الصفحات

الأحد، 28 يناير 2024

الطعن 11 لسنة 43 ق جلسة 17/ 3 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 136 ص 685

جلسة 17 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي وسعد الشاذلي والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري.

----------------

(136)
الطعن رقم 11 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "دعاوى الإرث". إرث.
دعوى الإرث. الحكم دون إجراء تحريات مسبقة من الجهات الإدارية. لا خطأ. التحريات المشار إليها في المادة 357 من اللائحة الشرعية قبل إلغائها. نطاق تطبيقها. طلبات تحقيق الوفاة والوراثة.
(2، 3، 4) إثبات "الشهادة". محكمة الموضوع. أحوال شخصية. نقض.
(2) للشاهد كأصل أن يشهد بشيء عاينه بالعين أو بالسماع بنفسه.
(3) شاهدان شقيقان. الاعتداد بأقوالهما. شرطه.
(4) تمسك الطاعن بقيام عداوة دنيوية بينه وبين شاهدي المطعون عليهما. دفاع يخالطه واقع. وجوب طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

------------------
1 - إذ كانت الدعوى الماثلة هي دعوى إرث تنظرها وتفصل فيها المحاكم بصفتها القضائية ولا يشترط القانون فيها إجراء تحريات مسبقة من الجهات الإدارية وكانت التحريات المشار إليها في المادة 357 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية معدلة بالقانون رقم 72 لسنة 1950 قبل إلغائها بالقانون رقم 68 لسنة 1964 يقتصر نطاق تطبيقها على طلبات تحقيق الوفاة وإثبات الوراثة التي تختص بها المحاكم الجزئية وتصدر فيها بصفتها الولائية لشهادات متعلقة بحالة الإنسان المدنية تكون حجة في خصوصها ما لم يصدر حكم على خلافها عملاً بالمادة 361 من ذات اللائحة. وقد أصبح إجراء هذه التحريات - حتى في هذا المجال - متروكاً لمحض تقدير المحكمة وفقاً للتعديل الذي جرى على المادة 359 من اللائحة بمقتضى القانون رقم 68 لسنة 1964 آنف الإشارة، فإن النعي على الحكم - بأنه أغفل القيام بهذا الإجراء - يكون على غير أساس.
2 - الأصل في الشهادة أنه يجوز للشاهد أن يشهد بشيء عاينه بالعين أو بالسماع بنفسه.
3 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي اعتدت بأقوال شاهدين شقيقين طالما أن التهمة منتفية عنهما وليس لهما من صلة مانعة بالمشهود له، ولم يتحقق فيهما مظنة جلب مغنم أو دفع مغرم.
4 - إذ كان ما يثيره الطاعن من قيام عداوة دنيوية بينه وبين شاهدي المطعون عليهما لم يبينه في دفاعه أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 901 لسنة 1966 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم ببطلان إعلام الوراثة رقم 80 لسنة 1966 الجمالية الصادر في 29/ 8/ 1966 وبأنها وشقيقتها المطعون عليها الثانية هما الوارثتان الوحيدتان للمرحومة... وقالت بياناً لدعواها إن المرحومة توفيت بتاريخ 11/ 3/ 1966 وخلفت تركة وانحصر إرثها في المطعون عليهما بوصفهما بنتي بنتها المتوفاة قبلها ولهما جميع تركتها فرضاً ورداً، وإذ انتحل الطاعن اسم.... في مستخرج مزور بشهادة ميلاده وادعى أنه ابن أخ شقيق المتوفاة واستصدر في غفلة منهما وبإجراءات باطلة الإعلام الشرعي في المادة رقم 180 لسنة 1966 وراثات من محكمة الجمالية للأحوال الشخصية بانحصار الإرث فيه باعتباره العاصب الوحيد وبأنها وشقيقتها تستحقان وصية واجبة وحاول استغلال الإشهاد في الاستيلاء على التركة فقد أقامت دعواها. تدخلت المطعون عليها الثانية منضمة للمطعون عليها الأولى. ادعت المطعون عليها الأولى بتزوير صورة المستخرج الرسمي بشهادة ميلاد الطاعن. وبتاريخ 25/ 3/ 1969 حكمت محكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لإجراء المضاهاة بين صورة شهادة الميلاد المطعون عليها وبين الأصل المستخرج منه لبيان مدى مطابقة الأصل للصورة، وبعد تقديم التقرير حكمت في 9/ 6/ 1970 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليهما انحصار إرث المتوفاة فيهما بصفتهما بنتي بنتها المتوفاة قبلها وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 26/ 10/ 1971 برد وبطلان صورة قيد الميلاد المطعون عليها بالتزوير وبإبطال إشهاد الوفاة والوراثة الصادر من محكمة الجمالية بتاريخ 29/ 8/ 1966 برقم 80 لسنة 1966 وبثبوت وفاة المرحومة..... في سنة 1966 وانحصار إرثها في المطعون عليهما واستحقاقهما لتركتها فرضاً ورداً استأنف الطاعن هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 80 لسنة 1988 ق القاهرة وبتاريخ 20/ 6/ 1972 قضت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن صحة اسمه... "وليس"... وأنه ابن أخ شقيق للمتوفاة ومستحق تركتها تعصيباً ولتثبت المطعون عليهما أنهما الوارثتان لها دون شريك، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 9/ 4/ 1973 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن المادة 357 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية توجب على المحكمة في دعاوى الوراثة إجراء تحريات عن حقيقة البيانات المعروضة عليها، وحتم القانون توقيع رجال الإدارة عليها والتصديق على توقيعاتهم كي تكون مدعاة للثقة، وإذ أغفل الحكم القيام بهذا الإجراء فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الدعوى الماثلة هي دعوى إرث تنظرها وتفصل فيها المحاكم بصفتها القضائية، ولا يشترط القانون فيها إجراء تحريات مسبقة من الجهات الإدارية، وكانت التحريات المشار إليها في المادة 357 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية معدلة بالقانون رقم 72 لسنة 1950 - قبل إلغائها بالقانون رقم 68 لسنة 1964 - يقتصر نطاق تطبيقها على طلبات تحقيق الوفاة وإثبات الوراثة التي تختص بها المحاكم الجزئية وتصدر فيها بصفتها الولائية إشهادات متعلقة بحالة الإنسان المدنية تكون حجة في خصوصها ما لم يصدر حكم على خلافها عملاً بالمادة 361 من ذات اللائحة وقد أصبح إجراء هذه التحريات في هذا المجال - متروكاً لمحض تقدير المحكمة وفقاً للتعديل الذي جرى على المادة 359 من اللائحة بمقتضى القانون رقم 68 لسنة 1964 آنف الإشارة، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الادعاء بتزوير صورة المستخرج الرسمي لشهادة ميلاده وما أورده الخبير من تغير لاسمه واسم والده فيها أصبح ولا جدوى منه بعد تقديمه شهادة رسمية تفيد أن صحة اسمه هو الوارد بالإعلام الشرعي الذي استصدره، غير أن الحكم المطعون فيه تجاهل هذا الدفاع وأيد قضاء محكمة أول درجة برد وبطلان شهادة الميلاد، وهو ما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه ورد بالشهادة المشار إليها للإحاطة بأن الاسم الوارد بالدفتر هو.... ابن....، ولم يصحح إلى شيء آخر ولا يوجد بالدفتر أي مستند تصحيح، ومؤشر بخانة الملاحظات أن التصحيح بناء على إفادة المصلحة وإفادة محكمة السيدة ولم يذكر مضمون التصحيح وإذ رتب الحكم على ذلك أن تصحيحاً لم يتم وأن الشهادة التي يستند إليها الطاعن لا تغني عن ثبوت تزوير صورة شهادة الميلاد، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تبين له بعد سماع شهوده أمام محكمة الاستئناف وقوعهم تحت تأثير المطعون عليها، فطلب فتح باب المرافعة لإحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد، غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب، وإذ ثبت حصول ذلك التأثير في الشكوى رقم 1430 لسنة 1973 إداري الأزبكية التي سمعت فيها أقوال أحد شاهديه بعد صدور الحكم، فقد كان من شأن إجابة طلبه تغيير وجه الرأي في الدعوى ويكون الحكم قد أخل بحقه في إبداء دفاعه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتد بشهادة شاهدي المطعون عليهما واطمأن لما جاء بها من أن المطعون عليهما هما الوارثتان الوحيدتان لجدتهما المتوفاة دون شريك، وانتهى إلى أنه لا يرى ثمة ما يدعو إلى إجابة الطاعن إلى طلبه لأنه لا يقصد به إلا المطل في التداعي، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق متى رأت فيما أوردته من أسباب ما يكفي لتكوين عقيدتها بما يغني عن إجراء تحقيق جديد وكانت الأسباب التي أوردتها سائغة ومؤدية إلى ما انتهت إليه، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أطرح أقوال شاهديه حال أن أحدهما كان موضع ثقة المتوفاة وأميناً على أسرارها، في الوقت الذي اطمأنت فيه إلى شاهدي المطعون عليهما رغم أن شهادتهما سماعية، ورغم أنهما شقيقان وبينه وبينهما خصومة لاعتقادها أنه كان يعاون المورثة في اتخاذ الإجراءات القضائية ضدهما، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الأصل في الشهادة أنه يجوز للشاهد أن يشهد بشيء عاينه بالعين أو بالسماع بنفسه، وكان لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي اعتدت بأقوال شاهدين شقيقين طالما أن التهمة منتفية عنهما وليس لهما من صلة مانعة بالمشهود له، ولم يتحقق فيهما مظنة جلب مغنم أو دفع مغرم، لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من قيام عداوة دنيوية بينة وبين هذين الشاهدين لم يبينه في دفاعه أمام محكمة الموضوع ولا يجوز له إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع، لما كان ما تقدم وكان لقاضي الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية رجحت أقوال شاهدي المطعون عليها بأسباب سائغة على ما ورد بالرد على السبب السابق، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق