الصفحات

الأحد، 3 مارس 2024

الدعوى رقم 37 لسنة 44 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 3 / 2 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2024م، الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 37 لسنة 44 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض - الدائرة المدنية والعمالية - بحكمها الصادر بجلسة 10/3/2022، ملف الطعن رقم 8 لسنة 89 قضائية.

المقام من

......

ضد

نقيب صيادلة جمهورية مصر العربية

--------------

الإجراءات

 بتاريخ الخامس عشر من أغسطس سنة 2022، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 8 لسنة 89 قضائية، نفاذًا لحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 10/3/2022، بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة؛ للفصل في دستورية المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، فيما نصت عليه من اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالاستئناف على القرارات التأديبية الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن مجلس نقابة صيادلة مصر، كان قد أحال الصيدلي/ .....، إلى هيئة التأديب الابتدائية بنقابة الصيادلة، في الدعوى التأديبية رقم 72 لسنة 2016، لمساءلته تأديبيًّا عما نسب إليه من إعارة اسمه لغير صيدلي ليمكنه من فتح وإدارة صيدلية، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة. وبجلسة 26/2/2017، قررت هيئة التأديب الابتدائية معاقبة الصيدلي المحال بإسقاط عضويته من النقابة؛ فطعن على هذا القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية بمحكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3594 لسنة 134 قضائية. وبجلسة 5/12/2018، عدَّلت هيئة التأديب الاستئنافية القرار المطعون فيه، إلى وقف المحال عن مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر. طعن المحال على الحكم السالف بيانه، أمام محكمة النقض بالطعن المقيد برقم 8 لسنة 89 قضائية. وبجلسة 10/3/2022، قررت المحكمة وقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ما نصت عليه المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، من اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالاستئناف على القرارات الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية، لما تراءى لها من مخالفة هذا النص للمادة (190) من الدستور، والتي أصبح بمقتضاها مجلس الدولة دون غيره، هو القاضي الطبيعي لنظر المنازعات الإدارية، وذلك في ضوء ما تواتر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن النقابات المهنية تُعد من أشخاص القانون العام، وتُعد الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأي من تشكيلات النقابة المختلفة، وكذا تشكيل مجالس إداراتها أو القرارات الصادرة عنها، من قبيل المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة، بهيئة قضاء إداري، دون غيره.

وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة تنص على أنه " يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديبية استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمِل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني".

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.

وحيث إن إخلال أحد أعضاء نقابة الصيادلة بواجبات مهنته أو خروجه على مقتضياتها يعتبر مخالفة تأديبية مؤاخذًا عليها قانونًا، وإسنادها إليه يتعين أن يكون مسبوقًا بتحقيق متكامل، وكلما استكمل التحقيق عناصره، وكان واشيًا بأن للتهمة معينها من الأوراق، كان عرضه لازمًا على هيئة التأديب الابتدائية المنصوص عليها بالمادة (50) من قانون إنشاء النقابة، بحسبانها الجهة التي أولاها المشرع مسئولية الفصل فيه، ونص المشرع في المادة (51) من قانون إنشاء النقابة المشار إليه، على أن يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديب استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته؛ اختار المجلس العضو الثاني.

متى كان ما تقدم، وكانت هيئة التأديب الاستئنافية المشار إليها، وإن ضمت في تشكيلها إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، إلا أن غلبة العنصر القضائي على تشكيلها، لا يكفي وحده للتقرير بكونها من محاكم جهة القضاء العادي، على ما ذهب إليه حكم الإحالة، ذلك أن جوهر عملها وطبيعة اختصاصها بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، وفق قواعد إجرائية وموضوعية محققة للمحاكمة المنصفة، إنما يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، التي ناط بها المشرع – في حدود سلطته التقديرية – نظر أنزعة ودعاوى بعينها، وأسند إليها ولاية الفصل فيها بأحكام نهائية، وأجاز تعيينها جهة مختصة بنظر الأنزعة التي تدخل في اختصاصها، إذا نازعتها فيه جهة قضاء أخرى أو سلبتها إياه، والاعتداد بأحكامها إذا ناقضتها أحكام نهائية صادرة عن جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي أخرى، وذلك على ما جرى به نص المادة (192) من دستور 2014، والفقرتان (ثانيًا) و(ثالثًا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ ومن ثم يغدو تمحل حكم الإحالة بنص المادة (190) من الدستور، لنزع اختصاص هيئة التأديب الاستئنافية بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، في غير محله، ذلك الفهم الذي أنبته اعتبار هيئة التأديب الاستئنافية المنصوص عليها في المادة (51) من قانون إنشاء نقابة الصيادلة، إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، التابعة لجهة القضاء العادي، بالمخالفة لكونها من الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بحسب التكييف الصحيح لها؛ ومن ثم فإن ما أورده حكم الإحالة، المار ذكره، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل في دستورية النص المحال، مما تكون معه الدعوى الدستورية المعروضة جديرة بعدم القبول.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق