الصفحات

الثلاثاء، 26 مارس 2024

الطعن 24862 لسنة 86 ق جلسة 17 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 98 ص 786

جلسة 17 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / أحمد عمر محمدين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين، خالد الوكيل، محمد طنطاوي ومحمد أبو السعود نواب رئيس المحكمة .
----------------
( 98 )
الطعن رقم 24862 لسنة 86 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة وإيراده سائغاً مضمون أقوال الشهود . كفايته للتدليل على ثبوت صورتها ويحقق مراد الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام . المادة 310 إجراءات جنائية .
(2) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " .
النعي على الحكم بالجمع بين أقوال شهود الإثبات في إسناد واحد . غير سديد . ما دام قد أورد أقوال كل شاهد على حدة .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إقامة الحكم قضاءه على ما له أصل وصدى بالأوراق . لا خطأ في الإسناد .
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . إتلاف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جريمة الإتلاف العمدي . غير لازم . للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
أقوال متهم على آخر . شهادة . للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة .
مثال .
(7) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بصدور الإذن بالقبض والتفتيش بعد الضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعه بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي توردها رداً عليه .
النعي بشأن اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وأن الضبط كان بناءً على إذن النيابة بالتفتيش استناداً لأقوالهم . جدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
مثال .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب منها . غير مقبول .
مثال .
(10) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل في حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة واستنباط معتقدها . غير مقبول إثارته أمام محكمة النقض .
(11) استجواب . محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استمرار المحقق في استجواب الطاعن دون حضور محام معه . جائز . ما دام ندبه أصبح أمراً غير ممكن . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول . علة ذلك ؟
مخالفة المادة 124 إجراءات جنائية . لا بطلان .
مثال .
(12) حكم " بيانات الديباجة " . محضر الجلسة .
محضر الجلسة . يكمل الحكم في إثبات اسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بارتكابها وأورد مضمون ومؤدى أقوال شهود الإثبات والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة وهي أدلة سائغة ، وكان ذلك في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله .
2- لما كان الحكم لم يجمع بين أقوال شهود الإثبات بإسناد واحد – خلافاً لما يدعيه الطاعنان – وإنما أورد أقوال كل شاهد على حده ، فإن النعي في هذا الشأن لا يكون سديداً .
3- لما كان البين من مطالعة الصورة الرسمية المضمومة من تحقيقات النيابة العامة لأقوال الشاهد الثالث/ .... أن ما حصله الحكم من أقواله له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص لا يكون له محل .
4- لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة الإتلاف العمدي والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث – كالحال في الدعوى المطروحة– فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل .
6- من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، وكانت المحكمة قد ردت على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن الثاني على الطاعن الأول واطمأنت إلى أن تلك الأقوال التي صدرت منه بتحقيقات النيابة العامة صدرت عن إرادة حرة دون إكراه وأنه لم يتعرض لحجز غير قانوني لخلو الأوراق مما يفيد ذلك ، وعولت على تلك الأقوال في قضائها بالإدانة فإن ما يثار في هذاالصدد يكون غير سديد .
7- لما كان الدفع بصدور الإذن بالقبض والتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات الرابع والخامس وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن للدلالة على نفي ارتكابه الجريمة بما يضحى منعاه على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب غير سديد .
9- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
10- لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعنين ارتكبا الجريمة التي دانهما بها ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الجريمة ، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق واطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض .
11- لما كان الثابت من الصورة الرسمية المضمومة من تحقيقات النيابة العامة أنها قد اتخذت من جانبها الوسيلة الممكنة لندب أحد السادة المحامين لحضور استجواب الطاعن الثاني بأن أرسلت في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة لحضور استجوابه ولكنها عجزت عن تنفيذ ذلك بسبب غلق النقابة فصار ندب المحامي أمراً غير ممكن ، فلا تثريب عليها إن هي استمرت في استجواب الطاعن ولا يعتبر المحقق قد أخطأ في الإجراءات إذ أنه غير ملزم بانتظار المحامي أو تأجيل الاستجواب لحين حضوره والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً لحضور المحامي الذي يتعذر حضوره أو يتراخى ويضحى ما يثار في هذا الشأن غير قويم ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاء على مخالفة المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية .
12- لما كان الثابت بجلسة محاكمة .... أنه أثبت بها اسم المدعي بالحقوق المدنية/ .... وأنه ادعى مدنياً بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت طلباته ، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الشأن يكون غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... " طاعن " ، 2- .... ، 3- .... " طاعن " ، 4- .... بأنهم :
المتهمون جميعاً :-
أتلفوا عمداً السيارتين رقمي ( .... ، .... ) والمملوكتين للمجني عليهما / .... ، .... وجعلوهما غير صالحتين للاستعمال وذلك بأن قاموا بإيصال مصدر حراري ذي لهب مكشوف لمادة معجلة للاشتعال (جازولين) بهما فاشتعلت النيران بهما وذلك على النحو المبين بمعاينة النيابة العامة وتقرير قسم الأدلة الجنائية مما ترتب عليه ضرر مالي قيمته أكثر من خمسين جنيه وجعل أمن الناس في خطر وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثالث :-
حاز محررات ومطبوعات معدة للتوزيع واطلاع الغير عليها تتضمن ترويجاً لتغيير مبادئ الدستور الأساسية وهدم النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجني عليه .... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمادة 361/1، 2، 3 من قانون العقوبات حضورياً للأول والثالث وغيابياً للثاني والرابع – بعد استبعادها وصف تنفيذهم الجريمة لغرض إرهابي من الاتهام - بمعاقبتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهم ألف جنيه عما أسند إليهم وألزمتهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه تعويضاً مدنياً مؤقتاً ، وبعد أن قضت بأسبابها – دون المنطوق - ببراءة المحكوم عليه الثالث / .... من تهمة حيازة مطبوعات معدة للتوزيع .
فطعن المحكوم عليهما .... ، .... في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث ينعي الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الإتلاف العمدي لأموال منقولة ترتب عليها ضرر مالي أكثر من خمسين جنيه وجعل أمن الناس في خطر قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والبطلان ، ذلك بأنه لم يبين مضمون الأدلة التي عول عليها في قضائه ، وأورد أقوال شهود الإثبات التي عول عليها – ضمن ما عول – جملة دون تفصيل مع أن أحداً منهم لم يشاهد الواقعة وحصل شهادة الشاهد الثالث على غير ما حملته التحقيقات بأنه أقر بمعرفته للمتهمين في حين أنه لم يشهد بذلك ، كما عول على تحريات المباحث رغم أنها لا تعدو أن تكون مجرد رأي لمجريها ، ورد بما لا يسوغ على دفاع الطاعن الثاني ببطلان اعترافه على الطاعن الأول لتعرضه لحجز غير قانوني وللتعذيب والإكراه ، كما اطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة للشواهد التي عددها بأسباب طعنه ، ولم تجر المحكمة تحقيقاً بهذا الشأن ، ودانه مستنداً على اعترافه في حق الأول رغم كون تلك الاعترافات لا تعد دليلاً إلا في حق الطاعن الأول ، ولم تعرض المحكمة لدفاعه ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام ، وأخيراً ألزم الطاعنين بالدعوى المدنية دون أن يبين أسماء المدعين بالحق المدني . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بارتكابها وأورد مضمون ومؤدى أقوال شهود الإثبات والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة وهي أدلة سائغة ، وكان ذلك في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يجمع بين أقوال شهود الإثبات بإسناد واحد – خلافاً لما يدعيه الطاعنان – وإنما أورد أقوال كل شاهد على حده ، فإن النعي في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الصورة الرسمية المضمومة من تحقيقات النيابة العامة لأقوال الشاهد الثالث/ .... أن ما حصله الحكم من أقواله له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة الإتلاف العمدي والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة ، بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث – كالحال في الدعوى المطروحة– فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، وكانت المحكمة قد ردت على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن الثاني على الطاعن الأول واطمأنت إلى أن تلك الأقوال التي صدرت منه بتحقيقات النيابة العامة صدرت عن إرادة حرة دون إكراه وأنه لم يتعرض لحجز غير قانوني لخلو الأوراق مما يفيد ذلك ، وعولت على تلك الأقوال في قضائها بالإدانة فإن ما يثار في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بصدور الإذن بالقبض والتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات الرابع والخامس وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم رده على المستندات التي قدمها الطاعن للدلالة على نفي ارتكابه الجريمة بما يضحى منعاه على الحكم بقالة الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى انتهت إليه ، كما لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج بما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع من أقوال شهود الإثبات والوقائع التي ثبتت لديه والقرائن التي استخلصها أن الطاعنين ارتكبا الجريمة التي دانهما بها ، فإن ما يثيره الطاعن الثاني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تصوير وقوع الجريمة ، وحق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستنباط معتقدها من الأدلة المطروحة عليها والتي لم يجادل الطاعن في أن لها أصلها من الأوراق واطراح ما رأت الالتفات عنه مما لا تقبل مصادرتها فيه والخوض في مناقشته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الصورة الرسمية المضمومة من تحقيقات النيابة العامة أنها قد اتخذت من جانبها الوسيلة الممكنة لندب أحد السادة المحامين لحضور استجواب الطاعن الثاني بأن أرسلت في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة لحضور استجوابه ولكنها عجزت عن تنفيذ ذلك بسبب غلق النقابة فصار ندب المحامي أمراً غير ممكن ، فلا تثريب عليها إن هي استمرت في استجواب الطاعن ولا يعتبر المحقق قد أخطأ في الإجراءات إذ أنه غير ملزم بانتظار المحامي أو تأجيل الاستجواب لحين حضوره والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً لحضور المحامي الذي يتعذر حضوره أو يتراخى ويضحى ما يثار في هذا الشأن غير قويم ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاء على مخالفة المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية . لما كان ذلك ، وكان الثابت بجلسة محاكمة .... أنه أثبت بها اسم المدعي بالحقوق المدنية/ .... وأنه ادعى مدنياً بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت طلباته ، وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق