الصفحات

الأربعاء، 23 أكتوبر 2024

الطعن 4 لسنة 19 ق جلسة 20 / 12 / 1975 إدارية عليا مكتب فني 21 ق 4 ص 10

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد - المستشارين.

----------------

 (4)

القضية رقم 4 لسنة 19 القضائية

حكم - بطلان الحكم - أحوال عدم صلاحية القضاة.
أسباب عدم صلاحية القضاة منصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 146 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - ندب أحد مستشاري المحكمة الإدارية العليا رئيساً لإدارة الفتوى لوزارة الإسكان بقرار من رئيس مجلس الدولة استناداً إلى حكم المادة 60 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة ليس من شأنه أن يفقد السيد المستشار ولاية القضاء أو يزيلها عنه بالمعنى المفهوم في القانون مما يجعله غير صالح لنظر الطعن محل الحكم المطعون فيه وممنوعاً من سماعه - أساس ذلك أن الثابت أنه قد سمع المرافعة في الطعن واشترك في المداولة فيه ووقع مسودة الحكم وندبه على الوجه المتقدم لا يحول بينه وبين العدول عن رأيه الذي انتهى إليه في المداولة أن رأى وجهاً لذلك حتى لحظة النطق بالحكم إذ أن الندب لا يرفع عنه صفة القاضي من ناحية ولا يقطع صلته كلية بالمحكمة الإدارية العليا من ناحية أخرى.

--------------------
ومن حيث إن البادي بجلاء من استعراض طلبات المدعي أنه إنما استهدف الطعن في الحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 993 لسنة 14 ق بدعوى البطلان الأصلية استناداً إلى حكم المادة 147 من قانون المرافعات وذلك بمقولة أنه قد شابه عيب جسيم تمثل في اشتراك السيد الأستاذ المستشار أحمد علي حسن العتيق في إصداره رغم زوال ولاية القضاء عنه بنقله رئيساً لإدارة الفتوى لوزارة الإسكان اعتباراً من أول فبراير سنة 1972 أي في تاريخ سابق على صدوره الأمر الذي كان يوجب فتح باب المرافعة في الطعن لتستكمل المحكمة تشكيلها وفقاً للقانون.
ومن حيث إنه يجب التنبيه بادئ ذي بدء إلى أن الأصل في المنازعة الإدارية هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تطبق القواعد والإجراءات التي شرعها قانون مجلس الدولة ولا تطبق أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة المشار إليه والقدر الذي لا يتعارض أساساً مع طبيعة المنازعة الإدارية ولا يتنافر مع خصائصها.
ومن حيث إن أحكام الباب الثامن من قانون المرافعات المدنية والتجارية في شأن عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم تسري على القضاء الإداري إذ فضلاً على أن المادة 53 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 الواجب التطبيق قد نصت على أن تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض وتسري في شأن رد مستشاري محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محاكم الاستئناف، وتسري في شأن رد أعضاء المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية الأخرى القواعد المقررة لرد القضاة - فضلاً على ذلك فإن الأحكام المتقدمة تقرر في واقع الأمر أصلاً عاماً يتصل بأسس النظام القضائي غايته كفالة الطمأنينة للمتقاضين وصون سمعة القضاء ومن ثم كان من الطبيعي سريان هذا الأصل على القضاء الإداري تحقيقاً لذات الغاية الجوهرية من جهة ولإتحاد العلة من جهة أخرى.
ومن حيث إن المادة 146 من قانون المرافعات قد نصت على أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال آلاتية: (1) إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة. (2) إذا كان له أو لزوجته خصومة قائمة مع أحد الخصوم في الدعوى ومع زوجته (3) إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو وصياً عليه أو قيماً أو مظنونة وراثته له، أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوصي أحد الخصوم أو بالقيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المختصمة أو بأحد مديريها وكان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى (4) إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو وصياً أو قيماً عليه مصلحة في الدعوى القائمة (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها - كما أن المادة 147 من ذات القانون قد نصت على أن "يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم. وإذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى "والمستفاد بجلاء من النصين المتقدمين أنه إذا ما قام بأحد القضاة سبب من أسباب عدم الصلاحية سالفة الذكر فإن ذلك يصم عمله أو قضاءه بالبطلان ولو كان ذلك باتفاق الخصوم، وزيادة في الاصطيان والتحوط لسمعة القضاء فإنه إذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب إليها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى وهذا استثناء من الأصل العام الذي يجعل أحكام محكمة النقض بمنجى من الطعن بحسبانها خاتمة المطاف ومن ثم فلا يسوغ التوسع فيه أو القياس عليه.
ومن حيث إنه لئن كانت أحكام المحكمة الإدارية العليا هي على ما جرى به قضاء هذه المحكمة خاتمة المطاف فيما يعرض من أقضية على القضاء الإداري ومن ثم لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن - شأنها في ذلك شأن الأحكام الصادرة من محكمة النقض - وإذ كان الشارع قد أجاز للخصم أن يطلب إلى محكمة النقض إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما قام بأحد أعضاء الهيئة التي أصدرته سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى فإن مثل هذه الوسيلة ينبغي إتاحتها للخصم إذا ما وقع البطلان في حكم المحكمة الإدارية العليا لذات السبب وذلك لوحدة العلة التي تقوم حسبما سلف البيان على حكمة جوهرية هي توفير ضمانة أساسية لتطمين المتقاضين وصون سمعة القضاء.
ومن حيث إنه متى كان الأمر ما تقدم وكان المدعي لا يستند في دعواه الماثلة إلى سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها على سبيل الحصر في المادة 146 من قانون المرافعات سالفة البيان فإن دعواه تكون غير مقبولة.
هذا وجدير بالذكر أن الثابت في الأوراق على خلاف ما ذهب المدعي أن السيد الأستاذ المستشار أحمد علي حسن العتيق قد ندب رئيساً لإدارة الفتوى لوزارة الإسكان والتشييد بالقرار رقم 25 الصادر من السيد رئيس مجلس الدولة بتاريخ 15 من يناير سنة 1972 وذلك استناداً إلى حكم المادة 60 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة الذي كان سارياً آنذاك والندب على هذا الوجه وبحسب أوضاع مجلس الدولة ونظام العمل فيه ليس من شأنه أن يفقد السيد الأستاذ المستشار أحمد علي حسن العتيق ولاية القضاء أو يزيلها عنه بالمعنى المفهوم في القانون بما يجعله غير صالح لنظر الطعن محل الحكم المطعون فيه ممنوعاً من سماعه طالما أن الثابت أنه قد سمع المرافعة في الطعن واشترك في المداولة فيه ووقع مسودة الحكم، وأن ندبه على الوجه المتقدم لا يحول بينه وبين العدول عن رأيه الذي انتهى إليه في المداولة أن رأى وجهاً لذلك حتى لحظة النطق بالحكم إذ أنه "الندب" لا يرفع عنه صفة القاضي من ناحية ولا يقطع صلته كلية بالمحكمة الإدارية العليا من ناحية أخرى. ولا وجه في الوقت ذاته لما أثاره المدعي خاصاً بالسيد الأستاذ المستشار يحيى توفيق الجارحي ذلك أن هذا الأخير لم يشترك في إصدار الحكم الطعين وإنما اقتصر دوره على مجرد الحلول محل السيد المستشار أحمد علي حسن العتيق في جلسة النطق بهذا الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق