الصفحات

الأربعاء، 25 سبتمبر 2024

الطعن 74 لسنة 43 ق جلسة 9 / 2 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 ق 80 ص 413

جلسة 9 من فبراير سنة 1977
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد وهدان.
-----------------
(80)
الطعن رقم 74 لسنة 43 القضائية
(1، 2) خبرة. نظام عام. بطلان.
(1) عدم أداء الخبير المنتدب من غير خبراء الجدول اليمين قبل مباشرة المأمورية. أثره. بطلان عمله. م 139 إثبات. عدم تعلق البطلان بالنظام العام. سقوط الحق في التمسك به بالأجازة الصريحة أو الضمنية. الرد على التقرير بما يفيد اعتباره صحيحا. إجازة ضمنية.
(2) العبرة في تبيان ما إذا كان الخبير مقيدا بالجدول من عدمه هي بحقيقة الواقع لا بما تخلعه المحكمة عليه.
(3) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع.
عدم تقيد المحكمة الخصوم للدعوى.
(4) دعوى "سبب الدعوى". محكمة الموضوع. إيجار "إيجار أماكن".
سبب الدعوى. المقصود به. استناد المستأجر في طلبه تخفيض الأجرة إلى أحد قوانين الإيجار الاستثنائية. إعمال المحكمة قانونا استثنائيا آخر. لا يعد تغييرا لسبب الدعوى.
(5) خبرة.
عدم التزام الخبير بالاسترسال في أداء المأمورية على الوجه الذى يروق لأحد الخصوم. كفاية بيانه الحقيقة في تقريره.
(6) قوة الأمر المقضي. نظام عام.
اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي. لا ينال منها إجراء تحقيقات إدارية بشأنه بعد صدوره.
-------------------
1 - مفاد نص المادة 139 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أنه يجب على الخبير الذى لا يكون اسمه مقيدا بجدول الخبراء أن يحلف أمام القاضي المختص يمينا قبل مباشرته المأمورية التي ندب لها، ورتب المشرع على تخلف الخبير عن أداء اليمين بطلان ما يقوم به من عمل، غير أن حلف اليمين من جانب الخبير وإن كان مقررا لصالح الخصوم جميعا إلا أنه إجراء غير متعلق بالنظام العام، ومن ثم فلا يجوز للمحكمة أن تقضى به إذا جاوزه صراحه أو ضمنا، ومن قبيل الإجازة الضمنية الرد على تقرير الخبير بما يفيد اعتباره صحيحا عملا بالقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 22 من قانون الإثبات، لما كان ما تقدم وكان الثابت من الدعوى الابتدائية المرفقة بملف الطعن بالنقض إنه بعد أن أودع الخبير المنتدب تقريره تقدم الطاعن بثلاث مذكرات اقتصر فيها على إبداء اعتراضاته على هذين التقريرين من الناحية الموضوعية دون أن يشير في أيهما من قريب أو بعيد إلى ما خاله من بطلان ناشئ عن عدم تأدية الخبير اليمين القانونية، وكان هذا السلوك منه يفيد نزوله عن حقه في التمسك بالبطلان المدعى أيا كان وجه الرأي فيه، فإنه لا يحق له إثارته سواء أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة النقض.
2 - إذ كانت العبرة هي بحقيقة الواقع لا بما يضيفه الحكم من وصف على الخبير الذي ناط به أداء المأمورية، وكان البين من الاطلاع على تقرير الخبير أنه مرفق به كتاب موجه إليه من محكمة القاهرة الابتدائية تخطره فيه بندب المحكمة له وتطلب منه الحضور لحلف اليمين والاطلاع على ملف الدعوى تمهيدا لتقديم التقرير، وكان محضر أعمال الخبير قد سجل أن انتقاله إلى مقر المحكمة وحلف اليمين، فإن ذلك يدل على أن الخبير الذى عهد إليه الحكم أداء المأمورية ليس من بين خبراء الجدول المعينين في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952.
3 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاضي الدعوى ملزم فى كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون أن يتقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى ودون أن يضيف إليها جديدا.
4 - إذا كان سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعى الحق في الطلب، وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم، وكان سبب الدعوى الماثلة هو تحديد أجرة عين النزاع طبقا للأجرة القانونية الواجبة الاتباع، فإن استناد المطعون عليه إلى أحكام القانون رقم 55 لسنة 1958 وهو أحد التشريعات الاستثنائية المحددة للأجرة القانونية، لا يحول بين إعمال أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 متى اقتنعت أن العين خاضعة لمجال تطبيقه، ولا يعتبر ذلك منها تغييرا لسبب الدعوى.
5 - لا يؤثر على عمل الخبير عدم إرفاق الرسوم التخطيطي الذي أشار إليه بتقريره أو عدم الاسترسال في أداء المأمورية على النحو الذي يروق للطاعن طالما أنه فصل الأمر تفصيلا أقنع محكمة الموضوع بما رأت معه وضوح الحقيقة دون حاجة إرفاق ذلك الرسم التخطيطي أو الاسترسال في أداء المأمورية.
6 - متى حاز الحكيم قوة الأمر المقضي فإن ذلك يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة في المسائل التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع سواء بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى وأثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، ومن ثم فلا على الحكم إن هو أخذ بتقرير الخبير في استناده إلى تقرير أجرة المثل لشقة النزاع على الحكم المشار إليه بسبب النعي دون التفات لدعوى إجراء تحقيقات إدارية بشأنه بعد صدوره لأن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3330 سنة 1968 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية (والتي قيدت فيها بعد برقم 8601 سنة 1971 مدني جنوب القاهرة) ضد الطاعن بطلب الحكم باعتبار أجرة الشقة استئجار المبينة بصحيفة الدعوى جنيهين و185 مليما شهريا من بدء التعاقد وحتى انتهاء العقد، وقال بيانا لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ سنة 1964 استأجر من الطاعن شقة مكونة من ثلاثة حجرات وصالة بشارع بورسعيد رقم 10 بمدينة العياط بأجرة شهرية قدرها أربعة جنيهات، وإذ تبين أنه تم بناؤها قبل سنة 1944 وكانت مكونة من أربع حجرات وصالة وأدخلت عليها في سنة 1957 تعديلات جوهرية باقتطاع حجرة وجزء من شرفتها وإضافتها إلى شقة أخرى بما يجعلها في حكم المباني الخاضعة لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1958 فتصبح الأجرة 3 جنيهات و200 مليم شهريا ثم تخفض طبقا للقانونين رقمي 169 لسنة 1961 و7 لسنة 1965 لتكون جنيهين و185 مليم شهريا، فقد أقام الدعوى بطلباته. وبتاريخ 1/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بندب خبير الجدول المهندس المعماري الذى عليه الدور لمعاينة شقة النزاع وبيان تاريخ إنشائها وما إذا كانت قد أنشئت قبل أول يناير سنة 1944 أم بعد ذلك التاريخ وحتى 18 سبتمبر سنة 1952، أم بعد ذلك التاريخ الأخير وحتى 12 يونيو سنة 1958 أم بعد ذلك، وفى الحالة الأولى بيان أجرتها الفعلية في شهر أبريل سنة 1941 أو أجرة المثل في الشهر المذكور في حالة تعذر معرفة الأجرة مضافا إليها في الحالتين الزيادة القانونية المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947، وعليه في هذه الحالة إعمال أحكام القانون رقم 169 لسنة 1961 وتخفض الأجرة بما يوازى الإعفاء من الضريبة.
وفي الحالة الثانية عليه بيان أجرة شقة النزاع في 18 سبتمبر سنة 1952 أو أجرة المثل في التاريخ المذكور إذا لم تكن مؤجرة أو تعذر معرفة حقيقة الأجرة فيه مخفضة لذلك فى الحالتين بنسبة 20% وعلى الخبير في الحالتين الأخيرتين تخفيض الأجر بما يوازى الإعفاء من الضريبة عملا بالقانون رقم 169 لسنة 1961 اعتبارا من أول يناير سنة 1962 ثم إعمال القانون رقم 7 لسنة 1965 وتخفيض الأجرة بواقع 20% اعتبارا من أول مارس سنة 1965، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت في 17/ 12/ 1970 بإعادة المأمورية إليه لمباشرتها على هدى اعتراضات الطاعن، وعقب تقديم الخبير ملحق تقريره حكمت في 14/ 2/ 1972 باعتبار الأجرة الشهرية لعين النزاع 2.185 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 901 سنة 89 ق القاهرة طالب إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 14/ 12/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان تقرير الخبير استنادا إلى أنه لم يحلف اليمين قبل مباشرته المأمورية التي نيط به أداؤها رغم أنه ليس من خبراء الجدول بالتطبيق للمادة 139 من قانون الإثبات، وأنه لا يغير من ذلك ما أورده الخبير في تقريره من أنه انتقل إلى المحكمة وأدى اليمين أمامها، إذ واقع الأمر أنه لم يحلف اليمين فعلا تبعا لخلو ملف الدعوى من المحضر الرسمي الذي يدل عليه، وقد أجاب الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأن الثابت من الحكم الصادر بندبه أنه أحد خبراء الجدول وأن الحلف غير واجب، بالإضافة إلى الطاعن لم يقدم دليلا على أن الخبير ليس مقيدا بالجدول وهو ما لا يصلح ردا ويناقض ما أقر به الخبير نفسه من أنه قام بالحلف بما يقطع بأنه ليس في عداد هؤلاء الخبراء. وإذ أيد الحكم المطعون فيه حكم محكمة أول درجة الذى اعتد بذلك التقرير الباطل فان البطلان يلحقه هو الأخر.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة 139 من قانون الاثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه إذا كان الخبير غير مقيد اسمه فى الجدول وجب أن يحلف أمام قاضى الأمور الوقتية - وبغير ضرورة حضور الخصوم - يمينا أن يؤدى عمله بالصدق والأمانة وإلا كان العمل باطلا، يدل على أنه يجب على الخبير الذى لا يكون اسمه مقيدا بجدول الخبراء أن يحلف أمام القاضى المختص يمينا قبل مباشرته المأمورية التى ندب لها، ورتب المشرع على تخلف الخبير عن أداء اليمين بطلان ما يقوم به من عمل، غير أن حلف اليمين من جانب الخبير وإن كان مقررا لصالح الخصوم جميعا إلا أنه إجراء غير متعلق بالنظام العام، ومن ثم فلا يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها، كما يسقط حق الخصوم فى التمسك به إذا أجازوه صراحة أو ضمنا، ومن قبيل الإجازة الضمنية الرد على تقرير الخبير بما يفيد اعتباره صحيحا عملا بالقاعدة العامة المنصوص عليها فى المادة 22 من قانون المرافعات. ولما كانت العبرة هي بحقيقة الواقع لا بما يضفيه الحكم من وصف على الخبير الذى ناط به أداء المأمورية، كان البين من الاطلاع على تقرير الخبير أنه مرفق به كتاب موجه إليه من محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 14/ 7/ 1969 تخطره فيه بندب المحكمة له وتطلب منه الحضور لحلف اليمين والاطلاع على ملف الدعوى تمهيدا لتقديم التقرير، وكان محضر أعمال الخبير قد سجل انتقاله إلى مقر المحكمة وحلفه اليمين في 22/ 7/ 1969، فإن ذلك يدل على أن الخبير الذي عهد إليه الحكم الصادر في 1/ 5/ 1969 إداء المأمورية ليس من بين خبراء الجدول المعينين فى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 96 لسنة 1952، لما كان ذلك ولئن أخطأ الحكم المطعون فيه بهذه المثابة فيما خلص إليه من أن خبير الدعوى في غنى عن الحلف باعتباره من خبراء الجدول، إلا أنه - ومع افتراض أن الخبير لم يقم بحلف اليمين - لما كان الثابت من الدعوى الابتدائية المرفقة بملف الطعن بالنقض أنه بعد أن أودع الخبير المنتدب تقريريه تقدم الطاعن بثلاث مذكرات للجلسات المحددة في تواريخ 12/ 11/ 1970 و10/ 2/ 1971 و13/ 1/ 1972 اقتصر فيها على إبداء اعتراضاته على هذين التقريرين من الناحية الموضوعية، دون أن يشير في أيهما من قريب أو بعيد إلى ما خاله من بطلان ناشئ عن عدم تأدية الخبير اليمين القانونية، وكان هذا السلوك منه يفيد نزوله عن حقه فى التمسك بالبطلان المدعى أيا كان وجه الرأي فيه، فإنه لا يحق له إثارته سواء أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة وإن أخطأه التبرير فإن من حق محكمة النقض أن تقوم بإرسائه على أساسه السليم دون أن تنقضه، ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والقصور فى التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليه أقام دعواه تأسيسا على أن شقة النزاع تم بناؤها قبل عام 1944 ثم أدخلت عليها تعديلات جوهرية تخضعها لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1958 والتشريعات اللاحقة، غير أن محكمة الموضوع أخذا بتقرير الخبير اعتبرت التعديلات غير جوهرية، وأخضعت عين النزاع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وحددت أجرتها وفقا لأجرة المثل في شهر إبريل 1941، فغيرت بذلك سبب الدعوى وهي لا تملكه، وإذ بين الطاعن لمحكمة الموضوع أن مستأجرا آخر، لشقة مماثلة تقع بذات المنزل الكائن به عين النزاع أقام الدعوى رقم 3329 سنة 1968 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ندب فيها خبير انتهى إلى أن التعديلات التي أدخلت على العين المؤجرة أخرجتها عن أوصافها بما يخضعها لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1958، وصدر حكم نهائي بذلك، ولم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ولم يعن بإعادة المأمورية إلى الخبير لبحث دواعي التناقض في الرأي بين تقرير الخبيرين في كل من الدعويين مما يعيبه بمخالفة القانون علاوة على القصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الدعوى ملزم في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانوني الصحيح عليها دون أن يتقيد بتكييف الخصوم لها في حدود سبب الدعوى ودون أن يضيف إليها جديدا، وكان سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعى الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم. ولما كان سبب الدعوى الماثلة هو تحديد أجرة عين النزاع طبقا للأجرة القانونية الواجبة الأتباع، فإن استناد المطعون عليه إلى أحكام القانون رقم 55 لسنة 1958 وهو أحد التشريعات الاستثنائية المحددة للأجرة القانونية، لا يحول بين المحكمة وبين إعمال أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 متى اقتنعت أن العين خاضعة لمجال تطبيقه، ولا يعتبر ذلك منها تغييرا لسبب الدعوى. لما كان ما تقدم وكان لا يعيب الحكم إن هو التفت عما أثاره الطاعن من وجود اختلاف في النتيجة التي خلص إليها الخبير المنتدب في الدعوى الأخرى، فيكون النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجوه الثاني والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال من عدة وجوه (أولها) أن الخبير لم يباشر المأمورية على مقتضى الحكم الصادر بإعادة المأمورية إليه لبحث اعتراضات الطاعن على تقريره الأول، فلم يجر مقارنة تطابق شقة المثل وشقة النزاع، ولم يراع إضافة رسم الدفاع ورسم الأمن طبقا للقانونين رقمي 377 لسنة 1956، 32 لسنة 1968 (الثاني) أن الحكم اعتمد تقرير الخبير رغم أنه لم يرفق به الرسم التخطيطي الذى دلل به على تساوي المساحة بين شقة المثل وشقة النزاع وكان ضروريا أن يكون تحت نظر المحكمة حتى يكون قضاؤها قائما عن بينة واقتناع. (الثالث) أن الخبير استند في تحديد أجرة المثل إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 491 لسنة 1957 مدنى القاهرة رغم أن تلك الدعوى كانت محل عبث وأجرى بشأنها تحقيق إداري، الأمر الذي يقتضى عدم الاعتداد بفحواه.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن حكم محكمة أول درجة أورد ردا على إعتراضات الطاعن على تقرير الخبير قوله "...... أنه يبين من استعراض ما تقدم أن الخبير باشر مهمته المكلف بها على أكمل وجه، وقام بمعاينة شقة مماثلة أرشد عنها المدعى - المطعون عليه - والتي اعتبرها الخبير مماثلة لعين النزاع، الأمر الذي يبين منه أن اعتراضات المدعى عليه - الطاعن - التي أثارها في مذكراته المقدمة منه على غير أساس سليم من الواقع والقانون.." كما أورد الحكم المطعون فيه الذى أيد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه "..... وأما ما يثيره المستأنف - الطاعن - من اعتراضات أخرى فإن الثابت من تقرير الخبير أن المستأنف قدم للسيد الخبير شقة مثل إيجارها الشهري جنيهان و157 مليما فكل اعتراض بعد هذا لا أساس له فى هذه الناحية طالما أن المستأنف أرشد عن شقة مثل إيجارها جنيهان و157 مليما..... وعدم وجود رسم كروكي كما يطالب المستأنف فى مذكرته لشقة المثل التي قدمها هو للسيد الخبير لا يؤثر على عمله إطلاقا لأن الخبير لو رأى ضرورة لهذا لقام به فضلا عن أن هذه الشقة من إرشاد المستأنف نفسه فهو يعرفها وليس في حاجة إلى رسم كروكي، وإن صح هذا القول قمن المستأنف عليه - المطعون عليه -، وإذا كان المستأنف في مذكرته يعترض على شقة المثل التي قدمها للخبير فما كان له تقديمها كمثل طالما أنها مختلفة ولا تصلح لأن تكون مثلا لشقة النزاع ولكن بعد أن يقدمها ويرى الخبير هذا المثل صادقا صحيحا يعود المستأنف إلى إبداء الطاعن المطاعن ومجردة من أى دليل عليها......" فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم يعنى أنه رأى في حدود سلطة محكمة الموضوع التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعه بصحة أسبابه وهو بعد ذلك غير ملزم بالرد استقلالا على المطاعن التي يوجهها الخصم إلى ذلك التقرير لأن في أخذه به محمولا على أسبابه ما يفيد أنه لم يجد فيها ما يستحق الالتفات إليها. ولما كان لا يؤثر على عمل الخبير عدم إرفاق الرسم التخطيطي الذي أشار إليه بتقريره أو عدم الاسترسال في أداء المأمورية على النحو الذى يروق للطاعن طالما أنه فصل الأمر تفصيلا أقنع محكمة الموضوع بما رأت معه وضوح الحقيقة دون حاجة إلى إرفاق ذلك الرسم التخطيطي أو الاسترسال في أداء المأمورية. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وبسلامة الأسس التي بني عليها رأيه واطمأنت إلى تقريره وأخذت به للأسباب الواردة فيه، وكانت تلك الأسباب سائغة وتؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن من اعتراضات بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في كفاية الدليل الذى اقتنعت به المحكمة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان الحكم متى حاز قوة الأمر المقضي يمنع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى المناقشة فى المسائل التي فصل فيها بأي دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع سواء بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم والصادر فيها، ومن ثم فلا على الحكم إن هو أخذ بتقرير الخبير في استناده إلى تقدير أجرة المثل لشقة النزاع على الحكم المشار إليه بسبب النعي دون التفات لدعوى إجراء تحقيقات إدارية بشأنه بعد صدوره لأن قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام. ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بكافة وجوهه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق