الصفحات

السبت، 31 أغسطس 2024

الطعن 444 لسنة 44 ق جلسة 27 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 341 ص 1766

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين/ حافظ رفقي، محمود حسن حسين، دكتور سعيد عبد الماجد وعاصم المراغي.

----------------

(341)
الطعن رقم 444 لسنة 44 القضائية

(1) دعوى "الخصوم في الدعوى". نقض.
إدخال خصم في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته وليقدم ما لديه من مستندات. القضاء بإخراجه من الدعوى. عدم نعي الطاعن بشيء على هذا القضاء. أثره. عدم قبول اختصامه في الطعن بالنقض.
(2) استئناف. قوة الأمر المقضي. تنفيذ.
قضاء المحكمة الاستئنافية في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف. قضاء وقتي. لا يحوز قوة الأمر المقضي. للمحكمة العدول عن رأى ارتأته وقت الفصل في هذا الطلب.
(3) نقض "سبب الطعن".
نعي الطالب بصدور الإقرار منه تحت تأثير تدليس من جانب خصمه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) التزام "الوفاء".
تعدد الدينين من جنس واحد في ذمة المدين لدائن واحد. للمدين أن يعين وقت السداد الدين الذي يريد الوفاء به. م 344 مدني.
(5) حكم "تسبيب الحكم".
خطأ الحكم في التعبير بلفظ غير مقصود لذاته وغير مؤثرة في قضائه. لا عيب.
(6) التزام. قوة قاهرة.
انقضاء الالتزام بصيرورة تنفيذه مستحيلاً بسبب القوة القاهرة. شرطه. حدوث القوة القاهرة خلال الفترة المحددة لتنفيذ الالتزام. تأخير المدين في التنفيذ لا يخوله التمسك بوقوعها.

--------------------
1- شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصاص المدعى عليه للحكم بطلبه مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون، والطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل فلا يكفي لقبوله أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن الطاعن الأول كان قد أدخل المطعون ضدها الثانية أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهتها ولتقديم ما لديها من مستندات. وإذ قضى الحكم الابتدائي بإخراجها من الدعوى ولم ينع الطاعنان بشيء على هذا القضاء فى الاستئناف الذى أقيم منهما وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فمن ثم لا يكون لهما مصلحة في اختصاصهما أمام هذه المحكمة ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة لها.
2- القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف هو قضاء وقتي لا يجوز وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوة الأمر المقضي لأن الفصل في هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل في الموضوع عن رأي ارتأته وقت "الفصل في هذا الطلب إذ ليس لحكمها فيه أي تأثير على الفصل في الموضوع.
3- إذ كان الطاعن الأول لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يدل على سبق تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن الإقرار بمديونيته لعدم تنفيذه العقد قد صدر منه تحت تأثير تدليس من جانب الشركة المطعون ضدها الأولى، فلا تقبل منه إثارة هذا الدفاع الذى يخالطه واقع أمام هذه المحكمة لأول مرة.
4- مفاد نص المادة 344 من القانون المدني أنه في حالة تعدد الديون من جنس واحد في ذمة المدين لدائن واحد، وأراد المدين أن يوفى بأحد هذه الديون وجب عليه أن يعين وقت السداد الدين الذى يريد الوفاء به.
5- مجرد خطأ الحكم في التعبير بلفظ ليس مقصوداً لذاته وغير مؤثر على ما انتهى إليه الحكم فى قضائه لا يعيبه بالتناقض.
6- تعتبر القوة القاهرة من الظروف الطارئة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً وينقضي بها التزام المدين دون أن يتحمل تبعة عدم تنفيذه ويشترط لذلك أن تكون القوة القاهرة قد حلت خلال الفترة المحددة لتنفيذ الالتزام، فإذا كانت قد حلت بعد انتهاء تلك الفترة، فإنه لا يسوغ للمدين أن يتمسك بها للتخلص من تبعة عدم تنفيذ التزامه أو التأخير فيه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن العقد قد حددت به الفترة التي تعهد الطاعن الأول بتوريد كميات الكتان المتعاقد عليها وتبدأ من يوليو سنة 1965 حتى يناير سنة 1966 وكان المشرع لم يتدخل للحد من تداول محصول الكتان وتحديد أسعاره إلا في 27/ 4/ 1966 حيث أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 65 لسنة 1966 الذى عمل به من تاريخ نشره في الوقائع المصرية بتاريخ 27/ 4/ 1966، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح دفاع الطاعن الأول استناداً إلى أن نظام التسويق التعاوني للكتان قد طبق بعد انقضاء المدة المحددة لتنفيذ العقد، يكون قد انتهى صحيحاً في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى استصدرت بتاريخ 30/ 7/ 1966 أمراً بتوقيع الحجز التحفظي على أموال وبضائع وآلات الطاعن الأول، الموجودة بمصنع الكتان المملوك له بميت حبيش البحرية مركز طنطا، وفاء المبلغ 26711 جنيه و531 مليم، وأوقعت الحجز بتاريخ 6/ 8/ 1966 ثم أقامت الدعوى رقم 566 لسنة 1966 تجارى كلى القاهرة طالبة الحكم بإلزام الطاعن الأول بأن يدفع لها المبلغ المشار إليه وبصحة الحجز التحفظي وجعله نافذاً. وقالت بياناً للدعوى أنها تعاقدت مع المذكور بموجب عقد مؤرخ 25/ 9/ 1965 على شراء 150 طناً من الكتان الشعر محصول سنة 1965 جيزة 4 بسعر الطن 174 جنيهاً، 66 طناً كتان مشاق بسعر الطن 70 جنيها، 70 طناً كتان بسعر الطن 90 جنيهاً، وتعهد بتسليم الكتان المبيع بمعدل 25 طناً شهرياً من الكتان الشعر اعتباراً من أغسطس سنة 1965، وبمعدل 30 طنا شهريا من الكتان المشاق والقطة اعتباراً من يوليو سنة 1965، ودفعت للطاعن الأول عربوناً عن هذه الصفقة 20 ألف جنيه بواقع 80 جنيهاً عن كل طن من الكتان الشعر وخمسين جنيهاً عن كل طن كتان مشاق، وستين جنيهاً عن كل طن كتان قطن على أن يستنزل هذا العربون من ثمن كل طن يقوم بتوريده، وفى حالة عدم قيامه بالتوريد يلتزم برد العربون عن الكمية التي لم يتم توريدها مضافاً إليه مبلغ 30 جنيهاً كتعويض عن كل طن. وبموجب عقد آخر مؤرخ 16/ 10/ 1965 تعاقدت معه على شراء 250 طناً من الكتان الشعر جيزة 4 بسعر الطن 170 جنيهاً، 50 طناً كتان مشاق بسعر الطن 70 جنيهاً، 30 طناً كتان قطة بسعر الطعن 90 جنيها على أن يقوم بتوريد هذه الكميات ابتداء من شهر أغسطس سنة 1966 بمعدل 35 طناً شهرياً من الكتان الشعر، 30 طناً شهرياً كتان مشاق وعشرة أطنان شهرياً كتان قطة. وتسلم منها البائع عربوناً عن هذه الصفقة 17400 جنيه بواقع 60 جنيهاً عن كل طن من الكتان الشعر، 30 جنيهاً عن كل طن من الكتان والمشاق والقطة. ونظراً لتخلف البائع عن توريد 80 طناً من الكتان الشعر تنفيذاً للعقد الأول وامتناعه عن تنفيذ العقد الثاني فإنه يكون ملزماً برد العربون الذي تسلمه عن الكميه التي تخلف عن توريدها من العقد الأول وقدره 6000 جنيه مضافاً إليه التعويض الاتفاقي وقدره 2400 جنيه، وقيمة العربون المدفوع عن العقد الثاني فضلاً عن مبلغ 845 جنيه و291 مليم كان متبقياً في ذمته عن معاملات سابقة مع الشركة فيكون جملة المستحق عليه مبلغ 26711 جنيه و531 مليم. قال الطاعن الأول بإدخال الشركة المطعون ضدها الثانية طالباً قبولها خصماً في الدعوى وبإلزامها بتقديم المستندات الدالة على استلامها منه كميات الكتان محل النزاع وقيمة المبالغ المسددة منها للشركة الأولى خصماً من حسابه. كما قامت الشركة المدعية (المطعون ضدها الأولى) بإدخال الطاعن الثاني خصماً في الدعوى للحكم عليه بالمبالغ المطلوبة بالتضامن مع الطاعن الأول بوصفه ضامناً معه بموجب العقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1966 وانتهت إلى تعديل طلباتها بعريضة معلنة في 21/ 10/ 1967 إلى طلب الحكم (أولاً) بإلزام الطاعن الأول بأن يدفع لها مبلغ 2400 جنيه كتعويض اتفاقي لتخلفه عن توريد 80 طناً من الكتان الشعر المتعاقد عليه بموجب العقد المؤرخ 25/ 9/ 1960 (ثانياً) بإلزام الطاعنين ضامنين متضامنين برد المبالغ المدفوعة للأول على ذمة تنفيذ العقد الثاني وقدرها 17400 جنيه، (ثالثاً) بتثبيت الحجز التحفظي الموقع في 6/ 8/ 1966، دفع الطاعن الأول بعدم قبول الدعوى لعدم سبق الأعذار بالنسبة للعقد الأول، لرفعها قبل الأوان بالنسبة للعقد الثاني - وبتاريخ 29/ 5/ 1968 حكمت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للشركة المدعية مبلغ 16982 جنيهاً وبإلزام الطاعن الأول بأن يدفع لها مبلغ 2400 جنيه، وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع في 6/ 8/ 1966 وجعله نافذاً. وتضمنت أسباب هذا الحكم قضاء برفض الدفعين، وبرفض طلب إدخال الشركة المطعون ضدها الثانية خصماً في الدعوى - استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 498 لسنة 85 ق أمام محكمة استئناف القاهرة وضمنا صحيفة استئنافهما طلباً مستعجلاً بوقف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف وبتاريخ 30/ 6/ 1969 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المستأنف بالنسبة للطعن الثاني، ثم قضت بتاريخ 18/ 4/ 1970 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لفحص الحساب بين الطرفين، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 28/ 2/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية وقبوله شكلاً بالنسبة للمطعون ضدها الأولى ورفضه موضوعاً، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الثانية أن الخصومة لم تكن قائمة بينها وبين الطاعنين، وأن الطاعن الأول لم يدخلها في الدعوى إلا لتقديم ما لديها من مستندات وقد قضت محكمة أول درجة بإخراجها من الدعوى ومن ثم فإنها لا تكون خصماً حقيقياً بما يجيز اختصامها أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع سديد ذلك أنه لما كان شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلبه، مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون، وكان الطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل فإنه لا يكفى لقبوله أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه فى طلباته هو. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن الطاعن الأول كان قد أدخل المطعون ضدها الثانية أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهتها ولتقديم ما لديها من مستندات. وإذ قضى الحكم الابتدائي بإخراجها من الدعوى ولم يمنع الطاعنان بشيء على هذا القضاء فى الاستئناف الذي أقيم منها وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فمن ثم لا يكون لهما مصلحة في اختصامهما أمام هذه المحكمة ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة لها.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى.
وحيث إن الطعن يقوم على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويقول الطاعنان في بيان ذلك أنهما تمسكا بالدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سبق الأعذار بالفسخ أو التنفيذ بالنسبة للعقد الأول المؤرخ 25/ 9/ 1965 وبعدم قبولها لرفعها قبل الأوان بالنسبة للعقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1965 إلا أن الحكم الابتدائي رفض هذين الدفعين تأسيساً على أن الشركة المطعون ضدها الأولى وجهت إلى الطاعن إنذاراً بتاريخ 25/ 4/ 1966 واعتبرته محكمة أول درجة إنذاراً قانونياً بالنسبة للعقد الأول. وأن المطعون ضدها الأولى أوقعت حجزا تحفظيا بتاريخ 6/ 8/ 1966 بعد بدء ميعاد تنفيذ العقد الثاني واستأنف الطاعنان هذا الحكم ونعياً عليه الخطأ في القانون والإسناد ذلك أن الإنذار المشار إليه لم يتضمن طلبا بتنفيذ العقد الأول أو تنبيهاً بفسخه ومن ثم لا يسوغ اعتباره إنذاراً قانونياً في حكم المادتين 157 و158 من القانون المدني كما أن الحجز التحفظي لا يقوم مقام الأعذار الذي يعتبر إجراء مستقلاً، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتناول الرد على الدفعين سالفي الذكر مكتفياً بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه رغم ما شابه من خطأ في القانون والإسناد، الأمر الذى يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك إنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعيب الحكم المطعون فيه أخذه بأسباب الحكم الابتدائي دون إضافة متى كانت كافية لحمل قضائه وتتضمن الرد المسقط لأسباب الاستئناف، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه واعتبرها جزءاً متمماً له - أنه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للعقد الأول المؤرخ 25/ 9/ 1965 تأسيساً على أن المطعون ضدها الأولى أرسلت إلى الطاعن الأول إنذاراً رسمياً بتاريخ 25/ 4/ 1966 نبهت عليه بتوريد باقي كميات الكتان المتعاقد عليها بالعقد المشار إليه وقدرها 80 طناً وذلك خلال أسبوع وإلا اتخذت قبله الإجراءات القانونية لمطالبته برد العربون والتعويض المتفق عليه في العقد، واعتبر الحكم هذا الإنذار بمثابة الأعذار المنصوص عليه في المادة 157 من القانون المدني إذ انطوى على تنبيه بتوريد باقي كمية الكتان المتعاقد عليها خلال أسبوع وإلا طالب بفسخ العقد. كما قضى الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان بالنسبة للعقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1965 استناداً إلى أن المطعون ضدها الأولى أوقعت حجزاً تحفظياً بتاريخ 6/ 8/ 1966 أي بعد بدء تنفيذ العقد الثاني في 1/ 8/ 1966 وهو إجراء أقوى في الأعذار من الإنذار هذا فضلاً عن أن الطاعن الأول قد أقر في كتابه المرسل للمطعون ضدها الأولى بتاريخ 14/ 11/ 1966 بأنه لم يقم بتنفيذ العقد التالي وأبدى استعداده لتقسيط الدين، ولما كانت هذه الأسباب سائغة ولا مخالفة فيها للقانون وتكفى لحمل الحكم وتتضمن الرد المسقط للطاعن التي أثارها الطاعنين في استئنافهما، فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني هو الخطأ في القانون وفي إسناد الوقائع ذلك أن الحكم المطعون فيه احتسب جميع الكميات التي تم توريدها من الكتان تنفيذاً للعقد الأول ورفض احتساب أي منها تنفيذاً للعقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1965 بمقولة أن الخبير ذهب إلى ذلك في تقريره استناداً إلى أن هذا التوريد حصل في فترة تنفيذ العقد الأول وقبل التاريخ المحدد لبدء تنفيذ العقد الثاني من أول أغسطس سنة 1966 وهذا الذى أورده الحكم يخالف ما جاء في تقرير الخبير الذى أثبت أن ثمة توريدات حصلت بعد أول أغسطس سنة 1966 وتسلمتها المطعون ضدها الثانية نفاذاً لنظام التسويق التعاوني وسددت ثمنها للمطعون ضدها الأولى وقدره مبلغ 6993 جنيهاً و555 مليم قام الخبير بخصمه من قيمة العربون المدفوع نفاذاً لذلك العقد وقدره 17400 جنيه بما يجعل ذمة الطاعن الأول مشغولة للشركة المطعون ضدها الأولى بباقي العربون فقط وقدره 10406 جنيه و440 مليم وذلك بضمان والده الطاعن الثاني. وإذ قرر الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك أنه لم تتم توريدات لحساب العقد الثاني فإنه يكون قد أخطأ في إسناد الوقائع بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه هذا النعي غير مقبول ذلك إنه لما كان الثابت في مدونات الحكم المطعون فيه أن الخبير اعتبر الكميات الموردة جميعها تنفيذاً للعقد الأول وليست تنفيذاً للعقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1965 رغم حصول التوريد بعد هذا العقد لأن هذا التوريد حصل في فترة العقد الأول وقبل التاريخ المحدد لبدء تنفيذ العقد الثاني في أول أغسطس سنة 1966، وكان الطاعنان لم يقدما صورة رسمية من تقرير الخبير للتدليل على صحة ما ينعيانه على الحكم المطعون فيه من خطأ في الإسناد فإن نعيهما في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض ويقولان في بيان ذلك بأن محكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 30/ 6/ 1969 بوقف تنفيذ الحكم الابتدائي المستأنف بالنسبة للطاعن الثاني لصدوره استناداً إلى إقرار صادر من الطاعن الأول وحده فلا يتعدى أثره إلى الطاعن الثاني، كما أن الطاعن الأول قد تمسك في دفاعه بأن إقراره هذا لم يصدر عن إرادة صحيحة، ومضمونه يقطع بأنه قد وقع تحت تدليس لأن الشركة المطعون ضدها الأولى أغفلت احتساب المبالغ المسلمة إليها من المطعون ضدها الثانية ثمناً للبضاعة التي تسلمتها الأخيرة من الطاعنين لحساب المطعون ضدها الأولى إثر تطبيق نظام التسويق التعاوني، إلا أن محكمة الاستئناف لم تمحص هذا الدفاع وأغفلت الرد عليه فجاء حكمها المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن القضاء في طلب وقف نفاذ الحكم المستأنف هو قضاء وقتي لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوة الأمر المقضي لأن الفصل في هذا الطلب إنما يستند إلى ما يبدو للمحكمة من ظاهر أوراق الدعوى بما يخولها أن تعدل عند الفصل في الموضوع عن رأي ارتأته وقت الفصل في هذا الطلب إذ ليس لحكمها فيه أي تأثير على الفصل في الموضوع، ولما كان يبين من الأوراق أن محكمة الاستئناف قضت بتاريخ 30/ 6/ 1969 بوقف نفاذ الحكم الابتدائي بالنسبة للطاعن الثاني بناء على ما انتهت إليه من بحثها الذى استندت فيه إلى ظاهر الأوراق دون تغلغل منها في أصل النزاع بما يكون معه ذلك الحكم وقتياً لا يحوز قوة الأمر المقضي، ولا تثريب على المحكمة أن تعدل - وعلى ما سبق البيان - عن رأي كانت قد ارتأته عند إصدار ذلك الحكم. لما كان ذلك فإن النعي في شقه الأول على الحكم الوقتي يكون على غير أساس، ومردود في شقه الثاني بأنه لما كان الطاعن الأول لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يدل على سبق تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن الإقرار بمديونيته في مبلغ 16982 جنيهاً لعدم تنفيذه العقد الثاني قد صدر منه تحت تأثير تدليس من جانب الشركة المطعون ضدها الأولى، فلا يقبل منه إثارة هذا الدفاع الذى يخالطه واقع أمام هذه المحكمة لأول مرة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمديونية الطاعن الأول في المبلغ المشار إليه لعدم تنفيذه العقد الثاني على ما استخلصه من تقرير الخبير ومن إقراره سالف الذكر، وكان الطاعن الثاني قد كفل بالتضامن الطاعن الأول في تنفيذ هذا العقد، فإنه لا تثريب على الحكم إذ ألزم الطاعنين متضامنين بالمبلغ المذكور، ويكون النعي بهذا السبب في شقيه على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه قولاً من الطاعنين بأنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن التوريدات اللاحقة للعقد الثاني قد تمت وفاء للالتزامات الناشئة عن العقد المذكور وذلك إعمالاً لحقهما المنصوص عليه في المادة 244 من القانون المدني والتي تجيز للمدين تعيين الدين الذى يريد الوفاء به وإذ كانت هذه التوريدات تغطى قيمة العقد الثاني فهي تبرئ ذمة الطاعن الثاني الضامن في ذلك العقد وحده، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع ولم يعمل نص المادة المشار إليها على واقعة الدعوى هذا فضلاً عن تناقض أسباب الحكم إذ أورد في صدرها أن العقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1965 لم ينفذ ثم عاد في نهايتها وقرر أنه ثبت من خطاب صادر من الطاعن الأول مديونيته بسبب تنفيذ العقد المذكور الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 344 من القانون المدني إذ نصت على أنه : "إذا تعددت الديون في ذمة المدين وكانت لدائن واحد ومن جلس واحد وكان ما أورده المدين لا يفي بهذه الديون جميعها جاز للمدين عند الوفاء أن يعين الدين الذى يريد الوفاء به ما لم يوجد مانع قانوني أو اتفاقي يحول دون هذا التعيين. "قد دلت على أنه فى حالة تعدد الديون من جنس واحد في ذمة المدين لدائن واحد وأراد المدين أن يوفى بأحد هذه الديون وجب عليه أن يعين وقت السداد للدين الذى يريد الوفاء به، ولما كانت أوراق الدعوى قد خلت مما يدل على أن الطاعن الأول - وهو المدين الأصلي - قد اختار وقت توريد كميات الكتان استنزالها من العقد الثاني المؤرخ 16/ 10/ 1965 وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استخلص من الخبير المنتدب في الدعوى أن كميات الكتان التي تم توريدها كانت تنفيذ للعقد المؤرخ 25/ 9/ 1965 لأنها تمت في فترة سريان هذا العقد وقبل التاريخ المحدد لبدء تنفيذ العقد الثاني الذي أقر بتاريخ 29/ 8/ 1963 بعدم تنفيذه فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس، ولا ينال من الحكم خطؤه فى التعبير بقوله "إن مديونية الطاعن الأول ناشئة عن تنفيذ العقد المؤرخ 16/ 10/ 1965" ذلك أن مجرد خطأ الحكم في التعبير بلفظ ليس مقصوداً لذاته وغير مؤثر على ما انتهى إليه الحكم في قضائه لا يعيبه بالتناقض ويكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وفي الإسناد، وفى بيان ذلك يقول الطاعن الأول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن تطبيق نظام التسويق التعاوني للكتان هو الذى حال دون توريد ما تبقى من الكمية المتعاقد عليها في العقد الأول ومن ثم يعتبر قوة قاهرة تعفيه من أي تعويض قبل الشركة المطعون ضدها الأولى من الكمية التي استحال عليه توريدها إليها، إلا أن الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع استناداً إلى أن نظام التسويق التعاوني للكتان لا يعتبر قوة قاهرة لأنه طبق بعد تنفيذ العقد الأول في حين أن الثابت بالأوراق أن التوريد تم عن طريق الشركة المطعون ضدها الثانية التي اختصت بتوريد الكتان بعد تطبيق نظام التسويق المشار إليه في وقت معاصر لتنفيذ هذا العقد، ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في القانون والإسناد بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كانت القوة القاهرة تعتبر من الظروف الطارئة التي تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً وينقضي بها التزام المدين دون أن يتحمل تبعة عدم تنفيذه، إلا أنه يشترط لذلك أن تكون القوة القاهرة قد حلت خلال الفترة المحددة لتنفيذ الالتزام فإذا كانت قد حلت بعد انتهاء تلك الفترة، فإنه لا يسوغ للمدين أن يتمسك بها للتخلص من تبعة عدم تنفيذ التزامه أو التأخير فيه، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن العقد الأول المؤرخ 25/ 9/ 1965 قد حددت به الفترة التي تعهد الطاعن الأول بتوريد كميات الكتان المتعاقد عليها وتبدأ من يوليو سنة 1965 حتى يناير سنة 1966 وكان المشرع لم يتدخل للحد من تداول محصول الكتان وتحديد أسعاره إلا في 27/ 4/ 1966 حيث أصدر وزير التموين والتجارة الداخلية القرار رقم 65 لسنة 1966 الذى عمل به من تاريخ نشره في الوقائع المصرية بتاريخ 27/ 4/ 1966، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح دفاع الطاعن الأول استنادا إلى أن نظام التسويق التعاوني للكتان قد طبق بعد انقضاء المدة المحددة لتنفيذ العقد، يكون قد انتهى صحيحا في القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق