الصفحات

الأربعاء، 23 أكتوبر 2024

الطعن 341 لسنة 31 ق جلسة 14 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 115 ص 846

جلسة 14 من أبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(115)
الطعن رقم 341 لسنة 31 القضائية

التزام. "انقضاء الالتزام". اتحاد الذمة.
اتحاد الذمة لا يتحقق إلا باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة إلى دين واحد. عدم تحقق اتحاد الذمة إذا ما ورث الدائن المدين لأنه لا يرث - وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية - الدين الذي على التركة ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين. لا تركة إلا بعد سداد الدين.

----------------
اتحاد الذمة لا يتحقق إلا باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة إلى دين واحد (1) ومن ثم فلا يتحقق اتحاد الذمة إذا ما ورث الدائن المدين إذ تمنع من ذلك أحكام الشريعة الإسلامية التي تحكم الميراث في هذه الحالة ذلك أنه حيث يرث الدائن المدين فإنه لا يرث الدين الذي على التركة حتى ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين لما هو مقر في الشريعة الإسلامية من أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين مما مقتضاه أن تبقى التركة منفصلة عن مال الوارث الدائن حتى تسدد الديون التي عليها وبعد ذلك يرث هذا الدائن وحده أو مع غيره من الورثة ما يتبقى من التركة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وفي حدود ما يتطلبه الفصل في هذا الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5001 سنة 54 مدني كلي القاهرة بعريضة معلنة في 20 نوفمبر سنة 1954 ضد والدته السيدة عزيزة خليل وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامها بأن تقدم له حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها لحصة والده المرحوم عبد العليم الجسطيني في أربع عمارات بجهة الفجالة وذلك عن المدة - منذ تعيينها حارسة قضائية على تلك العمارات بموجب الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر المختلطة في 7 يونيه سنة 1939 لغاية 31 ديسمبر لسنة 1954 وقال بياناً لدعواه إن الحكم المذكور قد فرض على المدعى عليها أن تودع في أول يونيه وديسمبر من كل سنة اعتباراً من 31 ديسمبر سنة 1939 تقريراً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها وأن تودع خزانة المحكمة صافي ناتج هذه الإدارة غير أنها لم تنفذ ما كلفها به ذلك الحكم وأنكرت المدعى عليها على الطاعن دعواه قائلة إن الطاعن عين قيماً على والده عبد العليم الجسطيني في سنة 1935 واستمر في هذه القوامة إلى أن توفي المحجور عليه سنة 1945 وأنه هو الذي كان يقوم خلال هذه المدة بإدارة أملاك والده بما فيها العمارات الأربع وكان يقدم للمجلس الحسبي حسابات القوامة بما فيها الحسابات المتعلقة بتلك العمارات وأنها وإن كانت عينت حارسة عليها إلا أنها لم تقبض شيئاً من ريعها إذ كان يقبضه الطاعن ويأخذه لنفسه ودفعت بسقوط حق الطاعن في مطالبتها بتقديم الحساب بمضي خمس عشرة سنة قبل رفع الدعوى وبسقوطه بمضي خمس سنوات طبقاً لنص المادة 375 من القانون المدني. واتبعت ذلك بأن وجهت للطاعن طلباً عارضاً بجلسة 16 من أبريل سنة 1956 طلبت فيه الحكم بإلزامه بأن يقدم لها حساباً مؤيداً بالمستندات عن قوامته على والده منذ تعيينه قيماً عليه في 17 يونيه سنة 1935 حتى تاريخ وفاته في 11 مارس سنة 1945. ودفع الطاعن هذا الطلب العارض بسقوط حق السيدة عزيزة خليل في مطالبته بتقديم ذلك الحساب بمضي خمس سنوات على انتهاء هذه القوامة بوفاة المحجور عليه. وبتاريخ 24 من أبريل سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية في الدعوى الأصلية المرفوعة من الطاعن برفض الدفع المبدى من السيدة عزيزة خليل بسقوط حق الطاعن في مطالبتها بتقديم الحساب وبإلزامها بأن تقدم حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتها للعمارات التي كانت تحت حراستها في المدة من 7 يونيه سنة 1939 إلى أخر ديسمبر سنة 1954 وذلك في مدى شهر ونصف من تاريخ النطق بهذا الحكم وفي الطلب العارض الموجه للطاعن بقبول الدفع المبدى منه بسقوط حق السيدة عزيزة خليل في مطالبته بتقديم الحساب عن قوامته بمضي خمس سنوات على انتهاء القوامة. وإذ لم تقدم السيدة عزيزة خليل الحساب في الميعاد الذي حدده لها هذا الحكم فقد قضت المحكمة في 18 سبتمبر سنة 1957 بإلزامها بغرامة قدرها جنيهاً واحداً عن كل يوم تتأخر فيه عن تقديم الحساب بعد صدور هذا الحكم الأخير وأخيراً وبتاريخ 29 يناير سنة 1958 قضت المحكمة بإلزام السيدة المذكورة بأن تدفع للطاعن مبلغ 85 ج قيمة متجمد الغرامة المحكوم بها بصفة تعويض له عما أصابه من ضرر بسبب امتناعها عن تقديم الحساب. استأنفت السيدة عزيزة خليل الأحكام الثلاثة المتقدمة الذكر بترتيب صدورها بالاستئنافات رقم 819 سنة 74 ق، 1139 سنة 74 ق، 375 سنة 75 ق على التوالي لدى محكمة استئناف القاهرة ولدى نظر هذه الاستئنافات توفيت المستأنفة فقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة ثم عجلها الطاعن بصفته الشخصية بإعلان وجهه لنفسه وللمطعون ضده باعتبارهما الوارثين الوحيدين لوالدتهما المرحومة عزيزة خليل - وطلب تأييد الأحكام المستأنفة وضمت محكمة الاستئناف الاستئنافات الثلاثة المقدمة الذكر ثم قضت فيها بتاريخ 31 مايو سنة 1961 بإلغاء الأحكام المستأنفة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فرأت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون ذلك بأنه أقام قضاءه بإلغاء الأحكام الابتدائية الثلاثة الصادرة ضد السيدة عزيزة خليل والمستأنفة منها على ما قاله من أنها قد توفيت بعد رفعها الاستئنافات وانحصر إرثها في ولديها المستأنف عليهما (الطاعن والمطعون ضده) وأنه بذلك أصبحت هذه الاستئنافات غير ذات موضوع وبالتالي يكون الالتزام بتقديم الحساب قد انقضى لاتحاد ذمة كل من المستأنف عليهما المذكورين. ويرى الطاعن أن هذا الذي قاله الحكم المطعون فيه كسبب لإلغاء الأحكام الثلاثة المستأنفة لا يمكن أن يؤدي عقلاً أو قانوناً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه. ذلك أنه بفرض أنه قد ترتب على وفاة المستأنفة أن أصبحت استئنافاتها غير ذات موضوع فإن ذلك كان يقتضي الحكم بعدم قبولها وتبقى الأحكام المستأنفة التي قضت بإلزام المستأنفة بتقديم الحساب وبالغرامة قائمة طالما أن الاستئنافات التي رفعت عنها أصبحت غير ذات موضوع. أما إذا كان قصد الحكم المطعون فيه هو أن الأحكام المستأنفة هي التي أصبحت غير ذات موضوع بسبب اتحاد الذمة فإن الحكم يكون مخطئاً في هذا أيضاً ذلك أن اتحاد الذمة لا يتحقق في هذه الحالة نتيجة وفاء المستأنفة إذ أن الطاعن الذي كان مستأنفاً ضده يعتبر دائناً للتركة بصفته الشخصية بما حكمت له به الأحكام المستأنفة ضد والدته، وصفته كدائن هذه لا تنعدم بوفاة المستأنفة المذكورة بعد رفعها الاستئنافات عن تلك الأحكام إذ أن الذمة لا تتحد بينه وبين أخيه المطعون ضده الذي أعلن في الاستئنافات بعد وفاة والدته المستأنفة ليختار بين أن يؤيد دعواها أو يتخلى عن الاستئنافات المرفوعة منها فاتحاد الذمة لا يكون إلا حيث يصبح الدائن والمدين شخصاً واحداً وهو الأمر الغير متوافر في هذا النزاع إذ الطاعن ظل بعد وفاة والدته المدينة دائناً للتركة بما حكم له ضد المورثة ومسئولاً في الوقت ذاته عن نصف هذا الدين كما يكون أخوه محمود المطعون ضده مسئولاً عن النصف الآخر بصفته وارثاً لنصف التركة ولا ينقضي التزامه هذا باتحاد الذمة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الالتزام المحكوم به للطاعن قد انقضى باتحاد الذمة نتيجة وفاء المدينة المحكوم عليها بهذا الالتزام مخالفاً للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الأحكام الثلاثة المستأنفة من المرحومة عزيزة خليل على قوله "وحيث إنه يبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق أن السيدة عزيزة خليل المستأنفة في الاستئنافات 819 سنة 74 ق، و1139 سنة 74 ق، 375 سنة 75 ق قد توفيت وانحصر إرثها في ولديها محمد عبد العليم الجسطيني (الطاعن) ومحمود عبد العليم الجسطيني (المطعون ضده) ومن ثم كانت هذه الاستئنافات الثلاث غير ذات موضوع وبالتالي يكون الالتزام بتقديم الحساب قد انقضى لاتحاد ذمة كل من المستأنف عليهما المذكورين عملاً بنص المادة 370 من القانون المدني وبتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفة بتقديم الحساب وبإلزامها بالغرامة ومتجمد الغرامة" وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص غير صحيح في القانون. ذلك أن اتحاد الذمة لا يتحقق إلا باجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد بالنسبة إلى دين واحد. وإذ لم يكن المطعون ضده دائناً بشيء من الالتزام المحكوم به على المستأنفة بموجب الأحكام الثلاثة المستأنفة لأن هذه الأحكام لم تقض لصالحه بشيء بل كان قضاؤها لصالح الطاعن وحده وبذلك فهو الدائن الوحيد في الالتزام المحكوم به على والدته المستأنفة سواء فيما يتعلق بتقديم الحساب أو بأداء الغرامة اليومية أو بمتجمد الغرامة فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا الالتزام منقضياً باتحاد الذمة بالنسبة لنصيب المطعون ضده الميراثي فيه وذلك على الرغم من أن هذا المطعون ضده لم يكن دائناً بهذا الالتزام فإن هذا الحكم يكون مخطئاً في القانون على أن خطأه لم يقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى ما قرره من انقضاء ذلك الالتزام باتحاد الذمة بالنسبة لنصيب الطاعن الميراثي فيه ذلك أن اتحاد الذمة لا يتحقق أصلاً في هذه الصورة إذ تمنع من ذلك أحكام الشريعة الإسلامية التي تحكم الميراث هنا. لأنه حيث يرث الدائن المدين فإنه لا يرث الدين الذي على التركة حتى ولو كان هو الوارث الوحيد للمدين وذلك لما هو مقرر في الشريعة من أنه لا تركة إلا بعد سداد الديون مما مقتضاه أن تبقى التركة منفصلة عن مال الدائن حتى تسدد الديون التي عليها ومن بينها دينها له. وبعد ذلك يرث الدائن وحده أو مع غيره من الورثة ما يتبقى من التركة وبذا لا يكون ثمة مجال لاتحاد الذمة في هذه الصورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بإلغاء الأحكام الثلاثة المستأنفة من المرحومة عزيزة خليل مورثة الطاعن والمطعون ضده على انقضاء الالتزام المحكوم به ابتدائياً باتحاد الذمة فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.


(1) راجع نقض 27/ 6/ 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 928.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق