جلسة 7 من سبتمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عاطف خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، قدري عبد الله ، خالد الوكيل ومحمد طنطاوي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(54)
الطعن رقم 13680 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " شهود " . محكمـة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إعادة إجراءات المحاكمة أو تلاوتها أمام الهيئة الجديدة . غير لازم . حد ذلك ؟
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
اطراح الحكم سائغاً دفع الطاعن بأحقيته في تقاضي المبلغ النقدي محل الجريمة التي دانه بها تأسيساً على ما له أصل ثابت في الأوراق . صحيح .
مثال .
(5) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(6) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
إغفال الفصل في طلب المنع من السفر الصادر من النائب العام . ليس سبباً للطعن على الحكم . سبيل الرجوع فيه . إعادة طرحه على محكمة الموضوع . أساس وعلة ذلك ؟
(7) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " العقوبة المبررة " .
لا مصلحة للطاعن من المنازعة بشأن جريمة التزوير . متى كانت العقوبة المقضي بها داخلة في حدود عقوبة جريمة الاستيلاء المجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجناية تزوير في محررات رسمية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون - كالحال في الدعوى - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، كما أن لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات هيئة الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث واطمأنت إليها المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والمعززة بتحريات هيئة الرقابة الإدارية واطرح في منطق سائغ وتدليل مقبول ما أثاره الطاعن من أوجه دفاع للنيل من القوة التدليلية لهذه الأقوال وتلك التحريات ، فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
3- لما كان القانون لم يوجب إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك ، فلا عليها إن قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها ، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
4- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، ولها أن تأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه إذ إن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بأحقيته في تقاضي المبلغ النقدي محل الجريمة التي دانه بها ، واطرحه تأسيساً على عدم اطمئنانه لما ورد بتقرير لجنة خبراء وزارة العدل من استحقاق الطاعن للمبلغ النقدي آنف الذكر استناداً للعقد المحرر بينه وبين شركة .... المؤرخ 1/7/1999 ، وموافقة رئيس مجلس إدارة شركة .... للسياحة الصادرة في 24/5/1996 لكون هذا العقد قد صدر من مدير الشركة .... بعد تقديم استقالته في 25/6/1999 من ثم يكون قد صدر من غير مختص بتحريره ، فضلاً عن أن موافقة رئيس مجلس إدارة شركة .... للسياحة انصبت على صرف المصروفات الطبية العادية من زيادة الأطباء والأدوية فقط ولم تتضمن الموافقة على صرف راتب للطاعن من شركة .... وهذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً في اطراح دفع الطاعن في هذا الشأن وله أصل ثابت في الأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة ويستقيم به ما انتهى إليه من رفضه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام يكون غير سديد .
5- من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه هو من أوجه الدفاع الموضوعية وأساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها ولا يتطلب رداً صريحاً منها بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كالحال في الدعوى - ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون غير قويم .
6- لما كان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم لإغفاله الفصل في طلبه بإلغاء قرار المنع من السفر الصادر من النائب العام ، فإنه لما كان من المقرر أن إغفال الفصل في طلب من الطلبات لا يعد سبباً للطعن على الحكم وأن الطريق السوي أمام الطاعن في هذه الحالة إنما هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصل فيما أغفلته وذلك عملاً بنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة الإعمال في هذا الخصوص لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية ينظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها ، ولأن ما جاء بنص هذه المادة المشار إليها يقرر قاعدة عامة لا تتأبى على التطبيق في المواد الجنائية ، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير مقبول .
7- لما كان لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء على المال العام التي دانه الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجناية تزوير في محررات رسمية ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد بدوره غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- بصفته موظفاً عاماً " مدير مكتب شركة .... " إحدى الشركات المملوكة للدولة استولى بغير حق وبنية التملك على المبالغ المالية المبينة قدراً بالأوراق والبالغة 185350,11 يورو والمملوكة لجهة عمله حيلة بأن أوهم مسئوليها بأحقيته في الحصول عليها من أموال مكتب شركة .... للسياحة بفرنسا كأجر مستحق له نظير عمله مديراً لذلك المكتب على الرغم من حصوله على أجر نظير ذلك العمل يتم تحويله شهرياً إلى حسابه الشخصي بفرنسا من شركة .... للسياحة بالقاهرة وقد ارتبطت هذه الجناية بجريمة تزوير في محررات إحدى الشركات المساهمة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان اشترك مع آخرين حسني النية مسئولي شركة .... للسياحة بالقاهرة المختصين بمراجعة القوائم المالية لتلك الشركة .... في ارتكاب تزوير في محررات إحدى الشركات المساهمة وهي القوائم المالية لتلك الشركة المتضمنة للميزانية وقوائم الدخل والتحليلات والإيضاحات المرتبطة بها بأن أوهمهم بأحقيته في الحصول على المبالغ التي استولى عليها نظير عمله آنف البيان فقام حسنوا النية باعتمادها ضمن الأجور المستحقة للعاملين بالخارج وذلك على خلاف الحقيقة .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى مدنياً الأستاذ / .... بصفته وكيلاً عن شركة .... للسياحة قبل المتهم بمبلغ عشرين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 ، 43 ، 113/2،1 ، 118 ، 118 مكرراً ، 119 / ب ، 119 مكرراً / ه ، 214 مكرراً من قانون العقوبات ، وبعد تطبيق نص المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبة / .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبرد مبلغ 185350,11 یورو فقط " مائة وخمسة وثمانين ألفاً وثلاثمائة وخمسين وإحدى عشر سنتاً " أو ما يعادله بالجنيه المصري وبتغريمه مبلغ مساوٍ لما قضي عليه برده وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة فقط وقفاً شاملاً لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وبإلزامه بالمصروفات الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة وأرجأت الفصل في مصروفاتها .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم .... قضائية .
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 ، 43 ، 113 /2،1 ، 118 مكرراً ، 119 / ب ، 119 مكرراً / ه ، 211 ، 212 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات ، وبعد تطبيق نص المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبة / .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحده وغرامة قدرها 185350,11 يورو " مائة وخمسة وثمانين ألفاً وثلاثمائة وخمسين يورو وإحدى عشر سنتاً " أو ما يعادله بالجنيه المصري وبإلزامه برد ذات المبلغ المقضي به بالغرامة إلى شركة .... للسياحة وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة فقط وقفاً شاملاً لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم وألزمته المصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء على المال العام المرتبط بجناية تزوير في محررات رسمية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان في الإجراءات ذلك أنه اعتوره الغموض والإبهام ، وعول على أقوال شهود الإثبات رغم ما ساقه الطاعن من شواهد لعدم صدقها ، وأعرض عن قالة شاهدي النفي ، كما عول على تحريات هيئة الرقابة الإدارية رغم عدم جديتها - لشواهد عددها - ورد بعبارة قاصرة على دفاعه في هذا الشأن ، ولم تعن المحكمة بسماع أقوال شهود الإثبات بجلسة المحاكمة اكتفاءً بسماع أقوالهم أمام هيئه سابقة ، هذا إلى أن المدافع الطاعن دفع بأحقيته في تقاضي المبلغ النقدي محل الجريمة - وفقاً لما انتهى إليه تقرير خبراء وزارة العدل - بيد أن الحكم المطعون فيه أهدر ما جاء بالتقرير واطرح دفعه بما لا يسوغ اطراحه ، وأغفل الرد على الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه ، والتفت عن الطلب بإلغاء قرار المنع من السفر الصادر في حق الطاعن ، وأخيراً فإن المحكمة لم تطلع على المحررات المزورة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون - كالحال في الدعوى - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، كما أن لها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات هيئة الرقابة الإدارية باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث واطمأنت إليها المحكمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة والمعززة بتحريات هيئة الرقابة الإدارية واطرح في منطق سائغ وتدليل مقبول ما أثاره الطاعن من أوجه دفاع للنيل من القوة التدليلية لهذه الأقوال وتلك التحريات ، فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يوجب عند إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك ، فلا عليها إن قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها ، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق أتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، ولها أن تأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه ، إذ إن ذلك الأمر يتعلق بسلطتها في تقدير الدليل ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بأحقيته في تقاضي المبلغ النقدي محل الجريمة التي دانه بها واطرحه تأسيساً على عدم اطمئنانه لما ورد بتقرير لجنة خبراء وزارة العدل من استحقاق الطاعن للمبلغ النقدي آنف الذكر استناداً للعقد المحرر بينه وبين شركة .... المؤرخ 1/7/1999 ، وموافقة رئيس مجلس إدارة شركة .... للسياحة الصادرة في 24/5/1996 لكون هذا العقد قد صدر من مدير الشركة .... بعد تقديم استقالته في 25/6/1999 ومن ثم يكون قد صدر من غير مختص بتحريره ، فضلاً عن أن موافقة رئيس مجلس إدارة شركة .... للسياحة انصبت على صرف المصروفات الطبية العادية من زيادة الأطباء والأدوية فقط ولم تتضمن الموافقة على صرف راتب للطاعن من شركة .... وهذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً في اطراح دفع الطاعن في هذا الشأن وله أصل ثابت في الأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة ويستقيم به ما انتهى إليه من رفضه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه هو من أوجه الدفاع الموضوعية وأساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها ولا يتطلب رداً صريحاً منها بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كالحال في الدعوى - ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم لإغفاله الفصل في طلبه بإلغاء قرار المنع من السفر الصادر من النائب العام ، فإنه لما كان من المقرر أن إغفال الفصل في طلب من الطلبات لا يعد سبباً للطعن على الحكم وأن الطريق السوي أمام الطاعن في هذه الحالة إنما هو الرجوع إلى ذات المحكمة بطلب الفصل فيما أغفلته وذلك عملاً بنص المادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الواجبة الإعمال في هذا الخصوص لعدم وجود نص في قانون الإجراءات الجنائية ينظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها ، ولأن ما جاء بنص هذه المادة المشار إليها يقرر قاعدة عامة لا تتأبى على التطبيق في المواد الجنائية ، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمة التزوير طالما أن العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية الاستيلاء على المال العام التي دانه الحكم بها مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجناية تزوير في محررات رسمية ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد بدوره غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق