جلسة 19 من يونيو سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خلف، بهاء صالح، وليد رستم ومحمد العبد نواب رئيس المحكمة.
----------------
(93)
الطعن رقم 15184 لسنة 87 القضائية
(1- 3) عمل " الدعوى العمالية: تقادم الدعوى العمالية ".
(1) سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم. راعى المشرع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن العقد وتصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء. م 698 مدني.
(2) الدفـع بالتقادم أمام محكمة الموضوع. وجوب بحثها شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من وقف أو انقطاع. لها من تلقاء نفسهـا التقرير بانقطاع التقادم أو وقفه متى تبينت قيام سببه.
(3) وقـف سريان التقادم عند وجود مانع للمطالبـة بالحق. م 382 مدني والأعمال التحضيرية للقانون. علة ذلك. عدم ورود هذه الموانع على سبيـل الحصر. تقديـر قيامه. مهمة القاضي. عدم اشتراط وصول المانع لدرجة الاستحالة لتحققه. كفايـة تعذر ذلك على الدائـن بالنظر لحالته وعلاقته بالمدين وكافة الظروف الملابسة. شرطه. ألا يكون ناشئاً عن تقصيره. مؤداه. وجوب بحث كل حالة على حـدة.
(4) عمل " إجراءات رفع الدعوى العمالية ".
قيام علاقة العمل بين أطراف ذوي مصالح متناقضة. أثره. استحداث آلية اختيارية غير قضائية وهي لجان تسوية المنازعات تقوم على تيسير التفاوض بين الأطراف وتخفيف العبء على المحكمة العمالية. م 70 ق 12 لسنة 2003 المعدلة بالقانون 180 لسنة 2008.
(5) عمل " الدعوى العمالية: تقادم الدعوى العمالية ".
انتهاء علاقة العمل واستعانة الطاعن بوساطة مكتب تسوية المنازعات ثم إحالة النزاع للمحكمة العمالية. مؤداه. اعتبار فترة التسوية عذراً مُوقفاً للتقادم. قضاء الحكم المطعون فيه بالتقادم الحولي. قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم وفقاً لنص المادة 698 من القانون المدني إنما راعى المشرع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل وتصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه بحسب محكمة الموضوع أن يُدفع أمامها بالتقادم لكي يتعين عليها أن تبحث شرائطه ومنها المدة وما يعترضها من انقطاع أو وقف يحول دون اكتمال مدته لتقرر من تلقاء نفسها بانقطاعه أو وقفه متى تبينت قيام سببه.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة ٣٨٢ من القانون المدني يدل -وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني- على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يتعذر معه على الدائن أن يُطالب بحقه في الوقف المناسب، بوصف أن وقف التقادم يستند لقاعدة أخلاقية مؤداها أن التقادم لا يسري في حق من لا يستطيع أن يداعي، وهي قاعدة نالت مكاناً بارزاً في القانون المدني يشفع لها رغبة المشرع في ألا يُجافي أحكام الشريعة الغراء التي لا تقر ضياع الحقوق وإن طال عليها الزمن، لذلك لم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم ليتماشى مع كل ما يقتضيه العقل –على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون- تاركاً للقضاء مهمة تقدير ما إذا كان المانع عذراً مُوقفاً للتقادم أم لا، بمعيار مرن لا يصل فيه المانع المُوقف لدرجة الاستحالة كمرتبة القوة القاهرة، بل يكفي لوقفه أن يتعذر عليه ذلك بالنظر لحالة الدائن وعلاقته بالمدين والظروف الملابسة كافة شريطة ألا يكون السكوت بتقصيره وهو أمر يقتضي فحص كل حالة على حدة.
4- مفاد النص في المادة 70 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ -بعد تعديلها بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ٢٠٠٨- أن المشرع ونظراً للطبيعة الخاصة لعلاقات العمل حيث كونها قائمة بين أطراف ذات مصالح متناقضة، كان من الملائم أن يستحدث آلية غير قضائية –اختيارية- تقوم على تيسير التفاوض بين الأطراف المتنازعة وتستهدف المحافظة على العلاقة بين العامل ورب العمل وكذا تخفيف العبء على المحكمة العمالية من خلال هذه اللجان بِتَكوِينِها المذكور ( المنصوص عليها في المادة 70 سالفة البيان).
5- إذ كانت علاقة العمل قد انتهت بين طرفي الدعوى بتاريخ 1/4/2011 حسبما اعتنق الحكم المطعون فيه أخذاً بما سرده الطاعن بصحيفة الطلبات الموضوعية أمام محكمة أول درجة، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن استعان بوساطة مكتب تسوية المنازعات بتاريخ 1/2/2012 لتفادي النزاع بحثاً لحلول ودية، ولما كانت تلك الوساطة باءت بالفشل فأُحيل النزاع إلى المحكمة العمالية حيث قــُيد أمامها بتاريخ 12/4/2012، وإذ كانت فترة التفاوض تتأبي - كوسيلة ودية لحل النزاع – وأن يقوم طالب الوساطة بنقل منازعته لساحات القضاء قبل استنفاد الغرض من اللجوء إليها، ومن ثم فإن فترة التسوية تُعد عذراً مُوقفاً للتقادم، وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه ببحث شرائط التقادم المدفوع به وما اعتراه من وقف يحول دون اكتمال مدته، وقضى بالتقادم الحولي بقالة إقرار الطاعن بصحيفة إعلان الطلبات أن علاقة العمل انتهت بتاريخ 1/4/2011 بما حجبه عن الفصل في موضوع الطلبات فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن تقدم بشكوى لمكتب العمل المختص يتضرر فيها من قيام المطعون ضدها -شركة ازاكو للتصنيع والهندسة والمقاولات- بفصله عسفًا من العمل، ولتعذر التسوية أُحيلت الأوراق إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية وقُيدت أمامها برقم... لسـنة ۲۰۱۲ عمال وحدد طلباته الموضوعية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له المقابل النقدي لرصيد إجازاته غير المستنفدة ومُضافًا إليها أسبوع لكل سنة لكون عمله من الأعمال الخطرة، ومكافأة نهاية الخدمة، وأجر شهرين عن كل سنة خدمة، ومهلة الإخطار، ومبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن الإضرار المادية والأدبية، ومبلغ عشرين ألف جنيه تعويضًا عن إساءة استعمال الحق في التقاضي والادعاء بالتزوير دون وجه حق. وقال شرحاً لدعواه: إنه كان من العاملين لدى المطعون ضدها منذ تاريخ 1/1/2005 بوظيفة فورمان حدادين بأجر شهري 3٥٠٠ جنيه، وتوجه إلى العمل بتاريخ 2/4/2011 وطلبوا منه الراحة لحين توفير عمل جديد فأقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشهود الطرفين قضت بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إليه مبلغ ٤٢٥٠٠ جنيه تعويضـاً مادياً و1500 جنيه تعويضـاً أدبياً، ۷۰۰۰ جنيه مقابل مهلة الإخطار، و١٢٨٦٢،٥ جنيهًا مقابل رصيد الإجازات غير المستنفدة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة ٧٣ ق الإسكندرية، واستأنفه الطاعن أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم... لسنة ٧3 ق، وبعد أن ضمـت المحكمة الاستئناف الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد، حكمت بتاريخ 30/7/2017 بسقوط حق الطاعن بالتقادم الحولي بالنسبة لطلب المقابل النقدي لرصيد الإجازات والتعويض عن الفصل التعسفي ومقابل مهلة الإخطار وبتأييد الحكم الابتدائي فيما عدا ذلك من طلبات، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول: إنه استمر في العمل حتى نهاية عام ٢٠١١ ولجأ بشكواه لمكتب العمل المختص بتاريخ 1/2/2012 قبل مرور سنة من تاريخ الفصل وهو ما أثبته بشهادة الشهود، إلا أن الحكم المطعون فيه قضـى بسقوط حقه في إقامة الدعوى بالتقادم الحولي وعلى الرغم من أن حقيقة دعواه تنطوي على طلب إثبات علاقة العمل التي لا تخضع لهذا النوع من التقادم، وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن النعي - في أساسه- سديد، ذلك أنه ولئن كان من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم وفقاً لنص المادة 698 من القانون المدني إنما راعى المشرع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل وتصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء، إلا أنه من المقرر - أيضاً - أنه بحسب محكمة الموضوع أن يُدفع أمامها بالتقادم لكي يتعين عليها أن تبحث شرائطه ومنها المدة وما يعترضها من انقطاع أو وقف يحول دون اكتمال مدته لتقرر من تلقاء نفسها بانقطاعه أو وقفه متى تبينت قيام سببه. وأن النص في المادة ٣٨٢ من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وُجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يُطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً" يدل - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني- على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يتعذر معه على الدائن أن يُطالب بحقه في الوقف المناسب، بوصف أن وقف التقادم يستند لقاعدة أخلاقية مؤداها أن التقادم لا يسري في حق من لا يستطيع أن يداعي، وهي قاعدة نالت مكاناً بارزاً في القانون المدني يشفع لها رغبة المشرع في ألا يُجافي أحكام الشريعة الغراء التي لا تقر ضياع الحقوق وإن طال عليها الزمن، لذلك لم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم ليتماشى مع كل ما يقتضيه العقل –على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون- تاركاً للقضاء مهمة تقدير ما إذا كان المانع عذراً مُوقفاً للتقادم أم لا، بمعيار مرن لا يصل فيه المانع المُوقف لدرجة الاستحالة كمرتبة القوة القاهرة، بل يكفي لوقفه أن يتعذر عليه ذلك بالنظر لحالة الدائن وعلاقته بالمدين والظروف الملابسة كافة شريطة ألا يكون السكوت بتقصيره وهو أمر يقتضي فحص كل حالة على حدة. وكان من المقرر أن النص في المادة 70 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ - بعد تعديلها بالقانون رقم ۱۸۰ لسنة ٢٠٠٨ - على أنه "إذا نشأ نزاع فردي بين صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المُنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأي منهما أن يطلب من لجنة تُشكل من: ممثل للجهة الإدارية المختصة ( مقرراً )، وممثل للمنظمة النقابية، وممثل لمنظمة أصحاب الأعمال - خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً، فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوماً –من تاريخ تقديم الطلب- جاز لأي منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة (71) من هذا القانون أو أن يلجأ إليها في موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم به وإلا سقط حقه في عرض الأمر على المحكمة" مفاده أن المشرع ونظراً للطبيعة الخاصة لعلاقات العمل حيث كونها قائمة بين أطراف ذات مصالح متناقضة، كان من الملائم أن يستحدث آلية غير قضائية –اختيارية- تقوم على تيسير التفاوض بين الأطراف المتنازعة وتستهدف المحافظة على العلاقة بين العامل ورب العمل وكذا تخفيف العبء على المحكمة العمالية من خلال هذه اللجان بِتَكوِينِها المذكور ؛ لما كان ذلك، وكانت علاقة العمل قد انتهت بين طرفي الدعوى بتاريخ 1/4/2011 حسبما اعتنق الحكم المطعون فيه أخذاً بما سرده الطاعن بصحيفة الطلبات الموضوعية أمام محكمة أول درجة، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن استعان بوساطة مكتب تسوية المنازعات بتاريخ 1/2/2012 لتفادي النزاع بحثاً لحلول ودية، ولما كانت تلك الوساطة باءت بالفشل فأُحيل النزاع إلى المحكمة العمالية حيث قــُيد أمامها بتاريخ 12/4/2012، وإذ كانت فترة التفاوض تتأبى -كوسيلة ودية لحل النزاع– وأن يقوم طالب الوساطة بنقل منازعته لساحات القضاء قبل استنفاد الغرض من اللجوء إليها، ومن ثم فإن فترة التسوية تُعد عذراً مُوقفاً للتقادم، وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه ببحث شرائط التقادم المدفوع به وما اعتراه من وقف يحول دون اكتمال مدته، وقضى بالتقادم الحولي بقالة إقرار الطاعن بصحيفة إعلان الطلبات أن علاقة العمل انتهت بتاريخ 1/4/2011 بما حجبه عن الفصل في موضوع الطلبات فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق