الصفحات

الأحد، 28 يناير 2024

الطعن 8 لسنة 35 ق جلسة 26 / 7 / 1967 مكتب فني 18 ج 3 أحوال شخصية ق 224 ص 1493

جلسة 26 من يوليه سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ محمد ممتاز نصار، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندى، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربينى.

--------------

(224)
الطعن رقم 8 لسنة 35 ق "أحوال شخصية"

(أ) قانون. "القانون الواجب التطبيق". وصية. أحوال شخصية.
وصية. خضوعها لأحكام قانون بلد الموصى وقت وفاته. المادة 3 من القانون رقم 91 لسنة 1937 والمادة 55 من القانون المدنى الملغى. قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949. إختصاص المحاكم بمسائل الاحوال الشخصية بالنسبة لغير المصريين. تطبيقها فى شأن الوصية أحكام القانون الذى تشير به قواعد الإسناد لا الشريعة الإسلامية.
(ب) قانون. "القانون الأجنبى". "إثباته". إثبات.
الإستناد إلى قانون أجنبى. مجرد واقعة. وجوب إقامة الخصوم الدليل عليه.
(ج) قانون. "القانون الواجب التطبيق". نظام عام. أحوال شخصية. وصية.
إستبعاد أحكام القانون الأجنبى الواجبة التطبيق. مناطه. مخالفة النظام العام أو الآداب فى مصر. إختلاف أحكام القانون الأجنبى عن أحكام القانون الوطنى فى تحديد المقدار الذى تجوز الوصية فيه بالنسبة لغير المسلمين. عدم جواز استبعاد أحكام القانون الأجنبى.
(د) قانون. "القانون الواجب التطبيق". أحوال شخصية. إرث.
قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع. نطاقها. الأحكام المتعلقة بحيازة العقار وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق إكتسابها وانقضائها... لا شأن لها بمسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بحقوق الورثة فى التركة.

----------------
1 - طبقا للمادة 55 من القانون المدني الملغي والمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1937 تسري على الوصية أحكام قانون بلد الموصى وقت وفاته، وبصدور القانون رقم 147 لسنة 1949 بنظام القضاء - وهو يسرى بأثر فورى من تاريخ العمل به فى 15 أكتوبر سنة 1949 - وطبقا للمادة 12 منه أصبحت المحاكم هى المختصة بمسائل الأحوال الشخصية بالنسبة لغير المصريين وهى تطبق فى شأن الوصية أحكام القانون الذى تشير به قواعد الإسناد لا الشريعة الإسلامية.
2 - الاستناد إلى قانون أجنبى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة وهو ما يوجب على الخصوم إقامة الدليل عليه (1).
3 - وفقا للمادة 28 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبى الواجبة التطبيق إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للاداب فى مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة (2)، ولا يدخل فى هذا النطاق إختلاف أحكام القانون الأجنبى عن أحكام القانون الوطنى فى تحديد المقدار الذى تجوز الوصية فيه بالنسبة لغير المسلمين.
4 - قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع وفقا للمادة 18 من القانون المدنى إنما تنصرف إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق اكتسابها وإنقضائها وغيرها من الأحكام الخاصة بنظام الأموال فى الدولة ولا شأن لها بمسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بحقوق الورثة فى التركة.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن السيدة/ جان بوليت أرملة المرحوم ألفريد ناصر ومعها الانستين أندريه وزينه جبرائيل جوزيف أقمن الدعوى رقم 1950 سنة 1954 الإسكندرية الإبتدائية - أحوال شخصية أجانب - ضد السيدة/ أليس عسكر وآخرين يطلبن الحكم بصحة ونفاذ وصية المرحوم ألفريد ناصر المؤرخة 5 مارس سنة 1949 مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وقلن شرحا لها إن المرحوم ألفريد ناصر - وهو لبنانى الجنسية - توفى فى بيروت بتاريخ 19 يوليه سنة 1949 وترك وصية مؤرخة 5 مارس سنة 1949 أوصى فيها بكل تركته لزوجته السيدة/ جان يوليت ناصر وإذ لم يكن له ورثة سوى زوجته الموصى لها وشقيقه البير ناصر ووفقا لأحكام القانون اللبنانى قام مكتب تنفيذ الوصايا بلبنان بإخطار شقيق الموصى بما تضمنته الوصية ورد على هذا الإخطار بقبول الوصية المذكورة فيما يختص بالأموال الموجودة فى لبنان ونازع فى صحتها بالنسبة للأموال الموجودة فى مصر استنادا لأحكام القانون المصرى الواجبة التطبيق وهى لا تجيز الوصية بأكثر من الثلث وفى 19/ 10/ 1949 أوصى بثروته إلى المدعى عليهن الخمس الأول، ومنها حصة فى العمارة الكائنة بشارع سعد زغلول بالاسكندرية ملك أخيه ألفريد، وإذ نازعن السيدة/ جان يوليت فى ملكية هذه العمارة فقد انتهت المدعيات إلى طلب الحكم لهن بطلباتهن وأثناء نظرها تنازلت المدعيتان الثانية والثالثة عنها كما تنازلت المدعية الأولى عن مخاصمة المدعى عليهما السادس والسابع. وبتاريخ 31/ 12/ 1957 حكمت المحكمة علنا وحضوريا وفى مادة أحوال شخصية وبعد سماع رأى النيابة (أولا) بإثبات تنازل المدعيتين أندريه ناصر وزينه جمال عن الدعوى (ثانيا) بإثبات تنازل المدعية عن مخاصمة المدعى عليهما السادس والسابع (ثالثا) بصحة وصية المرحوم ألفريد ناصر المؤرخة 5 مارس سنة 1949 والتى أوصى بمقتضاها لزوجته السيدة جان يوليت ناصر ابنة روبير بجميع ثروته مع جميع ما يترتب على صحة ونفاذ هذه الوصية من آثار قانونية وألزمت المدعى عليهن الخمس الأول بمصروفات الدعوى ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت السيدة أليس عسكر ومن معها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية تطلبن تعديله وقصر الوصية على ثلث التركة وقيد هذا الاستئناف برقم 3 أحوال شخصية أجانب سنة 14 قضائية. وبتاريخ 17 يناير سنة 1965 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الإستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة فى التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعنون ولا المطعون عليهم وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه طبق على الأعيان الكائنة فى مصر أحكام الوصية فى القانون اللبنانى عملا بقواعد الإسناد فى القانون المدنى الجديد والمادة 13 من قانون نظام القضاء، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن الموصى توفى بتاريخ 16 يوليه سنة 1949 ومن قبل العمل بالقانون المدنى الجديد وقانون نظام القضاء فى 15 أكتوبر سنة 1949 فتسرى على الوصية أحكام القانون الذى كان معمولا به وقت وفاة الموصى ومقتضاها أن الأجانب الغير متمتعين بالإمتيازات ومنهم اللبنانيون كانوا يخضعون فى وصاياهم لإختصاص المحاكم الشرعية ولأحكام الشريعة الإسلامية وهى لا تجيز الوصية بأكثر من ثلث التركة.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه طبقا للمادة 55 من القانون المدنى الملغى والمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1937 تسرى على الوصية أحكام قانون بلد الموصى وقت وفاته وهو القانون اللبنانى، وبصدور القانون رقم 147 لسنة 1949 بنظام القضاء - وهو يسرى بأثر فورى من تاريخ العمل به فى 15 أكتوبر سنة 1949 - ومن قبل رفع الدعوى فى 19/ 10/ 1954 وطبقا للمادة 12 منه أصبحت المحاكم هى المختصة بمسائل الأحوال الشخصية بالنسبة لغير المصريين وهى تطبق فى شأن الوصية أحكام القانون الذى تشير به قواعد الإسناد لا الشريعة الإسلامية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على أن القانون اللبنانى هو الواجب التطبيق على الوصية موضوع النزاع فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن القانون اللبنانى الأخير الخاص بالوصية لا يجيز الإيصاء للزوجة بكل التركة إلا إذا توفى الموصى دون أن يترك أبا أو أما أو إخوة أو أخوات، وقد مات المرحوم ألفريد نصر عن زوجته وشقيقه ألبير، وطبقا لهذا القانون لا تكون الوصية نافذة فى حق شقيق المورث، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحتها ونفاذها فى حق مورث الطاعنين فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أن الإستناد إلى قانون أجنبى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يعدو أن يكون مجرد واقعة وهو ما يوجب على الخصوم إقامة الدليل عليه، إذ كان ذلك، وكان الطاعنون لم يبينوا القانون اللبنانى الذى يتمسكون به اكتفاء بقولهم إنه - القانون اللبنانى الأخير الخاص بالوصية - ولم يقدموا دليلا عليه فإن النعى بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الطاعنين تمسكوا فى دفاعهم بأن السيدة/ جان يوليت أرملة المرحوم ألفريد ناصر تنازلت عن الحصة المتنازع عليها إلى المرحوم ألبير ناصر مورث الطاعنين بموجب خطاب أرسلته للأستاذ جورج صوصة بتاريخ 12/ 12/ 1949 وتأيد ذلك بخطاب آخر أرسلته إلى السيدة/ أليس عسكر "الطاعنة الأولى" فى نفس اليوم وكان الدافع لها على هذا التنازل هو الرغبة فى الصلح مع شقيق زوجها محافظة على صلة القرابة واكتفاء منها بما آل إليها من التركة عن طريق الميراث والحصة الأخرى الداخلة فى النصاب الذى تجوز الوصية فيه، وهذا الصلح ملزم للطرفين ولا يجوز الرجوع فيه أو الطعن عليه بالغلط فى القانون ويترتب عليه انقضاء الحقوق والإدعاءات التى تم التنازل عنها، وإذ لم يعول الحكم على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص وقضى بصحة ونفاذ الوصية فى كل التركة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم الإبتدائى الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه فى أسبابه أقام قضاءه فى هذا الخصوص على أن السيدة جان بوليت "أرسلت خطابا بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1949 إلى أليس عسكر المدعى عليها الأولى وآخر فى نفس التاريخ إلى الأستاذ جورج صوصه وتقول فى الأخير إنه بما أن القانون اللبنانى لا ينطبق فى القطر المصرى فإنه لا إعتراض لها فى أن يأخذ البير حصة العقار الكائن بالإسكندرية ويستلمها وطلبت سرعة إتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك" وأن هذين المستندين "لا يخرجان عن كونهما خطابين صادرين من المدعية - الموصى لها - إلى آخرين خلاف مورث المدعى عليهن الذى أخذ ينازعها فى صحة الوصية منذ بادئ الأمر فإذا سلمنا جدلا أن هذين الخطابين يعتبران إيجابا منها فإنه إيجاب مطلق لم يحدد فيه الموجب أية مدة للقبول وهذا الإيجاب لم يقترن بقبول من ناحيته أو ناحية ورثته من بعده حتى يقال إن عقد صلح تم بين الطرفين" بل إن الذى يستفاد من أوراق الدعوى أن "الموصى لها رجعت عن هذا الإيجاب فبادرت برفع الدعوى رقم 860 سنة 1951 وهى تثبيت ملكية وريع عن بعض الأعيان الموصى بها والكائنة بالإسكندرية ولما أوقفت اتفاقا أقامت الدعوى الحالية بطلب الحكم بصحة الوصية الأمر الذى يقطع ويدل دلالة قاطعة أنها رجعت فيما أفصحت به وقبل أن تقترن إرادتها بإرادة الطرف الاخر ألبير نصر أو أحد من ورثته فلا محل بعد ذلك للتذرع بهذين المستندين والقول بأن صلحا تم بين الطرفين، وأكثر من هذا فإن ألبير نصر لا يعلم شيئا عن هذا الإيجاب حتى يمكن التكهن بأثر هذا الإيجاب وهل صادف قبولا منه أم لا بل بادر وأرسل اعتراضا إلى إدارة تنفيذ بيروت بتاريخ 18 أغسطس سنة 1949 يتضمن اعتراضه على وصية شقيقه فيما يختص بأعيان التركة الموجودة بالقطر المصرى وشفع هذا الإعتراض برفع دعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية طالبا الحكم بثبوت وفاة أخيه وإنحصار ارثه فيه وفى زوجة المتوفى واستصدر حكما بذلك فى 3 نوفمبر سنة 1949 ثم حصل على شهادة بتاريخ 16 أبريل سنة 1950 بصيرورة هذا الحكم نهائيا" وأن "كل هذا يدل فى وضوح لا يدع مجالا للشك أو التردد على منازعته نزاعا جديا فى الوصية وأنه ما كان يعلم بهذين الخطابين اللذين أرسلتهما الموصى لها إلى آخرين وتظهر فيهما استعدادها بعدم منازعته فى الحصة أو العقار الكائن بالإسكندرية" وهو استخلاص موضوعى سائغ يدل على انتفاء حصول الصلح بين الطرفين.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن أحكام الشريعة الإسلامية فيما يختص بالقدر الذى تجوز الوصية فيه تعتبر من النظام العام مما يوجب على المحاكم الامتناع عن تطبيق القانون الأجنبى الذى تعينه قواعد الإسناد متى تعارض مع هذه الأحكام، ولا وجه للقول بأن للأجانب التمسك بتطبيق شريعتهم فى مواد المواريث والوصايا إذ أن لبنان تطبق الشريعة الإسلامية فى مسائل المواريث وبالتالى يتعين تطبيق نفس الشريعة على الوصية خصوصا وأن تطبيق التشريع اللبنانى الخاص بالايصاء مما يضر بمصالح اللبنانيين المقيمين فى مصر وبالإضافة إلى ذلك فإن المحاكم اللبنانية تطبق قانون موقع العقار وهو ما يوجب تطبيق القانون المصرى على العقارات الكائنة فى مصر.
وحيث إن هذا السبب مردود (أولا) بأنه وفقا للمادة 28 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبى الواجبة التطبيق إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للاداب فى مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة ولا يدخل فى هذا النطاق إختلاف أحكام القانون الأجنبى عن أحكام القانون الوطنى فى تحديد المقدار الذى تجوز الوصية فيه بالنسبة لغير المسلمين - كما هو الحال فى الدعوى - ومردود (ثانيا) بأن قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع وفقا للمادة 18 من القانون المدنى إنما تنصرف إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق إكتسابها وإنقضائها وغيرها من الأحكام الخاصة بنظام الأموال فى الدولة ولا شأن لها بمسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بحقوق الورثة فى التركة.


(1) نقض 7/ 7/ 1955. الطعن رقم 408 لسنة 21 ق. س 6 ص 1347.
(2) نقض 5/ 4/ 1967. الطعن رقم 371 لسنة 33 ق. س 18 ص 798.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق