الصفحات

الخميس، 1 فبراير 2024

الطعن 1835 لسنة 47 ق جلسة 25 / 12 / 1930 مج عمر الجنائية ج 2 ق 135 ص 168

جلسة 25 ديسمبر سنة 1930

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة.

-----------------

(135)
القضية رقم 1835 سنة 47 القضائية

القصد الاحتمالى. 

معناه. متى يتحقق؟
(المادة 43 ع)

----------------
القصد الاحتمالى يقوم مقام القصد الأصيل فى تكوين ركن العمد. وهو لا يمكن تعريفه إلا بأنه نية ثأنوية غير مؤكدة تختلج بها نفس الجانى الذى يتوقع أن قد يتعدّى فعله الغرض المنوى عليه بالذات إلى غرض آخر لم ينوه من قبل أصلا فيمضى مع ذلك فى تنفيذ الفعل فيصيب به الغرض الغير المقصود. ومظنة وجود تلك النية هى استواء حصول هذه النتيجة وعدم حصولها لديه. والمراد بوضع تعريفه على هذا الوجه أن يعلم أنه لابد فيه من وجود النية على كل حال وأن يكون جامعا لكل الصور التى تشملها تلك النية مانعا من دخول صور أخرى لا نية فيها داعيا إلى الاحتراس من الخلط بين العمد والخطأ. والضابط العملى الذى يعرف به وجود القصد الاحتمالى أو عدم وجوده هو وضع السؤال الآنى والإجابة عليه: "هل كان الجانى عند ارتكاب فعلته المقصودة بالذات مريدا تنفيذها ولو تعدّى فعله غرضه إلى الأمر الإجرامى الآخر الذى وقع فعلا ولم يكن مقصودا له فى الأصل أم لا؟" فان كان الجواب بالإيجاب تحقق وجود القصد الاحتمالى، أما إن كان بالسلب فهناك لا يكون فى الأمر سوى خطأ يعاقب عليه أو لا يعاقب بحسب توفر شروط جرائم الخطأ وعدم توفرها. ثم إن الإجابة على هذا السؤال تنبنى طبعا على أدلة الواقع من اعتراف أو بينات أو قرائن. وعليه فالقصد الاحتمالى لا يتحقق فى صورة ما إذا قصد المتهم قتل زيد فوضع له مادة سامة فى قطعة حلوى وأعطاها له ليأكلها فاستبقى زيد هذه القطعة وجاء بكر فوجدها فأكل منها فمات، فان المتهم فى هذه الحالة يعاقب بتهمة الشروع فى قتل زيد فقط ولا تجوز معاقبته بتهمة قتل بكر بادعاء أن القصد الاحتمالى قد تحقق، لأن النية الثأنوية غير موجودة بل الموجودة نية متركزة منصبة كلها على الغرض الأصلى المقصود بالذات مقصورة عليه وغير متجاوزة له إلى أى غرض إجرامى آخر (1).


(1) لحضرة الدكتور محمد مصطفى القللى أستاذ القانون الجنائى بكلية الحقوق تعليق على هذا الحكم منشور بمجلة القانون والاقتصاد بالعدد الخامس من السنة الأولى بالصفحات من 875 إلى 885، ورأيه أن وجهة نظر محكمة النقض فى تحديد القصد الاحتمالى لا تتفق مع العمل ولا مع وجهة نظر الشارع المصرى. أما عدم اتفاقها مع مصلحة العمل فذلك لأنها تفضى إلى صعوبة كبرى من حيث الإثبات وتكاد تجعل توفر القصد الاحتمالى مستحيلا إذ ليس من السهل إثبات أن المتهم يكون توقع النتيجة التى أدّى إليها فعله وقبلها مع أنه لم يردها. وأما أنها لا تتفق مع وجهة نظر الشارع المصرى فذلك لأنه ليس فى القانون المصرى تعريف عام للقصد الاحتمالى ولكن هناك أحوالا عديدة ألقى فيها المشرع عبء مسئولية النتيجة التى وقعت على عاتق مرتكب الفعل الذى أدّى إليها ولو أنه لم يقصد هذه النتيجة بالذات، وإذا رجعنا إلى هذه الأحوال نجد أن الشارع يكتفى فيها صراحة أو ضمنا بمجرّد احتمال حدوث هذه النتيجة وإمكان توقعها دون أن يستلزم توقعها بالفعل وقبولها من جانب المتهم. مثال ذلك جرائم الضرب والجرح عمدا إذا أدّى الضرب أو الجرح إلى عاهة مستديمة أو إلى الوفاة، ومسئولية الشريك عن الجريمة التى ارتكبها الفاعل ولو كانت غير التى تعمد ارتكابها متى كانت الجريمة التى وقعت بالفعل نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة التى حصلت منه، وتعطيل سير القطارات عمدا تعطيلا يؤدّى إلى موت أشخاص، والحريق عمدا إذا أدى الحريق إلى موت شخص أو أكثر، وتعريض الطفل للخطر وتركه فى محل خال من الآدميين إذا أدى ذلك إلى موته - كل هذه الأحوال إنما يعاقب المشرع عليها لأنها نتيجة محتملة. ومن هنا يتبين أن الشارع المصرى فى نظرته إلى النتائج الاحتمالية هو أقرب إلى النظرية المادية التى تنظر إلى التسلسل الطبيعى للنتيجة التى انتهى إليها الفعل فارضة أن فى مقدور المتهم أن يتوقعها. وهذا يخالف نظرية محكمة النقض التى توجب - لمساءلة المرء عن النتيجة الاحتمالية لفعلته المقصودة له بالذات - أن يثبت قبله أنه كان عند ارتكاب فعلته المقصودة له بالذات مريدا تنفيذها ولو تعدّى فعله غرضه الأصلى إلى الأمر الإجرامى الآخر الذى وقع فعلا ولم يكن مقصودا له فى الأصل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق