الصفحات

الجمعة، 2 فبراير 2024

الطعن 692 لسنة 25 جلسة 20 /3 /1956 مكتب فني 7 ق 116 ص 394

جلسة 20 من مارس سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين - المستشارين.

----------------

(116)
القضية رقم 692 سنة 25 القضائية

(أ) إجراءات. 

تشكيل هيئة محكمة الجنايات. ندب أحد رؤساء المحاكم الابتدائية أو أحد وكلائها المنتدبين للعمل بإدارة التفتيش القضائي للجلوس بمحكمة الجنايات. جائز.
(ب) إجراءات. 

تشكيل هيئة محكمة الجنايات. حق وزير العدل في ندب أحد رؤساء المحاكم الابتدائية أو أحد وكلائها للجلوس بمحكمة الجنايات. مداه. قيوده.
(ج) إثبات. قرائن. 

استعراف الكلاب البوليسية. هو قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة الأخرى.

---------------
1 - ندب أحد رؤساء المحاكم الابتدائية أو أحد وكلائها المنتدبين للعمل بإدارة التفتيش القضائي للجلوس بمحكمة الجنايات لا يترتب عليه بطلان تشكيلها، ذلك أن ندب رئيس المحكمة الابتدائية أو وكيلها للعمل بإدارة التفتيش القضائي لا يرفع عن أيهما صفة القاضي أو يخلع عنه ولاية القضاء (1).
2 - المادة 372 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 535 لسنة 1953 الصادر في 12 من نوفمبر سنة 1953 تجيز لوزير العدل عند الضرورة بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف أن يندب أحد رؤساء المحاكم الابتدائية أو وكلائها للجلوس بمحكمة الجنايات مدة دور واحد من أدوار انعقادها، كما تجيز له ندبه لأكثر من دور واحد بموافقة مجلس القضاء الأعلى (1).
3 - استعراف الكلاب البوليسية لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى دون أن يؤخذ كدليل أساسي على ثبوت التهمة على المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - سعد بهجت الجندي "الطاعن الأول" 2 - محمود محمد ناصر. 3 - محمد إبراهيم ناصر "الطاعن الثاني". 4 - يونس بسيوني ناصر. 5 - محمود علي الجمل بأنهم: قتلوا عمداً فتح الله عبد الرحمن عياد مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعد كل منهم لهذا الغرض بندقية وتربصوا للمجني عليه في طريقه لحقله وأطلقوا عليه أعيرة نارية من بنادقهم قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وطلبت إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات فقرر بذلك.
وقد ادعت نفيسة محمد مرعي زوجة القتيل عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر بحق مدني قدره مائة جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين.
ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون المذكور للأول والثالث والمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات الجنائية لباقي المتهمين بمعاقبة المتهمين سعد بهجت الجندي ومحمد إبراهيم ناصر بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهما بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني متضامنين مبلغ 100 جنيه والمصاريف المدنية و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وببراءة باقي المتهمين مما نسب إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين يعيبان على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال وفي تحصيل الواقعة والقصور، وفي شرح ذلك يقولان إن الدفاع عنهما أبدى للمحكمة أن شاهد الإثبات الوحيد لم يكن موجوداً في مكان الحادث عند وقوعه ولم يخبر رجلي البوليس إلا بعد مرور فترة قضياها بحثاً عن الجناة في المزارع، ولو كان حاضراً وشاهد الحادث لمسافاته أن يبلغهما بما رآه بمجرد وصولهما إلى مكان الواقعة، وقد رد الحكم على هذا الدفاع رداً افترضه من عنده قال فيه إن عدم الإفصاح عن أسماء الجناة هو أمر يتفق مع طبائع الأمور لأن عناية الشاهد توجهت بادئ الأمر إلا الإرشاد عن مكان هرب المتهمين عسى أن يتمكن رجال البوليس من ضبطهم وهذا القول لا تسعفه إجابات الشاهد في التحقيق الذي باشرته المحكمة، وفضلاً عن ذلك فإن الدفاع عن الطاعنين أبدى للمحكمة أن شهادة شاهد الإثبات تصور الواقعة تصويراً يتنافى مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية فقد قال الشاهد إن الضاربين كانوا على يمين المجني عليه وأثبت التقرير الطبي أن جميع الإصابات كانت في الجانب الأيسر ومن مستوى أكثر انخفاضاً من مستوى المجني عليه ولم ترد المحكمة على هذا الدفاع ويقول الطاعنان أخيراً إن المحكمة برأت ثلاثة من المتهمين شهد عليهم هذا الشاهد ومع ذلك دان الطاعنين لما في استعراف الكلب البوليسي من قرينة تؤيد أقواله وهذا من المحكمة يجافي المنطق السليم لأنه إذا كانت شهادة الشاهد لم تقنع المحكمة بالنسبة لبعض المتهمين فكان عليها أن تستبعدها حتى لا يكون للدليل الواحد تقديران، هذا إلى أن استعراف الكلب البوليسي هو دليل آخر لا يصح أن يكمل دليلاً غير موثوق فيه وخاصة أن استعراف الكلب البوليسي لا مقنع فيه من جهة العقل.
وحيث إن محامي الطاعن تناول في مرافعته أمام هذه المحكمة سبباً جديداً هو أن تشكيل المحكمة باطل لأن من بين الهيئة التي فصلت في الدعوى مفتشاً قضائياً ندب من الوزارة للجلوس في محكمة الجنايات دون أن تسند إليه ولاية القضاء في المحكمة التي أصدرت الحكم، ولا يجوز قانوناً لوزير العدل أن يسبغ عليه هذه الولاية ومن ثم يكون تشكيل محكمة الجنايات التي قضت في الدعوى بالحكم المطعون فيه قد حصل على خلاف مقتضى الأصول المقررة لولاية القضاء وهو أمر متعلق بالنظام العام ينبني على مخالفة قواعده بطلان إجراءات المحاكمة.
وحيث إن قانون استقلال القضاء الصادر بالمرسوم بقانون 188 سنة 1952 قد نص في المادة 39 منه على "أن يكون بوزارة العدل إدارة للتفتيش القضائي على أعمال المحاكم تتألف من مستشار من محكمة الاستئناف رئيساً ومن عدد يعينه وزير العدل من رؤساء المحاكم الابتدائية ووكلائها مفتشين يكون ندبهم جميعاً للعمل بهذه الإدارة بمرسوم لمدة سنة قابلة للتجديد بموافقة مجلس القضاء" وهذا النص إذ أجاز ندب رئيس المحكمة الابتدائية أو وكيلها للعمل بإدارة التفتيش القضائي لم يشأ أن يرفع عن أيهما صفة القاضي أو يخلع عنه ولاية القضاء فلم يلزمه أن يؤدي يميناً قانونية جديدة قبل عمله مفتشاً ولا عند انتهاء ندبه قبيل عودته لعمله الأصلي في القضاء، لما كان ذلك وكانت المادة 372 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 535 لسنة 1953 الصادر في 12 من نوفمبر سنة 1953 قد جرى نصها بما يلي "يجوز لوزير العدل عند الضرورة بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف أن يندب أحد رؤساء المحاكم الابتدائية أو وكلائها للجلوس بمحكمة الجنايات مدة دور واحد من أدوار انعقادها ويجوز له ندبه لأكثر من دور واحد بموافقة مجلس القضاء الأعلى" وهو نص صريح يخول وزير العدل في أحوال الضرورة أن يندب من رؤساء المحاكم الابتدائية أو من وكلائها للجلوس بمحاكم الجنايات، وكان يبين من الاطلاع على كتاب وزير العدل بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1954 الذي أصدره عملاً بالحق الذي خوله بهذا النص قراراً بندب السيد كمال علي العبد وكيل المحكمة بمحكمة القاهرة الابتدائية المنتدب مفتشاً بإدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل للجلوس بمحكمة جنايات كفر الشيخ في المدة من 7 إلى 13 ومن 8 إلى 19 من ديسمبر سنة 1954 وذلك بناء على طلب رئيس محكمة استئناف طنطا بكتابه المؤرخ 21 من نوفمبر سنة 1954، لما كان ذلك فإن تشكيل هيئة محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم المطعون فيه (بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1954) يكون صحيحاً مطابقاً للقانون ويكون الدفع من الطاعن ببطلان تشكيلها لا سند له من القانون.
وحيث إنه عن أوجه الطعن الأخرى المبينة بتقرير الأسباب المقدم من الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه قد رد على ما جاء بالوجه الأول منها فيما قاله من "أن الدفاع حاول أيضاً أن يقيم من أقوال العسكري إبراهيم محمد حسين المرافق للأمباشي محمد عيسى لحفظ الأمن في البلد بأنه عندما قصد إلى محل الحادث مع الأمباشي ووجد الشاهد كامل حسن عياد بجوار جثة المجني عليه أخبرهما أن الجناة الذين ضربوه نزلوا إلى الجرون دون أن يذكر لهما أسماءهم فنزلا إلى الزراعات والجرون المجاورة للبحث عنهم، حاول الدفاع أن يقيم من هذه الأقوال دليلاً على عدم صحة رواية الشاهد بأنه رأى المعتدين إلا أن الواقع الذي يتفق مع طبيعة الأمور أنه بمجرد أن يخبر الشاهد رجلين من رجال البوليس قد حضرا إلى محل الحادث عقب وقوعه بدقائق فإن أول ما يتجه إليه اهتمامه وفكره أن يرشده عن طريق هرب المتهمين عساهما يتمكنان من ملاحقتهما وضبطهما، أما ذكر الأسماء والتفصيلات فلا يكون إلا بعد ذلك وهذا هو نفس ما حدث طبقاً لما شهد به هذا العسكري والأمباشي" ولما كان هذا الرد سائغاً متفقاً مع المعقول وكان ما يثيره الطاعن ليس في حقيقته سوى جدل موضوعي في دليل من أدلة الإثبات اقتنعت المحكمة بصحته فإنه لا يكون مقبولاً أمام هذه المحكمة - لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم نقلاً عن التقرير الطبي عن بعض إصابات القتيل أنه وجد بالجثة عند تشريحها 1 - جرح ناري بيضاوي 10 × 5 سم بظهر مشط الكف الأيمن يمتد من أسفل إلى أعلى 2 - جملة جروح نارية متسلخة الحوافي قطر الواحد منها 3 ملليمتر منتشرة بالصف السفلي من أنسجة الساعد الأيمن وما جاوره 3 - وجملة جروح نارية متسلخة الحوافي والواحد منها 3 ملليمتر على يمين جدر البطن منتشرة في مساحة طولها من أعلى إلى أسفل نحو 10 سم يحدها من الخلف بمنتصف الإبط الأيمن من الأمام خط عمودي على يمين خط حلمة الثدي الأيمن وهذه الجروح نافذة لأعلى واليسار والأمام". وهذا الذي أثبته الحكم يتفق مع أقوال الشاهد من أن الجناة كانوا على يمين المجني عليه، لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت أيضاً أن المتهمين كانوا غير ثابتين في موضع واحد عند إطلاق النار بل كانوا يلاحقونه بإطلاق النار وهو يعدو فراراً منهم إلى أن خر صريعاً وهو ما يعزز ما أثبته الحكم نقلاً عن التقرير الطبي من تعدد إصابات المجني عليه واختلاف مواضعها بجسم المجني عليه. ولما كان للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما قاله في حق متهم معين ولا تأخذ بما قاله في حق متهم آخر إذ مرجع الأمر في ذلك إلى اطمئنانها إلى صحة ما تأخذ به وعدم اقتناعها بما تعرض عنه، لما كان ذلك وكان استعراف الكلاب البوليسية لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى دون أن يؤخذ كدليل أساسي على ثبوت التهمة على المتهم، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة إذ استندت على استعراف الكلب البوليسي على الطاعنين عقب ما شم قش الأرز وعيدان الثقاب التي وجدت بالمقبرة التي كانا يكمنان فيها - وسدادات الخراطيش التي وجدت في طريق مطاردة المعتدين للمجني عليه، إذ استندت المحكمة إلى هذا الاستعراف إنما كان استناداً إليه لما رأته من أنه يعزز ما شهد به الشاهد كامل حسن عياد، لما كان ذلك جميعه فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


(1) قررت المحكمة هاتين القاعدتين أيضا في حكمها الذي أصدرته بجلسة 14/ 2/ 1956 قي القضية رقم 683 سنة 25 القضائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق