الصفحات

الجمعة، 26 أبريل 2024

الطعن 205 لسنة 22 ق جلسة 12 / 1 / 1956 مكتب فني 7 ج 1 ق 8 ص 68

جلسة 12 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان وكيل المحكمة ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف المستشارين.

--------------

(8)
القضية رقم 205 سنة 22 القضائية

(أ) استئناف. حكم تمهيدي. تعويض. إيجار. 

حكم قضى بندب خبير في دعوى تعويض عن زيادة الاستهلاك في عين مؤجرة. تعليقه القضاء بمسئولية المستأجر عن التعويض المطلوب على نتيجة تقرير الخبير. هذا الحكم يعتبر غير منه للخصومة. عدم جواز استئنافه استقلالا. المادة 378 مرافعات.
(ب) قوة الأمر المقضي. مسئولية. حكم تمهيدي. استئناف. أثره. 

حكم غير منه للخصومة قضى بندب خبير في دعوى تعويض عن استهلاك عين مؤجرة. صدور حكم في الموضوع برفض الدعوى. استئناف المؤجر لهذا الحكم. حق المستأجر في الدفع بعدم مسئوليته عن التعويض. القضاء بأن الحكم القاضي بندب الخبير حاز قوة الأمر المقضي. خطأ. المادة 404 مرافعات.

----------------
1 - متى صدر حكم في دعوى تعويض عن زيادة الاستهلاك فى عين مؤجرة بندب خبير لتحقيق هذا الاستهلاك وكان هذا الحكم قد علق قضاءه بمساءلة المستأجر عن هذا التعويض على مدى الاستهلاك الذى يثبته الخبير فإنه لا يعتبر منهيا للخصومة في خصوص هذه المساءلة ومن ثم لا يجوز استئنافه على حدة طبقا للمادة 378 مرافعات.
2 - إذا صدر حكم بندب خبير في دعوى تعويض عن زيادة الاستهلاك في عين مؤجرة ثم حكم في الموضوع برفض الدعوى فاستأنف المؤجر هذا الحكم فإنه بذلك يغنى المستأجر عن استئنافه ويبقى حقه في الدفع بعدم مسئوليته عن التعويض قائما طبقا للمادة 404 مرافعات ويكون الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون إذ قرر أن الحكم القاضي بندب الخبير حاز قوة الأمر المقضي من حيث المسئولية تأسيسا على أن المستأجر لم يرفع عنه استئنافا وذلك متى كان هذا الحكم غير منه للخصومة في خصوص المسئولية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا فى 9/ 6/ 1946 الدعوى رقم 496 لسنة 1947 مدنى كلى القاهرة وكان من بين ما تضمنته طلباتهم إلزام الطاعنة بأن تدفع إليهم مبلغ 14 جنيها شهريا قيمة أجرة المنزل رقم 10 بشارع ماهر باشا الآيل لهم بالميراث عن والدتهم السيدة آمنة عبد النبي وذلك عن المدة ابتداء من 1/ 10/ 1945 وما يستجد لحين الإخلاء، وأسسوا هذا الشق من الطلبات على أن وزارة المعارف "الطاعنة" استأجرت من المطعون عليه الأول بصفته وكيلا عن والدته المنزل موضوع الدعوى بموجب العقد المؤرخ 30/ 3/ 1939 ليكون مدرسة أولية لتعليم البنين وقت الصباح إلا أن الطاعنة أعارته لوزارة الشئون الاجتماعية لمكافحة الأمية ونشر الثقافة بين رجال البوليس والعمال واستعملت المنزل مساء في غير الغرض المعد له استعمالا مضاعفا فوق استعماله الأصلي مما ترتب عليه زيادة الاستهلاك وأن ذلك يبيح زيادة الإيجار بأجرة إضافية مقدارها مبلغ 14 جنيها شهريا كتعويض مستحق لهم، وأنكرت الطاعنة أن المنزل استعمل لمكافحة الأمية. وفى 4/ 12/ 1948 قضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى ما يدعيه الطرفان. وبعد صدور هذا الحكم دفعت الطاعنة بأن استعمال المنزل لمكافحة الأمية لا يتنافى مع عقد الإيجار وطبيعة المكان المؤجر للتعليم ولا يستوجب زيادة الأجرة. وفى 8/ 1/ 1949 قضت المحكمة حضوريا أولا بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعين مبلغ 15 جنيها و378 مليما المعترف به والباقي من الأجرة. ثانيا - وفيما يختص بالشق الثاني من الطلبات بندب الخبير المهندس المعماري لتحقيق ما إذا كان المنزل قد استعمل كمدرسة أولية فقط أم أنه مستعمل أيضا لمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية وفى تلك الحالة على الخبير أن يحقق متى بدأت وزارة الشئون الاجتماعية في استعماله وعليه أن يحقق أيضا عدد المترددين على الدراسة وأوقات ترددهم ومقدار استهلاكهم لمعرفة إن كانت قيمة هذا الاستهلاك تساوى مبلغ الـ 14 جنيها المطالب به شهريا كتعويض إضافي أم تساوى أقل أو أكثر وذلك مع التصريح بسماع الشهود بلا يمين. وقدم الخبير تقريرا انتهى فيه إلى أن المنزل فوق استعماله مدرسة أولية للبنين بدأ استعماله أيضا لمكافحة الأمية لرجال البوليس في 29/ 10/ 1945 واستعمل لنشر الثقافة الشعبية ابتداء من 5/ 11/ 1945 وأن المنزل يقدر استهلاكه بمبلغ 6 جنيهات و376 مليما شهريا - وذلك عن زيادة الانتفاع فيه لمكافحة الأمية ونشر الثقافة فوق استعماله لتعليم البنين. وفى 20/ 6/ 1950 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعين بمصروفاتها وقالت فيما يختص بالشق الخاص بطلب مقابل زيادة الاستهلاك إنه لا يبين من تقرير الخبير ما يدل على حصول تلف أو استهلاك ناشئ عن سوء الاستعمال وليس في الأوراق ما يدل على أن وزارة المعارف قد استعملت العين المؤجرة في غير الغرض الذى استؤجر المنزل من أجله وأن نص عقد الإيجار يبين منه أن الغرض من الاستئجار هو استعماله في التعليم دون أن يحدد نوعه وساعاته ومواعيده وأن للوزارة استعمال المنزل في أي وقت شاءت وفى أى نوعه من أنواع التعليم وليس في تخصيص الوزارة المنزل بعد العقد لنوع معين للتعليم ما يمنعها من استعماله في أنواع أخرى. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 212 لسنة 68 ق محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 20/ 4/ 1952 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى من رفض طلب التعويض وإلزام المستأنف عليها "الطاعنة" بأن تدفع للمستأنفين "المطعون عليهم" مبلغ 407 جنيهات و2 مليم قيمة التعويض عن المدة من 5/ 11/ 1945 لغاية 9/ 3/ 1951 وما يستجد شهريا بواقع 6 جنيهات و376 مليما حتى 20/ 4/ 1952.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في القانون وشابه الفساد فى الاستدلال إذ اعتبر الحكم التمهيدي الصادر فى 8 من يناير سنة 1949 حكما منهيا للخصومة فى خصوص مسئولية الطاعنة عن الضرر الذى لحق بالمطعون عليهم من جراء زيادة استهلاك العين المؤجرة باستعمالها في غير الغرض الذى أجرت من أجله مع أن الحكم المذكور لم يقطع في هذه المسئولية. أما وجه الفساد في الاستدلال فهو أن الحكم اعتبر الخطابات الصادرة من إدارة المباني سنة 941 وما بعدها دالة على أن العين أجرت لاستعمالها مدرسة أولية للبنين في حين أن عبارات الخطابات المذكورة لا تؤدى إلى هذا المعنى.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بالتعويض على ما جاء به من "أنه جاء بأسباب حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 8 من يناير سنة 1949 وحيث إنه بالنسبة للشق الثاني من الدعوى فإن المسلم به أن العين المؤجرة يجب أن تستعمل فيما أعدت له وأنه ليس للمستأجر أن يخرج عن طبيعة الانتفاع فيما أعدت له وأنه ليس للمستأجر أن يخرج عن طبيعة الانتفاع التي كانت ملحوظة وقت التعاقد فإن خرج عن ذلك فللمؤجر طبقا للقواعد العامة أن يطالب المستأجر بتنفيذ التزامه عينا أو فسخ العقد أو المطالبة بالتعويضات عن الضرر الذى لحقه من جراء عدم التنفيذ. وحيث إنه وإن كان عقد الإيجار لم ينص فيه على طريقة الانتفاع بالعين المؤجرة إلا أن الملحوظ وقت التأجير أن الوزارة استأجرت هذا المنزل ليكون مقرا لمدرسة العباسية الأولية للبنين ولم تلحظ فوق استعماله لهذا الغرض أن يستعمل أيضا معهدا لمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية وذلك لأن القوانين والنظم الخاصة بمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية لم تكن قد أصدرت وقت تحرير عقد الإيجار وإذا كانت مورثة المدعين قد قبلت أن تؤجر هذا المنزل بمبلغ 14 ج شهريا فذلك ليكون مدرسة أولية للبنين وهم أطفال وعددهم محدود ووقت استعمالهم محدود أيضا وسيؤدى استعمالهم لهذا المنزل طول هذا الوقت إلى استهلاكه بدرجة محدودة أيضا ولا شك أنه لو كان ملحوظا وقت التعاقد أنه سيستعمل كمدرسة أولية في الصباح ثم ولمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية من بعد الظهر إلى المساء لما قبلت أن تؤجره بهذه القيمة لأن استعماله على هذا النحو ألأخير سيؤدى بطبيعة الحال إلى زيادة استهلاكه. وأن ما قاله الحكم في هذا الصدد ولم ترفع عنه وزارة المعارف استئنافا حاز قوة الأمر المقضي، وأن محكمة أول درجة إذ فصلت في النقطة التي بنت عليها حكمها التمهيدي قررت صراحة بعد استعراض دفاع الطرفين مساءلة وزارة المعارف عن الضرر الذى لحق المستأنفين من جراء زيادة استهلاك العين وندبت خبيرا لتحقيق قيمة الضرر كان حكمها في ذلك حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه من حيث المسئولية ما دام قد قطع بتوافرها وتكون مهمة محكمة أول درجة بعد ذلك قاصرة على تقدير التعويض ... وأنه فوق ذلك فإنه وان كان عقد الإيجار المؤرخ في 30 من مارس سنة 1939... لم ينص فيه على طريقة الانتفاع بالعين المؤجرة إلا أنه يبين من خطابات إدارة المباني بهذه الوزارة المقدمة من المستأنفين أن الملحوظ وقت التأجير أن الوزارة استأجرت هذا المبنى ليكون مقرا لمدرسة العباسية الأولية للبنين وقدرت أجرته على أساس هذا الاستعمال فإعارة وزارة المعارف هذا المبنى لوزارة الشئون الاجتماعية لاستعماله فى مكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية يعتبر في ذلك خروجا عما اتفق عليه فى عقد الإيجار سواء في ذلك أقامت وزارة الشئون يدفع مقابل هذا الانتفاع إلى وزارة المعارف أم لم تدفع، وبذا يكون الحكم المستأنف قد أخطأ في عدم مساءلة وزارة المعارف عن التعويض".
وحيث إن المادة 378 من قانون المرافعات تنص على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات. وتنص المادة 404 على أن استئناف الحكم الصادر فى موضوع الدعوى يستتبع حتما استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها فى القضية ما لم تكن قبلت صراحة. ويبين من الحكم الصادر فى 8 من يناير سنة 1949 أنه بعد أن ذكر في أسبابه ما سبقت الإشارة إليه قضى تمهيديا وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم وهى "تحقيق ما إذا كان هذا المنزل مستعملا كمدرسة أولية فقط أم أنه مستعمل أيضا لمكافحة الأمية ونشر الثقافة الشعبية وفى الحالة الأخيرة على حضرته أن يحقق متى بدأت وزارة الشئون الاجتماعية استعماله لهذا الغرض وأن يحقق عدد المترددين عليه سواء في قسم مكافحة الأمية أو نشر الثقافة الشعبية وأوقات ترددهم ومقدار استهلاكهم للمنزل لمعرفة إن كانت قيمة هذا الاستهلاك تساوى 14 ج أم تساوي أقل أو أكثر من هذا المبلغ" ومؤدى ما تقدم أن الحكم علق قضاءه بمساءلة الوزارة عن التعويض على مدى الاستهلاك الذى يثبته الخبير فهو بذلك لا يعتبر منهيا للخصومة في خصوص هذه المساءلة ومن ثم لا يجوز استئنافه على حدة وقد صدر الحكم في الموضوع من محكمة الدرجة الأولى قاضيا برفض الدعوى فاستأنفه المطعون عليهم وبذلك أغنوا الطاعنة عن استئنافها وبقى حقها في الدفع بعدم مسئوليتها عن التعويض قائما، ومن ثم يكون ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الحكم الصادر فى 8 من يناير سنة 1949 حاز قوة الأمر المقضي من حيث المسئولية غير صحيح في القانون.
وحيث إنه يبين من الخطابات التي أشار إليها الحكم المطعون فيه أنها تتحدث عن الإصلاحات اللازمة "لمكان مدرسة العباسية الإلزامية" وهذه العبارة إن دلت على أن الوزارة استعملت المبنى المؤجر مكانا لمدرسة العباسية الإلزامية فإنها لا تدل على أن العين إنما أجرت لتستعمل لمدرسة العباسية الإلزامية فحسب ولا يخل بحق الوزارة في الانتفاع بالمبنى لشئون التعليم على الوجه الذى يخوله لها القانون ويكون الحكم إذ اعتبر هذه الخطابات دالة على أن المقصود وقت التعاقد إنما كان استعمال المبنى كمدرسة إلزامية للبنين فقط قد استند إلى ما لا يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن الدعامتين اللتين أقام عليهما الحكم قضاءه لا تصلحان سببا لإقامته ومن ثم يتعين نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق