الصفحات

الخميس، 11 أبريل 2024

(الْمَادَّةُ 62) إذَا تَعَذَّرَ إعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ





(الْمَادَّةُ 62) إذَا تَعَذَّرَ إعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ 
يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ أَوْ مَجَازِيٍّ أُهْمِلَ.
وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْأَشْبَاهِ بِالصُّورَةِ الْآتِيَةِ: (وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بِلَا مُرَجِّحٍ أُهْمِلَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ إمْكَانِ إعْمَالِ الْكَلَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ أَوْ عَلَى الْمَجَازِيِّ خَارِجًا عَنْ الْإِمْكَانِ وَمُمْتَنِعًا أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مُرَجِّحٌ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ يُهْمَلُ بِحُكْمِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ وَلَا يَعْمَلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تُوجِبُ إهْمَالَ الْكَلَامِ:
أَوَّلًا: امْتِنَاعُ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ.
ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا.
مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ فِي حَقِّ مَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً، كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1629) لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً، إذْ لَيْسَ مِنْ الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَالِدًا لِرَجُلٍ يَكْبُرُهُ فِي السِّنِّ كَذَا مِنْ الْمُتَعَذِّرِ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَعْرُوفُ النَّسَبِ وَلَدًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَدَّعِيهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ وَارِثٌ لِوَارِثٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ، كَأَنْ يُتَوَفَّى شَخْصٌ عَنْ وَلَدٍ وَبِنْتٍ وَيَعْتَرِفُ الْوَلَدُ لِأُخْتِهِ بِنِصْفِ مَا خَلَّفَ وَالِدُهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ هَذَا لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا حَسْبَ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّنِي قَطَعْت يَدَيْ فُلَانٍ، وَإِنَّنِي مَدْيُونٌ لَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ دِيَةَ يَدَيْهِ وَكَانَتْ يَدَا الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ سَالِمَتَيْنِ لَمْ تُقْطَعْ يُهْمَلُ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ.
هَذَا وَإِلَيْكَ مَثَلًا: عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي يَتَنَازَعُهُ مَعْنَيَانِ أَوْ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ مُرَجِّحٍ لِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا.
الْمِثَالُ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مُعْتِقٌ (بِكَسْرِ التَّاءِ) وَآخَرُ مُعْتَقٌ (بِفَتْحِهَا) وَأَوْصَى بِمَالِ قَائِلًا: (إنَّهُ لِمَوْلَايَ بَعْدَ مَوْتِي) وَلَمْ يُعَيِّنْ فَلَمَّا كَانَتْ كَلِمَةُ (مَوْلَايَ) تَشْمَلُ الْمُنْعِمَ وَالْمُنْعَمَ عَلَيْهِ وَتُطْلَقُ عَلَى (السَّيِّدِ) ، وَهُوَ الْمُعْتِقُ، وَعَلَى (الْعَبْدِ) ، وَهُوَ الْمُعْتَقُ وَبِمَا أَنَّ الْقَصْدَ وَالْغَرَضَ فِي الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى أَنْ تَكُونَ بِمَثَابَةِ اعْتِرَافٍ بِجَمِيلِ الْمُوصَى لَهُ وَكَشُكْرٍ لَهُ عَلَى أَيَادِيهِ، وَإِذَا كَانَتْ مِنْ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى فَهِيَ بِمَثَابَةِ إحْسَانٍ وَزِيَادَةِ تَلَطُّفٍ، وَلِأَنَّ الِاسْمَ الْمُشْتَرَكَ لَا يُعَدُّ مِنْ قِسْمِ الْعُمُومِ، وَيَجِبُ تَحْدِيدُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَقْصُودِ لِلِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ وَهُنَا الْقَصْدُ مَجْهُولٌ، إذْ بِتَعَدُّدِ الْمَقْصُودِ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا، فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَصِيَّةٌ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق