الصفحات

الأحد، 1 سبتمبر 2024

الطعن 22 لسنة 46 ق جلسة 1 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 أحوال شخصية ق 321 ص 1667

جلسة أول نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، إبراهيم فراج، صبحي رزق داود ومحمد أحمد حمدي.

(321)
الطعن رقم 22 لسنة 46 ق أحوال شخصية

(1) استئناف "نطاق الاستئناف". نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. للخصوم إبداء أوجه دفاع ودفوع جديدة أمام محكمة الإحالة. وجوب التزامها بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض.
(2) نقض.
تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية. م 269 مرافعات. شرطه. أن ينصب الطعن في المرة الثانية على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى.

-------------------
1- مفاد المادة 235 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم أن يتقدموا لمحكمة الدرجة الثانية بأدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة لم يسبق لهم إبداؤها أمام محكمة الدرجة الأولى، وكانت وسائل الدفاع الجديدة يتميز عن الطلبات الجديدة بأنها لا تغير من موضوع النزاع، بل تعنى الحجج التي يستند إليها الخصم في تأييد ما يدعيه دون أن يغير من مطلوبة، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للخصوم أمام محكمة الإحالة إبداء ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المفوض من دفاع ودفوع، وكانت لهذه المحكمة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما قدم إليها من هذه الوجوه وعلى ما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة، لما كان ذلك وكان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الدعوى أقيمت بطلب الحكم ببطلان الوصية وأن الحكم ببطلان الوصية لعدم توافر شروط سماعها المقررة بالمادة الثانية من قانون الوصية وأن الحكم الابتدائي استجاب لطلب المطعون عليه في هذا الشأن، فإن تمسك هذا الأخير أمام محكمة الإحالة بذات الطلب مؤسسا على سبب جديد متعلق بشروط صحة الوصية لا يعد إبداء لطلب جديد أمام محكمة الاستئناف. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان الوصية على سند من ثبوت عدم توافر هذه الشروط لا يتعارض في أسبابه مع وجوب الالتزام بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض والتي تناولت مجرد تحقق المسوغ لسماع الدعوى.
2- توجب المادة 269/ 4 من قانون المرافعات على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى وإذ كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطعن الأول اقتصر على النعي على ما قضى به بشأن عدم السماع وورد الطعن الثاني على القضاء في الموضوع وهو ما لم يكن معروضا أصلا في الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 8 لسنة 1963 أحوال شخصية "أجانب" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد مورث الطاعنة بطلب الحكم ببطلان الوصية المقول بصدورها إليه بتاريخ 1/ 7/ 1962 من المرحومة...... أرملة المرحوم...... واعتبارها كأن لم تكن وعديمة الأثر، وقال شرحاً لها إن الموصية المذكورة المسيحية الديانة المصرية الجنسية توفيت في 14/ 11/ 1962 بالقاهرة وتركت وصية مؤرخة 23/ 3/ 1959 محررة بخطها ومذيلة بتوقيعها أوصت له فيها بكل أملاكها، وقد فتحت الوصية بتاريخ 23/ 11/ 1962 أمام رئيس محكمة القاهرة الابتدائية في طلب إثبات الوفاة والوراثة رقم 146 لسنة 1962 إلا أن مورث الطاعنة اعترض على ضبط إشهاد الوفاة والوراثة بدعوى صدور وصية لاحقة مؤرخة 1/ 7/ 1962 من المتوفاة لصالحه تضمنت الإيصاء له بكل أملاكها، وأن هذه الوصية الأخيرة تلغى الوصية الأولى، وإذ كانت الوصية الأخيرة باطلة لعدم تحريرها بخط المتوفاة ولأنه لا يكفى لصحتها أن يكون موقعاً عليها من الموصية، وإنما يلزم أن تكون محررة صلباً وتوقيعاً بخطها وفقاً لما تقضى به المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، فقد أقام الدعوى. كما أقام مورث الطاعنة الدعوى رقم 185 لسنة 1962 أحوال شخصية أمام ذات المحكمة ضد المطعون عليهما بطلب إلغاء الأمر رقم 180 لسنة 1962 أحوال شخصية أجانب القاهرة الصادر في 27/ 11/ 1962 بتعيين المطعون عليه الثاني مديراً مؤقتاً للتركة والحكم بتعيينه بدلاً منه بصفته موصى له بالوصية المسجلة بالشهر العقاري بتاريخ 1/ 7/ 1962، وقال بياناً لدعواه إن الوصية اللاحقة الصادرة له موقع عليها من الموصية أمام الموثق بالشهر العقاري، وتلغى الوصية العرفية السابقة عليها والصادرة لصالح المطعون عليه الأول، ضمت الدعويان، وبتاريخ 25/ 6/ 1963 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 8 لسنة 1963 ببطلان الوصية الصادرة بتاريخ 1/ 7/ 1962 من المرحومة السيدة...... إلى مورث الطاعنة، وفى الدعوى رقم 185 لسنة 1962 برفضها. استأنف مورث الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 18 لسنة 80 ق القاهرة، وبوفاته حلت محله زوجته الطاعنة عن نفسها وبصفتها وبتاريخ 27/ 3/ 1967 حكمت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 8 لسنة 1963 إلى عدم جواز سماع الدعوى بالنسبة للوصية الصادرة لمورث الطاعنة وتأييده فيما قضى به من رفض الدعوى رقم 185 لسنة 1961. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 15 لسنة 37 قضائية "أحوال شخصية"، وقد حكم فيه بتاريخ 31/ 12/ 1969 بنقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وبعد تعجيل الدعوى حكمت محكمة الإحالة في 2/ 12/ 1973 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما أن الموصية وقعت على وصيتها لمورث الطاعنة وهى فاقدة الإدراك منعدمة الإرادة، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 11/ 1/ 1974 بقبول ترك الخصومة في الاستئناف عن التظلم من الأمر رقم 180 لسنة 1962 في الدعوى رقم 185 لسنة 1962 أحوال شخصية القاهرة ثم عادت وحكمت في 17/ 4/ 1976 في موضوع الاستئناف برفضه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النعي أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول والوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول أن الحكم أيد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان الوصية الصادرة لمورثها لعدم استيفائها الشروط الواردة بالمادة الثانية من قانون الوصية في حين أن محكمة النقض بحكمها الصادر في 31/ 12/ 1969 وقد نقضت الحكم الاستئنافي الأول على سند من أن الدعوى في حقيقتها دعوى بعدم سماع الوصية وإنما تشتمل على مسوغ سماعها، فإنه كان يتحتم على محكمة الإحالة أن تقضي بإلغاء الحكم الابتدائي تبعاً لأن محكمة النقض قد أعدمت الأسباب التي بني عليها هذا الحكم، ولا يسوغ القضاء بتأييده على خلاف ما تقضي به المادة 269/ 2 من قانون المرافعات. هذا إلى أن طلب المطعون عليه من محكمة الإحالة بطلان الوصية يعد طلباً جديداً أبدى لأول مرة في الاستئناف خاص ببطلان الوصية لتخلف شروط صحتها، يمتنع قبوله عملاً بالمادة 235 من ذات القانون، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد المادة 235 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم أن يتقدموا لمحكمة الدرجة الثانية بأدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة لم يسبق لهم إبداؤها أمام محكمة الدرجة الأولى، وكانت وسائل الدفاع الجديدة تتميز عن الطلبات الجديدة بأنها لا تغير من موضوع النزاع بل تعنى الحجج التي يستند إليها الخصم في تأييد ما يدعيه دون أن يغير مطلوبة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للخصوم أمام محكمة الإحالة إبداء ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع، وكانت لهذه المحكمة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما تقدم إليها من هذه الوجوه وعلى مما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة، لما كان ذلك وكان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الدعوى أقيمت بداءة بطلب الحكم ببطلان الوصية لعدم توافر شروط سماعها المقررة بالمادة الثانية من قانون الوصية وأن الحكم الابتدائي استجاب لطلب المطعون عليه فى هذا الشأن، فإن تمسك هذا الأخير أمام محكمة الإحالة بذات الطلب مؤسساً على سبب جديد يتعلق بشروط صحة الوصية لا يعد إبداء لطلب جديد أمام محكمة الاستئناف. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببطلان الوصية على سند من ثبوت عدم توافر هذه الشروط، لا يتعارض في أسبابه مع وجوب الالتزام بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض، والتي تناولت مجرد تحقق المسوغ لسماع الدعوى، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بباقي الأسباب الفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه ببطلان الوصية على سند من شهادة شاهدي المطعون عليهما وما قدماه من خطابات صادرة عن الموصية تشكو فيها من تصرفات مورث الطاعنة معها، في حين أن ما نسباه للموصية من صفات وتصرفات لا تنبئ عن أنها كانت عديمة الإدراك وقت تحرير الوصية وإيداعها. هذا إلى أنه لا مجال للاستدلال بهذه الخطابات لأن الاعتداد بها باعتبار صدورها منها وهي كاملة الإرادة يتعارض مع إصدارها على الوصية حتى وفاتها والتي كان يمكنها الرجوع عنها في أي وقت. بالإضافة إلى أنه مسخ أقوال شاهدها الدكتور..... بأن نسب إليه القول بأن مرض الموصية أثر على قوة إدراكها في حين أنه أقر لها بقوة الشخصية وشهد بأن تأثير مرضها اقتصر على الذاكرة، كما استدل الحكم بإصابة الموصية بتصلب الشرايين وضغط الدم على انعدام إدراكها وإرادتها وقت صدور الوصية رغم أن الطبيب المعالج لم يستطيع التقرير بأنها كانت مصابة بهذين المرضين عند الإيصاء، فضلاً عن انعدام الصلة بينهما وبين توافر الإدراك وسلامة الإرادة وهو ما يعيب الحكم بالتناقض والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببطلان الوصية الصادرة لصالح مورث الطاعنة على سند مما ثبت للمحكمة من أن الموصية كانت عند توقيعها على الوصية فريسة مرض عضال من ضغط دم وتصلب في شرايين المخ أثر على ذاكرتها أو يحتمل أن يكون كذلك فضلاً عن وهن الشيخوخة ومخاوف الوحدة التي تعيشها وكانت تحت تسلط من الطاعنة ومورثها حتى أصبحت معدومة الإرادة، واستدلت على ذلك بما شهد به شاهدا المطعون عليهما من أنها كانت مريضة غريبة الأطوار دائبة الشكوى لمحاميها المطعون عليه الثاني من تصرفات مورث الطاعنة معها، ومما شهد به شاهد الطاعنة الدكتور....... من أنه كان يعالج الموصية فى الفترة من أواخر سنة 1961 إلى حوالى وسط أكتوبر سنة 1962 من أمراض ضغط الدم والتصلب في شرايين القلب والمخ والتهاب الكليتين وأنها كانت تبلغ من العمر حوالى سبعين عاماً، وأنه لا يمكنه أن ينفي أن شخصا أو أشخاصا يمكنهم السيطرة عليها أم لا في بعض الظروف وبما ضمنته الموصية خطاباتها المرسلة إلى محاميها المطعون عليه الثاني في تواريخ لاحقة لإيداع الوصية من شكواها من تصرفات مورث الطاعنة منها، وبما حصل عليه المذكور من إقرارات من مورث الطاعنة تضمنت إقراره بالحصول على مبالغ ومنقولات من الموصية وتعهده بردها. لما كان ذلك، وكانت أقوال الشهود حسبما أوردها الحكم، وما تضمنته الخطابات والإقرارات المقدمة في الدعوى لا تكشف عن أن الموصية كانت تحت تسلط الطاعنة ومورثها على نحو إعدام إرادتها كما ذهبت إلى الحكم، فقد خلت شهادة شاهدي المطعون عليهما من أية إشارة لهذا التسلط سوى ما قرره ثانيهما من أن الموصية دأبت على التردد على مكتب محاميها المطعون عليه الثاني والذي يزامله في العمل به والشكوى من مورث الطاعنة وهو ما يتعارض مع القول بأن لهذا الأخير تأثيراً عليها من شأنه إعدام إرادتها بل إن في شكواها لمحاميها وتضمينها خطاباتها المرسلة إليه ما ينفى قيام حالة التسلط سيما وأنها انصبت على مجرد مطالبتها باسترداد منقولات ومبالغ تقاضاها مورث الطاعنة للإنفاق على بعض شئونها دون أن يفي بما تعهد به، بالإضافة إلى أن هذه الخطابات وقد أرسلت في تواريخ لاحقة لإيداع الوصية بمكتب التوثيق، كان من الممكن تضمينها واقعة الإكراه بما كان يكفي لإلغاء الوصية ولا ينال من ذلك ما شهد به طبيبها المعالج الدكتور.... من أنه لا يمكنه أن ينفي أن شخصاً أو أشخاصاً يمكنهم السيطرة عليها أم لا في بعض الظروف لأن شهادته بذلك لا تصلح لأن يحمل عليها الحكم، إذ الأحكام يجب أن تبنى على الجزم واليقين، ولا يصح أن تؤسس على مجرد الاحتمال والتخمين. لما كان ما سلف وكان ما قرره الطبيب المعالج من أن ما تعانيه الموصية من أمراض إنما أثرت على ذاكرتها دون أن يقطع بأنها مست إدراكها وإرادتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص من أقوال الشهود ومن خطابات الموصية والإقرارات الصادرة من مورث الطاعنة أن الموصية كانت وقت تحرير الوصية وإيداعها منعدمة الإرادة يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأوجه.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى. ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطعن الأول اقتصر على النعي على ما قضى به بشأن عدم السماع، ورد الطعن الثاني على القضاء في الموضوع وهو ما لم يكن معروضاً أصلاً فى الطعن الأول، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق