الصفحات

الجمعة، 29 ديسمبر 2023

الطعن 3004 لسنة 36 ق جلسة 12 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 50 ص 494

جلسة 12 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد العظيم جيرة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ علي شحاته محمد سليمان ومحمد منير جويفل والطنطاوي محمد الطنطاوي ويحيى أحمد عبد المجيد - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(50)

الطعن رقم 3004 لسنة 36 القضائية

عاملون بالقطاع العام - إحالة المفصول للجنة الثلاثية - طبيعة رأي اللجنة.
المادة (85) من قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978.
يعرض أمر العامل الذي ارتكب مخالفة تستوجب الفصل من الخدمة على اللجنة الثلاثية لإبداء رأيها من حيث إمكانية توقيع الجزاء من عدمه - رأي هذه اللجنة استشاري - لا إلزام على جهة الإدارة بما تنتهي إليه هذه اللجنة - العرض على تلك اللجنة ليس طريقاً موازياً للطعن القضائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ عطيه عبد العليم عن الأستاذ/ توفيق حشيش المحامي وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3004 لسنة 36 ق قضائية عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى رقم 888 لسنة 36 قضائية بجلسة 27/ 5/ 1990 والقاضي:
أولاً: برفض الدفع المبدى من المتهمين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: برفض الدفع المبدى من...... بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثالثاً: برفض الدفع المبدى من...... بسقوط الدعوى التأديبية ضده بمضي المدة.
رابعاً: مجازاة...... بالفصل من الخدمة، وبمجازاة...... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بكل مشتملاته لحين الفصل في الموضوع وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الطعن إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة لإعادة محاكمة الطاعنين بهيئة مغايرة للحكم بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر إلى أن قررت بجلسة 6 من مايو سنة 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 23/ 6/ 1992 حيث نظر بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 20 من أكتوبر سنة 1992 حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن النيابة الإدارية أحالت بتاريخ 28/ 6/ 1988 الطاعنين إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة في الدعوى رقم 888 لسنة 16 قضائية ونسبت لهما أنهما خلال الفترة من عام 1981 حتى 5/ 4/ 1984 بجهة عملهما بالبنك الأهلي فرع دكرنس بدائرة محافظة الدقهلية لم يحافظا على كرامة وظيفتيهما طبقاً للعرف العام ولم يسلكا في تصرفاتهما مسلكاً يتفق والاحترام الواجب ولم ينفذا الأوامر والتعليمات الصادرة إليهما بأمانة في حدود اللوائح والقوانين والنظم المعمول بها ولم يحافظا على أموال البنك وممتلكاته وخالفا القواعد والأحكام المالية على النحو التالي: الأول والثاني:
1) قررا حد المخاطرة لمديونية العميل...... بمبالغ تفوق السلطة المحددة لمدير الفرع مع اعتماد ذلك الحد والتعامل عليه منهما دون استكمال الشكل القانوني لذلك بتوقيع باقي أعضاء لجنة قبول الكمبيالات وتركيز ضمانة التسهيل الممنوحة للعميل في الكمبيالات المسحوبة على...... وزوجته بالمخالفة لكتاب دوري إدارة الائتمان رقم 13 في 29/ 11/ 1981.
2) قبلا كمبيالات برسم الضمان مسحوبة على أشخاص لا وجود لهم من مديني العميل...... وتقرير حدود مخاطرة لهم بما يفوق السلطة المخولة لمدير الفرع.
3) لم يقوما بعمل استعلامات عن العميلين...... و...... حيث إنه لم يعثر على أي استعلامات تتعلق بهم بسجلات الفرع سوى استعلامات قد اقتصرت مصادرها على حارس الفرع المسلح وبعض العملاء بالمخالفة للتعليمات التي تقضي بتنوع وتعدد مصادر الاستعلام.
4) أثبتا بيانات مخالفة للحقيقة بالدراسة الائتمانية المؤرخة 16/ 1/ 1982 بوجود 2500 كمبيالة قيمتها مليون وسبعمائة وخمسون ألف جنيه لحساب...... رغم عدم ثبوت ذلك بالسجلات وذلك بقصد التأخير في اتخاذ القرار الائتماني بغرض الحصول على موافقة السلطة المختصة على زيادة وتقرير تسهيلات جديدة للعميل المذكور.
5) لم يدرجا حسابات العميلين.... و.... ضمن كشوف الحسابات غير المنتظمة المرسلة إلى المركز الرئيسي رغم ما كانت تظهره تلك الحسابات من تجاوزات مستمرة وعدم انتظامه في السداد.
6) اشتركا في تزوير مستندات طلب القرض الخاص بالسيدة/ ...... بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه وبالتوقيع على إيصال الصرف رغم عدم تقديم المذكورة لأي طلب وعدم قيامها بالصرف وبإقرارها على خلاف الحقيقة بتقريري المعاش المؤرخين 14، 16/ 10/ 1982 بأن زوج المذكورة يعمل بالخارج حالة كونه يعمل سائقاً بالفرع.
7) أخطرا على خلاف الحقيقة بمنطقة الوجه البحري بكتاب الفرع المؤرخ 10/ 1/ 1983 بوجود مخزن للعميل...... بشارع خليفة السادات وجاري بناء سور على مخزن بقرية الكردي وذلك لتدعيم مركز العميل قبل السلطة الائتمانية المنوط بها إصدار القرار بشأن تحديد وزيادة حد التسهيل الممنوح له.
الأول منفرداً:
1 - قبل كمبيالات مسحوبة على مديني العملاء..... و...... و..... دون التأكد من جدية تلك الكمبيالات مما أدى إلى ظهور تجاوزات بحسابهم.
2 - صرح للعميلين..... و..... بتسهيلات تجاوز الحدود المصرح بها لمدير الفرع بما بلغت معه التجاوزات بحساب العميل الأول 1262000 جنيه والثاني 162000 جنيهاً.
3 - قام بخصم كمبيالات مستحقة على أحد عملاء فرع المنزلة لصالح...... رغم تجاوزاته وقت الخصم بمبلغ 347000 جنيهاً.
4 - سهل للعميل...... الحصول على مبالغ كثيرة تفوق سلطته التقديرية بإجراء تعاقدات صورية بأسماء بعض مديني العميل.... بغرض تمويل شراء سيارات نقل وصرف القرض نقداً واستخدامه بإضافة قيمته إلى حساب العميل الذي كان ينوي سداد تلك القروض رغم عدم وجود علاقة قانونية مع المذكور في هذا الشأن. ورغم عدم ورود اسمه بالدراسة الائتمانية ورغم أن فاتورة القرض صادرة من مؤسسة دار.......
الثاني منفرداً:
أشر بخصم 340 ألف جنيه من حساب العميل...... بناءً على شيك وارد بفرع السنبلاوين للتحصيل في 5/ 4/ 1984 وإضافة قيمته إلى ذلك الفرع برغم ما تظهره حسابات العميل من تجاوزات تقدر بمبلغ 875000 جنيه.
وقد أودعت النيابة الإدارية ملف تحقيقات القضية رقم 86 لسنة 1986 وقرار الاتهام ضد الطاعنين وتدوولت الدعوى على النحو الثابت بالأوراق والمحاضر وعلى النحو المبين في الحكم المطعون فيه وبجلسة 27/ 5/ 1990 قضت المحكمة استناداً إلى الأسباب الواردة بالحكم بالأتي:
أولاً: برفض الدفع المبدى من المتهمين بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
ثانياً: برفض الدفع المبدى من...... بعدم اختصاص المحكمة وبنظر الدعوى وباختصاصها.
ثالثاً: برفض الدفع المبدى من....... بسقوط الدعوى التأديبية ضده بمضي المدة.
رابعاً: بمجازاة...... بالفصل من الخدمة، وبمجازاة..... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة.
وأسست قضاءها على ثبوت المخالفات المنسوبة للمحالين وعدم صحة الدفوع المبدأة منهم.
وينعى الطعن على الحكم الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال ذلك أنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن فإن الطاعن الأول قد انتهت خدمته بالاستقالة المقدمة لإدارة البنك في 6/ 4/ 1985 وتم تشكيل لجنة لاستلام عهدته وإخلاء طرفه وبذلك يصبح غير مخاطب بأحكام الوظيفة ومنها إجراءات التأديب وأصبح من الأفراد العارضين التي لا تختص المحكمة التأديبية بمحاكمتهم.
وعن الوجه الثاني فإن قرار اللجنة الثلاثية الذي صدر بشأنه والتي رفضت الطلب بفصله على أساس أن علاقته الوظيفية انتهت هو حكم قضائي حسم النزاع حول محاكمته تأديبياً، وكان يجب القضاء بعدم جواز نظر الدعوى احتراماً لحجية الأحكام القضائية. وعن الوجه الثالث للطعن فإن الطاعنين ينعيان على الحكم القصور في التسبيب وفساد الاستدلال لأنه لم يناقش دفوعهما ولم يرد على ما أثاراه من اعتراضات على تقرير الاتهام حيث اعتمد الحكم على شهادة المفتش الإداري الذي قام بالتفتيش على أعمال الفرع وهو خصم في الدعوى التأديبية لا سيما وأن واقعة التفتيش كانت لاحقة لترك الطاعن الأول خدمة البنك، والذي لم يتمكن من الرد إلا أمام المحكمة التأديبية التي طرقت دفاعه مما يبطل قضاءها.
ومن حيث إن الطعن وقد أصبح مهيأ للفصل في موضوعه فإن ذلك يغني عن بحث الشق المستعجل بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن على الحكم يتحدد نطاقه في الأسباب القائم عليها الطعن والواردة بتقرير الطعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول للطعن والمتمثل في عدم اختصاص المحكمة التأديبية بمحاكمة الطاعن الأول بسبب انتهاء خدمته من البنك بالاستقالة وإخلاء طرفه في 9/ 5/ 1985 بمضي ثلاثون يوماً على تقديم استقالته وباعتباره لهذا السبب من الأفراد العاديين ولا يخضع لولاية التأديب الوظيفية فإن المادة (91) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ينص على أنه "لا يمنع انتهاء خدمة العامل لأي سبب من الأسباب من الاستمرار في محاكمته تأديبياً إذا كان قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء مدة خدمته.
ويجوز في المخالفات التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للشركة إقامة الدعوى التأديبية ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق قبل انتهاء الخدمة وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهائها.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن انتهاء خدمة العامل لأي سبب من الأسباب لا يحول في جميع الأحوال دون محاكمته تأديبياً عن المخالفات المنسوبة إليه إذا كان قد بدئ التحقيق معه عن هذه المخالفات قبل انتهاء الخدمة، والمقصود بالبدء في التحقيق في هذه الحالة اتخاذ الجهة الإدارية لأي إجراء من إجراءات التحقيق، فضلاً عن أنه في المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية. فإن الطريق أمام إقامة الدعوى التأديبية في مواجهة العامل يظل مفتوحاً لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء خدمته حتى ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق معه قبل انتهاء خدمته. كل ما في الأمر أن الجزاءات التي توقع عليه تكون من بين الإجراءات المحددة في القانون لمن انتهت خدمتهم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن إدارة التفتيش لمنطقة الوجه البحري والقناة قد حددت المخالفات المنسوبة للطاعن الأول في تقريرها الذي أعدته بعد إجراء التفتيش على فرع البنك الأهلي بدكرنس في الفترة من 16/ 12/ 1984 حتى 30/ 5/ 1985، وقد طلبت إدارة التفتيش إحالته للتحقيق الإداري الذي بدئ فيه بتاريخ 7/ 5/ 1985 أي قبل 9/ 5/ 1985 الذي يدعي الطاعن أن خدمته انتهت فيه فإن هذا الأمر لا يحول دون محاكمته تأديبياً، فضلاً عن أن المخالفات المنسوبة إليه جميعها من المخالفات المالية التي توجب بحكم طبيعتها الخاصة الاستمرار في المحاكمة التأديبية خلال خمس سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة لأي سبب من الأسباب وإقامة الدعوى التأديبية في مواجهته بشأنها. ومتى كان ذلك فإن الدفع بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بمحاكمته لا يقوم على سند من القانون خليق بالرفض.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية لعدم صحة تحريكها بسبب سابقة الفصل فيها بقرار اللجنة الثلاثية الذي يعتبر حكماً قضائياً جائزاً لقوة الشيء المقضى به باعتبار أن في نظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية مساس بحجية الأحكام القضائية النهائية فإن المادة 85 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ينص على أنه "إذا رأى مجلس الإدارة أو رئيس المجلس أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب توقيع جزاء الإحالة إلى المعاش أو الفصل من الخدمة تعين قبل إحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية عرض الأمر على لجنة تشكل على الوجه الآتي:

1 - مدير مديرية العمل المختص أو من يندبهرئيساً.
2 - ممثل للعمال تختاره اللجنة النقابية أو النقابة العامة إذا لم توجد لجنة نقابيةعضو.
3 - ممثل الشركةعضو.

وتتولى اللجنة المشار إليها بحث كل حالة تعرض عليها وإبلاغ رأيها فيها لمجلس الإدارة أو رئيس المجلس حسب الأحوال وذلك في ميعاد لا يجاوز أسبوعاً من تاريخ إحالة الأوراق إليها. وكل قرار يصدر بفصل أحد العاملين خلافاً لأحكام هذه المادة يكون باطلاً بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ إي إجراء آخر.
وقد ورد نص المادة 62 من قانون العمل وهو القانون المكمل للقانون رقم 48 لسنة 1978 مردداً لذات الأحكام الخاصة بضرورة عرض أمر العامل الذي ارتكب خطأً تأديبياً يستوجب معاقبته بالفصل على لجنة ثلاثية، كما ورد نص المادة 64 من قانون العمل على أن يكون قرار اللجنة استشارياً ويصدر بأغلبية الآراء.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع قرر ضمانة للعامل الذي ارتكب مخالفات تأديبية تستوجب جزاء الفصل من الخدمة أو الإحالة إلى المعاش وهي إن وجدت إحالة أمره إلى لجنة ثلاثية بتشكيل ذا طبيعة خاصة وذلك بغرض بحث الحالة المعروض عليها وإبداء رأيها من حيث إمكانية توقيع هذا الجزاء من عدمه، وكل ما تطلبه المشرع من هذه اللجنة هو إبداء الرأي وهو بطبيعته رأي استشاري لا يلزم الجهة المختصة حيث لم يلزم المشرع هذه الجهة إلا بضرورة العرض على هذه اللجنة تحقيقاً للضمانة التي استهدفها، ويكون القرار بالفصل مشروعاً إلا في حالة إغفال هذه الضمانة وثبوت عدم العرض على اللجنة الثلاثية أصلاً، أما إذا ثبت أن الجهة الإدارية قامت بإجراء هذا العرض على هذه اللجنة فإن الإجراءات التي تتخذها بعد ذلك وصولاً إلى توقيع جزاء الفصل تكون مشروعة حتى ولو جاء رأي اللجنة بعدم مشروعية طلب الفصل وذلك بسبب استيفاء الضمانة التي تتطلبها المشرع.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن المشرع لم يجعل العرض على اللجنة الثلاثية طريقاً موازياً للطعن القضائي، ولا يتمتع الرأي الصادر عنها بحجية الأحكام القضائية لا في مواجهة الجهة الإدارية التي لها أن تسترشد به فقط ولا يمنعها من الاستمرار في طلب فصل العامل من الخدمة، ولا في مواجهة المحكمة التأديبية عندما يتصل بها أمر تأديب العامل المحال إليها من باب أولى وعليه فإن الدفع بعدم قبول الدعوى التأديبية لسابقة الفصل في موضوعها أمام اللجنة الثلاثية في غير محله الأمر الذي يتعين معه رفضه.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث للطعن وهو قصور الحكم في التسبيب وعدم الرد على دفاع الطاعنين فإن الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قيد التهم المنسوبة للطاعنين ورد عليها بالقدر الذي يحمله قضائياً، واستخلص عناصر الاتهام من الوقائع الثابتة بتقرير التفتيش وأقوال الشهود وتحقيقات النيابة الإدارية، فإنه يكون قد بلغ الغاية التي استهدفها المشرع ولا يجوز النظر في الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتاً ونفياً لأن ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها. فلا تتدخل المحكمة الإدارية العليا وتفرض رقابتها إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه قضاء المحكمة التأديبية المطعون فيه مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل كنتيجة للواقعة المطروحة. إذا كان الحكم المطعون فيه قد حمل قضائه على أصول ثابتة تكفي لحمله فلا عليه إذا لم يكن قد رد صراحة على دفاع الطاعنين بجميع أشطاره لأنه بما أورده من أسباب يكون قد رد على دفاعهما وأسقط حجته ضمناً.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه فيما أورده من الرد على الدفوع ورفضها ولما وصل إليه من ثبوت المخالفات في شأن الطاعنين صحيحاً ولا وجه للطعن عليه إلا أنه متى ثبت أن الطاعن الأول قد انتهت خدمته بالاستقالة اعتباراً من 9/ 5/ 1985 فإنه ولئن كان ذلك لا يحول دون محاكمته تأديبياً على النحو الذي استخلصته المحكمة إلا أن الجزاء الذي يوقع عليه يكون من بين الجزاءات الوارد النص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978 ويكون الجزاء المناسب للمخالفات الثابتة في حقه الغرامة التي تقابل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند تركه الخدمة وهو الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم في هذه الخصوصية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون برفض الدفوع المبداة من المحالين على النحو المبين بالأسباب وبمجازاة...... بغرامة تعادل الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند تركه الخدمة وبمجازاة....... بخفض وظيفته إلى الدرجة الأدنى مباشرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق