الصفحات

السبت، 20 أبريل 2024

الطعن 1 لسنة 2021 ق توحيد المبادئ القضائية جلسة 20 / 10 / 2021 مكتب فني 15 ص 1

جلسة 20 / 10 / 2021
برئاسة السيد المستشار/ محمد حمد البادي رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ شهاب عبد الرحمن الحمادي، محمد عبد الرحمن الطنيجي، عبد العزيز يعكوبي، المبارك العوض حسن، سعد محمد زويل، عمر يونس جعرور ، أحمد عبد الوكيل الشربيني ، علي عبدالفتاح جبريل.
------------------
(الطلب رقم 1 لسنة 2021 هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية)

(1) هيئة توحيد المبادئ القضائية الاتحادية والمحلية "اختصاصها". قانون "تفسيره".
هيئة توحيد المبادئ. اختصاصها؟ المادة 15 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية . إجراءات تقديم طلبات توحيد المبادئ القضائية للهيئة؟ المادة 16 من القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2019 .
تقديم النائب العام الاتحادي طلب مسبب لهيئة توحيد المبادئ القضائية. أثره: - قبوله شكلا.
تعارض المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة تمييز دبي في تفسير نص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 من قانون الإجراءات الجزائية بخصوص وجوب وجود توكيل خاص أو عام لقبول الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى. ينعقد به اختصاص هيئة توحيد المبادئ للفصل في الطلب المقدم بشأنهما.

(2) جرائم الشكوى. دعوى جزائية "قيود تحريكها" "انقضاؤها بالتنازل". وكالة. نيابة عامة.
استلزام المشرع تقدم المجني عليه بشكوى. يعد قيدا على حرية النيابة العامة في اتخاذ ما تشاء من إجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى حتى تقديمها. أساس وعلة ذلك؟
اشتراط المشرع وجود وكالة خاصة للتنازل عن الشكوى. مقتضاه : لزوم وجودها - لتقديمها نيابة عن المجني عليه في جرائم الشكوى.
وجوب أن تكون الوكالة لاحقة على وقوع الجريمة. باعتبار أن التنازل عن الشكوى لا يكون سابقا على وقوعها. مفاد ذلك: أن تكون الشكوى بوكالة خاصة. أثر ذلك: إقرار الهيئة للمبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بضرورة وجود وكالة خاصة للوكيل لقبول الشكوى.
التقدم الإجرائي بالشكوى. وجوب أن تكون حررت ووقعت من شخص المجني عليه أو من ينوب عنه بوكالة خاصة.
التقدم المادي بالشكوى. لأي شخص مباشرته. متى حررت ووقعت من صاحب المصلحة.

------------------

1 - من المقرر بنص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية أن هيئة توحيد المبادئ تختص بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، كما تختص بالنظر في طلبات العدول عن مبدأ سبق لها أن قررته (أي الهيئة) وفقا للإجراءات المحددة في المادة 16 من هذا القانون. والمقرر بنص هذه المادة (أي المادة 16) أن طلبات توحيد المبادئ القضائية تقدم إلى الهيئة بتقرير مسبب من أي من رؤساء المحاكم العليا في الدولة، أو النائب العام الاتحادي أو النواب العامين المحليين بصورة تلقائية أو بناء على طلب مقدم إليهم من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية ... ولما كان الطلب الماثل مقدما ممن له صلاحية تقديمه (النائب العام الاتحادي)، وجاء بتقرير مسبب لذلك فهو مقبول شكلا. كما أنه لما كان المستفاد من الحكمين الصادرين عن المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة تمييز دبي اختلافهما في تفسير نص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، مما ترتب عنه صدور مبدأين قضائيين متعارضين، حيث خلصت المحكمة الأولى إلى أن الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى لا تكون مقبولة إلا إذا كان لديه توكيل خاص بذلك، في حين أن المحكمة الثانية وإن كانت قد استندت في حيثيات حكمها إلى أن إرادة المجني عليها كانت قاطعة في تقديم الشكوى بناء على ما هو مستمد من شهادتها بتحقيقات النيابة العامة وكذا ما أدلت به الشاكية من أقوال أمام مأمور الضبط القضائي، إلا أنها أضافت في تعليلها على سبيل الاستطراد أن التوكيل العام يعتبر كافيا في جرائم الشكوى، ولا شك أن ما أوردته بهذا الشأن بصرف النظر عن - تأثيره في نتيجة الحكم من عدمه يناقض المبدأ الذي قررته المحكمة الاتحادية العليا - في الطعن رقم 371 لسنة 2021 المشار إليه، وهو ما يجعل المبدأين المقررين في الحكمين المذكورين متعارضين، وبالتالي يكون اختصاص هذه الهيئة منعقدا للفصل في طلب التوحيد المقدم بشأنهما.

2 - من المقرر إنه لتحديد التفسير الأقرب لروح نص المادة 10 المذكورة وفلسفتها، يجب التأكيد بداية أن المشرع عندما يستلزم ضرورة التقدم بشكوى من المجني عليه فإن النيابة العامة - استثناء من الأصل - لا تكون لها حرية اتخاذ ما تشاء من إجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى إلا بعد التقدم بها. ولا شك أن تعليق المشرع رفع الدعوى الجزائية على شكوى من المجني عليه في الجرائم المحددة بموجب هذه المادة يقوم على مبررات تستهدف حماية مصلحة هذا الأخير باعتباره الأقدر من النيابة العامة على تحديد مدى ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجزائية من عدمه، وتحديد مدى تحقق مصلحته في تحريك الدعوى بشأنها أو إبقائها خارج أسوار المحاكم اتقاء لما قد يتردد في جلساتها من كلام قد يزيد من تعميق جراحاته وآلامه أو يسهم في تشتيت أوصال الأسرة وروابطها. ولا شك أن تقييد المشرع رفع الدعوى العمومية في هذا النوع من الجرائم بإرادة المجني عليه - بناء على تقدير هذا - الأخير لمعطيات الجريمة وأثر تداولها في ردهات المحاكم على حياته الخاصة أو حياة الأسرة - يستلزم تعبيره بشكل واضح وصريح عن مدى رغبته في تحريكها من عدمه، وهذا الوضوح لا يكشف عنه بداهة إلا التوكيل الخاص. وحاصل ذلك أن المادة العاشرة المذكورة وإن جاءت خالية من النص صراحة على اشتراط التوكيل الخاص فيمن يقوم مقام المجني عليه في تقديم الشكوى (الوكيل الاتفاقي)، إلا أن اشتراط ذلك مما يستفاد بداهة من روح هذه المادة وفلسفتها، على اعتبار أن إرادة المجني عليه ورغبته في رفع الدعوى العمومية لا تكون جلية وواضحة إلا بتخصيص التوكيل الصادر عنه لفائدة وكيله، أما التوكيل العام فإنه لا يعكس هذه الإرادة بشكل قاطع، ولا يعتبر حاسما في اتجاه إرادة المجني عليه على وجه اليقين إلى الرغبة في رفع الدعوى بل يكون مفتوحا على كل الاحتمالات وهو ما يجعله توكيلا غير منتج في البناء عليه لتحريك الدعوى العمومية على أساسه. وعلاوة على ذلك فإن المقرر بنص المادة 347 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية أن المشرع أجاز للمجني عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في هذه المادة. ومؤدى ذلك أن المشرع إذا كان قد تشدد في التنازل عن الشكوى فاشترط أن تكون بوكالة خاصة، فإن مقتضى ذلك ولزومه أن يكون تقديم الشكوى نيابة عن المجني عليه - في جرائم الشكوى - بوكالة خاصة. وإذا كان لا يتصور أن يكون التنازل عن الشكوى سابقا على وقوع الجريمة، فإن مقتضى العقل والمنطق أن تكون الوكالة لاحقة على الجريمة وليست سابقة عليها، وهذا ما يستقيم مع القول بضرورة أن تكون الشكوى بوكالة خاصة، وهو ما نصت عليه صراحة بعض التشريعات المقارنة. وحيث إنه بالبناء على ما ذكر، وتوحيدا للمبدأين القضائيين المتعارضين الصادرين عن المحكمتين المذكورتين، فإن الهيئة تنتهي إلى إقرار المبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 3 / 5 / 2021 في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي، مع التنويه إلى ضرورة التمييز بين التقدم الإجرائي بالشكوى والتقدم المادي بها، ذلك أنه بالنسبة للحالة الأولى يجب أن تكون الشكوى قد حررت ووقعت من شخص المجني عليه أو من شخص الوكيل الخاص المسموح له بالتقدم بالشكوى نيابة عنه بموجب وكالة خاصة. أما فيما يخص الحالة الثانية (التقدم المادي بالشكوى) فيمكن أن يباشره أي شخص طالما أن الشكوى قد حررت ووقعت من صاحب المصلحة.

-------------

الوقائع

حيث إن الوقائع، على ما يبين من الطلب وسائر الأوراق، تتحصل في أنه بتاريخ 10 / 6 / 2021 تقدم النائب العام الاتحادي إلى هذه الهيئة بطلب النظر في توحيد مبدأين قضائيين أحدهما صادر عن المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 3 / 5 / 2021 في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي، والآخر صادر عن محكمة تمييز دبي بتاريخ 5 / 1 / 2015 في الطعن رقم 895 / 2014؛ تأسيسا على وجود تعارض بينهما. وأوضح في معرض بيانه لوقائع الحكمين الصادرين في الطعنين المذكورين أنه بموجب الدعوى الجزائية رقم... لسنة... - جزاء... - أسندت النيابة العامة إلى المتهم قيامه بتاريخ../../... باختلاس مبالغ مملوكة لوالدة المجني عليه 4 والمسلمة إليه على سبيل الوكالة إضرارا بأصحاب الحق عليها وطلبت معاقبته بالمادة 401 / 1 من قانون العقوبات الاتحادي. وبجلسة 27 /.../... قضت محكمة أول درجة حضوريا : أولا بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبغير الطريق الذي رسمه القانون بالشق الجزائي. ثانيا إحالة الدعوى المدنية للقضاء المدني. ونظرا لفوات ميعاد الطعن على هذا الحكم من قبل النيابة العامة، وعملا بأحكام المادة 256 من قانون الإجراءات الجزائية، طعن عليه النائب العام لصالح القانون بالطعن بالنقض رقم 371 لسنة 2021 جزائي اتحادية عليا مستندا في ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر الدعوى الجزائية لتحريكها بموجب توكيل عام عن المجني عليه وليس توكيلا خاصا، رغم أن قانون الإجراءات الجزائية لم يتطلب أن يكون الوكيل مزودا بوكالة خاصة لتقديم الشكوى. وبجلسة 3 / 5 / 2021 قضت المحكمة الاتحادية العليا برفض الطعن تأسيسا على أن المقصود بعبارة من يقوم قانونا مقام المجني عليه في مفهوم المادة (10) من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، الوكالة الخاصة في التعبير عن إرادة المجني عليه في جرائم محددة، وبها يتحقق مراد الشارع في تحريك الدعوى الجزائية، وليس الوكالة العامة. في حين صدر عن محكمة تمييز دبي بتاريخ 5 / 1 / 2015 في الطعن رقم 895 لسنة 2014 - في قضية تتعلق باستغلال المتهم - خدمات الاتصالات في الإساءة وإيذاء مشاعر مطلقته (إرسال رسالة نصية هاتفية تخدش شرفها وعبارات سب وقذف بحقها) - حكم أوردت فيه أن نص المادة (10) من قانون الإجراءات الجزائية لا يتطلب أن يكون الوكيل مزودا بوكالة خاصة لتقديم الشكوى أو للتنازل عنها. وخلص النائب العام الاتحادي في ضوء ما ذكر إلى وجود تعارض بين المبدأين المذكورين وطلب تبعا لذلك من الهيئة النظر في توحيدهما.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة.
أولا في الشكل والاختصاص:
حيث إن المقرر بنص المادة (15) من القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 2019 بشأن تنظيم العلاقات القضائية بين السلطات القضائية الاتحادية والمحلية أن هيئة توحيد المبادئ تختص بتوحيد المبادئ القضائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة، كما تختص بالنظر في طلبات العدول عن مبدأ سبق لها أن قررته (أي الهيئة) وفقا للإجراءات المحددة في المادة 16 من هذا القانون. والمقرر بنص هذه المادة (أي المادة 16) أن طلبات توحيد المبادئ القضائية تقدم إلى الهيئة بتقرير مسبب من أي من رؤساء المحاكم العليا في الدولة، أو النائب العام الاتحادي أو النواب العامين المحليين بصورة تلقائية أو بناء على طلب مقدم إليهم من الجهات الحكومية الاتحادية أو المحلية ... ولما كان الطلب الماثل مقدما ممن له صلاحية تقديمه (النائب العام الاتحادي)، وجاء بتقرير مسبب لذلك فهو مقبول شكلا. كما أنه لما كان المستفاد من الحكمين الصادرين عن المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة تمييز دبي اختلافهما في تفسير نص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية، مما ترتب عنه صدور مبدأين قضائيين متعارضين، حيث خلصت المحكمة الأولى إلى أن الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى لا تكون مقبولة إلا إذا كان لديه توكيل خاص بذلك، في حين أن المحكمة الثانية وإن كانت قد استندت في حيثيات حكمها إلى أن إرادة المجني عليها كانت قاطعة في تقديم الشكوى بناء على ما هو مستمد من شهادتها بتحقيقات النيابة العامة وكذا ما أدلت به الشاكية من أقوال أمام مأمور الضبط القضائي، إلا أنها أضافت في تعليلها على سبيل الاستطراد أن التوكيل العام يعتبر كافيا في جرائم الشكوى، ولا شك أن ما أوردته بهذا الشأن - بصرف النظر عن تأثيره في نتيجة الحكم من عدمه - يناقض المبدأ الذي قررته المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 371 لسنة 2021 المشار إليه، وهو ما يجعل المبدأين المقررين في الحكمين المذكورين متعارضين، وبالتالي يكون اختصاص هذه الهيئة منعقدا للفصل في طلب التوحيد المقدم بشأنهما.
ثانيا في موضوع طلب التوحيد:
حيث يجب التنويه بداية بأن مدار الخلاف بين المبدأين القضائيين موضوع طلب التوحيد، مبعثه الاختلاف في تفسير عبارة: (أو ممن يقوم مقامه قانونا) الواردة بنص المادة 10 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية والتي جاء فيها (لا يجوز أن ترفع الدعوى الجزائية في الجرائم التالية إلا بناء على شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه قانونا: 1- السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة وإخفاء الأشياء المتحصلة منها إذا كان المجني عليه زوجا للجاني أو كان أحد أصوله أو فروعه ولم تكن هذه الأشياء محجوزا عليها قضائيا أو إداريا أو مثقلة بحق لشخص آخر. 2- عدم تسليم الصغير إلى من له الحق في طلبه - ونزعه من سلطة من يتولاه. 3- الامتناع عن أداء النفقة أو أجرة الحضانة أو الرضاعة أو المسكن المحكوم بها. 4- سب الأشخاص وقذفهم. 5- الجرائم الأخرى التي ينص عليها القانون. ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة ومرتكبها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك)، حيث إن المحكمتين المذكورتين اختلفتا في تحديد نطاق التوكيل الذي يقبل في تحريك الدعوى العمومية فيما يخص جرائم الشكوى والأثر المترتب على ذلك، بين اتجاه يقف عند حدود عموم النص ويعتبر التوكيل العام من قبل المجني عليه كافيا لقبول تحريك الدعوى العمومية في هذه الحالة، واتجاه نقيض يشترط لقبول تحريكها أن يكون التوكيل خاصا، مستندا في ذلك إلى خلفية نص المادة العاشرة المذكورة وفلسفته.
وحيث إنه لتحديد التفسير الأقرب لروح نص المادة 10 المذكورة وفلسفتها، يجب التأكيد بداية أن المشرع عندما يستلزم ضرورة التقدم بشكوى من المجني عليه فإن النيابة العامة - استثناء من الأصل - لا تكون لها حرية اتخاذ ما تشاء من إجراءات تتعلق بالجريمة موضوع الشكوى إلا بعد التقدم بها. ولا شك أن تعليق المشرع رفع الدعوى الجزائية على شكوى من المجني عليه في الجرائم المحددة بموجب هذه المادة يقوم على مبررات تستهدف حماية مصلحة هذا الأخير باعتباره الأقدر من النيابة العامة على تحديد مدى ملاءمة اتخاذ الإجراءات الجزائية من عدمه، وتحديد مدى تحقق مصلحته في تحريك الدعوى بشأنها أو إبقائها خارج أسوار المحاكم اتقاء لما قد يتردد في جلساتها من كلام قد يزيد من تعميق جراحاته وآلامه أو يسهم في تشتيت أوصال الأسرة وروابطها. ولا شك أن تقييد المشرع رفع الدعوى العمومية في هذا النوع من الجرائم بإرادة المجني عليه - بناء على تقدير هذا الأخير لمعطيات الجريمة وأثر تداولها في ردهات المحاكم على حياته الخاصة أو حياة الأسرة - يستلزم تعبيره بشكل واضح وصريح عن مدى رغبته في تحريكها من عدمه، وهذا الوضوح لا يكشف عنه بداهة إلا التوكيل الخاص. وحاصل ذلك أن المادة العاشرة المذكورة وإن جاءت خالية من النص صراحة على اشتراط التوكيل الخاص فيمن يقوم مقام المجني عليه في تقديم الشكوى (الوكيل الاتفاقي)، إلا أن اشتراط ذلك مما يستفاد بداهة من روح هذه المادة وفلسفتها، على اعتبار أن إرادة المجني عليه ورغبته في رفع الدعوى العمومية لا تكون جلية وواضحة إلا بتخصيص التوكيل الصادر عنه لفائدة وكيله، أما التوكيل العام فإنه لا يعكس هذه الإرادة بشكل قاطع، ولا يعتبر حاسما في اتجاه إرادة المجني عليه على وجه اليقين إلى الرغبة في رفع الدعوى بل يكون مفتوحا على كل الاحتمالات وهو ما يجعله توكيلا غير منتج في البناء عليه لتحريك الدعوى العمومية على أساسه. وعلاوة على ذلك فإن المقرر بنص المادة 347 من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية أن المشرع أجاز للمجني عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح والمخالفات المنصوص عليها في هذه المادة. ومؤدى ذلك أن المشرع إذا كان قد تشدد في التنازل عن الشكوى فاشترط أن تكون بوكالة خاصة، فإن مقتضى ذلك ولزومه أن يكون تقديم الشكوى نيابة عن المجني عليه - في جرائم الشكوى - بوكالة خاصة. وإذا كان لا يتصور أن يكون التنازل عن الشكوى سابقا على وقوع الجريمة، فإن مقتضى العقل والمنطق أن تكون الوكالة لاحقة على الجريمة وليست سابقة عليها، وهذا ما يستقيم مع القول بضرورة أن تكون الشكوى بوكالة خاصة، وهو ما نصت عليه صراحة بعض التشريعات المقارنة.
وحيث إنه بالبناء على ما ذكر، وتوحيدا للمبدأين القضائيين المتعارضين الصادرين عن المحكمتين المذكورتين، فإن الهيئة تنتهي إلى إقرار المبدأ القانوني الذي خلص إليه الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 3 / 5 / 2021 في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي، مع التنويه إلى ضرورة التمييز بين التقدم الإجرائي بالشكوى والتقدم المادي بها، ذلك أنه بالنسبة للحالة الأولى يجب أن تكون الشكوى قد حررت ووقعت من شخص المجني عليه أو من شخص الوكيل الخاص المسموح له بالتقدم بالشكوى نيابة عنه بموجب وكالة خاصة. أما فيما يخص الحالة الثانية (التقدم المادي بالشكوى) فيمكن أن يباشره أي شخص طالما أن الشكوى قد حررت ووقعت من صاحب المصلحة.

فلهذه الأسباب

قررت الهيئة الاعتداد بالمبدأ القانوني الذي قررته المحكمة الاتحادية العليا في الطعن رقم 371 لسنة 2021 جزائي الصادر بتاريخ 3 / 5 / 2021، والذي مفاده أن الشكوى المقدمة من قبل الوكيل في جرائم الشكوى المنصوص عليها في المادة (10) من القانون رقم 35 لسنة 1992 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية لا تكون مقبولة إلا إذا منحه المجني عليه توكيلاً خاصا بذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق