الصفحات

الأربعاء، 26 يونيو 2024

الطعن 7556 لسنة 87 ق جلسة 7 / 2 / 2018 مكتب فني 69 ق 23 ص 171

 جلسة 7 من فبراير سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / أبو بكر البسيوني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق، منتصر الصيرفي، عادل غازي وحسام مطر نواب رئيس المحكمة .

---------------- 

(23)

الطعن رقم 7556 لسنة 87 القضائية

(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .

إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها . أساس ذلك ؟

(2) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .

استخلاص نية القتل من وقائع الدعوى وظروفها . موضوعي . ما دام سائغاً .

خلو المفردات مما يساند استدلال الحكم على اعتراف الطاعنة باتفاقها مع المحكوم عليه الآخر على قتل المجني عليه واقتصار اعترافها على قتل المحكوم عليه له وإجبارها على طعنه عقب تهديدها . يبطله . لا يغني في ذلك إيراده أدلة أخرى . علة ذلك ؟

مثال .

(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب " حالة الضرورة " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره ". نقض " أسباب الطعن. ما يقبل منها " " أثر الطعن".

لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إليها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم أوشك الوقوع على النفس . ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلوله وكان ارتكاب الجريمة هو الوسيلة الوحيدة لدفعه . أساس ذلك ؟

دفع الطاعنة بانعدام مسئوليتها لإجبارها على طعن المجني عليه بتهديدها بقتل ابنها المؤيد بأقوال مجري التحريات . جوهري . إغفاله إيراداً ورداً . إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب يوجب نقضه والإعادة لها وللطاعن الآخر . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .

2- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها دلل على نية القتل في حق الطاعنة والمحكوم عليه الأول بقوله : (وحيث إنه عن قالة الدفاع بانتفاء نية القتل فمردود عليه بأنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول لقاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت في نفس المتهمين وتوافرت لديهم من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجتهما الملحة للمال لإنهاء ضائقتهما المالية وأنه في قتل المجني عليه والاستيلاء على ما لديه من نقود ما يفك هذه الضائقة وفي سبيل ذلك قاما باقتراف الأفعال المادية والسلوك الإجرامي الموصل لهدفهما وهو قيام المتهم الأول بالذهاب الى الحانوت المملوك للمجني عليه المجاور لمسكنه وإيهامه بوجود خلافات زوجية بينه وبين المتهمة الثانية زوجته وطلب منه التوصل لصلح بينهما فتوجه معه إلى مسكنه وبدلوفه إليه قام بالاستيلاء على العصا التي كان يتكئ عليها وقام بضربه بها على رأسه ثم قام والمتهمة الثانية بالاعتداء عليه بأداة " سكينة " عدة ضربات في أماكن متفرقة من جسده في وحشية دنيئة حتى تيقنا من إزهاق روحه وعقب ذلك قام بالاستيلاء على المبلغ النقدي الذي كان بحوزته ثم قام بحمله وإلقائه بجوار حانوته ومن ثم تكون نية القتل متوافرة في حق المتهمين على نحو ما سلف ويكون ما تساند عليه الدفاع بعيداً عن محجة الصواب ) وكان مفاد ما أورده الحكم استدلالاً على توافر نية القتل في حق الطاعنة هو اتفاقها مع المحكوم عليه الأول على قتل المجني عليه وإعداد طريقة قتله وقيامهما بالتنفيذ وفقاً لما هو مخطط له لسرقته . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع وإن كان من حقها أن تستخلص نية القتل من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى ، ولما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر نية القتل في حق الطاعنة - ضمن ما استدل به عليه – على ما جاء بأقوال الضابط مجري التحريات - شاهد الإثبات الأول - واعتراف الطاعنة ، ولما كان يبين مـن الاطــلاع على المفردات المضمومة أنها قد خلت مما يساند استدلال الحكم ، ذلك أن اعتراف الطاعنة قد خلا من القول باتفاقها مع المحكوم عليه الأول على قتل المجني عليه ، إذ اقتصر اعترافها على قيام المحكوم عليه الأول بقتل المجني عليه وأنه أمسك بيدها وأجبرها على طعن المجني عليه وهددها بقتل نجلها ، كما أن الثابت بأقوال الضابط مجري التحريات – شاهد الإثبات الأول - أنه قرر بأن المحكوم عليه الأول / .... قام بتسديد عدة طعنات إلى المجني عليه حتى فارق الحياة ثم قام بإجبار المتهمة زوجته - الطاعنة - بالإمساك بالسكين أداة الجريمة وتسديد طعنة إلى المجني عليه لضمان عدم إفشائها لارتكاب الواقعة ، ومن ثم فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وحاد بالأدلة التي أوردها في مقام التدليل على توافر نية القتل في حق الطاعنة عن نص ما أنبأت به وفحواه يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ، ولا يغني في ذلك ما ذكره من أدلة أخرى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال مما يتعين نقضه .

3- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قررت بأن المتهم الأول أمسك بيدها وكان يجبرها على طعن المجني عليه مهددها بقتل ابنها ، وأن المدافع عنها دفع بانعدام المسئولية الجنائية للطاعنة لوقوع إكراه مادي وأدبي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بمقتضى المادة 61 من قانون العقوبات أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلول هذا الخطر وكان ارتكاب الجريمة هو الوسيلة الوحيدة لدفعه ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الضابط مجري التحريات - شاهد الإثبات الأول - قرر بأقواله بتحقيقات النيابة العامة أن المحكوم عليه الأول قام بإجبار المتهمة زوجته - الطاعنة – بالإمساك بالسكين أداة الجريمة وتسديد طعنة إلى المجني عليه ، الأمر الذي يوحي بجدية ما قام عليه دفاع الطاعنة من أنها كانت تحت تأثير إكراه أدبي تمثل فيما تعرضت له من تهديد من قبل المحكوم عليه الأول بقتل ابنها ، وهو دفاع جوهري لما ينبني على ثبوت صحته من تأثير في مسئولية الطاعنة ، مما كان يوجب على المحكمة أن تعنى بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يفنده إن رأت اطراحه ، أما وهي لم تفعل وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً ورداً ، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع ، فضلاً عن القصور في التسبيب ، مما يوفر سبباً آخر لنقضه . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة ، وكذلك للطاعن الأول لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمـت النيابة العامة المحكوم عليهما ( الطاعنين ) بأنهما :

أ- قتلا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد ، بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله ، وأعدا لذلك سلاحاً أبيض (سكيناً) وأداة (عصا) وتوجها إليه بالحانوت الذي أيقنا سلفاً تواجده فيه ، فاستدرجاه إلى مسكنهما ، وما إن ظفرا به حتى عاجلاه بعدة طعنات بالسلاح الأبيض إحرازهما استقرت بأنحاء متفرقة من جسده ، وكال له المتهم الأول ضربه بأداة إحرازه (عصا) استقرت برأسه قاصدين قتله ، فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .

ب- سرقا المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق والمملوك للمجني عليه سالف الذكر من مكان مسكون حال إحرازهما سلاحاً أبيض (سكيناً) على النحو المبين بالتحقيقات .

ج- أحرزا سلاحاً أبيض (سكيناً) بدون مسوغ قانوني .

المتهم الأول : أحرز أداة (عصا) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحيازتها أو إحرازها مسوغ قانوني .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قررت في .... وبإجماع آراء أعضائها إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي الشرعي في عقوبة الإعدام في الجريمة المسندة إلى المتهمين والتأجيل لجلسة .... لحين ردها بالرأي الشرعي وللنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع آراء أعضائها عملاً بالمواد ۲۳۰ ، ۲۳۱ ، ۲۳۲ ، 316 مكرراً ثالثاً / ثالثاً ، ۳۱۷ /أولاً ، خامساً من قانون العقوبات ، والمادتين ۱/۱، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبندين رقمي 6 ، 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 ، مع إعمال المادة 32 /2 من قانون العقوبات ، بمعاقبة كل من / .... ، .... بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما وألزمتهما بالمصاريف الجنائية .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن النيابة العامة عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما وذلك دون بيان تاريخ تقديم هذه المذكرة ليستدل منه على أن العرض قد روعي فيه ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من القانون سالف الذكر ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .

ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة الثانية على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والسرقة وإحراز سلاح أبيض " سكين " بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت في الأوراق ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه دلل على توافر نية القتل في حقها بما لا ينتجها من الأدلة التي عول عليها وبما يخالف الثابت بالأوراق ، هذا إلى أن الطاعنة قررت بأن المحكوم عليه الأول أمسك بيدها وأجبرها على طعن المجني عليه بالسكين تحت تأثير التهديد بقتل ابنها ، وهو ما تأيد بأقوال الضابط مجري التحريات ، كما أغفل الحكم الرد على ما تمسك به دفاع الطاعنة من امتناع مسئوليتها الجنائية طبقاً لنص المادة 61 من قانون العقوبات لكونها كانت تحت تأثير إكراه مادي وأدبي من قبل المحكوم عليه الأول تمثل في تهديدها بقتل ابنها ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد مؤدى أدلة الثبوت فيها دلل على نية القتل في حق الطاعنة والمحكوم عليه الأول بقوله : ( وحيث إنه عن قالة الدفاع بانتفاء نية القتل فمردود عليه بأنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول لقاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت في نفس المتهمين وتوافرت لديهم من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجتهما الملحة للمال لإنهاء ضائقتهما المالية وأنه في قتل المجني عليه والاستيلاء على ما لديه من نقود ما يفك هذه الضائقة وفي سبيل ذلك قاما باقتراف الأفعال المادية والسلوك الإجرامي الموصل لهدفهما وهو قيام المتهم الأول بالذهاب الى الحانوت المملوك للمجني عليه المجاور لمسكنه وإيهامه بوجود خلافات زوجية بينه وبين المتهمة الثانية زوجته وطلب منه التوصل لصلح بينهما فتوجه معه إلى مسكنه وبدلوفه إليه قام بالاستيلاء على العصا التي كان يتكئ عليها وقام بضربه بها على رأسه ثم قام والمتهمة الثانية بالاعتداء عليه بأداة " سكينة " عدة ضربات في أماكن متفرقة من جسده في وحشية دنيئة حتى تيقنا من إزهاق روحه وعقب ذلك قام بالاستيلاء على المبلغ النقدي الذي كان بحوزته ثم قام بحمله وإلقائه بجوار حانوته ومن ثم تكون نية القتل متوافرة في حق المتهمين على نحو ما سلف ويكون ما تساند علیه الدفاع بعيداً عن محجة الصواب ) وكان مفاد ما أورده الحكم استدلالاً على توافر نية القتل في حق الطاعنة هو اتفاقها مع المحكوم عليه الأول على قتل المجني عليه وإعداد طريقة قتله وقيامهما بالتنفيذ وفقاً لما هو مخطط له لسرقته . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع وإن كان من حقها أن تستخلص نية القتل من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى ، ولما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على توافر نية القتل في حق الطاعنة - ضمن ما استدل به عليه – على ما جاء بأقوال الضابط مجري التحريات - شاهد الإثبات الأول - واعتراف الطاعنة ، ولما كان يبين مـن الاطلاع على المفردات المضمومة أنها قد خلت مما يساند استدلال الحكم ، ذلك أن اعتراف الطاعنة قد خلا من القول باتفاقها مع المحكوم عليه الأول على قتل المجني عليه ، إذ اقتصر اعترافها على قيام المحكوم عليه الأول بقتل المجني عليه وأنه أمسك بيدها وأجبرها على طعن المجني عليه وهددها بقتل نجلها ، كما أن الثابت بأقوال الضابط مجري التحريات – شاهد الإثبات الأول - أنه قرر بأن المحكوم عليه الأول / .... قام بتسديد عدة طعنات إلى المجني عليه حتى فارق الحياة ثم قام بإجبار المتهمة زوجته - الطاعنة - بالإمساك بالسكين أداة الجريمة وتسديد طعنة إلى المجني عليه لضمان عدم إفشائها لارتكاب الواقعة ، ومن ثم فإن الحكم إذ أقام قضاءه على ما لا سند له من أوراق الدعوى وحاد بالأدلة التي أوردها في مقام التدليل على توافر نية القتل في حق الطاعنة عن نص ما أنبأت به وفحواه يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد ، ولا يغني في ذلك ما ذكره من أدلة أخرى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال مما يتعين نقضه . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة قررت بأن المتهم الأول أمسك بيدها وكان يجبرها على طعن المجني عليه مهددها بقتل ابنها ، وأن المدافع عنها دفع بانعدام المسئولية الجنائية للطاعنة لوقوع إكراه مادي وأدبي . لما كان ذلك ، وكان من المقرر بمقتضى المادة 61 من قانون العقوبات أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلول هذا الخطر وكان ارتكاب الجريمة هو الوسيلة الوحيدة لدفعه ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الضابط مجري التحريات - شاهد الإثبات الأول - قرر بأقواله بتحقيقات النيابة العامة أن المحكوم عليه الأول قام بإجبار المتهمة زوجته - الطاعنة – بالإمساك بالسكين أداة الجريمة وتسديد طعنة إلى المجني عليه ، الأمر الذي يوحي بجدية ما قام عليه دفاع الطاعنة من أنها كانت تحت تأثير إكراه أدبي تمثل فيما تعرضت له من تهديد من قبل المحكوم عليه الأول بقتل ابنها ، وهو دفاع جوهري لما ينبني على ثبوت صحته من تأثير في مسئولية الطاعنة ، مما كان يوجب على المحكمة أن تعنى بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يفنده إن رأت اطراحه ، أما وهي لم تفعل وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً ورداً ، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع ، فضلاً عن القصور في التسبيب ، مما يوفر سبباً آخر لنقضه . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة ، وكذلك للطاعن الأول لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق