الصفحات

السبت، 2 مارس 2024

الطعن 10961 لسنة 90 ق جلسة 5 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 75 ص 705

جلسة 5 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / علاء مدكور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين ، كمال صقر ، هشام عبد الرحمن وأحمد رمضان نواب رئيس المحكمة .
---------------
(75)
الطعن رقم 10961 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم أسبابه . أثره : عدم قبوله شكلاً . علة ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
لمحكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الأدلة المقدمة من النيابة العامة . حد ذلك ؟
(3) إخفاء أشياء مسروقة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة إخفاء شيء مسروق . تحققها باتصال يد الجاني به وانبساط سلطانه عليه ولو لم يكن في حيازته المادية . العلم فيها مسألة نفسية . تقديره موضوعي . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراده الأدلة المنتجة على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تتبعه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده: اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إخفاء أشياء مسروقة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة إخفاء أشياء مسروقة . استقلالها بأركانها وطبيعتها عن جريمة السرقة . نعي الطاعنين بقصور الحكم في استظهار أركان الأخيرة والتدليل على الاتفاق على ارتكابها . غير مقبول . متى دانهما بالأولى .
(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان أمر الضبط والإحضار " . إثبات " أوراق رسمية " .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يُبد أمامها . غير مقبول .
الدفع بصدور أمر الضبط بعد القبض . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعه بناءً على الأمر للأدلة التي أوردتها .
للمحكمة التعويل على أدلة الإثبات والإعراض عن أدلة النفي ولو حملتها أوراق رسمية . إشارتها إليها أو ردها عليها . غير لازمة . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(6) قبض . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . غير مجد . طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
(7) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أيّ دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون بدليل معين .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.
(8) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
النعي على المحكمة قعودها عن سماع الشهود . غير مقبول . متى اكتفى الدفاع بتلاوة أقوالهم بالتحقيقات ولم يسلك الطريق الذي رسمه القانون بالمادة 277/ 2 إجراءات جنائية . علة ذلك ؟
(10) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
عدم إفصاح مأمور الضبط عن مصدر تحرياته أو وسيلته فيها . لا يعيبها .
اطراح المحكمة الدفع بعدم جدية التحريات اطمئناناً منها لصحة الإجراءات وجديتها . كفايته .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي بقيام الحكم على رأي لسواه . غير مقبول . متى استخلص الإدانة من أقوال شاهدي الإثبات وإقرار المتهمين بالتحقيقات .
(12) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
أقوال متهم على آخر . شهادة. للمحكمة التعويل عليها متى وثقت فيها.
(13) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة ونفي الصلة بها وبالمضبوطات وعدم التواجد على مسرح الجريمة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(14) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(15) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(16) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(17) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
خطأ الحكم بإغفاله مادة العقاب المنطبقة . لا يعيبه . لمحكمة النقض تصحيحه بإضافتها . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعنان وإن قررا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما ومن ثمَّ يكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً ، لما هو مقرر من أنَّ التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأنَّ تقديم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط ٌلقبوله ، وأنَّ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يُغني عنه .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقِّهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها استمدها من أقوال المجني عليه وما تضمنته من تعرّفه على المتهمين الأول والثالثة وما ثبت من الاطلاع على قيد ميلاده وأقوال ضابطي الواقعة فيما تضمنته تحرياتهما وإجراءات ضبط الطاعنين وباقي المتهمين ومن إقرار المتهمين الأول والثالثة بتحقيقات النيابة العامة ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى جلياً واضحاً ومحدداً لعلاقة كلٍ من الطاعنين ببعضهما وبباقي المتهمين ودور كلٍ منهما في الجريمة التي دانهما بها على نحو يدل على أنها محَّصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أنَّ القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإنَّ ذلك يكون محققا ًلحكم القانون . لما كـان ذلك ، وكان لا يوجد في القـانون ما يمنع محكمـة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الأدلة التي قدمتها النيابة العامة ما دامت تصلُح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثمَّ فإنَّ منعى الطاعنين بأنَّ الحكم قد شابه الغموض والإبهام والتعميم والقصور في بيان واقعة الدعـوى وأدلتها لإيرادها كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له.
3- لما كان لا يُشترط لاعتبار الجاني مخفياً لشيء مسروق أن يكون مُحرزاً له إحرازاً مادياً بل يكفي لاعتباره كذلك أن تتصل يده به ويكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حوزته ، وكان الحكم قد انتهى في استخلاصٍ سائغٍ إلى أنَّ الطاعن الثالث قد تسلم المركبة المسروقة " التوك توك " من المتهمين الأول حتى الثالثة فور سرقته من المجني عليه لتواجده آنذاك على مسرح الجريمة للشد من أزرهم ثمَّ قام ببيعه للطاعن الرابع والذي ضُبط بحوزته وبإرشاده ممَّا لازمه أنهما كانا متصلين بهذه المسروقات اتصالاً مادياً وأنَّ سلطانهما كان مبسوطاً عليها ، وكان العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصَّلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تُستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبيَّنها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يُشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة ًوعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد بذاتها توفره ، وكان الحكم قد استخلص توافر هذا العلم لدى الطاعنين ودلَّل عليه بما فيه الكفاية ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتتبعه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأنَّ مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإنَّ ما يثيره الطاعنان من عدم توافر أركان جريمة الإخفاء وقصور الحكم في الرد على دفاعهما بانتفائها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقديـر الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعـوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته .
4- من المقرر أنَّ القانون لا يعد إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة اشتراكاً في جريمة السرقة ولا مساهمة فيها ، وإنما يعتبرها جريمة قائمة بذاتها ومستقلة عن السرقة ، وأنهما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية سرقة وليس بجريمة السرقة بالإكراه ليلاً في الطريق العام ، فإن َّالنعي على الحكم بالقصور في استظهار أركان تلك الجريمة في حقِّهما والتدليل على الاتفاق على ارتكابها وباقي المتهمين يكون وارداً على غير محل .
5- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أنَّ الطاعن الثالث لم يدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور أمر الضبط والإحضار ، فليس له - من بعد - النعي على المحكمة قعودهاعن الرد على دفع لم يُبد أمامها ، فضلاً عن أنَّ الدفع بصدور الأمر بالضبط والإحضار بعد تمام القبض هوٌ دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع القبض بناءً على الأمر أخذاً بالأدلة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثمَّ فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ، وعن أقوال الطاعن بالتحقيقات والبرقية المرسلة من ذويه لأنَّ للمحكمة أن تُعوِّل على أدلة الإثبات وأن تُعرض عن أدلة النفي ولو حملتها أوراق رسمية دون أن تكون ملزمة بالإشارة إليها أو الرد عليها رداً صريحاً ، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بيَّنتها يفيد دلالةً أنها اطرحت أدلة النفي ولم ترْ الأخذ بها ، ومن ثمَّ يضحى النعي على الحكم في هذا الشأن على غير أسـاس .
6- لما كان لا جدوى ممَّا يثيره الطاعن الثالث من عدم عرضه على النيابة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدَّعي أن َّهذا الإجراء قد أسفر عن دليلٍ منتج من أدلة الدعـوى ، ومن ثمَّ يكون منعى الطاعن الثالث في هذا الخصوص ولا محل له .
7- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنَّ الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يُكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليلٍ معين ينص عليه ، وكان لا يُشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل ٍمنهـا ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يُكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليلٍ بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكانت الأدلة التي عوَّل الحكم عليها في الإدانة تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها من مقارفة الطاعنين للجريمة التي دانهما بها ، ومن ثمَّ فلا محل لما أُثير بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر أركان تلك الجريمة في حقِّهما واستناده إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ، ولا تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ممَّا لا يجوزإثارته أمام محكمة النقض .
8- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديـر الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتُقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإنَّ ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنَّ من المقرر أنه ليس ثمَّـة مـا يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أنَّ تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعـوى ، ومن ثمَّ فإنَّ ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى ، وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض .
9- من المقرر أنَّ للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أنَّ النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات ، والمحكمة أمرت بتلاوتها وتُليت ، ولم يثبُت أنَّ أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما قد اعترض على ذلك فليس لهما - من بعد - أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماعها ، هذا فضلاً عن أنَّ الفقرة الثانية من المادة ۲۷۷ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة ۲۰۱٧ والمعمول به في ۲۷ من أبريل سنة ٢٠١٧ إذ جرى نصَّها بالآتي : ( ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة يُحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها ) ، فإنَّ هذا النص صريحاً في وجوب قيام المتهم بتحديد أسماء الشهود الذي يرغب في سماع شهادتهم أمام المحكمة وبياناتهم ووجه استدلاله بهم ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يُماريان - بأسباب طعنهما - في أنهما سلكا الطريق الذي رسمه القانون في النص سالف الذكر في هذا الخصوص ، ومن ثمَّ يضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد .
10- من المقرر أن للمحكمة أن تُعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، ولا يُعيب تلك التحريات ألَّا يُفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها مجري التحريات وجديتها وهو ما يُعَد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنان في هذا الخصوص ، ومن ثمَّ يضحى ما يثيرانه في هذا الشأن غير سديد .
11- لما كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال المجني عليه – شاهد الإثبات الأول - وأقوال ضابطي المباحث التي انصبت على التحريات والإجراءات التي قام بها وإقرار المتهمين الأول والثالثة بالتحقيقات ، ومن ثمَّ فإنه لم يبنِ حكمه على رأىٍ لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد .
12- من المقرر أنَّ أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تُعوِّل عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، فإنَّ ما يثيره الطاعن الثالث بشأن استدلال الحكم بأقوال المتهمين الأول والثالثة على ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه يكون غير سديد .
13- لما كان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة واستحالة حدوثها وفق التصوير الوارد بالأوراق وانتفاء الصلة بالواقعة وبالمضبوطات وعدم تواجده على مسرح الجريمة ، كل ذلك إنما هو دفاعٌ موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أنَّ الرد عليها يُستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثمَّ فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه مـا يثيـره الـطاعن الرابـع في هذا الشأن غير سديد .
14- لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أنَّ أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشارا إليها في أسباب طعنهما ، فليس لهما - من بعد - أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها ولم ترْ هي حاجةً لإجرائه ، ومن ثمَّ فإنَّ ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديد .
15- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنَّ المحكمة لم تُعدِّل الوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة - خلافاً لما يدَّعيه الطاعن الثالث بأسباب طعنه - فإنَّ نعيه على المحكمة بإخلالها بحقِّه في الدفاع في هذا الشأن يكون على غير أساس .
16- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً مبيَّناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً ممَّا تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً عليه ، وكان الطاعن الثالث لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه مخالفة الحكم المطعون فيه لنص المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الطاعن الرابع لم يُبين في طعنه ماهية أوجه الدفاع والدفوع الجوهرية التي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسل القول إرسالاً ممَّا لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد أو لم يتناولها ، وهل كان دفاعاً جوهرياً ممَّا يجب على المحكمة أن تُجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً عليه ، إذ هو مستفادٌ من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، ومن ثمَّ فإنَّ ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا محل له .
17- من المقرر أنَّ الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبيَّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإنَّ خطأ الحكم بإغفال المادة ٤٤ مكرراً / 2 من قانون العقوبات لا يُعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تُصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة تلك المادة عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( طاعن ) 2- .... 3- .... ( طاعنة ) 4- .... ( طاعن ) 5- .... ( طاعن ) بأنهم :
المتهمون من الأول حتى الثالثة : سرقوا الدراجة البخارية قيادة المجني عليه / .... وكان ذلك كرهاً عنه بأن قامت الثانية بإلقاء الشطة بوجهه وأشهر السابق الحكم عليه سلاحاً أبيض ( مطواه ) في وجهه بينما قام الأول بدفعه خارج دراجته البخارية وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء عليها وكان ذلك ليلاً بأحد الطرق العامة .
المتهمان الرابع والخامس : أخفيا الدراجة البخارية قيادة المجني عليه مع علمهما بأنها متحصَّلة من جريمة سرقة بالإكراه .
المتهم الثاني : أحرز سلاحاً أبيض ( مطواة ) دون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة ٣١٥ من قانون العقوبات ، والمادتين 1/۱ ، ٢٥ مكرراً/1 من القانون رقم ۳۹٤ لسنة ۱۹٥٤ المعدل ، والبند رقم ٥ من الجدول رقم 1 الملحق وقرار وزير الداخلية ، والمادة ۱۱٦ مكرراً من قانون الطفل رقم ١٢ لسنة ١٩٩٦ المعدل ، مع إعمال المادة ۳۲ من قانون العقوبات بشأن التهمتين الأولى والثالثة ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليهم وإلزامهم المصروفات الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم عدا الثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الأول والثانية - المحكوم عليهما الأول والثالثة - :
حيث إنَّ الطاعنين وإن قررا بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما ومن ثمَّ يكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً ، لما هو مقرر من أنَّ التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأنَّ تقديم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط ٌلقبوله ، وأنَّ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يُغني عنه .
ثانيـاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين الثالث والرابـع - المحكوم عليهما الرابع والخامس - :
ومن حيث إنَّ الطاعنين ينعيان - بمذكرتي الأسباب - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إخفاء أشياء متحصَّلة من جناية سرقة بالإكراه مع علمهما بذلك ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتوره الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن جاءت أسبابه غامضة مُبهمة وبصيغة عامة مُعماة لا يُبيَّن منها دور كلٍّ من الطاعنين في الجريمة وطبيعة علاقتهما ببعضهما وبباقي المتهمين ، كما خلت من بيان مؤدى أدلة الإدانة في بيانٍ كافٍ ، مكتفياً في بيانها بالإحالة لما ورد بقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، ولم يُدلل على توافر جريمة الإخفاء بركنيها المادي والمعنوي في حقِّهما مُعرضاً عن دفاعهما القائم على انتفائها رغم تعدد شواهده ، منها اقتصار دور الطاعن الثالث على الوساطة في بيـع المسروقات ، ولم يستظهر الحكم أركان جريمة السرقة المنصوص عليها في المادة ۳۱٥ من قانون العقوبات لاسيَّما ظرف الليل ، ولم يُدلل على توافرها في حقِّهما ، وعلى الاتفاق بينهما وبين باقي المتهمين على ارتكابها ، والتفت دون ردٍ على دفع الطاعن الثالث ببطلان القبض لحصوله قبل صدور أمر الضبط مُعرضاً عن قالته بتحقيقات النيابة العامة والبرقية المرسلة من ذويه المؤيدة لدفاعه في هذا الشأن ، وعن دفعه ببطلان عرضه على النيابة العامة لحصوله بعد مرور أربعة وعشرين ساعة بالمخالفة لنص المادة ٣٦ من القانون السالف ، مستنداً في قضائه بالإدانة إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية وأدلة لا تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها ، إذ عوَّل على أقوال شهود الإثبات رغم كونها سماعية ، ولم تعنَ المحكمة بسماعها بالمخالفة لمبدأ شفوية المرافعة ، وعلى تحريات الشرطة وأقوال مُجريها رغم جهالة مصدرها ، وردَّ على دفاعهما بعدم جديتها بما لا يصلُح رداً رغم تعدد دلالته ، ودون أن تعنى بإجراء تحقيق في هذا الشأن ، ممَّا يرشح لبنائها لعقيدتها في الدعوى بناءً على رأيٍ لسواها ، كما عوَّل الحكم على اعتراف المتهمين الأول والثالثة رغم أنه لا يصلُح دليلاً لحصوله في غير مجلس القضاء بالمخالفة لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ۲۷۱ من قانون الإجراءات الجنائية ، كما قام دفاع الطاعن الرابع على انتفاء صلته بالجريمة وعدم وجوده على مسرحها وعدم معقولية الواقعة واستحالة حدوثها وفق التصوير الوارد بالأوراق بيْد أنَّ الحكم التفـت عن البعض وردَّ بما لا يسوغ على البعض الآخر ، ودون أن تعنى المحكمة بإجراء تحقيق بشأنها ، كما عدَّلت وصف التهمة المنسوبة للطاعن الثالث من جريمة السرقة بالإكراه إلى إخفاء أشياء متحصَّلة من جريمة سرقة دون تنبيه بالمخالفة لنص المادة ۳۰۸ من قانون الإجراءات الجنائية ، كما خالفت نص المادة ۳۱۰ من ذات القانون ، وأخيراً لم تعنَ بالرد على باقي أوجه دفاع ودفوع الطاعن الرابع ، كل ذلك يُعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنَّ الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقِّهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها استمدها من أقوال المجني عليه وما تضمنته من تعرّفه على المتهمين الأول والثالثة وما ثبت من الاطلاع على قيد ميلاده وأقوال ضابطي الواقعة فيما تضمنته تحرياتهما وإجراءات ضبط الطاعنين وباقي المتهمين ومن إقرار المتهمين الأول والثالثة بتحقيقات النيابة العامة ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى جلياً واضحاً ومحدداً لعلاقة كلٍ من الطاعنين ببعضهما وبباقي المتهمين ودور كلٍ منهما في الجريمة التي دانهما بها على نحو يدل على أنها محَّصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أنَّ القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإنَّ ذلك يكون محققا ًلحكم القانون . لمَّا كان ذلك ، وكـان لا يوجد في القـانون ما يمنع محكمـة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الأدلة التي قدمتها النيابة العامة ما دامت تصلُح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثمَّ فإنَّ منعى الطاعنين بأنَّ الحكم قد شابه الغموض والإبهام والتعميم والقصور في بيان واقعة الدعـوى وأدلتها لإيرادها كما تضمنتها قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان لا يُشترط لاعتبار الجاني مخفياً لشيء مسروق أن يكون مُحرزاً له إحرازاً مادياً بل يكفي لاعتباره كذلك أن تتصل يده به ويكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حوزته ، وكان الحكم قد انتهى في استخلاصٍ سائغٍ إلى أنَّ الطاعن الثالث قد تسلم المركبة المسروقة " التوك توك " من المتهمين الأول حتى الثالثة فور سرقته من المجني عليه لتواجده آنذاك على مسرح الجريمة للشد من أزرهم ثمَّ قام ببيعه للطاعن الرابع والذي ضُبط بحوزته وبإرشاده ممَّا لازمه أنهما كانا متصلين بهذه المسروقات اتصالاً مادياً وأنَّ سلطانهما كان مبسوطاً عليها ، وكان العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصَّلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تُستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبيَّنها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يُشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة ًوعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد بذاتها توفره ، وكان الحكم قد استخلص توافر هذا العلم لدى الطاعنين ودلَّل عليه بما فيه الكفاية ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتتبعه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأنَّ مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإنَّ ما يثيره الطاعنان من عدم توافر أركان جريمة الإخفاء وقصور الحكم في الرد على دفاعهما بانتفائها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقديـر الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعـوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النـقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القانون لا يعُد إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة اشتراكاً في جريمة السرقة ولا مساهمة فيها ، وإنما يعتبرها جريمة قائمة بذاتها ومستقلة عن السرقة ، وأنهما جريمتان مستقلتان بأركانهما وطبيعتهما ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية سرقة وليس بجريمة السرقة بالإكراه ليلاً في الطريق العام ، فإن َّالنعي على الحكم بالقصور في استظهار أركان تلك الجريمة في حقِّهما والتدليل على الاتفاق على ارتكابها وباقي المتهمين يكون وارداً على غير محل . لمَّا كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أنَّ الطاعن الثالث لم يدفع ببطلان القبض لحصوله قبل صدور أمر الضبط والإحضار ، فليس له - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يُبد أمامها ، فضلاً عن أنَّ الدفع بصدور الأمر بالضبط والإحضار بعد تمام القبض هوٌ دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع القبض بناءً على الأمر أخذاً بالأدلة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثمَّ فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ، وعن أقوال الطاعن بالتحقيقات والبرقية المرسلة من ذويه لأنَّ للمحكمة أن تُعوِّل على أدلة الإثبات وأن تُعرض عن أدلة النفي ولو حملتها أوراق رسمية دون أن تكون ملزمة بالإشارة إليها أو الرد عليها رداً صريحاً ، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بيَّنتها يفيد دلالةً أنها اطرحت أدلة النفي ولم ترْ الأخذ بها ، ومن ثمَّ يضحى النعي على الحكم في هذا الشأن على غير أسـاس . لمَّا كان ذلك ، وكان لا جدوى ممَّا يثيره الطاعن الثالث من عدم عرضه على النيابة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته - طالما أنه لا يدَّعي أن َّهذا الإجراء قد أسفر عن دليلٍ منتج من أدلة الدعـوى ، ومن ثمَّ يكون منعى الطاعن الثالث في هذا الخصوص ولا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنَّ الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يُكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليلٍ معين ينص عليه ، وكان لا يُشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل ٍمنهـا ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يُكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا يُنظر إلى دليلٍ بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكانت الأدلة التي عوَّل الحكم عليها في الإدانة تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها من مقارفة الطاعنين للجريمة التي دانهما بها ، ومن ثمَّ فلا محل لما أُثير بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر أركان تلك الجريمة في حقِّهما واستناده إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ، ولا تؤدي إلى ما رتَّبه الحكم عليها لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ممَّا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديـر الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتُقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإنَّ ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنَّ من المقرر أنه ليس ثمَّـة مـا يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أنَّ تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعـوى ، ومن ثمَّ فإنَّ ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى ، وهو من إطلاقاتها التي لا يجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أنَّ النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات ، والمحكمة أمرت بتلاوتها وتُليت ، ولم يثبُت أنَّ أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما قد اعترض على ذلك فليس لهما - من بعد - أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماعها ، هذا فضلاً عن أنَّ الفقرة الثانية من المادة ۲۷۷ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة ۲۰۱٧ والمعمول به في ۲۷ من أبريل سنة ٢٠١٧ إذ جرى نصَّها بالآتي : ( ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة يُحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها ) ، فإنَّ هذا النص صريحاً في وجوب قيام المتهم بتحديد أسماء الشهود الذي يرغب في سماع شهادتهم أمام المحكمة وبياناتهم ووجه استدلاله بهم . وإذ كان ذلك ، وكان الطاعنان لا يُماريان - بأسباب طعنهما - في أنهما سلكا الطريق الذي رسمه القانون في النص سالف الذكر في هذا الخصوص ، ومن ثمَّ يضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تُعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، ولا يُعيب تلك التحريات ألَّا يُفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها مجري التحريات وجديتها وهو ما يُعَد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنان في هذا الخصوص ، ومن ثمَّ يضحى ما يثيرانه في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال المجني عليه - شاهد الإثبات الأول - وأقوال ضابطي المباحث التي انصبت على التحريات والإجراءات التي قام بها وإقرار المتهمين الأول والثالثة بالتحقيقات ، ومن ثمَّ فإنه لم يبنِ حكمه على رأىٍ لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تُعوِّل عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، فإنَّ ما يثيره الطاعن الثالث بشأن استدلال الحكم بأقوال المتهمين الأول والثالثة على ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه يكون غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة واستحالة حدوثها وفق التصوير الوارد بالأوراق وانتفاء الصلة بالواقعة وبالمضبوطات وعدم تواجده على مسرح الجريمة ، كل ذلك إنما هو دفاعٌ موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً ، طالما أنَّ الرد عليها يُستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثمَّ فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه مـا يثيـره الـطاعن الرابـع في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أنَّ أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشارا إليها في أسباب طعنهما ، فليس لهما - من بعد - أن ينعيا على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها ولم ترْ هي حاجةً لإجرائه ، ومن ثمَّ فإنَّ ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون غير سديــد . لمَّا كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنَّ المحكمة لم تُعدِّل الوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة - خلافاً لما يدَّعيه الطاعن الثالث بأسباب طعنه - فإنَّ نعيه على المحكمة بإخلالها بحقِّه في الدفاع في هذا الشأن يكون على غير أساس . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً مبيَّناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً ممَّا تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً عليه ، وكان الطاعن الثالث لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه مخالفة الحكم المطعون فيه لنص المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الطاعن الرابع لم يُبين في طعنه ماهية أوجه الدفاع والدفوع الجوهرية التي التفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليها بل أرسل القول إرسالاً ممَّا لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناولها بالرد أو لم يتناولها ، وهل كان دفاعاً جوهرياً ممَّا يجب على المحكمة أن تُجيبه أو ترد عليه أم هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً عليه ، إذ هو مستفادٌ من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها ، ومن ثمَّ فإنَّ ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبيَّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، فإنَّ خطأ الحكم بإغفال المادة ٤٤ مكرراً /2 من قانون العقوبات لا يُعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تُصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك بإضافة تلك المادة عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . لمَّا كان ما تقدَّم ، فإنَّ الـطعن برمَّـته يكون على غيـر أساس متعيَّـناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق