من زوجها ومن زوجة ابنها بطريق الجريمة والقتل فسعت إلى ولدها المتهم الثاني وأخذت تلقي في روعه كذباًًًًً أن والده على صلة آثمة بالمجني عليها وأنه يجب التخلص منهما غير أن المتهم الثاني لم يمنحها في بادئ الأمر إذناًًًًً صاغية إذ قدمت له ذات يوم كمية من مادة التوكسافين لدسها لأبيه في الشاي فلم يفعل ثم صنعت فطيرة خلطتها بمادة التوكسافين أيضاًً وطلبت إليه أن يقدمها إلى المجني عليها فأوهمها بالموافقة على ذلك ولم يفعل أيضاًً مخافة أن ينال طفله الرضيع ضرر إن تناولتها زوجته وما زالت به المتهمة الأولى تغريه بالقضاء على زوجته وتلح عليه في ذلك وتزين له أنها ستزوجه بأخرى أوفر منها جمالاًًًًً حتى أذعن لها ورضخ لرغبتها واتفقا معاًً على قتل المجني عليها في يوم حدد لإقامة عرس بالناحية سيحضره جميع أهل المنزل عدا المتهمة الأولى (الطاعنة) والمجني عليها ويكون المنزل في هذا الوقت خالياًًًًً إلا منهما، وفي يوم 21/ 12/ 1958 وهو اليوم الذي حدد لإقامة العرس توجه أهل المنزل إلى الحفل عدا المتهمة (الطاعنة) والمجني عليها وعاد المتهم الثاني حوالي الغروب إلى الدار لتنفيذ ما عقدا العزم عليه من قتل المجني عليها فوجد المتهمة الأولى في انتظاره وقصدا إلى المجني عليها حيث كانت ترضع ابنها في إحدى الحجرات فأسرع وأمسك بيديها وبذلك شل حركتها ومقاومتها وانقضت هي عليها وأمسكت بعنقها وما زالت تضغط عليه بيديها ولم يتركاها إلا جثة هامدة، ثم خرج المتهم الثاني من المنزل هارباًًًًً أما المتهمة الأولى (الطاعنة) فقد سكبت الغاز على جثة المجني عليها وأشعلت النار فيها لإخفاء معالم الجريمة وللإيهام بأنها ماتت محروقة قضاءً وقدراًًًًً وليست مخنوقة". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من اعتراف المتهم الثاني وشهادة عبد الستار عبد الرازق أبو العزم ومن المعاينة والتفتيش والتقارير الطبية. ولما كان يبين من الاطلاع على المفردات المنضمة لأوراق الطعن أن المتهم الثاني فريد عبد الستار أبو العزم اعترف في عبارة صريحة بأنه أمسك بزوجته (المجني عليها) من يديها وأن والدته الطاعنة الأولى أطبقت على رقبتها وخنقتها، كما ذكر في ذات التحقيق أن النزاع كان مستحكماًًًًً بين زوجته ووالدته مما حدا بهذه الأخيرة إلى التفكير في قتل الزوجة بمادة التوكسافين بأن وضعتها في فطيرة وطلبت إليه أن يقدمها للمجني عليها ولكنه لم يفعل خوفاًًًًً على حياة ولده الرضيع، وأضاف أنه إنما أدلى بأقواله الأولى وهو واقع تحت تأثير والدته الطاعنة وبإيعاز منها. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لا تنازع في صحة ما أورده الحكم من اعتراف ابنها عليها، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من عناصر الدعوى ولها أن تأخذ باعتراف متهم على متهم آخر في التحقيقات متى اطمأنت إليه ووثقت به ولو لم يؤيد هذا الاعتراف بدليل آخر بل حتى ولو عدل عنه صاحبه أمامها بالجلسة - ذلك أن تقدير المحكمة للدليل المستمد من الاعتراف هو من المسائل الموضوعية التي تستقل المحكمة بالفصل فيها، كما أن للمحكمة أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال للشاهد وأن تهمل ما عداه، وهي إذ تفعل ذلك لا يصح القول بأنها وقعت في تناقض ما دام تقدير قوة الدليل في الإثبات من سلطتها وحدها، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو القصور في التسبيب، ذلك أن الشاهدة ستيته عبد الستار أبو العزم وهي فتاة في التاسعة من عمرها استقرت منذ بداية التحقيق على رواية واحدة هي أن شقيقها المتهم الثاني هو الذي قتل المجني عليها وحده، وكان عدولها عن هذه الأقوال بالجلسة بإيعاز من والدها لكي تتهم زوجته الطاعنة بعد أن طلقها وهي في السجن - كما قررت فاطمة عبد المجيد الغلبان والدة المجني عليها وآخرون بأن المتهم الثاني قتل زوجته طمعاًًًًً في مالها وليتزوج بمن يحبها لأنه لم يكن على وفاق معها - وبالرغم مما ورد على لسان هؤلاء الشهود فإن الحكم لم يعرض لأقوالهم ويرد عليها.
وحيث إنه لما كانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بأن تذكر سبب الأخذ بشهادة الشهود الذين تأخذ بشهادتهم ولا سبب إطراحها لشهادة من لا تثق به إذ الأمر في ذلك إنما يرجع إلى ما تطمئن إليه مما تأخذ به دون ما تطرحه، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه من طعنها لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً في موضوع الدعوى ومناقشة لأدلتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الأوجه الثالث والرابع والخامس هو الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم اتخذ من تحريات رجال الإدارة دليلاًًًًً على ثبوت التهمة في حق الطاعنة ونسب ما جاء في تلك التحريات إلى المتهم الثاني واعتبرها واردة على لسانه في حين أنه يبين من أقوال هذا المتهم أن ما صورته تلك التحريات لا وجود له ولم يذكره - كما أنه جاء بالكشف الطبي المتوقع على المتهم الثاني وجود آثار به نتيجة مقاومة المجني عليها ولم يرد به وجود أي أثر بالطاعنة مما يقطع بعدم اشتراكها في حادث القتل - كما دفعت الطاعنة بأن المتهم الثاني كاذب في أقواله مما أوضحه الشهود سالفو الذكر بأقوالهم ومما أثبته الكشف الطبي من وجود إصابة به وحده والحكم لم يعرض لذلك برد، ومن ثم يكون مشوباًًًًً بالقصور بما يستوجب نقضه. ولما كان يبين من مطالعة أسباب الحكم أنه لم يتخذ تحريات رجال الإدارة دليلاًًًًً في قضائه بإدانة الطاعنة أو أنه اعتبر ما تضمنته تلك التحريات وارداًًًًً على لسان المتهم الثاني بل عول في إدانة الطاعنة على اعتراف المتهم المذكور وذلك في قوله "إن المحكمة لا تقيم وزناًًًًً لإنكار المتهمة الأولى (الطاعنة) وتلتفت عن دفاعها وترى أن التهمة المسندة إليها ثابتة قبلها من اعتراف المتهم الثاني عليها" وما قاله الحكم من ذلك يتفق مع ما قرره المتهم الثاني في اعترافه التفصيلي على النحو الوارد في الرد على الوجه الأول وهو ما له أصل ثابت بالأوراق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في بقية أوجه الطعن هو في حقيقته جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به إذ الحقائق والأدلة التي أوردتها المحكمة وجعلت منها قواماًًًًًًًًًً لحكمها تكفي رداًًًًً على ما قاله الطاعن في دفاعه، ومن ثم يكون ما جاء بهذه الأوجه على غير أساس.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاًًًًً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماًًًًً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك بأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم بالإعدام حضورياًًًًً، ولو أن النص بصورته الراهنة لا يحقق الغرض الذي يهدف إليه واضعه والذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية من أن مراد الشارع من النص هو تحقيق المصلحة العامة بحيث أصبح واجباًًًًً على النيابة أن تلتزم هذا العرض، ويلاحظ أن تقييد عرض قضايا الإعدام بميعاد الأربعين يوماًًًًً قد ينتقص من المهلة الممنوحة للنيابة العامة وللمحكوم عليه وسائر أطراف الدعوى الجنائية للطعن بطريق النقض مما يستلزم بقاء الأوراق بقلم الكتاب طوال مدة الأربعين يوماًًًًً حتى ينتهي الميعاد المذكور، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاًًًًً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها أو لم تقدم - وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده وذلك درءاً للشبهة بين حق النيابة وواجبها، حقها في الطعن بطريق النقض في الحكم بوصف أنها خصم عام - وواجبها في أن تعرض القضية طبقاًًًًً للمادة 46 المذكورة. لما كان ذلك، وكان يبين إعمالاًًًًً لنص المادة 35 من القانون المذكور أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دينت بها المحكوم عليها بالإعدام وجاء خلواًًًًً من قالة مخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاًًًًً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير مما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى الطاعنة المحكوم بإعدامها، ومن ثم يتعين إقرار الحكم بالنسبة إليها.


(1) المبدأ ذاته في الطعن 471/ 30 ق - (جلسة 4/ 4/ 1960)، الطعن 1572/ 29 ق (جلسة 11/ 4/ 1960)، الطعن 1715 لسنة 29 ق (جلسة 12/ 4/ 1960) والطعن 1800 لسنة 29 ق (جلسة 25/ 4/ 1960) والطعن 53/ 30 ق - (جلسة 14/ 6/ 1960).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق