الصفحات

السبت، 16 ديسمبر 2023

الطعن 259 لسنة 32 ق جلسة 7 / 11 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 5 ص 76

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلي فكري صالح وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(5)

الطعن رقم 259 لسنة 32 القضائية

(أ) جامعات - أعضاء هيئة التدريس - تأديب - التصدي لوقائع جديدة.
تنطبق الإجراءات الخاصة بالمحاكمة التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة على محاكمة أعضاء هيئة التدريس بالجامعة عملاً بنص المادة (109) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 - مؤدى ذلك: إعمال نص المادة (40) من قانون مجلس الدولة فيما تضمنته من قواعد التصدي لوقائع لم ترد في قرار الإحالة والحكم فيها إذا كانت عناصر المخالفة ثابتة في الأوراق - يشترط لذلك: منح العامل أجلاً مناسباً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك - تطبيق.
(ب) مسئولية تأديبية - ظرف الاستفزاز وأثره على الجزاء التأديبي.
يجب الاعتداد بظرف الاستفزاز عند تقدير العقوبة التأديبية - أساس ذلك: ارتباط هذا الظرف بالمشاعر الإنسانية الطبيعية والفطرية في الإنسان العادي والتي يثيرها ويغضبها التحقير والإهانة خاصة في مجتمع الزملاء وهو أمر يولد في الإنسان رغبة تلقائية في الرد المباشر على الإهانة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 19/ 12/ 1985 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة بالتوكيل الرسمي العام رقم 1616/ ب/ 1984 توثيق الجيزة النموذجي سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقريراً قيد بجدولها تحت رقم 209 لسنة 32 ق في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس بجلسة 21/ 3/ 1985 في الدعوى التأديبية التي أقيمت ضدها من الجامعة - والذي قضى بمجازاتها بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة عن مخالفة تعديها على زميلتها الدكتورة/ ( أ ) ....... ومجازاتها أيضاً باللوم عن تعديها على الدكتورة/ (ب) ....... بألفاظ خارجة وطلبت للأسباب الواردة في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه مع إلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات وفي 11/ 1/ 1986 أعلن المطعون ضده بتقرير الطعن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة، تقريراً مسبباً - بالرأي القانوني، رأت فيها طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً لإقامته بعد الميعاد القانوني واحتياطياً بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً.
وبجلسة 26/ 3/ 1992 والجلسات التالية نظرت دائرة فحص الطعون الطعن حيث قررت بجلسة 8/ 7/ 1992 إحالته إلى المحكمة (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 17/ 10/ 1992 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إنه وإن كان تقرير هذا الطعن أودع سكرتارية المحكمة في 19/ 12/ 1985 وأن القرار المطعون فيه صادر في 31/ 3/ 1985 إلا أن الثابت من الصورة الرسمية للحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 25/ 2/ 1986 في الطعن رقم 124 لسنة 19 ق، أن الطاعن سبق له أن طعن في القرار بتاريخ 4/ 5/ 1985 - في الميعاد القانوني - أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم التي قضت بجلسة 25/ 2/ 1986 بعدم اختصاصها بنظر الطعن - ومن ثم فإن ميعاد الطعن في القرار يظل مفتوحاً أمام الطاعن لمدة ستين يوماً بعد صدور الحكم المشار إليه لأن ميعاد الطعن ينقطع برفع الطعن إلى محكمة غير مختصة ويظل هذا الميعاد مقطوعاً حتى يفصل في الطعن ولو من المحكمة الأعلى درجة - ومؤدى ذلك أنه يتعين على صاحب الشأن أن يلجأ إلى المحكمة المختصة بعد أن تبينها سواء إبان قطع الميعاد أو خلال جريانه من جديد طالما أنه لم ينصرم بعد، (حكم العليا في الطعن رقم 2240/ 31 ق بجلسة 18/ 7/ 1987) وإذ كان الثابت أن الطاعن بادر برفع طعنه أمام هذه المحكمة في 19/ 2/ 1985 بعد أن تبين له عدم اختصاص المحكمة التأديبية للتربية والتعليم بنظره ودون أن ينتظر حكم تلك المحكمة - فإن الطعن يكون مقاماً في الميعاد القانوني.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، تتخلص - حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بناءً على شكاوى من زملاء الطاعنة بقسم اللغة الفرنسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، تضمنت تعديها بألفاظ نابية وخارجة على الدكتورة/ ( أ ) ......... والدكتورة/ (ب) ......... أُحيلت الطاعنة للتحقيق معها بواسطة المستشار القانوني للجامعة الذي انتهى إلى إحالتها إلى مجلس التأديب وصدر بذلك قرار رئيس الجامعة رقم 416/ 1983 لمحاكمتها تأديبياً عما نسب إليها من أنها بتاريخ 30/ 5/ 1982 وأثناء اجتماع مجلس القسم قامت بالتعدي على الدكتورة/ ( أ ) ....... بألفاظ نابية، وأثناء نظر مجلس التأديب لهذا الاتهام أصدر رئيس الجامعة، القرار رقم 30/ 1984 في 11/ 7/ 1984 بإحالة الطاعنة إلى نفس مجلس التأديب لمحاكمتها تأديبياً عما نسب إليها من اعتدائها على زميلتها الدكتورة/ (ب) ......... بألفاظ خارجة في 28/ 6/ 1982.
وبجلسة 31/ 3/ 1985 أصدر المجلس قراره المطعون عليه وأقام المجلس قراره بالنسبة للمخالفة الأولى على ثبوت صحة الواقعة بشهادة كل من السيد/ (جـ) ......... المدرس المساعد بذات القسم، في التحقيق الذي أجرى بواسطة المستشار القانوني للجامعة، وأيضاً أمام مجلس التأديب وشهادة الدكتورة/ (د) ....... والدكتورة/ (هـ) ...... وما ذكرته الطاعنة نفسها في التحقيق من أنها تضايقت وانفعلت ولم تتذكر ما قالته بالفعل الدكتورة/ ( أ ) ....... مما يفيد عدم إنكارها أو نفيها لواقعة اعتدائها على زميلتها المذكورة بالألفاظ سالفة الذكر، وبذلك تكون الواقعة ثابتة في حقها.
وبالنسبة لواقعة اعتداء الطاعنة على الدكتورة/ (ب) ......... بالاعتداء عليها بألفاظ نابية أثناء تسليم أوراق الإجابة بحجرة الكنترول فقد شهد بصحة الواقعة كل من الدكتورة/ (هـ) ...... والدكتورة/ (د) ........ والسيدة/ (جـ) ........ في التحقيقات وأكدتها الأخيرة أمام المجلس لدى سماع شهادتها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة هي: -
أولاً: إهدار حقوق الدفاع والإخلال بضماناته الأساسية، فلم يناقش القرار المطعون فيه دفاع الطاعنة ولم يمحصه ولم يبد ما يطمئن به إلى أنه أحاط به علماً أصلاً فلم يشر القرار إلى ما قدمته الطاعنة من مذكرات بدفعها ولا إلى ما ورد فيها من دفوع ودفاع مما أدى إلى القصور في تحصيل الوقائع والدفاع الجوهري، فسكت عن الرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة حفظها نهائياً وعلى عدم مشروعية القرار رقم 30 لسنة 1984 الذي تضمن إحالة الطاعنة في اتهام مضى على اكتشافه وعلم الرئيس المباشر به أكثر من سنة دون أن يتخذ إجراء صحيح بشأنه.
ثانياً: عدم جواز نظر التهمة الثانية بشأن اعتداء الطاعنة على الدكتورة/ (ب) ........ بالقول في كنترول القسم يوم 28/ 6/ 1983 لسبق صدور قرار نهائي بحفظها وأساس ذلك أن التحقيق الذي أجري مع الطاعنة انتهى إلى إدانتها في تهمتين وإنه إذا كان رئيس الجامعة قد وافق في مبدأ الأمر في 23/ 4/ 1983 على إحالة الطاعنة للمحاكمة التأديبية بعد تجديد للتهم محل المساءلة إلا أنه أصدر بعد ذلك في 19/ 6/ 1983 قراراً بقصر الإحالة على التهمة الأولى وحدها دون الأخرى أي أنه قصد محاكمة الطاعنة عن الاتهام المتعلق بالاعتداء على الدكتورة/ ( أ ) ......... وحده دون الاتهام الثاني، وهو موقف يدل صراحة على أنه قرار نهائي بحفظ التحقيق في خصوص هذه التهمة وهو قرار صادر ممن يملكه وفي حدود اختصاصه بما يمتنع العدول عنه من بعد لحجية قرارات الحفظ الإدارية النهائية، فضلاً عن عدم جواز سحب القرارات المشروعة وقالت الطاعنة إن الأوراق قد خلت مما يفيد تحقيق هذا الدفاع وتمحيصه.
ثالثاً: عدم قيام القرار المطعون فيه على سبب صحيح يبرره ويحمله. فلم يستخلص القرار تكييف ما صدر من الطاعنة من قول موجه للدكتورة/ ( أ ) ........... على نحو سائغ مما هو ثابت بالأوراق من أدلة وقرائن وفي ضوء الظروف التي تم فيها والاعتبارات التي أدت إليه - وأن الثابت أن ما صدر من الطاعنة كان رد فعل لاستفزاز مهين صدر من الدكتورة/ ( أ ) .......... التي سبت الطاعنة بأنها "وقحة" وشهد بذلك الشهود، وأن ما صدر عن الطاعنة رداً على ذلك بما قالته "أنا أبظظ عينيكي" ليس قولاً خارجاً عن حد الأدب وبالتالي يكون تكييف القرار لما صدر من الطاعنة على أنه من الذنوب الإدارية المستأهلة للعقاب تكييفاً معيباً قائماً على فساد في الفهم وخطأ في التقدير في ضوء ظروف الاستفزاز التي صدرت فيها.
وبالنسبة إلى الاتهام الثاني بشأن اعتداء الطاعنة على الدكتورة/ (ب) ....... في كنترول قسم اللغة الفرنسية يوم 28/ 6/ 1983 فإن ما صدر من الطاعنة كان بسبب تحرش المذكورة بها على نحو مهين فهي كانت مدفوعة من قبل رئيسة القسم ومن ثم فإنه لا يعتبر في الظروف التي صدر فيها وهي في موضع الاستفزاز المدبر تجاوزاً من الطاعنة... أو يعد خروجاً على واجبات الوظيفة أو التقاليد الجامعية.
وحيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن من عدم جواز نظر التهمة الثانية المنسوبة إلى الطاعنة بشأن اعتدائها على الدكتورة/ (ب) ....... بالقول في كنترول القسم يوم 28/ 6/ 1983 لسبق صدور قرار إداري نهائي بحفظها - مضافاً إليه السبب الأول - من أن القرار المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع واستمر في نظر هذا الاتهام فقد جرى قضاء هذه المحكمة على سريان الأحكام والإجراءات الخاصة بالمحاكمة التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، على محاكمة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات عملاً بنص المادة 109 من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 التي أحالت بشأن قواعد وإجراءات المحاكمة إلى قانون مجلس الدولة وقد جاءت تلك الإحالة عامة ومطلقة، تشمل القواعد التي تنظم أمر المحاكم التأديبية في قانون مجلس الدولة سواء كانت قواعد موضوعية أو إجرائية. ومن بين تلك الأحكام نص المادة 40 من ذلك القانون التي أجازت للمحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب النيابة الإدارية التصدي لوقائع لم ترد في قرار الإحالة والحكم فيها إذا كانت عناصر المخالفة ثابتة في الأوراق وبشرط أن تمنح العامل أجلاً مناسباً لتحضير دفاعه، إذا طلب ذلك ومن ثم فإنه، وطبقاً لما تقدم يكون لمجلس التأديب من تلقاء نفسه، أو بناءً على طلب سلطة الإحالة التصدي لوقائع لم ترد في قرار الإحالة بشرط تمكين المحال من الدفاع عن نفسه بشأن هذا الاتهام الجديد ومنحه أجلاً مناسباً لتحضير دفاعه، وإذ كان الثابت أن مجلس التأديب تصدى لواقعة اتهام الطاعنة بالاعتداء على الدكتورة/ (ب) ...... بألفاظ خارجة في يوم 28/ 6/ 1983 بناءً على طلب الجامعة - أثناء نظر مجلس التأديب لاتهام آخر وفقاً لقرار إحالة - فإن نظر المجلس هذا الاتهام الجديد - الذي لم يرد من قبل في قرار الإحالة الأول لا مخالفة فيه للقانون، بل هو إعمال لنص المادة 40 من قانون مجلس الدولة السابق بيانها، طالما منح الطاعن فرصة الدفاع عن هذا الاتهام وبذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن في غير محله... متعيناً رفضه.
وحيث إنه من جهة أخرى - ليس سليماً في القانون - ما ورد في تقرير الطعن أنه سبق حفظ هذا الاتهام نهائياً بقرار إداري من الجامعة - وصولاً إلى القول بعدم جواز إعادة نظر هذا الاتهام لسبق حفظه - بمقولة أن صدور قرار الإحالة رقم 416 لسنة 1983 - دون أن يشتمل على الاتهام الخاص بالتعدي على الدكتورة/ (ب) ........ - رغم أن تقرير نتيجة التحقيق انتهى إلى ثبوت واقعتين إحداهما الواقعة المشار إليها، إنما يعني قصر الإحالة إلى مجلس التأديب على واقعة واحدة دون الأخرى التي شملها تقرير التحقيق وهو ما يفيد ضمناً حفظ التحقيق بالنسبة للواقعة الأخرى - هذا القول غير سليم وليس بالأوراق ما يؤيده ذلك أنه يلزم للقول بذلك وللوصول إلى هذه النتيجة، أن يكون بالأوراق، ما يكشف عن نية جهة الإدارة أو يفصح عن رغبتها وإرادتها في حفظ التحقيق على نحو واضح ومؤكد، فعدم شمول قرار الإحالة لإحدى التهمتين اللتين تناولهما التحقيق لا يعني حفظ التحقيق بشأنها طالما لم تكشف الأوراق وظروف الحال أن ذلك كان قصد الإدارة ويدل على مرادها بالحفظ فيجب أن يكون بالأوراق ما يدل على أن عدم اتخاذ هذا الإجراء، كان بقصد حفظ التحقيق بشأن تلك الواقعة وعدم إحالتها لمجلس التأديب وإذ كان الثابت من الأوراق أن رئيس الجامعة سبق له أن وافق على ما انتهى إليه التحقيق من مسئولية الطاعنة عما نسب إليها ومن إحالتها إلى المساءلة التأديبية بتأشيرته المؤرخة 23/ 4/ 1983 على التقرير بنتيجة التحقيق، فإذا ما جاء قرار الإحالة بعد ذلك غير مشتمل على إحدى الواقعتين، ثم بادرت الجامعة بعد ذلك وتداركت هذا الأمر بما يتفق وموافقة رئيس الجامعة على نتيجة التحقيق، بقرار لاحق فإن تصرف الإدارة على هذا النحو - لا يفيد مطلقاً اتجاه نية الجامعة إلى حفظ الموضوع بالنسبة للواقعة الأخرى بقدر ما يكون مجرد سقوط بيان معين - عند تنفيذ قرار سابق بالموافقة على إحالة الطاعنة إلى المحاكمة التأديبية عن واقعتين لا واقعة واحدة، هذا فضلاً عن أن التصدي لوقائع واتهامات ليست واردة في قرار الإحالة - هو حق لمجلس التأديب وفقاً للمادة 40 من قانون مجلس الدولة كما سبق البيان ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن في غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إنه بالنسبة للسبب الثالث للطعن الخاص بعدم مراعاة مجلس التأديب للظروف والملابسات التي أحاطت بالاعتداءين الصادرين من الطاعنة ضد زميلتيها وعدم تقدير استفزاز زميلتيها لها - فإنه وإن كان الثابت من شهادة كل من الدكتورة/ (و) ..... المدرس بالقسم والسيدة/ (جـ) ........ المدرس المساعد بالقسم في التحقيقات أمام مجلس التأديب وكذلك الدكتورة/ (د) ...... والدكتور (هـ) ........ بصدور الألفاظ الصادرة عن الطاعنة وثبوتها ضدها - كما أوردها مجلس التأديب، بأن شهد من ذكروا بصحة ما نسب للطاعنة، من أنها أثناء اجتماع مجلس القسم بتاريخ 30/ 5/ 1982 استفسرت الدكتورة ( أ ) ....... في بداية الاجتماع من رئيسته عن مدى مشروعيته وعما إذا كانت مفوضة في رئاسته من السلطات المختصة، وأثناء مناقشة الموضوع قالت الطاعنة لها ما نصه "أسكتي يا ( أ ) واسمعي الدكتورة (ز) بتقول إيه "وعندما قالت لها ( أ ) لا أسمح لك بأن تصيحي في وجهي بهذا الشكل وألا تتحدثي معي بهذه الطريقة، ردت عليها الطاعنة "بقولها" متبصليش كده أنا مش تلميذة عندك حتخليني أنا أبظظ لك عينيك دول بأصابعي دول. وأشارت إلى أصابعها ثم أضافت "أنا هوريكي يا ( أ )".
ومن حيث إنه وإن ثبت على النحو المتقدم صدور الألفاظ المشار إليها من الطاعنة بشهادة من شهدوا الواقعة، وهم من حضروا الاجتماع، إلا أنه ثابت أيضاً في التحقيقات التي أجريت أن الدكتورة ( أ ) - كانت هي البادئة بالاعتداء على الطاعنة بأن وصفتها بأنها "وقحة" باللغة الفرنسية، عندما طلبت منها الطاعنة الانتظار لحين انتهاء الدكتورة (ز) رئيس الاجتماع من حديثها منعاً من تعطيل الاجتماع، وقد شهد بذلك كل من الدكتورة (ز)، (صفحة 7 من محاضر جلسات مجلس التأديب) وكذلك الدكتورة (ح) المدرس بالقسم (ص 13 من المحاضر) حيث شهدوا جميعاً أن الدكتورة ( أ ) وصفتها بأنها "وقحة".
وحيث إن الثابت مما تقدم أن الدكتورة/ ( أ ) هي التي بدأت بتوجيه العبارة المهينة للطاعنة، واستفزتها بوصفها لها بأنها "وقحة" وأوجدت عندها رد فعل، أسفر عن توجيه الطاعنة للمذكورة العبارات المكونة للمخالفة المنسوبة إليها ومن ثم تكون الدكتورة/ ( أ ) هي البادئة بالاعتداء بلفظ مخجل ومهين كان مستفزاً للطاعنة وهو رد فعل طبيعي لدى الطاعنة ولذلك تكون المذكورة قد ساهمت بإهانتها الطاعنة فيما صدر عنها من عبارات ووضعتها في موقف لا بد وأن تدافع عن كرامتها وما لحقها من امتهان والمحكمة لا تهدف من ذلك إلى إيجاد أو التماس العذر لإضفاء المشروعية على ما صدر من الطاعنة، وإنما للأخذ في الاعتبار عنصر الاستفزاز التي بدأت به الدكتورة/ ( أ ) والاعتداد بالمشاعر الإنسانية الطبيعية والفطرية في الإنسان العادي التي يثيرها ويغضبها التحقير والإهانة وخاصة في مجتمع الزملاء، الأمر الذي يولد في الإنسان رغبة تلقائية في الرد المباشر على الإهانة أمام الزملاء وفي مقر عمله، وهو أمر يجب أخذه في الاعتبار عند تقدير الجزاء المناسب لما صدر من الطاعنة وثبت في حقها وزناً للأمور بميزان حق وعدل وليكون الاستفزاز عذراً مخففاً للعقاب وإذ لم يأخذ مجلس التأديب في اعتباره عنصر الاستفزاز الذي صاحب الواقعة فإنه يكون قد تجاوز بما قرره من جزاء الحد المناسب للفعل المكون للذنب الإداري في ضوء الظروف والملابسات التي صدر فيها وفي ضوء أنه لم يتم مساءلة الدكتورة ( أ ) عما صدر منها للطاعنة.
وحيث إنه بالنسبة للواقعة الثانية التي نسبت إلى الطاعنة، من اعتدائها على الدكتورة (ب) بألفاظ نابية بأن قالت لها "خلي عندك شخصية وخلي عندك كرامة وبطلي تبقي... صوت سيدة (بالإنجليزية) وهي الواقعة التي ثبتت في حق الطاعنة بشهادة كل من الدكتورة/ (هـ)، والدكتورة/ (د)، والسيدة/ (جـ)، في تحقيقات الجامعة وأكدتها الأخيرة أمام مجلس التأديب لدى سماع شهادتها - فقد استندت الطاعنة في أسباب طعنها تبريراً لتصرفها بأن الدكتورة/ (ب) تحرشت بها على نحو مهين دفع إلى استنكار موقفها فقالت لها العبارة السابق بيانها موضوع الاتهام الثاني، إلا أن الطاعنة لم تحدد ما هو الذي صدر من الدكتورة (ب) واعتبر تحرشاً على وجه مهين - بالطاعنة، وبذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن قائماً على وقائع مجهلة وغير محددة لا يسمح بمراقبتها وتحري صحتها من واقع الأوراق ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الطعن أمامها يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه بكاملها، ويفتح أمامها الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون ثم تنزل حكمه في المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن لأن المرد هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط القانون العام.
ومن حيث إن تعدد المخالفات والجرائم التأديبية التي تنسب للموظف المحال للمحاكمة، وتكون موضوعاً لدعوى تأديبية واحدة لا تقتضي تعدد الجزاءات التأديبية التي توقع عليه - كما هو الحال في العقاب الجنائي - فمناط الجزاء التأديبي يختلف عنه في الجزاء الجنائي - فالأول يقوم في جوهره على إخلال الموظف بواجبات وظيفته الذي قد يتمثل في مخالفة واحدة أو عدة مخالفات - مرتبطة كانت أو غير مرتبطة طالما أنها متزامنة ومتعاصرة معاً بحيث يمكن ضمها معاً لتكون موضوعاً لدعوى تأديبية واحدة - وأنها ترد جميعها في النهاية إلى الالتزام الأصلي والأصل العام وهو إخلال الموظف بواجبات وظيفته، والذي تتحدد جسامته - وتبعاً لذلك جسامة العقاب بمقدار جسامة المخالفة أو المخالفات معاً حسب نوعية المخالفة وكذلك حسب عدد تلك المخالفات والتي في ضوئها يتم اختيار الجزاء المناسب لها من بين الجزاءات التي حددها القانون الواجب التطبيق تشديداً أو تخفيفاً ومؤدى ما تقدم أنه لا يترتب على تعدد المخالفات التي تنسب إلى الموظف والتي تضمها دعوى تأديبية واحدة تعدد الجزاءات لكل مخالفة على حدة، وإنما الأثر المترتب على ذلك هو اختيار الجزاء المناسب لها جميعاً أو لما ثبت منها في حق الموظف من بين الجزاءات المتدرجة في الشدة الواردة في القانون فالمشرع التأديبي لم يحدد لكل جريمة تأديبية جزاءً معيناً كما فعل المشرع الجنائي، وإنما حدد جزاءات تأديبية يتم إختيار المناسب منها تبعاً لجسامة المخالفة أو المخالفات التي تنسب للموظف في الدعوى التأديبية والتي تشكل معاً الذنب الإداري في نطاق خروج الموظف على مقتضى الواجب الوظيفي - لما كان ذلك وكان الثابت أن قرار مجلس التأديب المطعون فيه تضمن مجازاة الطاعنة عن المخالفتين المنسوبتين إليها وقرر جزاءً مستقلاً لكل مخالفة على حدة بينما الصحيح في القانون هو اختيار جزاء مناسب للواقعتين معاً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب إلغاؤه.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها مما يكون معه للمحكمة أن تتصدى للموضوع والفصل فيه واختيار الجزاء المناسب لما ثبت في حق الطاعنة بمراعاة الظروف والأسباب المحيطة بها على النحو السابق بيانه - والتي على ضوئها تقدر المحكمة الجزاء المناسب بعقوبة التنبيه للمخالفتين معاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبمجازاة الطاعنة بعقوبة التنبيه لما ثبت في حقها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق