الصفحات

الثلاثاء، 2 يناير 2024

الطعن 5049 لسنة 81 ق جلسة 9 / 10 / 2012

-------------------

" الوقائـع "
اتهمت النيابة العامة الطاعنين فى قضية الجناية رقم 3729 لسنة 2010 مركز المنيا ( المقيدة بالجدول الكلى برقم 230 لسنة 2010 ) بوصف أنهم فى يوم 20 من يناير سنة 2010 بدائرة مركز المنيا ـ محافظة المنيا .
أولاً : المتهمان الأول والثانى أ- قتلا ........ عمداً مع سبق الإصرار والترصد ، بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتله وأعدا لذلك سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " وترصداه فى المكان الذى أيقنا سلفاً مروره فيه ، وما إن ظفرا به حتى استوقفا السيارة قيادته الرقيمة 23848 نقل المنيا واستقلاها معه ، ثم انهالا عليه طعناً بالأداة آنفة البيان قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات التى أبانها تقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته ، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هى أنهما فى ذات الزمان والمكان آنفى البيان سرقا السيارة الرقيمة 23848 نقل المنيا قيادة المجنى عليه سالف الذكر وما عليها من اسطوانات البتوجاز والمبين وصفاً وقدراً بالأوراق والمملوكين لـ ....... ، وكان ذلك فى الطريق العام وبإحدى وسائل النقل البرية حال إحرازهما للسلاح الأبيض آنف البيان وتمكنا بذلك من إتمام السرقة والفرار بالمسروقات . ب- أحرزا سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية . ثانياً : المتهم الثالث شرع فى إخفاء الاسطوانات المسروقة محل الجناية السابقة حال كونه عالماً بأن تلك الأشياء متحصلة من جريمة عقوبتها أشد ، وذلك بأن قام بتحميلها مع المتهمين الأول والثانى على السيارة الرقيمة 12318 نقل المنيا ونقلها إلى مكان آخر وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تعطل تلك السيارة وضبطه والجريمة متلبساً بها . وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت زوجة المجنى عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهمين بأن يؤدوا لهم مبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتى الديار المصرية لإبداء الرأى الشرعى فيها وحددت جلسة الأول من يناير سنة 2011 للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 44 مكرر ، 45/1 ، 46/2 ، 230 ، 231 ، 232 ، 234/2،1 ، 315/أولاً وثانياً من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25مكرر/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر والمعدل بالقانونين رقمى 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادتين 17 ـ للمتهم الثالث ـ ، 32 من قانون العقوبات أولاً : وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما . ثانياً : بمعاقبة المتهم الثالث بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه . ثالثاً : بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط وبإلزامهم بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت .
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض فى 12 من يناير سنة 2011 ،
وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن الأولى فى 7 من مارس سنة 2011 عن المحكوم عليه الثانى موقع عليه من الأستاذ/ ...... المحامى ، والثانية 10 من مارس من العام ذاته عن المحكوم عليه الثالث موقع عليها من الأستاذ/ ...... المحامى ، والثالثة فى 12 من مارس من العام ذاته عن المحكوم عليه الأول موقع عليها من الأستاذة/ ..... المحامية ، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها .
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة .

-----------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليهما الأول والثانى .
من حيث إن طعن المحكوم عليهما ـ الطاعنين ـ .... ، .... استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن الطاعنين الأول والثانى ينعيان على الحكم المطعون فيه ، أنه إذ دانهما بجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد المقترنة بجناية سرقة مع التعدى فى الطريق العام بإحدى وسائل النقل البرية مع حمل سلاح ، قد شابه قصور فى التسبيب ، وفساد فى الاستدلال، وخطأ فى الإسناد ، وران عليه البطلان وإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه لم يستظهر رابطة السببية بين الفعل المادى المسند إلى الطاعنين ووفاة المجنى عليه من واقع الدليل الفنى، وخلا من الإشارة إلى النتيجة المعملية للمطواة المضبوطة ، ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل وظرفى سبق الإصرار والاقتران ، وإن ما أورده فى هذا الشأن من شهادة الضابط واعتراف الطاعن الأول من أنهما انتويا قتل المجنى عليه وسرقته يخالف الثابت بالأوراق ، وعول على اعتراف الطاعن الأول رغم عدوله عنه بجلسة المحاكمة ، فضلاً عن كونه وليد إكراه مادى ومعنوى بسبب القبض على ذويه وحجزهم بمركز الشرطة وعدم حضور محام معه التحقيق أثناء استجوابه ، كما استند الحكم إلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها لكونها ترديداً لأقوال الطاعن الأول ولم يفصح محررها عن مصدره فى التحرى فضلاً على عدم صلاحيتها كدليل إدانة ، كذلك اطرحت المحكمة دفاعه بتناقض الدليلين القولى والفنى للاختلاف فى عدد الإصابات التى أحدثها الطاعنان بالمجنى عليه مع ما أثبت بتقرير الصفة التشريحية بما لا يصلح رداً ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة مستقاة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات ، ومما ثبت بتقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة .
لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجنى عليه التى أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته ، فأورد من واقع ذلك التقرير أن إصابة المجنى عليه بالعنق والفك السفلى والصدر والبطن والظهر والعضد الأيسر حديثة وحيوية وذات طبيعة قطعية وطعنية وحدثت من جسم أو أجسام صلبة ذات نصل حاد مدبب الطرف كمطواة أو ما شابه ذلك ، والوفاة إصابيه وتعزى لمجمل إصاباته القطعية والطعنية الموصوفة بعموم الجسم وما صاحبها من قطع للأوعية الدموية الرئيسة بيسار العنق وتهتك للرئة اليسرى وما صاحبها من نزيف دموى وصدمة ويجوز حدوثها من مثل المطواة المضبوطة ، وأن إصاباته بالرأس حديثة وغير حيوية أى عقب الوفاة ، وذات طبيعة رضية وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة وثقيلة نوعاً ما كحجر أو ما شابه ذلك ، ولا دخل لها فى إحداث الوفاة أو المشاركة فيها، ومن ثم ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن الأول من قصور فى بيان علاقة السببية بين الاعتداء والوفاة .
لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بالنسبة لتقرير الطب الشرعى المعملى عن المطواة المضبوطة يكفى لتبرير اقتناعه بالإدانة ، ويحقق مراد الشارع الذى استوجبه فى المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التى يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، فإن ما يثيره الطاعن الأول فى هذا الشأن لا يكون له محل.
لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ولما كانت الأدلة والقرائن التى ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ثبوتها فى حق الطاعنين ، أما القول بأن أقوال محرر محضر التحريات واعتراف الطاعن الأول لا يستفاد منها توافر هذه النية فمردود بأن هذا القول ـ بفرض صحته ـ لا يفيد حرية المحكمة فى استخلاص قصد القتل من كافة ظروف الحادث وملابساته ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الشأن غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث فى توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفى لتحققه طبقاً للقانون ، فإن ما يثيره الطاعن الثانى لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك ، وكانت المادة 324 من قانون العقوبات بنصها فى الشق الأول من الفقرة الثانية منها على ظروف الاقتران فإنه يكفى لانطباقها ، ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما ، وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن ، وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة ـ تنبئ بذاتها ـ عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وجناية السرقة فى إحدى الطرق العامة ، وفى إحدى وسائل النقل البرية مع حمل سلاح ، ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه فى هذا الشأن ، ويكون ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الشأن لا وجه له .
لما كان ذلك ، وكان يبين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الثالث واعتراف الطاعن الأول له معينه الصحيح من الأوراق فإن دعوى الخطأ فى الإسناد فى هذا المقام لا تكون مقبولة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ، ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ، ومطابقته للحقيقة والواقع ، ولما كانت المحكمة قد خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف ، فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به ، ومن ثم فإنه لا يجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع ، ولما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن الأول لم يدفع ببطلان اعترافه لصدوره نتيجة اكراه أو تهديد ، وكل ما قاله الدفاع عنه فى هذا الصدد هو بطلان الاعتراف الوارد بمحضر النيابة العامة ويجافى هذا الاعتراف عن مطابقة الواقع دون أن يبين وجه ما ينعاه على اعترافه ، ولا يمكن القول بأن هذه العبارة المرسلة التى ساقها تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له ، وكان ما يمكن أن تنصرف إليه هو التشكيك فى الدليل المستمد من الاعتراف توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه ، وكان الحكم قد أورد مؤدى هذا الاعتراف الذى عول عليه فى الإدانة ضمن ما عول عليه واطمأن إلى سلامته ، وكان لا يقبل من الطاعن الأول أن يثير أمام محكمة النقض لأول مرة بطلان هذا الاعتراف ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان استجواب الطاعن الأول لعدم حضور محام معه واطرحه بقوله :" إن المادة 124/2 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت لعضو النيابة المحقق فى حالة الخوف من ضياع الأدلة أن يحقق مع المتهم دون وجود محامٍ لحضور التحقيق معه، وذلك خوفاً من ضياع الأدلة وقد ثبت أن المحقق اتصل بنقابة المحامين لحضور محامٍ مع المتهم إلا أنه تعذر حضور أىٍّ من المحامين للتحقيق ، ومن ثم يجوز له مباشرة التحقيق فوراً خوفاً من ضياع أدلة الدعوى ومن ثم يكون التحقيق قد تم وفق صحيح القانون لا يشوبه بطلان " فإن هذا الذى أورده الحكم صحيح فى القانون وسائغ فى الرد على دفع الطاعن الأول ، ذلك أن المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم استجواب المتهم أو مواجهته فى الجنايات إلا بعد دعوة محاميه للحضور ـ إن وجد ـ قد استثنت من ذلك حالتى التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة ، وإذ كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هى قد أقرته عليه للأسباب السائغة التى أوردتها ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة ، فلا يجوز للطاعن الأول من بعد مصادرتها فى عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ولا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لاعتراف المتهم لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق وصحة هذا الاعتراف ولا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته فى القول بعدم جدية التحريات ، فإن منعى الطاعن الثانى فى هذا الشأن ـ بفرض صحته ـ يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفنى مع الحقيقة التى وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعنين من قيام تعارض بين الدليل القولى والفنى ورد عليه بقوله :" لما كان المتهم الأول والذى تطمئن المحكمة لاعترافه قد اعترف بارتكابه والمتهم الثانى جريمتهما بطعنهما للمجنى عليه باستخدام مطواة من النوع المسمى قرن غزال طعنات عدة فى أماكن متفرقة فى جسده ، وقدم تلك المطواة للشاهد الثالث وكان الثابت بتقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجنى عليه والتى أدت إلى وفاته جميعها قطعية وطعنية وممكن حدوثها بالمطواة المضبوطة الأمر الذى ينتفى معه التناقض بين الدليلين القولى والفنى ".
وإذ كان هذا الذى رد به الحكم كافياً ويسوغ به اطراح قالة التناقض بين الدليلين القولى والفنى، فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الشأن يكون فى غير محله ، لما كان ما تقدم فإن طعن المحكوم عليهما الأول والثانى ، يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية .
من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما ....... و ....... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه أنه روعى عرض القضية فى ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد ـ وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض ـ لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بها بمجرد عرضها عليها للفصل فيها من تلقاء نفسها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة العامة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الاستجواب الذى حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشتها مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً لها أو يعترف بها إذ شاء الاعتراف . وكان الحكم المعروض قد عرض لدفاع الطاعن الأول بشأن بطلان اعترافه الوارد بمحضر جمع الاستدلالات لكونه وليد استجواب واطرحه بقوله :" إن الثابت من محضر ضبط المتهم الأول ومن أقوال المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة أنه هو الذى بادر بالتوجه إلى ديوان مركز شرطة المنيا وطلب مقابلة الشاهد الثالث وقدم له المطواة المستخدمة فى ارتكاب الجريمة واعترف تفصيلاً للشاهد الثالث بالجريمة التى ارتكبها والمتهم الثانى فأثبت محرر محضر الضبط تلك الاعترافات فى محضره ، ومن ثم فإن ذلك الإجراء لا يعد استجواباً ولا يخرج عن اختصاص الشاهد الثالث " ، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم فى الرد على الدفع ببطلان الاستجواب الذى تمسك به دفاع الطاعن الأول بمحضر جلسة المحاكمة يكون مقترناً بالصواب .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات وأن سلطتها مطلقة فى الأخذ بأقوال متهم فى حق نفسه وفى حق غيره من المتهمين مادامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ـ كما هو الحال فى الدعوى المعروضة ـ ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن الأول فى هذا الشأن يكون على غير أساس .
لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها من الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن الأول بمحضر جلسة المحاكمة بشأن أقوال الشهود وعدم معقولية الواقعة ينحل إلى جدل موضوعى حول سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها .
لما كان ذلك ، وكان ما أثير بشأن عدم تواجد المتهم الثانى بمكان الحادث وأنه لم يرتكب الجريمة فمردود بأن نفى التهمة وعدم التواجد بمسرح الحادث من أوجه الدفوع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليلية ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .
لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان بها المحكوم عليهما بالإعدام ، وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة فى العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون ، وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليهما الأول والثانى بإجماع آراء قضاة المحكمة التى أصدرته وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381/2 من قانون الإجراءات المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 الجنائية ، وجاء الحكم بريئاً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليهما بالإعدام على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره قانوناً أصلح ، ومن ثم فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة العامة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما الأول والثانى/ .........، ...........

ثالثاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الثالث .........
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع فى إخفاء أشياء متحصلة من جناية سرقة قد شابه قصور فى التسبيب ، وفساد فى الاستدلال وتناقض وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه خلا من الأسباب التى استند إليها فى إدانته ، ولم يبين الأفعال والمقاصد الدالة على ثبوتها فى حقه وكيفية اتصاله بالمسروقات واكتفى فى بيان ذلك على إيراد أقوال محرر محضر التحريات الواردة بمحضر الضبط ، واستدل على علم الطاعن بأن الأشياء المضبوطة متحصلة من جريمة بقرائن مستمدة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن الأول وهى لا تؤدى إلى ما انتهى إليه من رفض الدفع المبدى من دفاعه فى هذا الشأن ، كما لم يدلل على ثبوت علمه بالظروف المشددة لعقوبة جناية السرقة موضوع الأشياء المخفاة ، وجاء الحكم متناقضاً إذ أورد نقلا عن الشاهد الثانى أن المتهمين الأول والثانى حضرا إليه وطلبا منه نقل بعض الأمتعة ، ثم عاد فى موضع آخر وذكر أن المتهمين الثانى والثالث هما اللذان حضرا إلى الشاهد واستقلا سيارته ، كما أغفل الحكم دفاعه بعدم معقولية تصوير الواقعة ولم يعرض لباقى أوجه دفاعه ودفوعه الأخرى إيراداً ورداً ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استند فى إثبات التهمة فى حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول ولم يعول فى ذلك على ما تضمنه محضر الضبط من تحريات والذى لم يشر إليه فى مدوناته ، فإن النعى على الحكم بالقصور فى هذا الشأن يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستبين الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أخذاً من كافة ظروفها وأدلتها وأن تزن أقوال الشهود وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه دون معقب ، وإذ كان الحكم قد عرض لما أثاره دفاع الطاعن بعدم توافر ركن العلم لديه بكون المسروقات متحصلة من جناية واطرحه فى قوله :" إن الثابت من أقوال الشاهدين الأول والثانى أن المتهم الثالث اتصل باسطوانات الغاز وأحرزها وانصرفت إرادته إلى إخفائها بأن ساعد المتهمين الأول والثانى على التصرف فيها بنقلها بسيارة الشاهد الثانى من مكان احتفاظهما بها إلى مكان آخر تمهيداً لبيعها إلا أن السيارة تعطلت فخاب بذلك أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه ، كما أن الثابت من أقوال المتهم الثانى والتى تطمئن إليها المحكمة فى هذا الشأن أن المتهم الثالث كان يعلم علماً يقيناً بأن تلك الاسطوانات متحصلة من جريمتى قتل وسرقة وذلك عندما أخبره المتهم الأول أنها تلك الاسطوانات وهو ما أكدته تحريات الشاهد الثالث والتى تطمئن إليها المحكمة من أن المتهم الثالث كان يعلم بأن اسطوانات الغاز التى شرع المتهم فى إخفائها متحصلة من جريمتى قتل وسرقة ، ومن ثم فقد توافرت فى الأوراق أركان جريمة الشروع فى الإخفاء فى صورتها المشددة فى حق المتهم ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العلم فى جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحى به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة على استقلال مادامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم ، بمقام التدليل على ثبوت علم الطاعن بأن الاسطوانات المسروقة ومتحصلة من جناية قتل وسرقة سائغاً وكافياً لحمل قضائه ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول أدلة الدعوى ومدى كفايتها للإثبات مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شئ فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها ، كما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها مادام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى على الصورة التى ارتسمت فى وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم فى صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ، ولا فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال شاهد الإثبات الثانى ، واعتراف الطاعن الأول بدعوى تضاربها أو تنافرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب رداً صريحاً ، بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين بأسباب طعنه أوجه الدفوع والدفاع التى أبداها المدافع عنه وأغفلها الحكم وذلك لمراقبة ما إذا كان هذا الدفاع وتلك الدفوع جوهرية مما يجب على المحكمة أن تجيبها أو ترد عليها أم هو من قبيل الدفاع الموضوعى التى لا تستلزم فى الأصل رداً بل الرد مستفاد من القضاء بالإدانة استناداً للأدلة السائغة التى أوردتها المحكمة فى حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من الطاعن الثالث يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهـذه الأسبــاب
حكمت المحكمة أولاً : بقبول طعن المحكوم عليهم ع...... شكلاً وفى الموضوع برفضه . ثانياً : قبول عرض النيابة العامة للقضية وفى الموضوع بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما ...... .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق