الصفحات

الجمعة، 20 سبتمبر 2024

الطعن 15038 لسنة 89 ق جلسة 11 / 1 / 2022 مكتب فني 73 ق 4 ص 59

جلسة 11 من يناير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / مجدي تركي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد مصطفى ، عماد محمد عبد الجيد ، محمد أحمد خليفة وسامح صبري نواب رئيس المحكمة .
--------------
(4)
الطعن رقم 15038 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة حيازة وإحراز المخدر . تحققه بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه مخدر . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه .
(3) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأحكام الجنائية الصادرة من محكمة الجنايات في جناية . واجبة التنفيذ فور صدورها سواء كانت حضورية أم غيابية . التزام الحكم هذا النظر في اطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما نفاذاً لحكم غيابي صادر في جناية . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟
جواز تفتيش المتهم في الأحوال التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه . المادة 46 إجراءات جنائية .
مثال .
(4) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود الأحكام القضائية بيد مأمور الضبط وقت تنفيذها . غير مقبول . علة ذلك ؟
(5) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة الجوهر المخدر للطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار . دون أن يعد ذلك تناقضاً .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وعدم معقولية الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . حد ذلك ؟
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المرافقة له وانفراده بالشهادة . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) مواد مخدرة . سلاح . ارتباط . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة الطاعن بجريمة إحراز مخدر بغير قصد وسلاح أبيض ومعاقبته عن الأولى بوصفها الأشد عملاً بالمادة 32 /2 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي وأوامر تنفيذ الأحكام الجنائية الصادرة ضد الطاعن ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً ، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للجوهر المخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد.
3- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء مبرراته واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض – مردود – مما هو ثابت بالأوراق من أن المتهم قد صدر ضده أحكام قضائية مقيدة للحرية في جناية مخدرات وذخيرة مقيدة برقم .... لسنة .... قسم .... ومقيدة برقم كلي .... لسنة .... وأخرى برقم .... لسنة .... قسم .... ومقيدة برقم .... كلي .... بتهمة سلاح ناري وقضي فيها بالحبس مع الشغل سنة والغرامة وعليه يكون القبض عليه له مسوغه القانوني ، وكان من المقرر أنه كلما جاز القبض جاز التفتيش وعليه يضحى الدفع دونما سند وتلتفت عنه المحكمة ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة من محكمة الجنايات في جناية واجبة التنفيذ فور صدورها سواء كان الحكم حضورياً أو غيابياً والذي يظل قائماً واجب النفاذ حتى يتم القبض على المحكوم عليه أو تقديم نفسه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة لإعادة إجراءات محاكمته من جديد عملاً بمفهوم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه سواء فيما حصله في بيان الواقعة أو في إيراد أدلة الثبوت التي اطمأن إليها والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصل في الأوراق وفيما ساقه رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش - على النحو مار البيان – أن الطاعن صادر ضده من محكمة الجنايات حكم في القضية رقم .... لسنة .... جنايات قسم .... وآخر في القضية رقم .... لسنة .... جنايات قسم .... وأنه مطلوب التنفيذ عليه فيهما ومن ثم فإن ما قام به – ضابط الواقعة – مأمور الضبط والمنوط به تنفيذ ذلك الحكم من القبض على الطاعن وتفتيشه عملاً بالحق الذي تخوله له المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية يكون قد تم وفق صحيح القانون ، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا إلى أنه ما دام الطاعن لا ينازع في أمر صدور الحكمين القضائيين سالفي البيان ضده فإن تفتيش شخصه يكون صحيحاً ، لأنه في سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، كما أن البين من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أجراه الضابط للطاعن وبالكيفية التي تم بها لم يكن فيه تجاوز للغرض من التفتيش الوقائي ، هذا إلى أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من دواعي التوقي والتحوط ولم يستطل لغرض آخر وهو سعي من أجراه للبحث عن جريمة لا صلة لها بهذا النوع من التفتيش ، ومن ثم فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعن بشأن قيام تجاوز الغرض من التفتيش الوقائي .
4- لما كان لا يؤبه لقالة الطاعن بشأن عدم حمل ضابط الواقعة للأحكام القضائية الصادرة ضده وقت الضبط ، لما هو مقرر من أنه لا يشترط أن تكون الأحكام القضائية موجودة بيد مأمور الضبط القضائي وقت تنفيذها ، وإنما كل ما يشترطه القانون في ذلك أن تكون هذه الأحكام لها أصل ثابت بالأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وفق الثابت من أوراقها ، وطالما أورد الحكم في مدوناته أن القبض والتفتيش تما نفاذاً للحكمين القضائيين الصادرين ضده – وهو الحال في الدعوى – ومن ثم يضحى كل ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا محل له .
5- لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في تحصيله لواقعة الدعوى ، وأقوال شاهد الإثبات أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار – على خلاف ما ذهب إليه بأسباب طعنه – ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة التناقض في التسبيب ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وبعدم معقولية الواقعة هما من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
7- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد ليس فيه ما يُخالف القانون وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
8- لما كان الثابت مما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى أن ضبط المخدر مع الطاعن في الوقت الذي ضبط فيه محرزاً لأداة ( كتر ) مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ لا يجعل هذه الجريمة الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز المخدر ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة 32 من قانون العقوبات ، ذلك أن جريمة إحراز أداة ( كتر ) آنفة البيان هي في واقع الأمر – في صورة الدعوى المطروحة – جريمة مستقلة عن هذه الجناية مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن الفعلين ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل في حق الطاعن المادة 32/2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز المخدر باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة إحراز أداة ( كتر ) مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، مما كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلا أنه لا محل لذلك إذ لا يصح أن يُضار الطاعن بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنه :
- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ( حشيش ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً حال كونه ممن سبق الحكم عليه في جناية مخدرات .
- أحرز سلاحاً أبيض ( كتر ) بدون مسوغ قانوني .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم (56) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المعدل والمواد 1/1 ، 25 مكرر /1 ، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأول المعدل ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات ، باعتبار إحراز الجوهر المخدر مجرداً من القصود المسماة في القانون ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدر والسلاح الأبيض المضبوطين وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحراز أداة ( كتر ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور والتناقض في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت عامة مبهمة ، ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به الأركان القانونية للجريمتين اللتين دانه بهما ، ولم يدلل على توافر علمه بكنه المخدر المضبوط ، واطرح برد غير سائغ الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء مبرراته ، ولتجاوز الضابط القائم به حدود التفتيش الوقائي ، وانتفاء علمه بالأحكام الصادرة ضد الطاعن إذ لم تكن بيده وقت حصول الضبط ، وحصل واقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات بما يفيد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة في حق الطاعن ثم عاد ونفى عنه ذلك القصد ، وأغفل الرد على أوجه دفاعه بانتفاء صلته بالمضبوطات وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة وفق رواية ضابطها ، وانفراد الأخير بالشهادة وحجبه عنها باقي أفراد القوة المرافقة له ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي وأوامر تنفيذ الأحكام الجنائية الصادرة ضد الطاعن ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً ، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للجوهر المخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء مبرراته واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض– مردود – مما هو ثابت بالأوراق من أن المتهم قد صدر ضده أحكام قضائية مقيدة للحرية في جناية مخدرات وذخيرة مقيدة برقم .... لسنة .... قسم .... ومقيدة برقم كلي .... لسنة .... وأخرى برقم .... لسنة .... قسم .... ومقيدة برقم .... كلي .... بتهمة سلاح ناري وقضي فيها بالحبس مع الشغل سنة والغرامة وعليه يكون القبض عليه له مسوغه القانوني ، وكان من المقرر أنه كلما جاز القبض جاز التفتيش وعليه يضحى الدفع دونما سند وتلتفت عنه المحكمة ) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية الصادرة من محكمة الجنايات في جناية واجبة التنفيذ فور صدورها سواء كان الحكم حضورياً أو غيابياً والذي يظل قائماً واجب النفاذ حتى يتم القبض على المحكوم عليه أو تقديم نفسه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة لإعادة إجراءات محاكمته من جديد عملاً بمفهوم المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه سواء فيما حصله في بيان الواقعة أو فيإيراد أدلة الثبوت التي اطمأن إليها والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصل في الأوراق وفيما ساقه رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش - على النحو مار البيان – أن الطاعن صادر ضده من محكمة الجنايات حكم في القضية رقم .... لسنة .... جنايات قسم .... وآخر في القضية رقم .... لسنة .... جنايات قسم .... وأنه مطلوب التنفيذ عليه فيهما ومن ثم فإن ما قام به – ضابط الواقعة - مأمور الضبط والمنوط به تنفيذ ذلك الحكم من القبض على الطاعن وتفتيشه عملاً بالحق الذي تخوله له المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية يكون قد تم وفق صحيح القانون ، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ، هذا إلى أنه ما دام الطاعن لا ينازع في أمر صدور الحكمين القضائيين سالفي البيان ضده فإن تفتيش شخصه يكون صحيحاً لأنه في سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه كما هو مقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، كما أن البين من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أجراه الضابط للطاعن وبالكيفية التي تم بها لم يكن فيه تجاوز للغرض من التفتيش الوقائي ، هذا إلى أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من دواعي التوقي والتحوط ولم يستطل لغرض آخر وهو سعي من أجراه للبحث عن جريمة لا صلة لها بهذا النوع من التفتيش ،ومن ثم فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعن بشأن قيام تجاوز الغرض من التفتيش الوقائي . لما كان ذلك ، وكان لا يؤبه لقالة الطاعن بشأن عدم حمل ضابط الواقعة للأحكام القضائية الصادرة ضده وقت الضبط ، لما هو مقرر من أنه لا يشترط أن تكون الأحكام القضائية موجودة بيد مأمور الضبط القضائي وقت تنفيذها ، وإنما كل ما يشترطه القانون في ذلك أن تكون هذه الأحكام لها أصل ثابت بالأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وفق الثابت من أوراقها ، وطالما أورد الحكم في مدوناته أن القبض والتفتيش تما نفاذاً للحكمين القضائيين الصادرين ضده – وهو الحال في الدعوى – ، ومن ثم يضحى كل ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في تحصيله لواقعة الدعوى ، وأقوال شاهد الإثبات أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار – على خلاف ما ذهب إليه بأسباب طعنه – ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذه الحيازة كانت بقصد الاتجار دون أن يُعد ذلك تناقضاً في حكمها ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة التناقض في التسبيب ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وبعدم معقولية الواقعة هما من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم المطعون فيه على شهادة شاهد واحد ليس فيه ما يُخالف القانون وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان الثابت مما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى أن ضبط المخدر مع الطاعن في الوقت الذي ضبط فيه محرزاً لأداة ( كتر ) مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ لا يجعل هذه الجريمة الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز المخدر ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة 32 من قانون العقوبات ، ذلك أن جريمة إحراز أداة ( كتر ) آنفة البيان هي في واقع الأمر – في صورة الدعوى المطروحة – جريمة مستقلة عن هذه الجناية مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن الفعلين ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأعمل في حق الطاعن المادة 32/2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة جريمة إحراز المخدر باعتبارها الجريمة الأشد دون جريمة إحراز أداة (كتر) مما يستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ التي يجب توقيع عقوبة مستقلة عنها ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ، مما كان يوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، إلا أنه لا محل لذلك إذ لا يصح أن يُضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق