الصفحات

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

الطعن 49 لسنة 32 ق جلسة 6 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 109 ص 813

جلسة 6 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

-----------------

(109)
الطعن رقم 49 لسنة 32 القضائية

نقض. "الحكم في الطعن". "أثره".
نقض الحكم. إحالة. أثرها. عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض. حق الخصوم في إبداء ما كان لهم الحق في إبدائه من الطلبات والدفوع والدفاع. حق المحكمة. إقامة حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى وأسس قانونية أخرى. عدم مخالفة قاعدة قانونية قررها الحكم الناقض.

----------------
نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى محكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته، وبه تعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان لهم من ذلك قبل إصداره (1) ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن جان خوري أقام الدعوى رقم 1530 سنة 1951 القاهرة الابتدائية ضد شركة القرن العشرين فوكس يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 20000 ج والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل في شركة يونيفرسال منذ سنة 1930 وظل يتدرج في وظائفها إلى أن أصبح مساعداً للمدير العام. وفي سنة 1946 عرضت عليه شركة فوكس أن يعمل مديراً لها في مصر على أن تحل محل شركة يونيفرسال في كافة حقوقه عن مدة خدمته السابقة فالتحق بخدمتها في 8 يوليو سنة 1946 واستمر إلى 15/ 10/ 1950 حيث فوجئ بفصله وإذ كان هذا الفصل تعسفياً ويستحق تعويضاً عنه مع مكافأة نهاية الخدمة ومرتب مهلة الإنذار وبدل الإجازة فقد طلب الحكم له بها وردت الشركة بأن عقد استخدام المدعي غير محدد المدة وقد استعملت حقها في فسخه لما لاحظته عليه من مآخذ وما نسبته إليه من تقصير ولما بدأت صناعة السينما تعانيه من أزمات اضطرت إلى إعادة تنظيم أعمالها في الشرقين الأوسط والأدنى بتخفيض مرتبات الكثيرين من موظفيها والاستغناء عن بعض مديريها ومنهم المدعي وهو لا يستحق في ذمتها سوى 395 ج و200 م مكافأة نهاية الخدمة وبدل الإنذار ومرتب شهر بدل إجازة - وبتاريخ 28/ 12/ 1953 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 2951 ج و56 م والمصاريف المناسبة ومبلغ 20 ج مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه فيما زاد عن مبلغ 395 ج و200 م وقيد هذا الاستئناف برقم 39 سنة 71 قضائية كما استأنفه جان خوري طالباً تعديله وإلزام الشركة بأن تدفع له مبلغ 17048 ج و440 م علاوة على المبلغ المحكوم به والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 21/ 2/ 1955 حكمت حضورياً برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 83 سنة 25 قضائية وبتاريخ 17/ 12/ 1959 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وعجل جان خوري الاستئنافين وبتاريخ 31/ 12/ 1961 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبتعديله بالنسبة للمبلغ المقضى به إلى 395 ج و200 م وألزمت الشركة بالمصروفات المناسبة وأعفت جان خوري من باقيها وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وطعن جان خوري في هذا الحكم الأخير بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن محكمة النقض نقضت الحكم الاستئناف الأول وأسست قضاءها على أنه "لصاحب العمل السلطة في تنظيم منشأته باعتبار أنه هو المالك لها والمسئول عن إدارتها ولا معقب على تقديره إذا رأى لأزمة اقتصادية ظهر أثرها عليه أو كارثة مالية توشك أن تنزل به تضييق دائرة نشاطه أو ضغط مصروفاته مما يجعل له الحرية في اتخاذ ما يراه من الوسائل الكفيلة بتوقي الخطر الذي يتهدده والمحافظة على مصالحه المشروعة" وقد بني الحكم على نظر مخالف مؤداه "أنه لم يكن في إعادة تنظيم الشركة لمنشآتها ما يحتم طرد الطاعن من عمله فجادل الحكم بذلك الشركة في الوسائل التي اتخذتها لإعادة تنظيم عملها وقياً لما يتهددها من خطر وهو أمر غير جائز قانوناً" وهو فيما انساق إليه من هذا الخطأ "يكون قد حجب نفسه عما دفع به الطاعن دعوى الشركة من عدم صحة ما أسست عليه قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وإنما بنى قضاءه على افتراض صحة ما تدعيه الشركة في هذا الخصوص ولا يعتبر ذلك تسليماً من الحكم بصحة هذا الادعاء أو نفيه" وبالتالي "يكون قد خالف القانون وشابه قصور يستوجب نقضه" ومؤدى هذا النظر من محكمة النقض أنه وإن لم يكن من حق الطاعن المجادلة في حق الشركة في إعادة تنظيم منشآتها. إلا أن من حقه أن يثبت فساد ما تدعيه الشركة من إعادة تنظيم العمل بالمنشأة وقضاؤها هذا ملزم لمحكمة الموضوع بعد أن أحيلت إليها القضية بحيث يتعين عليها أن تعرض للدفاع الذي كانت قد حجبت نفسها عن بحثه وكان سبباً لنقض الحكم السابق - وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يتضح أن المحكمة لم تبحث هذا الدفاع وانتقلت بالنزاع إلى مناط آخر هو ما إذا كان لإنهاء عقد الطاعن ما يبرره أم لا ثم ناقشت هذا المبرر الذي يقوم على الادعاء بأن الطاعن أهمل في أداء واجباته التي يفرضها عليه عقد العمل المبرم بينه وبين الشركة، وهو بذلك يكون - كسابقه - قد حجب نفسه عن البحث فيما دفع به الطاعن دعوى الشركة من عدم صحة ما أسست عليه قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وهو نفس العيب الذي شاب الحكم المنقوض وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أن نقض الحكم نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته وبه تعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان لهم من ذلك قبل إصداره ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما يقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجب نقضه متى كانت لا تخالف قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض - وإذ كان ذلك، وكانت محكمة النقض قد نقضت الحكم الاستئنافي الأول لأنه جادل الشركة في الوسائل التي تتخذها لإعادة تنظيم عملها وهو فيما انساق إليه من هذا الخطأ حجب نفسه عن البحث فيما دفع به الطاعن من عدم صحة ما أسست عليه الشركة قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه ناقش دفاع الطاعن في هذا الخصوص ورد عليه بأن "تراخي المستأنف عليه وعدم اتخاذه من الإجراءات الحاسمة ما يكفل حسن سير العمل ومعالجة نقص الإيراد فإن اختلفت مسببات الخسارة من منطقة إلى أخرى فقد اتفقت جميعاً في النتيجة التي سمتها الشركة أزمة اقتصادية عالجتها بطريقتها الخاصة وقد مس هذا العلاج المستأنف عليه في منطقته كما مس زملاء له شملهم إعادة التنظيم إما بالفصل أو بنقص مرتباتهم ولا معقب على الشركة في الوسائل التي تنتهجها في هذا السبيل "كما ناقش دفاعه من أن فصله كان مفاجئاً وورد بأنه "ينقضه ما سلف بيانه من إيضاح قاطع في الدلالة على أن إنهاء عقد عمله كان نتيجة متوقعة ومحتملة لضعف إنتاجه وعدم اتخاذه الإجراءات الكفيلة بتذليل الصعاب التي أدت إلى نقص الإيراد وكان من حق الشركة بصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية العامة التي واجهتها بصفة خاصة في أمريكا وأوربا أن تنهي عقد عمله في حدود حقها المنصوص عليه في المادة 21 من القانون رقم 41 لسنة 1944 الذي يحكم هذا النزاع وهكذا يبين أنه ليس للمستأنف عليه الذي أنهت الشركة عقده استناداً إلى المبرر السابق والذي تطمئن المحكمة إلى جديته وبعده عن العسف من حق سوى أجره عن مدة المهلة" - فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو تحجب عن بحث دفاع الطاعن والرد عليه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أنه وقد نقض الحكم الاستئنافي الأول لقصوره عن البحث فيما دفع به الطاعن من عدم صحة ما أسست عليه الشركة قرارها بإعادة تنظيم أعمالها وهو ما يتحدد به وضع النزاع أمام محكمة الإحالة ويجعله قاصراً على مناقشة أسباب إعادة التنظيم في ذاتها كان طبيعياً أن يهمل الطاعن الكلام عن الادعاء لعدم صلاحيته للعمل وأن لا يرد على مزاعم الشركة في هذا الصدد. وإذ لم تقتصر المحكمة على البحث فيما أحيل إليها من محكمة النقض وحكمت في الدعوى على أساس عدم صلاحيته دون أن تلفت نظره إلى ذلك فإنها تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بما سبق الرد به على السبب الأول من أنه بنقض الحكم نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته تعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه ومردود (ثانياً) بأنه ليس على المحكمة أن تنبه الخصوم إلى ما يقتضيه واجبهم في الدفاع.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أورد ضمن أسبابه أن "كتاب الاستغناء عن خدمات الطاعن على ما جاء في كتاب الشركة المؤرخ 15 ديسمبر انطوى على السبب الذي ركنت إليه الشركة وهو إعادة تنظيم مكتبها في منطقتي الشرق الأوسط والأدنى وفي شرح هذا السبب أمام محكمة أول درجة أرجعت الشركة هذا التنظيم إلى ما سمته بأزمة اقتصادية حادة هددت صناعة السينما وشركاتها في موطنها بأمريكا وامتدت إلى بلدان أوروبا. وكان ذلك خلال سنة 1950 مما حمل الشركة على انتهاج سياسة جديدة هدفت بها إلى خفض نفقاتها وزيادة إيراداتها. كما استغنت عن خدمات بعضهم وحافظة الشركة فيها من أقوال المجلات والصحف الأمريكية ما يؤكد صحة ذلك" وهي عبارة مطلقة لا يبين منها ما إذا كانت في معرض بيان الوقائع أو في مجال إقامة الدليل على صحة الرأي الذي انتهى إليه وعبارة "حافظة الشركة فيها من أقوال بعض المجلات والصحف الأمريكية ما يؤيد صحة ذلك" تنطوي على قصور إذ لم يشر الحكم إلى اسم أية مجلة أو صحيفة ولم يذكر أقوالها وما استنتجه منها وهو بذلك يكون قد أعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة الإسناد والرأي الذي انتهى إليه.
وحيث إن هذا السبب في غير محله أنه لا يعيب الحكم - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم وهو ما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على نفي مظنة التعسف عن الشركة بقوله إن الشركة كانت "على بينة من خسائرها ونقص إيراداتها في نطاق عمل المستأنف عليه أولاً بأول شهراً بعد شهر فلم تستطع عليه صبراً حتى إذا ما أيقنت في نهاية العام باستمرار نقص الإيراد في مصر لم تر بداً من اتخاذ إجراء حاسم في شأنه كما هو الحال في شأن المديرين الآخرين الذين استغنت عن خدماتهم أو أنقصت مرتباتهم" وقوله "وهكذا يبين أنه ليس للمستأنف عليه التي أنهت الشركة عقده استناداً إلى المبرر السابق إيضاحه والذي تطمئن المحكمة إلى جديته وبعده عن العسف من حق سوى أجره عن مدة المهلة" وهي تقديرات موضوعية سائغة لم تكن محل نعي من الطاعن وتكفي لحمله - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 11/ 3/ 1965 الطعن رقم 77 لسنة 30 ق - السنة 16 ص 304.
ونقض 11/ 4/ 1963 الطعن رقم 299 لسنة 27 ق - السنة 14 ص 520.
ونقض 3/ 5/ 1962 الطعن رقم 427 لسنة 26 ق - السنة 13 ص 591.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق