الصفحات

السبت، 16 ديسمبر 2023

الطعن 475 لسنة 35 ق جلسة 15 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 8 ص 103

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

---------------

(8)

الطعن رقم 475 لسنة 35 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - شروط الانتفاع بالمسكن الحكومي - انتهاء الانتفاع بزوال سببه.
المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية والمخصصة لسكن الموظفين لا يسري عليها قانون إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - أساس ذلك: المادة الأولى من القانون رقم 564 لسنة 1955 - شغل هذه المساكن أمر تستلزمه طبيعة المرفق - الانتفاع بهذه المساكن مؤقت بطبيعته وينتهي بزوال العلاقة الوظيفية - إذا زال الغرض الذي من أجله منح المسكن فإن لجهة الإدارة إخراج المنتفع بالطريق الإداري - أساس ذلك: نص المادة الثالثة من القانون رقم 564 لسنة 1955 - لا وجه للقول بصدور أحكام من المحاكم العادية بثبوت العلاقة الإيجارية في مثل هذه الحالات - أساس ذلك: أن هذه الأحكام ليست حجة أمام مجلس الدولة بعد أن اغتصبت ولايته بالفصل في منازعة إدارية من صميم اختصاصه طبقاً للدستور والقانون رقم 47 لسنة 1972 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 22/ 1/ 1989 أودع الأستاذ/ أحمد خيري حامد قاسم المحامي نائباً عن الأستاذ/ جاد صبح المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 475 لسنة 35 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 8/ 1/ 1989 في الدعوى رقم 2640 لسنة 36 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها مع إلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم حتى يفصل نهائياً في الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد تم إعلان الطعن للمطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق، وقدم الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأى فيه الحكم أولاً: الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثانياً: الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 3/ 4/ 1989 حيث تم نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى تقرر بجلسة 17/ 6/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 3/ 4/ 1989 وفي عدة جلسات تالية على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 4/ 10/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 15/ 11/ 1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 2640 لسنة 36 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/ 9/ 1982 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وببطلان القرار رقم 1/ 8 الصادر من المدعى عليه الأول وعدم الاعتداد به وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم المصروفات والأتعاب، وقال بياناً لدعواه أن المدعى عليه الأول أصدر القرار رقم 1/ 8 بتاريخ 12/ 1/ 1982 متضمن أولاً: طرد المهندس...... المدير السابق لتفتيش أملاك أبو غنيمة بمديرية الإصلاح الزراعي بمحافظة كفر الشيخ من السكن الذي يشغله بحكم وظيفته السابقة بالتفتيش المذكور وذلك بسبب إحالته إلى المعاش في 9/ 2/ 1979، ثانياً: ينفذ هذا القرار بالطريق الإداري، ونعى المدعي على القرار مخالفته للقانون لأن العلاقة التي تحكمه بالمدعى عليه الأول علاقة إيجارية تخضع للقانون المدني فمنذ إحالته إلى المعاش بتاريخ 9/ 2/ 1979 وهو غير خاضع لقانون وظيفته وقد تقدم بطلب المدعى عليه الثاني لتأجير المنزل موضوع النزاع ووافق بتاريخ 15/ 11/ 1979 وأبلغ بهذه الموافقة في 20/ 11/ 1979 وعلى ذلك فهو يعد مستأجراً اعتباراً من شهر سبتمبر 1979 وقد تسلمت الهيئة القيمة الإيجارية للمنزل المذكور وحتى شهر مارس 1982، وخلص المدعي إلى طلباته السابقة.
وبجلسة 8/ 1/ 1989 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها مع إلزام المدعي المصروفات، وشيدت قضاءها على ما نصت عليه المادتين الثالثة من القانون رقم 564 لسنة 1955 بشأن عدم سريان أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن على المساكن الحكومية المخصصة لبعض موظفي الحكومة وعمالها والتي تجيز إخراج المنتفع من المسكن بالطريق الإداري ولو كان شغله له سابقاً على العمل بهذا القانون وذلك إذا زال الغرض الذي من أجله أُعطي المسكن، والثانية من الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمنشآت وغيرها من المساكن التي تشغل بسبب العمل، والتي يستفاد منهما أن انتفاع الموظف بالسكن المخصص له بمنطقة عمله مرتبط بالوظيفة ويدور معها وجوداً وعدماً بحيث إذا أحيل إلى المعاش تعين عليه إخلاء المسكن ليحل محله زميله الذي سيشغل وظيفته وإلا جاز إخراجه بالطريق الإداري، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بطرد المدعي من المسكن الذي منح حق الانتفاع به باعتباره مديراً لتفتيش أملاك أبو غنيمة التابع للهيئة العامة للإصلاح الزراعي بسبب إحالته للمعاش بتاريخ 9/ 12/ 1979 وانتهاء الغرض الذي من أجله منح المسكن هو قرار صحيح وتكون الدعوى متعينة الرفض، وانتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها برفض الدعوى موضوعاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالفه للأسباب التالية: -
أولاً: صدر قرار المطعون فيه خارج حدود القانون العام في شأن علاقة يحكمها القانون الخاص.
ثانياً: حددت المادة (970) من القانون المدني أسباب قرار الإزالة في مجال أملاك الدولة الخاصة بوقوع التعدي والغصب من شخص لا تربطه بالإدارة علاقة عقدية في حين أن الطاعن مستأجر وتربطه بالإدارة علاقة عقدية ثبتت بحكم نهائي من القضاء المختص.
ثالثاً: تجاهل الحكم المطعون فيه قضاءً نهائياً لجهة قضائية مما يعد إهداراً لحجية الأحكام.
رابعاً: إن تفتيش أملاك الدولة ليس مرفقاً عاماً وإنما هو من أجل إدارة أملاك الدولة الخاصة، وقد تصرف التفتيش في الأراضي الزراعية التي يحوزها المواطنون، ولم تعد هناك حاجة إلى تلك المساكن التي كانت مخصصة من قبل للموظفين، وقد تم بالفعل تأجير عشرات المساكن إلى غير الطاعن من الموظفين السابقين.
خامساً: مجرد استمرار الإدارة في تعاملها مع الطاعن بعد إحالته إلى المعاش والموافقة على تأجير مسكنه يخرج النزاع عن نطاق تطبيق القانون رقم 564 لسنة 1955 والمادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1977.
سادساً: ليس بلازم لإثبات العلاقة الإيجارية تقديم عقد إيجار وإنما يجوز إثبات العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات.
وقد أودع الطاعن حافظة مستندات طويت على الصورة التنفيذية للحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 1644 لسنة 1986 إيجارات من محكمة الجيزة الابتدائية الدائرة (5) إيجارات بجلسة 5/ 3/ 1987 وعلى صورة رسمية من الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة الدائرة (26) إيجارات بجلسة 23/ 3/ 1988 في الاستئناف رقم 5452 لسنة 104 ق بتأييد الحكم المذكور، وانتهى الطاعن إلى طلباته سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 564 لسنة 1955 بشأن عدم سريان أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجارات الأماكن على المساكن الحكومية المخصصة لبعض موظفي الحكومة وعمالها تنص على أنه "يجوز إخراج المنتفع من المسكن بالطريق الإداري ولو كان شغله له سابقاً على العمل بهذا القانون وذلك إذا زال الغرض الذي من أجله أُعطي السكن، وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون ".... أنه يترتب على أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يتمسك بعض الموظفين أو العمال بالبقاء في هذه المساكن حتى بعد نقلهم من عملهم الذي من أجله صرح لهم بالإقامة في هذه المساكن أو بعد انتهاء الخدمة لأي سبب من الأسباب الأمر الذي ينجم عنه صعوبة إيجار مسكن لمن يحل محلهم من الموظفين أو العمال.... وتحقيقاً لما تقدم أجازت المادة الثالثة إخراج المنتفع من المسكن بالطريق الإداري وذلك إذا زال الغرض الذي من أجله أُعطي السكن، كل هذا حتى يتسنى إخضاع هذه العلاقة لقواعد التراخيص الإدارية لما في ذلك من ملاءمته مع الغرض المقصود منها".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها قد منحت الطاعن حق الانتفاع بمسكن حكومي بمنطقة أبو غنيمة بكفر الشيخ باعتباره مديراً لتفتيش أملاك أبو غنيمة التابع للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وقد أُحيل الطاعن إلى المعاش بتاريخ 9/ 12/ 1979، وبذلك انتهى الغرض الذي من أجله منح السكن، ولما لم يقم بإخلاء هذا المسكن طواعية أصدر المطعون ضده الأول القرار رقم 1/ 8 بتاريخ 12/ 1/ 1988 بإخراجه من المسكن وحيث إن مفاد ذلك أن الطاعن كان يشغل المسكن الحكومي بصفته مديراً لتفتيش أملاك أبو غنيمة التابع للهيئة العامة للإصلاح الزراعي فكانت هذه الصفة وهي شغله لوظيفة عامة متعلقة بتسيير وإدارة مرفق الإصلاح الزراعي هي السند القانوني والمبرر الذي يحقق الصالح العام ويقيم حقه في البقاء في المسكن، وغني عن البيان أن شغل المسكن المملوك لجهة إدارية عامة والذي تخصصه للعاملين بها في أداء رسالتها وتوفير الخدمات التي تقوم عليها طبقاً لمفهوم صريح أحكام القانون المذكور أمر يستلزمه حسن سير وإدارة المرافق العامة وهو موقوت ورهين ببقاء العامل في عمله في هذا المرفق ويدور مع إسهام الموظف العام في سير العمل بالمرفق العام وجوداً وعدماً حقه في شغل المسكن فإذا انفصمت علاقته بالجهة الإدارية بسبب الإحالة إلى المعاش انتفى السند القانوني للبقاء في المسكن وذلك حتى يتوفر خالياً لمن يحل محله في الإسهام في تسيير المرفق العام. مما يجيز للجهة الإدارية إصدار قرار بإخراج هذا العامل من المسكن بالطريق الإداري، وعلى ذلك وإذ أصدرت الهيئة المطعون ضدها قرارها المطعون فيه بإخراج الطاعن من المسكن الذي كان يشغله بعد إحالته إلى المعاش فإنها لا تكون قد خالفت حكم القانون أو تغيت غير الصالح العام ويكون قرارها مواكباً سنده الصحيح والسليم قانوناً وإذ انتهج الحكم المطعون فيه هذا النهج فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهت إليه وأقامت قضائه، على أساس سليم من القانون ويكون النعي عليه بمخالفة القانون خليقاً بالرفض، ولا يسوغ في هذا الصدد التحدي بصدور أحكام من المحاكم العادية بثبوت علاقة إيجارية خاضعة لقانون الإيجارات بين الطاعن والهيئة المطعون ضدها وذلك لأن هذه المنازعة من المنازعات الإدارية التي تختص بها وحدها محاكم مجلس الدولة وفقاً لصريح نص المادة (172) من الدستور وطبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة وأن هذه الأحكام التي اغتصبت ولاية محاكم الدولة على خلاف الدستور والقانون لا حجية لها أمام محاكم مجلس الدولة فهذه الحجية لا يعمل بها حيث يكون الأمر متعلقاً بتحديد الاختصاص والولاية لكل نوع من أنواع المحاكم وهو أمر يتعلق بالنظام العام القضائي وفق أحكام الدستور، ولا أثر لأي حكم يخالف صريح أحكامه بالنسبة لما نظمه من ولاية مجلس الدولة أمام محاكم المجلس.
ومن حيث إنه بالبناء على كل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى رفض الدعوى موضوعاً قد أصاب في النتيجة التي انتهى إليها صحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن الماثل لعدم استناده على أساس صحيح.
ومن حيث إن الطاعن قد أصابه الخسر في طعنه فيلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184/ 1 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق