الصفحات

الأربعاء، 9 أكتوبر 2024

الطعن 64 لسنة 2024 تمييز دبي تجاري جلسة 26 / 6 / 2024

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 26-06-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 64 ، 131 لسنة 2024 طعن تجاري
طاعن:
ك. ج. ر. ج. 
مطعون ضده:
ش. ك. ا. ج. ك. ل. ف. د. 
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2469 استئناف تجاري
بتاريخ 28-12-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.

حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها في الطعن 64 لسنة 2024 تجاري (شانكسي كونستركشن انجنيرينغ جروب كوربريشن ليمتد - فرع دبي) أقامت أمام المحكمة الابتدائية بدبي الدعوى رقم 239 لسنة 2022 تجاري كلي قبل الطاعنة (كراتي جين راجيش جين) طلبت الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ وقدره (45،414،292) درهم مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تاريخ السداد التام، وذلك على سند أنه بتاريخ 2021/1/25 تم توقيع اتفاقية عقد مقاولة بين الطرفين بموجبه أسندت الطاعنة للمطعون ضدها تنفيذ أعمال مقاولة بناء المشروع الكائن في إمارة دبي - قرية الجميرا تراينغل رقم JVT0710HR001 - منطقة البرشاء جنوب، وهو عبارة عن برج يتكون من 31 طابقاً، وذلك نظير قيمة إجمالية مقطوعه قدرها مبلغ (154،257،765.58) درهم، وعلى أن تسدد الطاعنة ما نسبته 18% من القيمة الإجمالية للأعمال المتعاقد عليه بما يعادل مبلغ وقدره (27،766،397.80) درهم وذلك كدفعة مقدمة يتم خصمها من الفواتير المقدمة من المطعون ضدها، إلّا أن الطاعنة سددت مبلغ وقدره (20،000،000) درهم فقط ، كما اتفق على أن تقوم المطعون ضدها بتسليم الطاعنة خطاب ضمان حسن تنفيذ بقيمة (10،000،000) درهم ، و خطاب ضمان آخر نظير الدفعة المقدمة على أن يتم رد أصول تلك الخطابات بعد انتهاء المطعون ضدها من تنفيذ الأعمال وتسليمها في تاريخ الإنجاز المتفق عليه، وقد بدأت الشركة المطعون ضدها في تنفيذ الأعمال المتفق عليها بكل حسن نية ودون تأخير بعد أن استصدرت خطابي الضمان من بنك ستاندرد تشارترد ، وأنجزت ما يعادل 20% من الأعمال وأصدرت طلبات الدفع الى الطاعنة عن الأعمال المنفذة بواقع خمس طلبات دفع بقيمة إجمالية (25،322،097.54) درهم مستحقة الأداء والسداد ومدعمة بكامل المستندات والفواتير التي تؤكد تنفيذ الأعمال على الوجه المطلوب ، إلا أن الطاعنة وعلى الرغم من تسلمها لطلبات الدفع الخمسة من المطعون ضدها لم تحرك ساكناً ولم ترد على طلبات الدفع لا سلباً ولا ايجاباً ولم تبدِ هي أو استشاري المشروع أية ملاحظات أو أية اعتراضات على الاعمال المنفذة ولم تمنح موافقتها على مضمونها ولم تفرج عن قيمتها أو تسددها للمطعون ضدها وذلك دون مسوغ أو سبب مبرر، ومن ثم تفاجأت المطعون ضدها بقيام الطاعنة بتاريخ 2021/10/19 بإنهاء عقد المقاولة بشكل فردي وطلبت اخلاء موقع العمل وتسليمة لمقاول أخر كما قامت بتاريخ 1 سبتمبر 2021 ودون سابق إنذار بتسييل قيمة خطاب ضمان حسن التنفيذ رقم 123020904631 -XF بمبلغ (10،000،000) درهم مما الحق بالغ الضرر بمصالح المطعون ضدها ومركزها المالي، وبتاريخ 2022/10/24 لجأ الطرفين الى توقيع مذكرة تفاهم من أجل تسليم الموقع على شروط وهي: أن يقوم صاحب العمل والمقاول بشكل مشترك بإكمال تقييم كمية الأعمال المنجزة في غضون /5/ أيام من تاريخ توقيع مذكرة التفاهم، و عند تقييم كمية الأعمال المنجزة، في غضون /15/ يوم يوافق الطرفان على تحديد قيمة الأعمال المنجزة وتسويتها، وبعد الانتهاء من تقييم العمل المنجز، سيقوم صاحب العمل بالإفراج عن المبلغ المستحق وقدره (10،000،000) درهم المستخدمة كضمان نقدي (كاش) للأداء للمقاول في غضون يومين خاضعين للتسوية، إلا أن الطاعنة قد أخلت بتنفيذ التعهدات والالتزامات الواردة في مذكرة التفاهم، وفي ظل إدخال مقاول جديد الى موقع المشروع، لجأت المطعون ضدها الى تعيين استشاري هندسي والذي وضع تقريره الذي انتهى فيه الى أن قيمة الأعمال المنجزة اعتبارا من 2021/10/31 مبلغ وقدره (29،407،278.71) درهم، فأقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 54 لسنة 2021 دعاوى مستعجلة تجاري وتم ندب خبرة وقضي فيها بانتهاء الدعوى، ومن ثم لجأت الأخيرة الى تعيين خبير استشاري محاسبي انتهى الى ترصد مبلغ قدره (45،414،292) درهم بذمة الطاعنة لصالح الشركة المطعون ضدها، الأمر الذي حدا بها إلى إقامة دعواها الراهنة ابتغاء الحكم لها بطلباتها السابقة، قدم الحاضر عن الطاعنة مذكرةً دفع فيها بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق تحكيم سندا لنص البند (20-6) من شروط التعاقد، وطلب في ختامها الحكم برفض الدعوى، ندب القاضي المشرف لجنة خبرة ثنائية تتكون من خبير هندسي معماري وخبير حسابي وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها، قضت المحكمة بتاريخ 2022/10/17 حضورياً بإلزام المدعى عليه/ الطاعنة بأن تؤدي للمدعية/ المطعون ضدها مبلغ وقدره (804،213.92) درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ قيد الدعوى وحتى السداد التام، لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى الطاعنة فطعنت عليه بالاستئناف رقم 2469/2022 تجاري، كما استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2474/2022 تجاري، ندب المحكمة لجنة خبرة ثلاثية هندسية وأعادت لها المهمة وبعد أن أودعت تقريرها، حكمت المحكمة بتاريخ 2023/12/28 في موضوع الاستئنافين بتعديل المبلغ المقضي به لصالح المطعون ضدها ليصبح في مجمله (4,975,874) درهما ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز رقم 64 لسنة 2024 تجاري بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2024/1/12 طلبت فيها نقضه، واحجمت المطعون ضدها عن تقديم مذكرة بدفاعها، كما طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بالتمييز رقم 131 لسنة 2024 تجاري بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2024/1/24 طلبت فيها نقضه، قدم محامي الطاعنة - في الطعن الأول - مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفه مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطعن رقم 64 لسنة 2024 أقيم على سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أخطأ الحكم المطعون فيه بما انتهى إليه من رفض الدفع بالتحكيم المنصوص عليه بالبند (20-6) من شروط التعاقد، بالرغم من تمسك الطاعنة بجحد وانكار مذكرة التفاهم التي ركن اليه الحكم المطعون فيه كونها صورة ضوئية، كما أنها لا تحمل توقيع المطعون ضدها، وقد ظلت الطاعنة متمسكة بذلك الدفع حتي تاريخ غلق باب المرافعة أمام محكمة الموضوع، ولم تلزم محكمة الموضوع مصدرة الحكم المطعون فيه المطعون ضدها بتقديم اصل المستند حتي يتم استكمال اجراءات الدفاع الكفيلة بالرد علي ذلك المستند سواء الاقرار به أو الطعن عليه بالتزوير، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضة.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات وأنه يعدّ خروجاً على الأصل العام الذي يقضي باختصاص المحاكم بنظر جميع المنازعات إلا ما استُثني منها بنصٍّ خاصٍّ، وأنه يجب تفسير شرط التحكيم تفسيراً ضيقاً والتماس كلّ ما من شأنه التنازل عنه أو انتهاء الغرض منه ، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن العقد اللاحق ينسخ العقد السابق فيما كان ينص عليه من شروط مخالفة متى كان العقد الجديد (اللاحق) قد أعاد تنظيم العلاقة بين الطرفين، وذلك اعتباراً بأن إعادة تنظيم العلاقة بينهما من جديد بموجب العقد اللاحق يدل على أنهما قد قصدا استبعاد ما كان منصوصاً عليه في العقد السابق من شروط مخالفة، كما من المقرر بقضاء هذه المحكمة أنه إذ كان الطاعن قد ناقش في دفاعه أمام محكمة الموضوع مضمون صور المستندات التي أشار إليها الحكم المطعون فيه ومن ثم فلا يُقبل منه بعد ذلك جحده لصور هذه المستندات، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم عدم الرد علي وجه دفاع لم يقدم الخصم دليله أو لا يستند الي أساس قانوني سليم ، كما من المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضاً أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير الاتفاقات والعقود والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص أطراف شرط التحكيم والشروط المختلف عليها واستظهار النية المشتركة للمتعاقدين بما تراه أوفى بقصودهما مستشهدة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها من محكمه التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو العقد على أن تقيم تفسيرها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالعقد، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أنتهى إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم على ما أورده بأسبابه من أنه (( لما كان الثابت للمحكمة بأنه تم الاتفاق بين طرفي الدعوى على شرط التحكيم في اتفاقية المقاولة الموقعة في 25/01/2021م وذلك في البند (20-6) ، ومن ثم تم توقيع اتفاقية تفاهم مؤرخة في 24-10-2021م ، والتي نصت في البند رقم (9) منها على أنه: (لا يوجد شيء في خطاب التفاهم هذا يشكل تنازلاً و / أو إخلاء سبيل و / أو إبراء ذمة و / أو تقييداً للحقوق القانونية لكل من المقاول وصاحب العمل بموجب وثائق العقد بما في ذلك اتفاقية العقد - والشروط العامة والخاصة - والاتفاقيات التكميلية - وخطابات التعهد الصادرة - وجدول الكميات إن وجدت - وما إلى ذلك وبما يتماشى مع القوانين المعمول بها في دولة الإمارات العربية المتحدة. حيث يتفق الطرفان على حل جميع النزاعات التي تنشأ عن مستندات العقد بشكل ودي بما في ذلك الاتفاقية التكميلية أولاً - وفي حالة الفشل - فيجب أن يتم تسوية جميع النزاعات من خلال محكمة دبي)، وعليه ولما كانت اتفاقية التفاهم قد جاءت لاحقة على عقد المقاولة، وقد اتفق فيها الأطراف على انعقاد الاختصاص لمحاكم دبي، الأمر الذي يكون معه الدفع على غير ذي سند من الواقع والقانون، ويكون جديرا بالرفض على النحو الوارد في الأسباب دون المنطوق . )) وأضاف الحكم المطعون فيه تأييداً لذلك على ما أورده في أسبابه من أنه ((وكان الثابت بالأوراق ومما لا خلاف عليه بين الطرفين أن الطرفين قد أبرما اتفاقية تفاهم مؤرخة في 24|10|2021م ولما كان الثابت من البنود الواردة بالاتفاقية المذكورة أن الطرفين قد أعادا تنظيم العلاقة بينهما حسبما هو بين من بنود الاتفاقية، وبما تستخلص منه المحكمة أن اتفاقية التفاهم المؤرخة في 24|10|2021م هي بمثابة عقد لاحق وناسخا للعقد المبرم بين الطرفين في 25|1|2021م، ولما كان الثابت من فقرات البند رقم (9) أن الطرفين قد اتفقا بموجبه على أن يتم تسوية جميع النزاعات من خلال محاكم دبي وكان ما خلصت اليه المحكمة بأن المذكرة تعتبر بمثابة عقد لاحق وتنسخ بنودها ما جاء بالعقد السابق المبرم بين الطرفين والتي من بينها اللجوء للتحكيم حال نشوء نزاع وهو الشرط الذي لم يعد موجودا وأن الاختصاص بالفصل في المنازعات ينعقد باتفاق الطرفين لمحاكم دبي وبما يكون معه الدفع على غير سند من الواقع أو القانون متعين رفضه )) وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي على كل ما أثارته الطاعنة، فيكون النعي عليه مجرد جدل موضوعي وهو مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة، ويكون النعي برمته على غير أساس متعيناً رده.

وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع لتعويله على تقرير الخبرة المنتدبة بشأن نسبة الإنجاز والمبالغ المستحقة نظيرها، على الرغم من أن الثابت بالمستند الرسمي الصادر عن دائرة الأراضي والاملاك بتاريخ 2021/12/7 والمستند المذيل بتوقيع المطعون ضدها بتاريخ 2021/10/14 اللذان قطعا بأن نسبة العمل المنجز من جانب المطعون ضدها لا تقل عن 5.99% حسب رأي استشاري المشروع وإقرار المطعون ضدها، وبما لا تزيد عن نسبة 8.24% حسب تقدير دائرة الأراضي والأملاك بدبي وهي الجهة الحكومية المشرفة علي تنفيذ المشروع، وقد التفت الحكم المطعون فيه ومن قبلة الخبرة المنتدبة عن الرد على تلك المستندات الجوهرية بثمة رد سائغ سواء بالسلب أو الايجاب وأكتفى الحكم المطعون فيه بالاعتماد علي الرأي التخميني للخبير المنتدب بالدعوى رقم 54 لسنة 2021 مستعجل والذي جاء منعدم السند سواء تعاقديا أو فنيا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما يعيبه و يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر وفقاً لنصوص المواد 872 , 873 , 874 , 875 , 878 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد المقاولة هو عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه أن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، ويكون تقدير ما إذا كان المقاول قد قام بتنفيذ الأعمال الموكلة إليه وفقاً للمواصفات المتفق عليها في العقد ووفقاً لبنوده وشروطه وفي المدة المحددة أم لا هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى كانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة وكافية لحمل قضائها ولها أصلها الثابت في الأوراق، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها وإطراح ما عداها وتقدير عمل أهل الخبرة والمفاضلة بينها والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير طالما اطمأنت إليه واقتنعت بصحة أسبابه وسلامة الأسس والأبحاث التي بني عليها، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم، ولا بأن تتبعهـم في مختلف أقوالهم وحججهم، وترد استقلالا على كل منها، ما دام أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد المسقط لتلك الأقوال والحجج، والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعديل المبلغ المقضي به على ما أورده بأسبابه من أنه ((ولما كانت المحكمة تساير ما خلص اليه تقرير لجنة الخبراء المقدم لهذه المحكمة وذلك لسلامة الأسس التي استند عليها فيما قرره بشأن نسبة الإنجاز للأعمال التي قامت بتنفيذها المدعية والتي قررته بناء على ما جاء بتقرير الخبير المهندس / خالد عبدالله الحميري المقدم في الدعوى رقم 54/2012م - مستعجل - والذي انتقل للموقع وعاين الأعمال التي تم تنفيذها على ارض الواقع، فضلا عن الثابت بالأوراق - المراسلات المتبادلة والصادرة عن المستأنفة بشأن مطالباتها - الدفعات - والتي توضح فيها الأعمال التي قامت بتنفيذها، وتلتفت المحكمة عن اعتراضات المستأنف ( المدعي عليه ) المقدمة بمذكرة التعقيب وذلك لبحثها والفصل فيها بما جاء بتقرير الخبرة بصورة مفصلة برد كاف، وبما تخلص منه المحكمة أن نسبة انجاز الأعمـال التي قامت بتنفيذها المستأنفة/ المطعون ضدها هي 15,42% وأن المستأنفة تستحق لمبلغ (4,975,874) درهما وبما يتعين معه تعديل الحكم المستأنف وعلى نحو ما سبق ذكره))، وكانت لجنة الخبرة قد ردت بتقريرها على ما أوردته الطاعنة من اعتراضات من أنه (تفيد لجنة الخبرة بأن الصور الخاصة بالمشروع هي الصور التي تم أخذها بتاريخ 2/9/2021 (مستند رقم 23 من مستندات التقرير النهائي) أي قبل تاريخ خروج المقاول من المشروع في شهر 10/2021، كما أن المقاول قد تقدم بعدة دفعات قبل إشعار الإنهاء عن الأعمال المنجزة ومنها الدفعة الثالثة المؤرخة في 19/8/2021 والتي تبين أن قيمة الأعمال المنجزة والتشوينات قدرها (25،084،352.95) درهم (أي بنسبة إنجاز 16.26%) وتقدم بعدها بدفعتين أخريين، ولكن تم رفض كل دفعات المقاول من صاحب العمل بحجة عدم وجود جداول كميات معتمدة، ولم يرد في اعتراض صاحب العمل على تلك الدفعات أن نسبة الإنجاز الواردة بها غير صحيحة... أما في شأن التقرير الصادر عن دائرة الأراضي والأملاك فتفيد لجنة الخبرة بأن هذا التقرير قد ورد به أنه (لاستخدام دائرة الأراضي والأملاك فقط)، كما ورد به أن تاريخ البدء 2021/11/21 عقد جديد - وأن المعاينة بتاريخ 2021/12/6 وأن المطور الرئيسي: نخيل وأن تاريخ انتهاء العقد 2023/11/21 وتفيد لجنة الخبرة بأن العقد سند الدعوى الماثلة مؤرخ في 2021/1/25 وليس 2021/11/21 كما ورد بتقرير دائرة الأراضي والأملاك أي بفارق حوالي 10 أشهر عما ورد بالتقرير الصادر عن دائرة الأراضي والأملاك وأن المعاينة التي تمت بتاريخ 2021/12/6 كانت بعد تاريخ العقد الوارد بالتقرير بحوالي 15 يوم ولم يتبين لنا ما سبب اختلاف تاريخ العقد الوارد بالتقرير، وعما إذا كان تم احتساب نسبه الأعمال وفقا لتاريخ تحرير العقد الواردة بالتقرير من عدمه) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه في حدود سلطة محكمة الموضوع الموضوعية سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ومؤدياً لما انتهى إليه قضاؤه وكافياً لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون، ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ولا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

وحيث إن مما تنعى به الطاعنة في الطعن 131 لسنة 2024 تجاري على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أخطأ فيما أنتهى فيه من رفض طلب الطاعنة بالزام المطعون ضدها بقيمة خطاب الضمان البالغ (10) ملايين درهم بالإضافة للمبالغ المقضي لها بها، على اعتبار أن لائحة دعوى الطاعنة قد خلت من طلب قيمة خطاب الضمان، في حين أن لائحة دعوى الطاعنة ومذكراتها قبل الختامية قد تضمنت صراحة الطلب بقيمة خطاب الضمان وهو من مفردات المبلغ المطالب به فهو ليس طلبا جديدا وليس طلبا اضافيا يثار أمام محكمة الاستئناف لأول مرة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا الفهم مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث أن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطلبات التي تتقيد المحكمة بالفصل فيها باعتبارها مطروحة عليها هي الطلبات الختامية للخصم سواء وردت هذه الطلبات في صحيفة افتتاح الدعوى ولم تعدل بعد ذلك أو في مذكرة تعديل الطلبات أو المذكرات الختامية المقدمة سواء كانت أصليةً أو عارضةً طالما قدمت منه في مواجهة الخصم الآخر بأن يكون قد اطلع عليها أو تسلم نسخة منها سواء رد عليها الخصم أم لم يرد، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة بأنه ولئن كان تقدير الأدلة والقرائن هو من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ولها أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وإطراح ما عداه، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تكون الأسباب التي أوردتها في هذا الخصوص من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه لما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن الطاعنة قد تمسكت بدفاعها الوارد بوجه النعي بمذكرتها بتاريخ 2022/6/22 أمام المحكمة الابتدائية بدبي ومذكراتها أمام محكمة الاستئناف إلا أن الحكم المطعون فيه لم يحقق هذا الدفاع اكتفاء بالقول بأنه ((حيث أنه عن طلب المستأنفة تقابلا - المدعية - بإضافة قيمة مبلغ خطاب الضمان لمستحقات المستأنفة باعتبار عدم أحقية المستأنف ضدها في تسييله، ولما كان المقرر أن نطاق الدعوى يتحدد بالطلبات الختامية للخصوم، ولما كانت لائحة الدعوى المقدمة من جانب المدعية قد خلت من طلب قيمة خطاب الضمان فان المحكمة تلتفت عن إجابة الطلب لافتقاره السند القانوني)) وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنة سالف الذكر بما يصلح ردا عليه، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع ويوجب نقضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن رقم 64 لسنة 2024 تجاري، وبإلزام الطاعنة بالمصروفات، مع مصادرة مبلغ التأمين، وفي الطعن رقم 131 لسنة 2024 تجاري بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين وألزمت المطعون ضدها بالمصروفات وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق