الصفحات

الاثنين، 23 سبتمبر 2024

الطعن 1368 لسنة 91 ق جلسة 10 / 2 / 2022 مكتب فني 73 ق 12 ص 118

جلسة 10 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت مكادي ، سامح حامد ، طارق سلامة وأحمد الطويل نواب رئيس المحكمة .
----------------
(12)
الطعن رقم 1368 لسنة 91 القضائية
(1) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . حكم " وصفه " .
إثبات تخلف المتهم عن الحضور من محبسه بمحضر الجلسة . خطأ مادي لا يعيب الحكم . ما دام وصف بأنه حضوري وأثبت به وبرول القاضي مُثوله بشخصه رفقة محاميه . أثر ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم الأفعال التي قارفها الطاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها . نعيه بخلاف ذلك . غير مقبول .
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعن بشأن تدليل الحكم على مقارفته الجرائم التي دانه بها . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) دفوع " الدفع بالإعفاء من العقاب " . تقنية المعلومات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم إعفائه من العقاب وفقاً للمادة 41 من القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات . غير مقبول . متى كانت شروط إعمال الفقرة الأولى منها منتفية وكان الإعفاء وفقاً لفقرتها الثانية جوازي لمحكمة الموضوع . علة ذلك ؟
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " أوراق رسمية " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(8) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدره . لا ينال من جدية التحريات .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البيّن من محضر جلسة .... - جلسة المرافعة الأخيرة - أن الثابت بها حضور أ / .... المحامي مع المتهم وأثبت دفاعه وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم مع استمرار حبس المتهم ، كما ثبت برول القاضي بذات الجلسة ما يشير إلى حضور المتهم بشخصه ومعه محاميه ، فضلاً عما أثبته الحكم المطعون فيه من مثول المتهم بشخصه بالجلسة - سالفة البيان - كما وصف الحكم بأنه صدر حضورياً - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن بأسباب طعنه - فتكون عبارة (لم يحضر المتهم من محبسه) التي وردت بمحضر جلسة .... مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة لواقعة حضور المتهم المعروض عليها ، فمن ثم يجوز الطعن فيه بطريق النقض .
2- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد .
3- لما كان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها ، إذ أثبت قيام الطاعن بإنشاء حساب علي موقع الفيس بوك باسم (الملحدين المصريين) ويقوم بإدارته ونشر منشورات تحتوي على أفكار إلحادية وإسقاطات وسخرية من الأديان السماوية مما يشكل جريمة ازدراء الأديان وذلك من خلال استخدامه لهاتفه المحمول ، وتأيد ذلك مما ثبت بتقرير فحص الهاتف وإقراره لضابط الواقعة وما توصلت إليه التحريات ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إعفائه من العقاب عملاً بحكم المادة 41 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات واطرحه تأسيساً على خلو الأوراق من توافر شروط الإعفاء المنصوص عليها في المادة المذكورة . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون سالف البيان أجازت للمحكمة إعفاء الجناة أو الشركاء من العقوبة إذا حصل البلاغ بعد كشف الجريمة وقبل التصرف في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على ضبط الأموال موضوع الجريمة أو أعان أثناء البحث والتحقيق على كشف الحقيقة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في عدم تمتعه بالإعفاء من العقاب طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 41 من القانون سالف البيان ، إذ إنه يسلم في أسباب الطعن بأنه أدلى بإقراره بعد القبض عليه والتحقيق معه ، فقد دل بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع في التحقيق وكشف الجريمة ، وكان إعمال تلك المادة في فقرتها الثانية مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ولم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
7- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، كما أنه لا ينال من سلامة الحكم طرحه المستندات التي تساند إليها الطاعن للتدليل على صدق دفاعه ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى .
8- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدره لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات .
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض والخطأ في الإسناد الذي شاب أسباب الحكم المطعون فيه ، وكانت مدونات الحكم قد خلت من هذا التناقض أو الخطأ في الإسناد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- تعدى على الأديان السماوية والتي تؤدى شعائرها علناً وكان ذلك عن طريق النشر على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) على النحو المبين بالتحقيقات .
2- ارتكب أعمالاً من شأنها إحداث التمييز بين طوائف المجتمع بسبب الدين وترتب على هذا التمييز تكدير السلم العام وإهدار العدالة الاجتماعية على النحو المبين بالتحقيقات .
3- حرض علناً عن طريق النشر على موقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) على التمييز ضد طوائف المجتمع بسبب الدين بأن قام بنشر أفكار متطرفة وصور وعبارات تحوي إهانة للأديان السماوية والذات الإلهية وكان من شأن ذلك ازدراء الأديان السماوية وتكدير السلم العام وكان ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
4- اعتدى على المبادئ الدينية في المجتمع المصري بأن قام بنشر صور وعبارات ومشاركات على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) حـوت إهانة للأديان السماوية والذات الإلهية وأفكاراً متطرفة تدعو للإلحاد وكان ذلك علناً على النحو المبين بالأوراق.
5- أنشأ وأدار صفحة وحساباً خاصاً على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) واستخدمه في ارتكاب جرائم معاقب عليها قانوناً على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد 161 / أولاً ، 161 مكرراً/۱ ، ۱۷۱ ، 176 ، 198 /4،3 من قانون العقوبات ، والمواد 1 ، ٢٥ ، ۲۷ ، ۳۸ مـن القانون رقم 175 لسنة ٢٠١٨ في شأن مكافحـة جـرائـم تقنيـة المعلومات .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيهاً لإيقاف التنفيذ مؤقتاً وبتغريم المتهم مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه والمصادرة وألزمته بالمصروفات الجنائية.
فاستأنف المتهم ذلك القضاء ، وقيـد ذلك الاستئناف برقم .... ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضـه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريـق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن البين من محضر جلسة .... - جلسة المرافعة الأخيرة - أن الثابت بها حضور أ / .... المحامي مع المتهم وأثبت دفاعه وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم مع استمرار حبس المتهم ، كما ثبت برول القاضي بذات الجلسة ما يشير إلى حضور المتهم بشخصه ومعه محاميه ، فضلاً عما أثبته الحكم المطعون فيه من مثول المتهم بشخصه بالجلسة - سالفة البيان - كما وصف الحكم بأنه صدر حضورياً - وهو ما لم ينازع فيه الطاعن بأسباب طعنه - فتكون عبارة ( لم يحضر المتهم من محبسه ) التي وردت بمحضر جلسة .... مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة لواقعة حضور المتهم المعروض عليها ، فمن ثم يجوز الطعن فيه بطريق النقض .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إنشاء وإدارة صفحة وحساب خاص على مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) واستخدامه في ارتكاب جرائم الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري والتعدي على الأديان السماوية التي تؤدى شعائرها علناً وارتكاب أعمال من شأنها إحداث التمييز بين طوائف المجتمع بسبب الدين مما يكدر السلم العام والتحريض على ذلك علناً بطريق النشر على مواقع التواصل الاجتماعي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه أُفرغ في صورة مجملة شابها الغموض والإبهام ، وخلا من بيان الواقعة ولم يستظهر أركانها والأفعال التي ارتكبها الطاعن ومؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانته ، وخلو الأوراق من دليل يقيني إذ إن التقرير الفني والتحريات لا يصلحا لإدانته لقصورهما في التدليل على ارتكاب الطاعن لما أُدين به ، ولم يعمل بحقه الإعفاء الوارد بنص المادة 41 من القانون رقم 185 لسنة 2018 الخاص بتقنية المعلومات ، والتفت الحكم عما تمسك به من انقطاع صلته بالواقعة وانتفاء أركانها المؤيد بالمستندات - لشواهد عددها - واطرح دفعه ببطلان إذن الضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات لتجهيل مصدرها ، وعاب الحكم التناقض والخطأ في الإسناد ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن من القصور في التسبيب ، ومن ثم كان هذا المنعى غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد حدد في بيان كاف الأفعال التي قارفها الطاعن بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها ، إذ أثبت قيام الطاعن بإنشاء حساب على موقع الفيس بوك باسم ( الملحدين المصريين ) ويقوم بإدارته ونشر منشورات تحتوي على أفكار إلحادية وإسقاطات وسخرية من الأديان السماوية مما يشكل جريمة ازدراء الأديان وذلك من خلال استخدامه لهاتفه المحمول ، وتأيد ذلك مما ثبت بتقرير فحص الهاتف وإقراره لضابط الواقعة وما توصلت إليه التحريات ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وتحريات الشرطة رغم قصورها عن التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إعفائه من العقاب عملاً بحكم المادة 41 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن تقنية المعلومات واطرحه تأسيساً على خلو الأوراق من توافر شروط الإعفاء المنصوص عليها في المادة المذكورة . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون سالف البيان أجازت للمحكمة إعفاء الجناة أو الشركاء من العقوبة إذا حصل البلاغ بعد كشف الجريمة وقبل التصرف في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على ضبط الأموال موضوع الجريمة أو أعان أثناء البحث والتحقيق على كشف الحقيقة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في عدم تمتعه بالإعفاء من العقاب طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 41 من القانون سالف البيان ، إذ إنه يسلم في أسباب الطعن بأنه أدلى بإقراره بعد القبض عليه والتحقيق معه ، فقد دل بذلك على صدور الإخبار بعد الشروع في التحقيق وكشف الجريمة ، وكان إعمال تلك المادة في فقرتها الثانية مما يدخل في حدود سلطة قاضي الموضوع ولم يجعل الشارع للمتهم شأناً فيه بل خص به قاضي الموضوع ولم يلزمه باستعماله بل رخص له في ذلك وتركه لمشيئته وما يصير إليه رأيه ، ومن ثم فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإنما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، كما أنه لا ينال من سلامة الحكم طرحه المستندات التي تساند إليها الطاعن للتدليل على صدق دفاعه ، ذلك أن الأدلة في الموادالجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكان عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدره لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية التناقض والخطأ في الإسناد الذي شاب أسباب الحكم المطعون فيه ، وكانت مدونات الحكم قد خلت من هذا التناقض أو الخطأ في الإسناد ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن طعن المحكوم عليه برمته يكون على غير أساس خليقاً بالرفض موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق