الصفحات

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2023

الطعن رقم 47 لسنة 40 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 2 / 12 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من ديسمبر سنة 2023م، الموافق الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1445 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 40 قضائية تنازع

المقامة من
محمد شريح علي السعدي
ضد
1- محافظ الغربية
2- رئيس مركز ومدينة طنطا
3- رئيس اللجنة المختصة بشئون الجبانات بطنطا
4- رئيس المجلس الشعبي المحلي لمدينة طنطا
5- علي محمد عبدالرحيــــم البقــري، عن نفسه، وعن ورثة والده
6- متولي إبراهيم الدسوقي الطايش، عن نفسه، وعن ورثة والده
7- مدحت أحمد ذكي فهمي عبيد

----------------

" الإجراءات "
بتاريخ الحادي عشر من ديسمبر سنة 2018، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري بطنطا، الصادر بجلسة 26/ 3/ 2000، في الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، والاعتداد بحكم محكمة طنطا الابتدائية، الصادر بجلسة 29/ 12/ 2003، في الدعوى رقم 811 لسنة 2003 مدني كلي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم المدعي مذكرة صمم فيها على طلباته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وبتاريخ 30/ 10/ 2023، قدم المدعي طلبًا لفتح باب المرافعة في الدعوى.
----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري بطنطا الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، ضد المدعى عليهم من الأول إلى الرابع، والسابع، ومورثي المدعى عليهما الخامس والسادس، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار لجنة الجبانات بمدينة طنطا، الصادر بتاريخ 23/ 11/ 1993، فيما تضمنه من انتفاع جميع الأسر بالمدفن محل المنازعة، وتسليم كل منتفع نسخة من مفتاح المدفن لزيارة موتاهم، والقيام بالدفن بمقابرهم التي ينتفعون بها، وإعادة وضع كل لافتة إلى موضعها، وما يترتب على ذلك من آثار. وذلك على سند من القول إن عائلة السعدي (عائلة المدعي) تمتلك مباني وحق الانتفاع بالمدفن محل التداعي على النحو المبين بسجلات حصر الجبانات بطنطا، وعلى إثر تقديم أحد أفراد عائلته طلبًا لترميم هذا المدفن، وموافقة لجنة شئون الجبانات بطنطا على الترميم، تقدمت عائلات البقري وعبيد والطايش - التي كانت تنتفع بالمدفن ذاته - بشكوى إلى لجنة الجبانات المذكورة، بغية استمرار دفن موتاهم به، كما كان الحال قبل الترميم، فأجابتهم اللجنة إلى طلبهم؛ ما حدا بالمدعي إلى الطعن على قرارها. وبجلسة 26/ 3/ 2000، حكمت المحكمة برفض الدعوى؛ لاستقامة القرار المطعون فيه على سببه الواقعي والقانوني المبرر له. طعن المدعي على ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 6952 لسنة 46 قضائية عليا، وبجلسة 13/ 12/ 2003، قضت المحكمة برفض الطعن؛ تأسيسًا على أن أحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970، قد جرت على أن أراضي الجبانات من أراضي الدولة، وأن المشرع ناط بالمجالس المحلية - في حدود اختصاصاتها - إنشاء الجبانات وصيانتها، وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها، وأن المادة (4) من اللائحة التنفيذية المار ذكرها، نصت على إنشاء لجنة تختص بالنظـــر فيمـــا يتعلـــق بالجبانات، ومنها الشكاوى التي تـــدور بين المنتفعين بها.
كما أقام المدعي وآخرون، أمام محكمة قسم أول طنطا الجزئية الدعوى رقم 427 لسنة 1996 مدني حكومة، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث، طلبًا للحكم بتثبيت ملكية مباني المدفن، وكذا انفرادهم بحق الانتفاع بالأرض المقام عليها المدفن محل التداعي، بوصفهم خلفًا عامًّا للمرحوم/ حسن السعدي، دون منازع لهم ولخلفهم العام من بعدهم. تدخل مورثا المدعى عليهما الخامس والسادس، والمدعى عليه السابع، انضماميًّا إلى المدعى عليهما الثاني والثالث بصفتيهما، طلبًا للحكم برفض الدعوى، ودفعوا بعدم اختصاص المحكمة قيميًّا بنظر الدعوى. حكمت المحكمة بعدم اختصاصها قيميًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية، وقيدت لديها برقم 811 لسنة 2003 مدني كلي طنطا، وبجلسة 29/ 12/ 2003، حكمت المحكمة بقبول طلب التدخل شكلًا ورفضه موضوعًا، وفي الدعوى الأصلية: بأحقية المدعين في الانتفاع بأرض ومباني القطعتين رقمي (55 و 56) الموضحتين الحدود والمعالم بتقرير الخبير، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وإذ ارتأى المدعي غموضًا في الحكم، فقد أقام دعوى لتفسيره قيدت بالرقم ذاته. وبجلسة 30/ 6/ 2008، قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المدعي حكم رفض دعوى التفسير أمام محكمة استئناف طنطا، بالاستئناف رقم 2822 لسنة 58 قضائية، وبجلسة 9/ 12/ 2009، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 811 لسنة 2003 مدني كلي طنطا، على النحو الوارد بالأسباب، التي حسمت أحقية عائلة المدعي في الانتفاع بأرض ومباني المدفن، دون المتدخلين انضماميًّا للمدعى عليهم، إذ رفض الحكم المطلوب تفسيره موضوع التدخل. طعن المدعى عليهم الخامس والسادس والسابع على الحكم المشار إليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 1059 لسنة 80 قضائية، وبجلسة 5/ 12/ 2010، قضت المحكمة بعدم قبول الطعن.
وإذ تراءى للمدعي أن حكم محكمة القضاء الإداري بطنطا، الصادر بجلسة 26/ 3/ 2000، في الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، وحكم محكمة طنطا الابتدائية، الصادر بجلسة 29/ 12/ 2003، في الدعوى رقم 811 لسنة 2003 مدني كلي، قد تعامدا على محل واحد، وتناقضا، ويتعذر تنفيذهما معًا، فأقام الدعوى المعروضة، على سند من أن حكم محكمة القضاء الإداري بطنطا، قد حسم النزاع حول حق الانتفاع بالمدفن، وقضى بأحقية عائلات البقري وعبيد والطايش والسعدي في ذلك، بينما قصر حكم محكمة طنطا الابتدائية حق الانتفاع بالمدفن ذاته على عائلة السعدي وحدها دون العائلات الأخرى، إذ قضى برفض تدخلهم في الدعوى المشار إليها.
وحيث إنه عن طلب المدعي فتح باب المرافعة في الدعوى، فلما كان هذا الطلب قد قدم بعد أن تهيأت الدعوى للفصل فيها، وتقرر حجزها للحكم دون التصريح بمذكرات، فإن المحكمة تلتفت عنه.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في التناقض بين حكمين نهائيين طبقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون النزاع بشأن حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، تعامدا على محل واحد، وكانا حاسمين لموضوع الخصومة، ومتناقضين بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، بما مفاده أن إعمال هذه المحكمة لولايتها في مجال التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين يتعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولًا من وحدة موضوعها، ثم تناقض قضائيهما بتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعني أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض - بداهةً - إذا كان موضوعهما مختلفًا. متى كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن كلا الحكمين المدعى تناقضهما قد صدرا من جهتي قضاء مختلفتين، إذ صدر الحكم الأول من جهة القضاء الإداري - محكمة القضاء الإداري بطنطا - في الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، على حين صدر الحكم الآخر من جهة القضاء العادي - محكمة طنطا الابتدائية - في الدعوى رقم 811 لسنة 2003 مدني كلي. وكان الحكم الأول قد قضى بأحقية جميع عائلات المدعي والمدعى عليهم من الخامس إلى السابع في الانتفاع بالمدفن محل التداعي، بينما قضى الحكم الآخر بأحقية عائلة المدعي، دون غيرها، بالانتفاع بالمدفن ذاته؛ ومن ثم يكون الحكمان قد تعامدا على محل واحد، بشأن حق الانتفاع بالمدفن محل التداعي، وتناقضا على نحو يتعذر معه تنفيذهما معًا، مما يستنهض ولاية هذه المحكمة لفض التناقض بينهما.
وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في التناقض بين حكمين نهائيين وفقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانونها ليس مقررًا لها بوصفها جهة طعن تفصل فيما يعرض عليها من الطعون، ذلك أن النزاع الموضوعـي لا ينتقل إليها لتجيل بصرها في العناصر التي قام عليها - واقعيــة كانت أم قانونيــة -، ولكنها - وأيًّا كانت الأخطاء التي يمكن نسبتها إلى الحكمين المدعى تناقضهما أو أحدهما - لا تفصل في شأن التناقض بينهما إلا على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها الدستور والقانون، لتحدد لكل جهة قضاء قسطها أو نصيبها من المنازعات التي اختصها المشرع بالفصل فيها، ولتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ.
وحيث إن المقرر أن المحكمة الدستورية العليا بما لها من هيمنة على الدعوى، هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، وذلك على ضوء طلبات الخصوم فيها، فإن حقيقة طلبات المدعي في الدعوى المعروضة تنصب على الاعتداد بحكم محكمة طنطا الابتدائية الصادر في الدعوى رقم 811 لسنة 2003 مدني، المفسر بحكم محكمة استئناف طنطا في الاستئناف رقم 2822 لسنة 58 قضائية، وعدم الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري بطنطا في الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6952 لسنة 46 قضائية عليا.
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات تنص على أنه تعتبر جبانة عامة كل مكان مخصص لدفن الموتى، قائم فعلًا وقت العمل بهذا القانون، وكذلك كل مكان يخصص لهذا الغرض بقرار من السلطة المختصة.
وتعد أراضي الجبانات من الأموال العامة وتحتفظ بهذه الصفة بعد إبطال الدفن فيها وذلك لمدة عشر سنوات أو إلى أن يتم نقل الرفات منها على حسب الأحوال.
وتنص المادة (2) من القانون ذاته على أن تتولى المجالس المحلية في حدود اختصاصاتها، إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها بما لا يجاوز 500 (خمسمائة) مليم للمتر المربع وذلك طبقًا للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية.
كما تنص المادة (1) من اللائحة التنفيذية للقانون السالف البيان في شأن الجبانات، الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 على أن تتولى المجالس المحلية كل في حدود اختصاصه حصر جميع الجبانات العامة والمدافن الخاصة وقيدها في سجلات خاصة مرقمة الصحائف ومختومة بخاتم المجلس المحلي المختص وتضمن البيانات الآتية: .........
وتنص المادة (13) من اللائحة ذاتهـــا على أن يحـــدد المجلس المحلي المختص رسم الانتفاع بالجبانة، كما يحدد القواعد والإجراءات المنظمة لهذا الانتفاع........
وحيث إن مفاد نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات، والمادتين الأولى والثانية من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970، أن الجبانات تعتبر أموالًا عامة ما دامت معدة للدفن فيها، وتخصص بالفعل لهذه المنفعة، وأن حصرها والإشراف عليها يكون للمجالس المحلية، وأن تصرف السلطة الإدارية في أملاك الدولة العامة لا يكون إلا على سبيل الترخيص، وأن إصدار الترخيص أو الامتناع عن إصداره من الأعمال التي تختص بها جهة الإدارة.
متى كان ما تقدم، وكان النزاع الذي فصلت فيه جهتا القضاء العادي والإداري، يدور حول قرار الجهة الإدارية بتحديد المرخص لهم بالانتفاع بالدفن في المقبرة محل التداعي، فإن المنازعة على هذا النحو، تُعدُّ منازعة إدارية تندرج ضمن علاقات القانون العام، مما ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة، بحسبانه - وفقًا لنص المادة (190) من الدستور، والمادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - قاضي القانون العام، وصاحب الولاية العامة بالفصل في المنازعات الإدارية كافة، دون جهة القضاء العادي، التي ينحسر اختصاصها عن نظر هذه المنازعة، الأمر الذي يتعين معه الاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري بطنطا، الصادر بجلسة 26/ 3/ 2000، في الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 13/ 12/ 2003، في الطعن رقم 6952 لسنة 46 قضائية عليا، دون حكم محكمة طنطا الابتدائية، الصادر بجلسة 29/ 12/ 2003، في الدعوى رقم 811 لسنة 2003 مدني، المفسر بحكم محكمة استئناف طنطا الصادر بجلسة 9/ 12/ 2009، في الاستئناف رقم 2822 لسنة 58 قضائية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري بطنطا، الصادر بجلسة 26/ 3/ 2000، في الدعوى رقم 4350 لسنة 1 قضائية، المؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 13/ 12/ 2003، في الطعن رقم 6952 لسنة 46 قضائية عليا، دون حكم محكمة طنطا الابتدائية الصادر بجلسة 29/ 12/ 2003، في الدعوى رقم 811 لسنة 2003، المفسر بحكم محكمة استئناف طنطا الصادر بجلسة 9/ 12/ 2009، في الاستئناف رقم 2822 لسنة 58 قضائية.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق