الصفحات

الجمعة، 5 أبريل 2024

الطعن 823 لسنة 59 ق جلسة 12 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 153 ص 922

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

----------------

(153)
الطعن رقم 823 لسنة 59 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". استدلالات. نيابة عامة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. خلو إذن التفتيش من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته أو الخطأ في اسم الشهرة. لا يعيبه. طالما كان هو الشخص المقصود بالإذن. أساس ذلك؟
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة. أو تأذن بإجرائه. شرط صحته؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. جلب. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال: لتسبيب سائغ لصدور إذن التفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها فعلاً لا لضبط جريمة مستقبلة في جريمة جلب مخدر.
(4) تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن. رداً عليه.
(5) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جواز استجواب المتهم أو مواجهته. بغير دعوة محاميه. في حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة. تقدير ذلك للمحقق. تحت رقابة محكمة الموضوع.
مناط الاستفادة من حكم المادة 124 من قانون الإجراءات؟
(6) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها". جمارك "إقليم جمركي" "خط جمركي".
جلب المخدر في مفهوم القانون رقم 182 لسنة 1960؟
الإقليم الجمركي. والخط الجمركي. ماهية كل منهما في مفهوم المواد الثلاثة الأول من القانون 66 لسنة 1963؟
تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي. بغير استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون 182 لسنة 1960. يعد جلباً محظوراً.
(7) جلب. مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الحيازة المادية للمخدر ليست شرطاً لاعتبار الشخص حائزاً لمادة مخدرة. كفاية أن يكون سلطانه مبسوطاً على المخدر.
(8) مواد مخدرة. فاعل أصلي. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
متى يعد المتهم فاعلاً أصلياً للجريمة؟
مثال:
(9) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". تزوير "الطعن بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. عدم جواز إثبات ما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو بالحكم إلا عن طريق الطعن بالتزوير.
(10) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود. بل يقصد به إثارة الشبهة في الدليل الذي أطمأنت إليه المحكمة. موضوعي.
(11) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة. موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته. ما دام المقصود به إثارة الشبهة في الدليل.
(12) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من إثبات الدفاع كاملاً. لا يعيب الحكم. طالما لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(14) إثبات "اعتراف". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية. من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين. وإن عدل عنها. حد ذلك؟
(15) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم. إذا ارتد إلى أصل ثابت بالتحقيقات.
(16) خطأ مادي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ المادي لا يعيب الحكم. طالما لم يكن له أثر في قيام الجريمة.
انتفاء مصلحة الطاعن في التمسك بالخطأ المادي. ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
(17) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. موضوعي. ما دام سائغاً.
(18) نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها". مواد مخدرة. جلب. تهريب جمركي.
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. إذا بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو تأويله. أساس ذلك؟
مثال:

-------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو بصفته أو صناعته أو محل إقامته ولا الخطأ في اسم الشهرة طالما أنه الشخص المقصود بالإذن.
2 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة.
3 - لما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الثاني تمكن من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأنه اتفق مع الطاعن الثالث ومتهم آخر - محكوم عليه غيابياً - على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطهم حال نقلها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل فرجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهم.
4 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
5 - من المقرر أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم - ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين - من بعد - مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً - عما ذهب إليه الحكم بحق - من أنهم لم يزعموا أن أسماء محاميهم كانت قد أعلنت بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها.
6 - من المقرر أن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل إنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو في نطاق ذلك المجال على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 - 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة تصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه يقصد بالإقليم الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المحيطة به، أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً.
7 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره.
8 - لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن الطاعن الأول قد أسهم بدور في إتمام عملية الجلب طبقاً لخطة تنفيذها بأن كلف قائد السيارة الخاصة المملوكة له بتوصيل الطاعن والمتهم....... - المحكوم عليه غيابياً إلى منطقة إنزال المخدرات بشاطئ ميامي ليتمكنا من نقلها خارج الكابين وأن الطاعن الثاني قد اتفق مع المتهم...... والطاعن الثالث على نقل المخدرات وحدد لهما الشخص الذي سيقدم لهما مفتاح الكابين ورتب على ذلك إسهامهما في ارتكاب جريمة جلب المخدر باعتبارهما فاعلين أصليين فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
9 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت - سواء في محضر جلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير.
10 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر فاعلاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق.
11 - من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
12 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته.
13 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
14 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد أطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع.
15 - لما كان الحكم قد حصل من أقوال المتهم..... أن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل كمية من السجائر من شاطئ ميامي، وكان ما حصله الحكم من ذلك - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن - يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات وهو ما لا يمارى فيه الطاعن الثاني - ثم عاد الحكم في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني واستخلص أن هذا الاتفاق كان لنقل المخدرات استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها، فإن هذا حسبه، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في غير محله.
16 - لما كان ما يثيره الطاعن الثالث بشأن خطأ الحكم فيما نسبه إلى الشاهد.... من أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم..... قد اشتهر باسم..... في حين أن الثابت بهذا المحضر وتلك الأقوال أن اسم الشهرة يخص متهم آخر فمردود بأنه من قبيل الخطأ المادي البحت وأنه - بفرض صحته لم يكن له أثر في قيام الجريمة التي دانه بها. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن المذكور في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين.
17 - لما كان العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء هذا العلم لديهما ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفاع من المتهمين...... (الطاعن الثالث) و...... (الطاعن الأول) بانتفاء العلم لديهما بأن المواد المزمع نقلها مخدرات وإنما كانا يعلمان فقط بأنها كمية من السجائر، ولما كانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ما جاء بمحضر التحريات وما قرره شهود الإثبات بأن المتهمين كانا يعلمان بأن المواد التي تم جلبها من الخارج إنما كانت شحنة من المخدرات وأن هذين المتهمين تداخلا بأفعالهما لتسهيل نقل تلك المخدرات لإتمام عملية الجلب فضلاً عن أن المتهمين أقرا لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة عند مواجهتها بها عقب وهو ما تطمئن معه المحكمة التي توافر القصد الجنائي لدى المتهمين" وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنين بحقيقة الجواهر المضبوطة كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقهما توافراً فعلياً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
18 - لما كانت الفقرة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت جريمتا جلب الجواهر المخدرة وتهريبها اللتان دين الطاعنون بهما قد نشأتا عن فعل واحد بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركي أصلية كانت أم تكميلية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الجلب العقوبة التكميلية المقررة لجريمة التهريب الجمركي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة التعويض الجمركي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: أولاً: جلبوا إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "حشيش" قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. ثانياً: هربوا البضائع آنفة الذكر موضوع الاتهام الأول بالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة إلى أراضي جمهورية مصر العربية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً بمبلغ قدره 4200959.200 أربعة ملايين ومائتي ألف وتسعمائة وتسعة وخمسون جنيهاً ومائتي مليم. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 33/ أ د، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 57 من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 15، 121/ 1 - 2، 122/ 1 - 2 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وإلزامهم متضامين بدفع تعويض لمصلحة الجمارك قدره 4200959.200 أربعة ملايين ومائتي ألف وتسعمائة وتسعة وخمسين جنيهاً ومائتي مليماً وذلك عن التهمتين المسندتين إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب المقدمة من الطاعنين الثلاثة هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمتي جلب جوهر مخدر وتهريبه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية قصرت عن تحديد أسماء الطاعنين ومحل إقامتهم ومهنهم وخلطت بين أسماء الشهرة لبعضهم، ولأنه صدر لضبط جريمة مستقبلة بما لا يصح رداً، ولم يفطن إلى القرائن التي سبقت للتدليل على صدور هذا الإذن بعد الضبط كما أطرح الدفع المبدى من المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث ببطلان استجوابهما بمعرفة النيابة لتمامه دون دعوة محاميهما للحضور بما لا يسوغ إطراحه، واعتبر الواقعة المنسوبة إلى الطاعنين جلباً في حين أنه - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون مجرد نقل بغير قصد إذ لم يثبت أن المواد المخدرة المضبوطة قد جلبت من خارج البلاد كما اعتبر الطاعنين الأول والثالث فاعلين أصليين في الجريمة دون أن يستظهر دورهما في ارتكابها أو يدلل على وجود اتفاق بينهما وبين الطاعن الأول وعلى الرغم من انتفاء صلتهما بالمواد المخدرة المضبوطة. هذا إلى أن المحكمة أثبتت على لسان المدافع عن الطاعن الثالث - على خلاف الواقع - أنه اكتفى بتلاوة أقوال باقي شهود الإثبات بعد أن استمعت إلى الشاهدين الحاضرين الأول والسادس عشر، والتفتت عن طلب ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق كما لم تستجب إلى طلبه إجراء معاينة لمكان الضبط وأطرحت دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ إطراحه، وخلا محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملاً، كما عول الحكم في قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها في تحديد أدوار المتهمين وبعدها عن الحقيقة والواقع وعلى أقوال الضابطين...... و....... في التحقيقات على الرغم من أنهما قررا بمحضر الجلسة أنهما لا يذكران شيئاً عن الواقعة، كما عول على أقوال الطاعن الثالث في التحقيقات رغم أنها كانت وليدة إكراه مادي ومعنوي تعرض له بقسم الشرطة وعلى الرغم من عدوله عنها بالجلسة، واستند الحكم في قضائه إلى أقوال المتهم...... وأسند له القول بأن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل المخدرات وهو ما لا أصل له في الأوراق. هذا فضلاً عن خطأ الحكم حين أسند إلى الضابط.... أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم.... قد اشتهر باسم...... في حين أنه بالرجوع إلى هذا المحضر وتلك الأقوال يتضح أن اسم الشهرة يخض متهم آخر. ثم إن الحكم أطرح دفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء علمهما بحقيقة الجواهر المضبوطة بما لا يصلح رداً، وأخيراً فإن الحكم ولئن أشار في مدوناته إلى طلب مصلحة الجمارك بإقامة الدعوى الجنائية إلا أنه أغفل صفة مصدر الطلب وهو بيان جوهري يتصل بسلامة تحريك الدعوى الجنائية، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية لجريمتي جلب مخدر وتهريبه اللتين دان الطاعنين بهما، وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال المتهم...... والطاعنين الأول والثالث بالتحقيقات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه قوله: "وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدافعين عن المتهمين (الطاعنين) ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، ولما كان الثابت أن محضر التحريات المحرر بتاريخ 18/ 3/ 1985 الساعة 2 م قد تضمن أسماء المتهمين والجهات التي تقع بها محال إقامتهم وأوضحت التحريات أدوار هؤلاء المتهمين في إتمام جريمة الجلب كما أشارت التحريات إلى تحديد المنطقة التي تم إنزال المخدرات بها على الشاطئ وإلى أرقام السيارات التي أعدت لنقل هذه الشحنة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن محضر التحريات قد تضمن وفق ما سلف تفصيله مقومات جديته التي تبعث على الاطمئنان بصحة ما جاء به، ومن ثم فإن إذن التفتيش يكون قد جاء محمولاً على أسباب كافية يقتضيها المقام "وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملاً أو صفته أو صناعته أو محل إقامته ولا الخطأ في اسم الشهرة طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه - على نحو ما تقدم - يستقيم به إطراح هذا الدفع، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة "ولما كان من المستفاد من محضر التحريات المنوه عنه أنه تضمن ما يفيد أن بعض المتهمين ومنهم المتهم...... - الطاعن الثاني - قد تمكنوا بالفعل من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأن هؤلاء المتهمين اتفقوا مع آخرين ومنهم المتهمين...... و....... (الطاعن الثالث) و(الطاعن الأول) على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد، ولما كان هذا الذي تضمنه محضر التحريات يشكل وقوع جناية اتفاق جنائي على جلب المواد المخدرة ويكون إذن النيابة العامة عند صدوره الساعة 4.50 م يوم 18/ 3/ 1985 إنما صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها فعلاً وليس عن جريمة مستقبلة". لما كان ذلك وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن الثاني تمكن من جلب كمية من المواد المخدرة من خارج البلاد وإنزالها على شاطئ البحر وأنه اتفق مع الطاعن الثالث ومتهم آخر - محكوم عليه غيابياً - على المساهمة في إتمام جريمة الجلب بنقل المخدرات من منطقة إنزالها إلى داخل البلاد وأن الأمر بالتفتيش إنما صدر لضبطهم حال نقلها بما مفهومه أن الأمر صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل فرجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشهم ويكون ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة وإذ ثبت من أقوال شهود الإثبات بل ومما أجمع عليه المتهمون في استجوابهم الأول من أن القبض تم في فجر يوم 19/ 3/ 1985 ولما كان الإذن صدر يوم 18/ 3/ 1985 الساعة 4.50 م، ومن ثم يضحى هذا الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة" وكان ما ورد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن نعي الطاعنين الثاني والثالث على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعنون من بطلان استجوابهم أمام النيابة لحصوله في غيبة محاميهم وأطرحه بقوله "وحيث إن الدفع المبدى من المتهمين ببطلان التحقيقات التي أجريت بقسم المنتزه لعدم دعوة محامي المتهمين للحضور ولما كان الثابت أن المحقق قدم محضر الضبط وقد تضمن ما يفيد أن إقراراً صدر من المتهمين لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة وأنه عند مواجهة المحقق للمتهمين بالاتهام بعد إفصاحه لهم عن شخصيته فقد أدلى بعضهم بأقوال تفيد في كشف الحقيقة وفي تحديد أدوار المتهمين، ومن ثم فكان الأمر يحتم المسارعة باستجواب المتهمين لتلقي هذه الأقوال منهم وذلك خوفاً من ضياع الأدلة خاصة ما قد تسفر عنه هذه الأقوال من وجوب اتخاذ إجراءات عاجلة يقتضيها صالح التحقيق وهو ما يجوز للمحقق دون دعوة محامي المتهمين للحضور وفقاً لصريح نص المادة 124/ 1 إجراءات جنائية. هذا بالإضافة إلى أنه لم يثبت أن هؤلاء المتهمين قد حددوا أسماء المدافعين عنهم سواء للمحقق عند استجوابهم أو بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن وهو مناط الاستفادة بحكم المادة 124 سالفة الذكر أما عن قول بعض المدافعين بأنهم منعوا من حضور التحقيق بالقسم فإنه مجرد دفاع مرسل لا يكفي للتدليل عليه تلك البرقية المرسلة باسم المحامي العام وتخلص المحكمة إلى أن استجواب المتهمين في التحقيقات التي أجريت بالقسم إنما يكون قد جاء صحيحاً في القانون وترفض المحكمة هذا الدفع". فإن هذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ في الرد على دفع الطاعنين، ذلك بأن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذا نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته - في الجنايات - إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها - على النحو المتقدم - ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين - من بعد - مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه، هذا فضلاً - عما ذهب إليه الحكم بحق - من أنهم لم يزعموا أن أسماء محاميهم كانت قد أعلنت بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ليس مقصوراً على استيراد الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وإدخالها المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدد دولياً، بل أنه يمتد أيضاً إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة - ولو في نطاق ذلك المجال على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في المواد من 3 - 6 التي رصد لها الشارع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها، فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الالتزام والوجوب، فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك في حالتي الجلب والتصدير تسلم إذن السحب أو التصدير من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، كما يبين من نصوص المواد الثلاث الأولى من قانون الجمارك الصادر بالقرار بقانون رقم 66 لسنة 1963، أنه بقصد بالإقليم الجمركي هو الحدود السياسية الفاصلة بين جمهورية مصر والدولة المتاخمة وكذلك شواطئ البحار المحيطة بالجمهورية، وضفتا قناة السويس وشواطئ البحيرات التي تمر بها هذه القناة، ويمتد نطاق الرقابة الجمركية البحري من الخط الجمركي إلى مسافة ثمانية عشر ميلاً بحرياً في البحار المحيطة به، أما النطاق البري فيحدد بقرار من وزير المالية وفقاً لمقتضيات الرقابة ويجوز أن تتخذ داخل النطاق تدابير خاصة لمراقبة بعض البضائع التي تحدد بقرار منه، وهو ما يتأدى إلى أن تخطي الحدود الجمركية أو الخط الجمركي بغير استيفاء الشروط التي نص عليها بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 والحصول على الترخيص المطلوب من الجهة الإدارية المنوط بها منحه يعد جلباً محظوراً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن الثاني قد جلب الجواهر المخدرة من خارج البلاد وتم إنزالها بالكابين رقم...... بالدور الأرضي بشاطئ ميامي، ودلل على ذلك بما اطمأن إليه من أقوال للطاعن الأول مؤداها أنه شاهد الطاعن الثاني مساء يوم 17/ 3/ 1985 بشاطئ ميامي حال تواجد إحدى المراكب على مقربة من الشاطئ وكانت ملابسه مبتلة بالمياه وأن باب الكابين كان مفتوحاً فإن فعل الجلب يكون قد تم فعلاً وحق العقاب عليه، ولا وجه للتحدي بما خاض فيه الطاعنون من جدل حول المنطقة التي بها الكابين وكونها داخله في النطاق البري للإقليم، ما دام أن الحكم قد استخلص من عناصر الدعوى السائغة التي أوردها أن النقل تم باجتياز الخط الجمركي على خلاف الأحكام المنظمة لجلب المخدرات، ويكون بذلك قد طبق القانون تطبيقاً سليماً ويضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً في الجريمة من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل في هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه في إيقاع تلك الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين قد اتفقت كلمتهم على جلب المواد المخدرة وأن الطاعن الأول قد أسهم بدور في إتمام عملية الجلب طبقاً لخطة تنفيذها بأن كلف قائد السيارة الخاصة المملوكة له بتوصيل الطاعن والمتهم....... المحكوم عليه غيابياً إلى منطقة إنزال المخدرات بشاطئ ميامي ليتمكنا من نقلها خارج الكابين وأن الطاعن الثاني قد اتفق مع المتهم...... والطاعن الثالث على نقل المخدرات وحد لهما الشخص الذي سيقدم لهما مفتاح الكابين ورتب على ذلك إسهامهما في ارتكاب جريمة جلب المخدر باعتبارهما فاعلين أصليين فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما ينعاه الطاعنان الأول والثالث في هذا المقام غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ولا يحوز الادعاء بما يخالف ما أثبت - سواء في محضر جلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير. وإذ كان الثابت أن الطاعن الثالث لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحاضر جلسات المحاكمة من اكتفاء المدافع عنه بتلاوة أقوال باقي أقوال شهود الإثبات الذين لم يسمعوا فإن الزعم بأن ما أثبت من ذلك مغاير للواقع يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر فاعلاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم إجابتها طلب الدفاع ضم دفاتر الأحوال الخاصة بفريق الضبط والمحضر رقم 4 أحوال الذي حرره المدافع عن الطاعن الثالث على أثر منعه من حضور التحقيق، ومن ثم يكون منعى الطاعن الثالث على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن والثالث في شأن طلب إجراء معاينة لمكان الضبط وأطرحه بقوله: "وحيث إنه طلب محامي المتهم..... (الطاعن الثالث) بإجراء معاينة لمكان الضبط فإن المحكمة تعرض عنه بعد أن وضحت الواقعة لديها بما ترى معه أن المعاينة المطلوبة غير منتجة في الدعوى". وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كان طلب الدفاع عن الطاعن الثالث إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك في أقوال شهود الإثبات، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التي رواها الشهود، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها، وإذ كان ما أورده الحكم في الرد على طلب إجراء المعاينة كافياً وسائغاً، فإن النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثالث من خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاعه فإنه لما كان الطاعن المذكور لا يدعي أن المحكمة قد منعت الدفاع عنه من مباشرة حقه، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في المحضر، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك، وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أما محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على جلسات المحاكمة أن الضابطين...... و....... وإن كانا قد قررا حال إجابتهما، على بعض الأسئلة التي وجهتها إليهما المحكمة أنهما لا يذكران شيئاً لمرور ثلاث سنوات على حصول الواقعة، فكان أن سكت الطاعن الثالث والمدافع عنه عن أن يوجها لهما ما يعن لهما من وجوه الاستجواب ومضت المرافعة دون تلوى على شيء يتصل بقالة الشاهدين ينسيان ما دارت حوله بعض الأسئلة، وكانت المحكمة قد استعملت حقها في التعويل على أقوال الشاهدين المذكورين في التحقيقات وبالجلسة فقد بات من غير المقبول من الطاعن الثالث منعاه بأن الشاهدين المذكورين قررا بالجلسة بعدم تذكرهما بعض الوقائع ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما تمسك به المدافع عن الطاعنين الثاني والثالث من بطلان أقوالهما في التحقيقات لصدورها تحت تأثير الإكراه المادي والمعنوي الواقع عليهما بقسم الشرطة ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفاع عن المتهم...... (الطاعن الثالث) و..... (الطاعن الثاني) بأنهما تعرضا لتعذيب وإكراه بقسم المنتزه وأن أقوالهما بالتحقيقات أمليت عليهما فإن هذا الدفاع ولا سند له يظاهره تلتفت عنه المحكمة خاصة وقد جاء التقرير الطبي الشرعي للمتهم...... يفيد أنه لم يبين بعموم جسمه أية آثار لإصابات". لما كان ذلك، كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك ما دامت قد اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة والواقع - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل من أقوال المتهم..... أن الطاعن الثاني قد اتفق معه ومع الطاعن الثالث على نقل كمية من السجائر من شاطئ ميامي، وكان ما حصله الحكم من ذلك - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن - يرتد إلى أصل ثابت في التحقيقات وهو ما لا يمارى فيه الطاعن الثاني - ثم عاد الحكم في مقام التدليل على ثبوت الواقعة في حق الطاعن الثاني واستخلص أن هذا الاتفاق كان لنقل المخدرات استناداً إلى الأدلة السائغة التي أوردها، فإن هذا حسبه، ويضحى النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في غير محله. أما ما يثيره الطاعن الثالث بشأن خطأ الحكم فيما نسبه إلى الشاهد..... من أنه أثبت في محضر تحرياته وفي أقواله أن المتهم..... قد اشتهر باسم..... في حين أن الثابت بهذا المحضر وتلك الأقوال أن اسم الشهرة يخص متهم آخر فمردود بأنه من قبيل الخطأ المادي البحت وأنه - بفرض صحته - لم يكن له أثر في قيام الجريمة التي دانه بها. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن المذكور في التمسك بهذا الخطأ ما دام أنه يتعلق بغيره من المتهمين ويكون ما ينعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنين الأول والثالث بانتفاء هذا العلم لديهما ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفاع من المتهمين...... (الطاعن الثالث) و..... (الطاعن الأول) بانتفاء العلم لديهما بأن المواد المزمع نقلها مخدرات وإنما كانا يعلمان فقط بأنهما كمية من السجائر، ولما كانت المحكمة وقد اطمأنت إلى ما جاء بمحضر التحريات وما قرره شهود الإثبات بأن المتهمين كانا يعلمان بأن المواد التي تم جلبها من الخارج إنما كانت شحنة من المخدرات وأن هذين المتهمين تداخلا بأفعالهما لتسهيل نقل تلك المخدرات لإتمام عملية الجلب فضلاً عن أن المتهمين أقرا لرجال الضبط بحيازتهم وإحرازهم للمواد المخدرة المضبوطة عند مواجهتها بها عقب الضبط وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى توافر القصد الجنائي لدى المتهمين". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنين بحقيقة الجواهر المضبوطة كافياً في الرد على دفاعهما في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقهما توافراً فعلياً فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت أنه بني على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت جريمتا جلب الجواهر المخدرة وتهريبها اللتان دين الطاعنون بهما قد نشأتا عن فعل واحد كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات والحكم عليهم بالعقوبة المقررة لجريمة الجلب باعتبارها الجريمة ذات العقوبة الأشد دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركي أصلية أم تكميلية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الجلب العقوبة التكميلية المقررة لجريمة التهريب الجمركي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة التعويض الجمركي، وإذ انتهت المحكمة - محكمة النقض - إلى ما تقدم، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان بقالة أنه أغفل بيان صفة مصدر طلب مصلحة الجمارك بإقامة الدعوى الجنائية يكون لا محل له. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. فيما عدا ما تقدم من تصحيح الحكم المطعون فيه بشأن ما قضى من عقوبة التعويض الجمركي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق