الصفحات

الخميس، 27 يونيو 2024

الطعن 22890 لسنة 87 ق جلسة 23 / 9 / 2018 مكتب فني 69 ق 87 ص 676

جلسة 23 من سبتمبر سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد أحمد خليل، أحمد محمود شلتوت ووليد عادل نواب رئيس المحكمة وخالد فتح الله .

------------------ 

(87)

الطعن رقم 22890 لسنة 87 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة المسندة للطاعنين وإيراده مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أثبته مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

مثال .

(2) استدلالات . تسجيل المحادثات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

 تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن النيابة . موضوعي .

إفصاح الحكم عن اطمئنان المحكمة لجدية التحريات التي انبنى عليها الإذن بالتسجيل الصوتي والمرئي والهاتفي . استطراده من بعد لتأكيد جدية التحريات بما ورد بتلك التسجيلات . لا يعيبه .

(3) رشوة . جريمة " أركانها " . موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الفكرة الإدارية للموظف العام . ماهيتها ؟

الموظف العام في تطبيق نصوص جريمة الرشوة : من يتصدى في مواجهة الناس للعمل باسم الدولة ولحسابها ولو كان لا يشغل مركزاً وظيفياً بها . علة وأساس ذلك ؟

المقصود بالمكلف بخدمة عامة ؟

اطراح الحكم الدفع بانتفاء صفة الموظف العام عن المُبلغ المعروض عليه الرشوة تأسيساً على كونه مقاول متعاقد مع جهة حكومية لتنفيذ خدمة عامة . صحيح .

مثال .

(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .

المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لواقعة الدعوى . جدل موضوعي . تستقل بالفصل فيه .

مثال .

(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي بقيام الحكم على رأي لسواه . غير مقبول . متى أسس قضاءه بالإدانة على ما استخلصه من أقوال المبُلغ وعضوي الرقابة الإدارية وما ثبت بملاحظات النيابة العامة .

(6) رشوة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أسباب الطعن . ما يقبل منها " . محكمة النقض " سلطتها " .

إدانة الحكم الطاعنين بجريمة عرض رشوة لم تُقبل على من هو في حكم الموظف العام ومعاقبتهم بعقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً لها بعد إعمال المادة 17 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه . أساس ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى في قوله " حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما أبلغ به هيئة الرقابة الإدارية وشهد به بالتحقيقات .... من أنه وحال كونه يعمل مقاول هدم متعاقد مع حي .... عرض عليه المتهم الثاني بصفته وكيلاً عن المتهم الأول مالك العقار الكائن .... مبلغاً مالياً عليه على سبيل الرشوة وقدره .... جنيه وذلك بالاتفاق والتواطؤ مع المتهمة الثالثة .... مقابل عدم القيام بتنفيذ قرار الإزالة الصادر للعقار المذكور وبإجراء الرقابة الإدارية للتحريات حول الواقعة أكدت صحتها ، ونفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بناء على تلك التحريات تم تسجيل محادثات هاتفية بين المتهمين وبعضهم وبينهم وبين المُبلغ وكذا تصوير مقاطع مرئية وصوتية للقاءات تمت بين المُبلغ والمتهمين أكدت جميعها صحة ما توصلت إليه التحريات ، كما تم تصوير مقاطع مرئية وصوتية حال تسليم المتهم الثاني للمُبلغ مبلغاً وقدره .... جنيه كجزء من مبلغ الرشوة وتم ضبطه آنذاك ، كما تم ضبط المتهمة الثالثة عقب تصويرها حال تقاضيها جزء من مبلغ الرشوة والمقدر .... جنيه وهو ذات المبلغ الذى أعطاه المتهم الثاني للمُبلغ ، وقد أسفرت التحريات والتسجيلات الصوتية للمحادثات الصوتية والمرئية للقاءات التي تمت بين أطراف الواقعة إلى أن دور المتهم الأول في الواقعة أنه صاحب العقار الفعلي الصادر بشأنه قرار الإزالة عرض مبلغ الرشوة على المُبلغ المنوط به تنفيذ تلك الإزالة وكذا المتهمة الثالثة الموظفة بإدارة .... حي .... وذلك بوساطة المتهم الثاني ، وأن دور الأخير هو الوساطة في عرض مبلغ الرشوة من الراشي ( المتهم الأول ) على المُبلغ والمتهمة الثالثة ، وأن دور المتهمة الثالثة هو أنها بصفتها الموظفة المختصة لإدارة .... حي .... طلبت لنفسها مبلغاً من الرشوة للإخلال بواجبات وظيفتها وقبلت ذلك المبلغ . " وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة أستمدها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بملاحظات النيابة العامة ، لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة المسندة إلى الطاعنين ، فإن ذلك يحقق حكم القانون ، إذ لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، وكان الثابت من الحكم أنه أورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف يتفق مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب .

2- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وما استطردت إليه المحكمة من قولها " وتأكدت بما ورد في التسجيلات الصوتية والمرئية والمكالمات الهاتفية بين أطراف الواقعة " إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التي انبنى عليها الإذن ولا يتأدى منه ما يذهب إليه الطاعنان من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد .

3- من المقرر أن الشارع عبر عن عدم تبنيه الفكرة الإدارية للموظف العام في المادة 111 من قانون العقوبات التي نصت على فئات عديدة من الأشخاص يعد أفرادها من الموظفين العامين في تطبيق نصوص جريمة الرشوة وإن لم يكونوا كذلك وفقاً للمفهوم الإداري لفكرة الموظف العام ، فقد اعتمدت الفكرة الإدارية للموظف العام على اعتبارات ترتد أساساً إلى الصلة القانونية بين الموظف والدولة ، وتهدف إلى تحديد الحقوق والالتزامات التي تربط بينهما ، ولكن قانون العقوبات يقيم نظريته على أساس مختلف - فهو يهدف بتجريم الرشوة إلى حماية نزاهة الوظيفة العامة أي ثقة جمهور الناس في عدالة الدولة وحيادها وشرعية أعمالها ومن ثم كانت العبرة لديه في كون الموظف يتصدى في مواجهة الناس للعمل باسم الدولة ولحسابها بحيث لو انحرف في ممارسته اهتزت ثقة الناس في الدولة – فكان أن عدد فئات من الأشخاص نص عليهم في المادة 111 من قانون العقوبات عدهم في حكم الموظف العام ومنهم .... 4 - كل شخص مكلف بخدمة عامة ... ويقصد به كل من يلزمه القانون أو يكلفه موظف عام مختص بالقيام بإحدى الخدمات العامة أو مباشرة مهمة تتعلق بالنظام العام بغض النظر عن كونه لا يشغل مركزاً وظيفياً في الدولة ، ويشترط لصحة التكليف الصادر من موظف عام أن يصدر ممن يملكه ، ويستوى أن يكون العمل دائماً أو مؤقتاً ، بمقابل أو بغير مقابل – سعى إليه المكلف بإرادته أو كان ذلك بناء على أمر من السلطات العامة ، وقد اعتبر الفقه والقضاء من المكلفين بخدمات عامة المجندون ومشايخ الحارات والمرشد السرى المتعاون مع أجهزة الأمن في الإبلاغ عن الجرائم والإيقاع بمرتكبيها ، والمترجم ومن تطلب الحكومة منه أو أحد أشخاص القانون العام الوساطة في عقد صفقة تجارية أو في التعاقد مع أحد بيوت الخبرة لتخطيط أو تنفيذ مشروع ما ، ومن يكلف من قبل سلطة إدارية بمتابعة الإشراف الفني على تنفيذ عقد هي طرف فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء صفة الموظف العام ومن في حكمه في حق المُبلغ وأطرحه في قوله : " وحيث إنه عما أبداه الدفاع من انتفاء صفة الموظف العام أو من في حكمة للشاهد الأول فإنه ولما كان من المقرر قانوناً وفقاً لنص المادة 111/5 من قانون العقوبات أنه يعد في حكم الموظف العام الشخص المكلف بخدمة عامة سواء بمقابل أو بدون مقابل وكان البين من الأوراق أن الشاهد الأول مقاول هدم متعاقد مع جهة حكومية .... لتنفيذ خدمة عامة هي هدم وإزاله الأعمال المخالفة وفقاً لعقد المقاولة المرفق بالأوراق والتي تسند إليه من تلك الجهة الأمر الذى يعد معه المذكور مكلف بخدمة عمومية وفي حكم الموظف العام ويتعين رفض الدفع المثار بشأنه " . لما كان ذلك ، وكان ما خلص إليه الحكم صحيح في القانون ويوفر في وصف المبلغ ما يجعله في حكم الموظف العام في شأن جريمة الرشوة ، ويتفق وحكم المادة 111 من قانون العقوبات التي ركن إليها الحكم في رده على ما دفع به الطاعنان ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد .

4- لما كان النعي بأن الواقعة تشكل الجنحة المنصوص عليها في المادة 109 مكرر/2 من قانون العقوبات لأن المبلغ ليس موظفاً عمومياً أو من في حكمه ، وليست الجناية المنصوص عليها في المادة 109 مكرر/1 من القانون سالف الذكر ، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.

5- لما كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال المُبلغ وعضوي الرقابة الإدارية ومما ثبت بملاحظات النيابة ، ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأي لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد .

6- لما كانت عقوبة جريمة عرض رشوة لم تُقبل على من هو في حكم الموظف العام والتوسط فيها كنص الفقرة الأولى من المادة 109 مكرر من قانون العقوبات هي السجن وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنيه ، ولما كان الحكم المطعون فيه – بعد أن أعمل المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعنين – قضى بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما مائه ألف جنيه لكل منهما وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل العقوبة المقضي بها الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وغرامة ألف جنيه لكل من الطاعنين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة كلا من :- 1- .... ( الطاعن الأول ) ، 2- .... ( الطاعن الثاني ) ، 3- .... بأنهم :

المتهم الأول : - عرض رشوة ولم تُقبل وكان ذلك العرض حاصلاً على من هو في حكم الموظف العام مقاول الهدم المتعاقد مع حي .... وذلك بأن عرض عليه مبلغ .... جنيه مقابل الإخلال بعمل من أعمال وظيفته ألا وهو عدم تنفيذ قرار الإزالة الصادر للعقار المملوك للمتهم الأول وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

- قدم رشوة لموظف عمومي – المتهمة الثالثة - للإخلال بواجبات وظيفتها حال كونها تعمل موظفاً عمومياً بإدارة .... بحي .... وذلك بأن قدم لها بوساطة المتهم الثاني مبلغ مالي .... جنيه للإخلال بواجبات وظيفتها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

المتهم الثاني : توسط في جريمة الرشوة محل الاتهامين السابقين .

المتهمة الثالثة : بصفتها موظفاً عمومياً بإدارة .... بحي .... طلبت وقبلت رشوة مالية من المتهم الأول للإخلال بواجبات وظيفتها وكان ذلك بوساطة المتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالثة عملاً بالمواد 26 ، 103 ، 104 ، 104 مكرر1 ، 107 ، 107 مكرر1 ، 109 مكرر1 ، 110 ، 111/ 5 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 110 من ذات القانون . بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات لكل منهما وتغريمهما مائة ألف جنيه لكل منهما وذلك عما أسند إليهما في الاتهام الأول وإعفائهما من العقوبة عما أسند إليهما في الاتهام الثاني وبمعاقبة المتهمة الثالثة بالسجن المشدد لمدة خمس عشر عاماً وتغريمها مائتي ألف جنية عما أسند إليها وعزلها من وظيفتها وبمصادرة المبلغ المضبوط .

فطعـن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن الطاعنين ينعيان بمذكرتي أسباب طعنهما على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول بجريمة عرض رشوة لم تُقبل ، ودان الثاني بجريمة التوسط في عرض الرشوة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه جاء في عبارات عامة مجهلة ، ولم يورد في بيان واف مؤدى الأدلة التي ركن إليها ، ورد على الدفع ببطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يصلح رداً متخذاً من التسجيلات الصوتية والمرئية والمكالمات الهاتفية دليلاً على جدية التحريات ، كما أن دفاعهما انبنى على انتفاء صفة الموظف العام أو من في حكمه عن المقاول المبلغ مما لازمه أن يكون النص العقابي الواجب التطبيق هو نص المادة 109 مكرر/2 من قانون العقوبات باعتبار أن العرض كان حاصلاً لغير الموظف العام أو من في حكمه ، بيد أن الحكم أطرح دفاعهما برد غير سائغ ، وعول في قضائه على رأي لسواه بأن اتخذ مما ثبت من ملاحظات النيابة العامة دليلاً أساسياً في الدعوى ، وأخيراً فقد قضى الحكم عليهما بعقوبة تجاوز الحد الأقصى لعقوبة جريمة عرض رشوة لم تُقبل والتوسط فيها التي دانهما بها . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله " حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل فيما أبلغ به هيئة الرقابة الإدارية وشهد به بالتحقيقات .... من أنه وحال كونه يعمل مقاول هدم متعاقد مع حي .... عرض عليه المتهم الثاني بصفته وكيلاً عن المتهم الأول مالك العقار الكائن .... مبلغاً مالياً عليه على سبيل الرشوة وقدره .... جنيه وذلك بالاتفاق والتواطؤ مع المتهمة الثالثة .... مقابل عدم القيام بتنفيذ قرار الإزالة الصادر للعقار المذكور وبإجراء الرقابة الإدارية للتحريات حول الواقعة أكدت صحتها ، ونفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر بناء على تلك التحريات تم تسجيل محادثات هاتفية بين المتهمين وبعضهم وبينهم وبين المُبلغ وكذا تصوير مقاطع مرئية وصوتية للقاءات تمت بين المُبلغ والمتهمين أكدت جميعها صحة ما توصلت إليه التحريات ، كما تم تصوير مقاطع مرئية وصوتية حال تسليم المتهم الثاني للمُبلغ مبلغاً وقدره .... جنيه كجزء من مبلغ الرشوة وتم ضبطه آنذاك ، كما تم ضبط المتهمة الثالثة عقب تصويرها حال تقاضيها جزء من مبلغ الرشوة والمقدر .... جنيه وهو ذات المبلغ الذى أعطاه المتهم الثاني للمبلغ ، وقد أسفرت التحريات والتسجيلات الصوتية للمحادثات الصوتية والمرئية للقاءات التي تمت بين أطراف الواقعة إلى أن دور المتهم الأول في الواقعة أنه صاحب العقار الفعلي الصادر بشأنه قرار الإزالة عرض مبلغ الرشوة على المُبلغ المنوط به تنفيذ تلك الإزالة وكذا المتهمة الثالثة الموظفة بإدارة .... حي .... ذلك بوساطة المتهم الثاني ، وأن دور الأخير هو الوساطة في عرض مبلغ الرشوة من الراشي ( المتهم الأول ) على المُبلغ والمتهمة الثالثة ، وأن دور المتهمة الثالثة هو أنها بصفتها الموظفة المختصة بإدارة .... بحي .... طلبت لنفسها مبلغاً من الرشوة للإخلال بواجبات وظيفتها وقبلت ذلك المبلغ ..." وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة أستمدها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بملاحظات النيابة العامة . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة المسندة إلى الطاعنين ، فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، وكان الثابت من الحكم أنه أورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف يتفق مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وما استطردت إليه المحكمة من قولها " وتأكدت بما ورد في التسجيلات الصوتية والمرئية والمكالمات الهاتفية بين أطراف الواقعة " إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها لجدية التحريات التي انبنى عليها الإذن ولا يتأدى منه ما يذهب إليه الطاعنان من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع عبر عن عدم تبنيه الفكرة الإدارية للموظف العام في المادة 111 من قانون العقوبات التي نصت على فئات عديدة من الأشخاص يُعد أفرادها من الموظفين العامين في تطبيق نصوص جريمة الرشوة وإن لم يكونوا كذلك وفقاً للمفهوم الإداري لفكرة الموظف العام ، فقد اعتمدت الفكرة الإدارية للموظف العام على اعتبارات ترتد أساساً إلى الصلة القانونية بين الموظف والدولة ، وتهدف إلى تحديد الحقوق والالتزامات التي تربط بينهما ، ولكن قانون العقوبات يقيم نظريته على أساس مختلف ، فهو يهدف بتجريم الرشوة إلى حماية نزاهة الوظيفة العامة أي ثقة جمهور الناس في عدالة الدولة وحيادها وشرعية أعمالها ، ومن ثم كانت العبرة لديه في كون الموظف يتصدى في مواجهة الناس للعمل باسم الدولة ولحسابها بحيث لو انحرف في ممارسته اهتزت ثقة الناس في الدولة ، فكان أن عدد فئات من الأشخاص نص عليهم في المادة 111 من قانون العقوبات عدهم في حكم الموظف العام ومنهم .... 4 - كل شخص مكلف بخدمة عامة ... . ويقصد به كل من يلزمه القانون أو يكلفه موظف عام مختص بالقيام بإحدى الخدمات العامة أو مباشرة مهمة تتعلق بالنظام العام بغض النظر عن كونه لا يشغل مركزاً وظيفياً في الدولة ، ويشترط لصحة التكليف الصادر من موظف عام أن يصدر ممن يملكه ، ويستوي أن يكون العمل دائماً أو مؤقتاً ، بمقابل أو بغير مقابل ، سعى إليه المكلف بإرادته أو كان ذلك بناء على أمر من السلطات العامة ، وقد أعتبر الفقه والقضاء من المكلفين بخدمات عامة المجندون ومشايخ الحارات والمرشد السري المتعاون مع أجهزة الأمن في الإبلاغ عن الجرائم والإيقاع بمرتكبيها ، والمترجم ومن تطلب الحكومة منه أو أحد أشخاص القانون العام الوساطة في عقد صفقة تجارية أو في التعاقد مع أحد بيوت الخبرة لتخطيط أو تنفيذ مشروع ما ، ومن يكلف من قبل سلطة إدارية بمتابعة الإشراف الفني على تنفيذ عقد هي طرف فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بانتفاء صفة الموظف العام ومن في حكمه في حق المبلغ وأطرحه في قوله " وحيث أنه عما أبداه الدفاع من انتفاء صفة الموظف العام أو من في حكمة للشاهد الأول فأنه ولما كان من المقرر قانوناً وفقاً لنص المادة 111/5 من قانون العقوبات أنه يُعد في حكم الموظف العام الشخص المكلف بخدمة عامة سواء بمقابل أو بدون مقابل وكان البين من الأوراق أن الشاهد الأول مقاول هدم متعاقد مع جهة حكومية .... لتنفيذ خدمة عامة هي هدم وإزاله الأعمال المخالفة وفقاً لعقد المقاولة المرفق بالأوراق والتي تُسند إليه من تلك الجهة الأمر الذى يعد معه المذكور مكلف بخدمة عمومية وفي حكم الموظف العام ويتعين رفض الدفع المثار بشأنه " . لما كان ذلك ، وكان ما خلص إليه الحكم صحيح في القانون ويوفر في وصف المُبلغ ما يجعله في حكم الموظف العام في شأن جريمة الرشوة ، ويتفق وحكم المادة 111 من قانون العقوبات التي ركن إليها الحكم في رده على ما دفع به الطاعنان ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة تشكل الجنحة المنصوص عليها في المادة 109 مكرر/2 من قانون العقوبات لأن المُبلغ ليس موظفاً عمومياً أو من في حكمه ، وليست الجناية المنصوص عليها في المادة 109 مكرر/1 من القانون سالف الذكر ، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال المُبلغ وعضوي الرقابة الإدارية ومما ثبت بملاحظات النيابة ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأى لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت عقوبة جريمة عرض رشوة لم تقبل على من هو في حكم الموظف العام والتوسط فيها كنص الفقرة الأولى من المادة 109 مكرر من قانون العقوبات هي السجن وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنيه ، ولما كان الحكم المطعون فيه – بعد أن أعمل المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعنين – قضى بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما مائة ألف جنيه لكل منهما وهى عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل العقوبة المقضي بها الحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات ، وغرامة ألف جنيه لكل من الطاعنين ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق