الصفحات

الجمعة، 26 يناير 2024

الطعن 1 لسنة 26 ق جلسة 25 / 1 / 1958 مكتب فني 9 ج 1 تنازع اختصاص ق 1 ص 1

جلسة 25 من يناير سنة 1958

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود محمد مجاهد، وعثمان رمزي، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، والسيد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

-----------------

(1)
الطلب رقم 1 سنة 26 ق "تنازع الاختصاص"

(أ) تنازع الاختصاص. أحوال شخصية. استئناف. دعوى (شطبها). قوة الأمر المقضي. 

أثر شطب الاستئناف المرفوع عن حكم شرعي.
(ب) تنازع الاختصاص. 

طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين. شرطه أن يكونا نهائيين. المادة 19 فقرة ثانية من قانون نظام القضاء.
(ج) تنازع الاختصاص. اختصاص. استئناف. خصومة "انقضاؤها". أحوال شخصية. 

انقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات طبقاً للمادة 307 مرافعات. سقوط الحق في الاستئناف بفوات ميعاده طبقاً للمادتين 308 و309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وجوب التمسك بهذه المسائل أمام القضاء المختص قبل نظرها أمام محكمة تنازع الاختصاص.

---------------
1 - مفاد نص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 أن قرار شطب الاستئناف لا يلغي إجراءات الاستئناف ولا تزول معه الآثار المترتبة على رفعه وقيامه بل كل ما يؤدي إليه هذا الشطب هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها. وعلى ذلك فإن الحكم الشرعي المستأنف لا يكون قد أصبح نهائياً.
2 - متى كان الثابت أن الحكم الشرعي لم يستوف شرط النهائية فإن الطلب الذي يرفع إلى محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية عن النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ هذا الحكم، وحكم آخر صادر من المحاكم المدنية يكون غير مقبول طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء التي تشترط لقبول الطلب أن يكون هناك حكمان نهائيان متناقضان صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية.
3 - لا تفصل محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية فيما يثار بشأن انقضاء الخصومة في الاستئناف لمضي أكثر من خمس سنوات على شطب الاستئناف طبقاً لنص المادة 307 من قانون المرافعات أو سقوط الحق في الاستئناف لفوات ميعاده وفقاً لأحكام المادتين 308 و309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وإنما يجب أن يتمسك صاحب الشأن بهذه المسائل أمام القضاء المختص حتى يستقر هذا القضاء في أمرها على رأي قبل نظرها أمام محكمة تنازع الاختصاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة محامي الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المرحومة فاطمة أحمد عبد الكريم كانت تملك حصة شائعة مقدارها 11 قيراطاً و12 سهماً من أصل 24 قيراطاً في ثلاث منازل بمدينة الإسكندرية تكون في مجموعها عقاراً واحداً تصرفت فيه بالبيع بعقد عرفي مؤرخ في 28 من أبريل سنة 1942 إلى ولدها سيد علي حسن أبو زيد المدعى عليه لقاء ثمن قدره 900 جنيه. وفي 24 من نوفمبر سنة 1942 أصدرت عقداً رسمياً بهبة هذه الحصة إلى أولاد المدعى عليه القصر المشمولين بولايته. وفي 26 من نوفمبر سنة 1942 توفيت المرحومة فاطمة أحمد عبد الكريم عن أولادها حسن المدعى الأول وأحمد مورث باقي المدعين وسيد المدعى عليه وابنة تدعى زينب، وتنازع هؤلاء الورثة على تركة المتوفاة ولكن سيد علي حسن أبو زيد استمسك بأنها لم تخلف تركة إذ قد تصرفت في كل أموالها بمقتضى عقد الهبة لأولاده القصر. وإزاء هذا الخلاف أقام حسن والمرحوم أحمد علي أبو زيد الدعوى رقم 14 سنة 43 - 1944 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية ضد المدعى عليه سيد علي حسن أبو زيد بصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر بطلب بطلان عقد الهبة الصادر في 24/11/1942 استناداً إلى أن الموهوب مشاع مما يحتمل القسمة ولم يفرز إلى أن توفيت الواهبة فبطلت الهبة وأصبح الموهوب ملكاً لورثة الواهبة مما يوجب أمر المدعى عليه حائز التركة بتسليمه ما يخصمها فيها - ودفع المدعى عليه هذه الدعوى بدفعين الأول - عدم الاختصاص لأن النزاع في الملكية يخرج عن ولاية المحاكم الشرعية. الثاني - أن الموهوب لا يحتمل القسمة. وأن الأعيان الموهوبة ملك له بمقتضى عقد بيع صادر له من والدته أردفته بعقد هبة لأولاده بموافقته. وتعتبر هذه الموافقة منه على الهبة بمثابة هبة من جانبه. وأنه قصد بعقد الهبة الاقتصاد في رسوم التسجيل. وفي 26 من ديسمبر سنة 1946 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية في الدعوى المذكورة حضورياً: أولاً - برفض ما دفع به المدعى عليه. ثانياً - ببطلان عقد الهبة الصادر بها العقد المؤرخ في 24 من نوفمبر سنة 1942 وأمره بأن يؤدي للمدعين نصيبهما المذكور بالدعوى وإلزامه بالمصاريف، و200 قرش أتعاب محاماة. ثالثاً - عدم سماع الدعوى على المدعى عليه بصفته حارساً قضائياً.
استأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام المحكمة العليا الشرعية وقيد استئنافه برقم 20 سنة 46 - 1947 - وأقام أيضاً الدعوى رقم 1623 سنة 1947 مدني كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الوطنية ضد ورثة المرحومة فاطمة أحمد عبد الكريم ومن بينهم زينب علي حسن أبو زيد. وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي الصادر من مورثتهم له بتاريخ 28 من أبريل سنة 1942 عن حصة مقدارها 11 ط و12 س من تركة المورثة الموضحة الحدود والمعالم بعقد البيع وبعريضة الدعوى ... وطعن المرحوم أحمد علي أبو زيد من المدعى عليهم بالتزوير في عقد البيع موضوع الدعوى وفي إنذار مرسل من المدعى للمورثة وموقع عليه بختمها بالاستلام وفي إقرار عرفي مؤرخ 15 من نوفمبر سنة 1942 موقع عليه منها أيضاً. وأوقفت الدعوى الأصلية حتى يفصل في دعوى التزوير. وفي هذه الأثناء كان الاستئناف المرفوع إلى المحكمة الشرعية يتداول بالجلسات إلى أن تقرر شطبه بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1949 بناء على طلب المستأنف سيد علي أبو زيد وموافقة أحمد علي أبو زيد الذي كان حاضراً من المستأنف عليهما. إلى أن تنتهي القضية الوطنية. وأمام القضاء الوطني قضى برفض دعوى التزوير ابتدائياً وتأيد الحكم استئنافياً، وعجلت دعوى الموضوع وحكمت فيها محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 10 من فبراير سنة 1952 حضورياً بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 28 من أبريل سنة 1942 الصادر من المرحومة فاطمة أحمد سيد عبد الكريم للمدعى سيد علي حسن أبو زيد والمتضمن بيعها له حصة عقارية مقدارها 11 قيراطاً و12 سهماً في كامل أرض ومباني العقار المبين الحدود والمعالم بالعقد المذكور وبصحيفة افتتاح الدعوى نظير ثمن مقبوض قدره 900 جنيه وألزمت المدعى عليهم بالمصروفات ومبلغ 500 قرش أتعاباً للمحاماة والنفاذ. وقد بني هذا الحكم على أساس أن الإقرار الصادر من المورثة بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1942 قاطع الدلالة في أن عقد الهبة لم يكن إلا ستاراً لتخفيض رسوم التسجيل وأنه لم يقصد به فسخ عقد البيع وإحلال عقد الهبة محله فإذا أخفق المدعى في الوصول إلى غايته عن طريق عقد الهبة فإن ذلك لا يحرمه من العودة إلى المطالبة بحقه الأصلي الثابت بعقد البيع وعلى ذلك فإن عقد الهبة صح أو بطل لا أثر له على عقد البيع ويظل عقد البيع قائماً منتجاً آثاره رغم صدور عقد الهبة.
استأنف الورثة المحكوم عليهم وهم أحمد وحسن زينب علي حسن أبو زيد هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافهم برقم 154 سنة 8 ق وقضى فيه بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1954 برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بالمصروفات و3 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وفي 10 من مارس سنة 1956 قدم المدعون طلباً للسيد رئيس محكمة النقض مبناه أن هناك تناقضاً بين حكمين نهائيين صادرين من قضاءين مختلفين وأن أولاهما بالاعتبار هو الحكم الشرعي لصدوره من هيئة تملكه ولأنه حاز قوة الشيء المحكوم فيه لصدوره سابقاً على الحكم المدني ولأن التناقض قائم بين الحكمين الشرعي والمدني إذ قضى الأول ببطلان الهبة لينقل المال إلى الورثة بينما قضى الحكم الثاني بإبطال الهبة ليصحح عقد البيع ويبطل الميراث.
ومن حيث إن المدعى عليه دفع في مذكرته بعدم قبول الطلب استناداً إلى أن الحكم الشرعي لم يصبح نهائياً إذ تنص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على أن قرار الشطب لا يسقط حقاً يكتسبه المدعى كما أن الحكم الشرعي الابتدائي لم يعلن - هذا فضلاً عن أن الحكمين الشرعي والمدني يختلفان في أشخاصهما وفي موضوعهما فقد رفعت الدعوى الشرعية على المدعى عليه بصفته ولياً على أولاده القصر في حين أنه أقام الدعوى المدنية بصفته الشخصية. وموضوع الحكم الشرعي هو بطلان الهبة لورودها على عين شائعة أما موضوع الحكم المدني فهو بطلان الهبة لصوريتها وبصحة ونفاذ عقد البيع وهو الأمر الذي لم يطرح على القضاء الشرعي.
ومن حيث إن المدعين ردوا على دفاع المدعى عليه بأن الاختلاف في الأشخاص اختلاف شكلي لا يؤثر على الجوهر إذ المدعى عليه له صفة شخصية وصفة الوارث والمهم في الخصومة أن يكون واضع اليد على تركة المتوفاة بأية صفة فإذا قضى من المحكمة الشرعية بنقل ملكية المتوفاة لورثتها ضد واضع اليد ثم قضى بعد ذلك بأن ملكيتها انتقلت إلى ولدها واضع اليد وقع التناقض لا يرفعه إلا قضاء الجمعية العمومية لمحكمة النقض وفقاً لنص المادة 19/2 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 - وأن الحكم الشرعي أصبح نهائياً طبقاً لنص المادة 307 من قانون المرافعات لمضي أكثر من خمس سنوات على شطبه ولمضي أكثر من ثلاثين يوماً على صدوره حضورياً وفقاً لنص المادتين 308، 309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها في مذكرتها بعدم قبول الطلب لأن مبناه هو الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء وليست الفقرة الأولى منها كما ظن المدعى عليه إذ المقصود هو إعطاء أولوية التنفيذ للحكم الشرعي دون الاعتداد بالحكم المدني - وأن الفقرة الثانية من المادة 19 تتطلب لقبول الطلب نهائية كلا الحكمين وتناقضهما والمقصود بالنهائية حيازة الحكم لقوة الأمر المقضي فيه - وتتوافر له هذه الصفة إذا كان غير قابل للطعن فيه بطرق الطعن العادية وهي المعارضة والاستئناف. والواضح في خصوص هذا النزاع أن الحكم الشرعي لم يصبح نهائياً لأن المدعى عليه استأنفه ولما يفصل في هذا الاستئناف وشطبه لا يمنع من تجديده لتقول محكمة الاستئناف كلمتها فيه وفقاً لنص المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - هذا بالإضافة إلى أن المحكمة الشرعية قد تجاوزت ولايتها باعتبارها عقد الهبة باطلاً لأن العيب الموجه لهذا العقد لا يتعلق بانعقاده أو صحته أو نفاذه وإنما هو عيب يرد على انتقال الملكية فحسب مما تختص به المحاكم المدنية، الأمر الذي يترتب عليه ألا تكون للحكم الشرعي حجية يناهض بها حكم المحكمة المدنية الصادر بعد ذلك لصالح المدعى عليه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الشهادة الرسمية المقدمة من المدعين أن الاستئناف رقم 20 سنة 1946 و1947 المرفوع من المدعى عليه من حكم محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية تقرر شطبه بجلسة 25 من أكتوبر سنة 1949 كما يبين من الصورة طبق الأصل لمحضر الجلسة المذكورة المقدمة من المدعى عليه أن هذا الشطب تم بناء على طلب المستأنف (المدعى عليه) وموافقة أحمد علي أبو زيد أحد المستأنف عليهما.
ومن حيث إن المادة 112 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 نصت في فقرتها الأولى على أن "قرار شطب الدعوى لا يسقط حقاً يكتسبه المدعى بإعلانها لخصمه كقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى أو حفظ الحق في مدة الاستئناف أو المعارضة"، ومفاد هذا النص أن قرار الشطب لا يلغي إجراءات الاستئناف ولا تزول معه الآثار المترتبة على رفعه وقيامه بل كل ما يؤدي إليه هذا الشطب هو استبعاد الدعوى من جدول القضايا وعدم الفصل فيها مع بقائها وبقاء كافة الآثار المترتبة عليها. وعلى ذلك لا يكون الحكم الشرعي - المقول بتعارضه مع الحكم المدني النهائي - قد أصبح نهائياً. ولا يغير من هذا النظر ما أثاره المدعون من القول بانقضاء الخصومة في الاستئناف لمضي أكثر من خمس سنوات على الشطب طبقاً لنص المادة 307 من قانون المرافعات أو سقوط الحق في الاستئناف لفوات ميعاده وفقاً لأحكام المادتين 308، 309 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لأن هذه المسائل سواء تعلقت بالقانون أو الواقع لا تفصل فيها محكمة النقض بهيئة جمعية عمومية وإنما يلزم أن يستقر القضاء المختص في أمرها على رأي قبل نظرها أمام محكمة تنازع الاختصاص. أي يجب أن يتمسك بها صاحب الشأن أمام محكمة الموضوع فتفصل فيها وفقاً لما يقضي به القانون. ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 المعدل بالقانون رقم 400 لسنة 1953 تشترط لقبول الطلب الذي يرفع إلى هذه المحكمة عن النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ الأحكام المتعارضة أن يكون هناك حكمان نهائيان متناقضان صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية. وإذ كان الثابت أن الاستئناف الذي رفعه المدعى عليه عن الحكم الشرعي لم ينته إلى قضاء يجعل أمره مستقراً على وجه نهائي فإنه لا سبيل للقول باستيفاء الحكم الشرعي شرط النهائية اللازم توافره لقبول الطلب الحالي. ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطلب دون حاجة لبحث ما أثاره المدعى عليه وما أثارته النيابة في غير هذا النطاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق