الصفحات

الأحد، 31 ديسمبر 2023

الطعن 2407 لسنة 37 ق جلسة 6 / 2 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 65 ص 625

جلسة 6 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد أبو جبل - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(65)

الطعن رقم 2407 لسنة 37 القضائية

(أ) جامعات - جامعة الزقازيق - وظيفة أمين الجامعة - المفاضلة بين المرشحين للترقية إليها. (شروط المؤهل).
العبرة في الترقية بالاشتراطات الواردة ببطاقة وصف الوظيفة - اشتراط مؤهل عال مناسب لا يقيد الإدارة بين المؤهلات العليا القانونية أو التجارية - مؤهل دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وفقاً لطبيعة المواد العلمية التي تدرس به والخبرات العلمية التي يكتسبها حملته عند التحاقهم بالعمل غير منقطع الصلة بوظيفة أمين الجامعة - تطبيق.
(ب) الترقية لوظيفة أمين الجامعة - شرط الخبرة في مجالات العمل الجامعي.
لا يجوز تفسير هذا الشرط على أساس عمل المرشح بجميع الإدارات بالجامعة لتعذر ذلك عملاً - يتعين تفسير هذا الشرط على أساس عمل المرشح بعد تعيينه بالمؤهل العالي في وظيفة وثيقة الصلة بالنشاط الجامعي - يتحقق هذا الشرط فيمن عمل بالإدارة العامة لرعاية الشباب بالجامعة - تطبيق.
(ج) الترقية لوظيفة أمين الجامعة - موانع الترقية - الإحالة للمحاكمة التأديبية.
تكون إحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى مجلس التأديب بقرار من رئيس الجامعة - لا وجه لتطبيق القاعدة المنصوص عليها في المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي تقضي باعتبار العامل محالاً للمحاكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية - أساس ذلك: خضوع العاملين من غير هيئة التدريس بالجامعة لنظام تأديبي خاص - صدور قرار رئيس الجامعة بالإحالة لمجلس التأديب بعد صدور قرار الترقية لا يمثل مانعاً من الترقية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 5/ 1991 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي بصفته وكيلاً عن..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2407 لسنة 37 ق عليا ضد كل من..... ورئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم ورئيس جامعة الزقازيق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 16/ 3/ 1991 في الدعوى رقم 1156 لسنة 10 ق المقامة من المطعون ضدها الأولى ضد المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع والقاضي بقبول تدخل...... خصماً منضماً للإدارة وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1890 لسنة 1987 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية لوظيفة أمين جامعة الزقازيق بالدرجة العالية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 27/ 7/ 1992 إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 17/ 11/ 1992 حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً سماعه من أطراف الطعن قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 3/ 1988 أقامت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 1156 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع طالبة الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1890 لسنة 1987 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى وظيفة أمين عام جامعة الزقازيق بدرجة وكيل وزارة وبأحقية المدعية في الترقية لهذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ خلوها وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات، وبجلسة 28/ 3/ 1990 أمام محكمة القضاء الإداري تقدم الطاعن بطلب قبول تدخله خصماً منضماً للجامعة وطلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً برفض الدعوى. وبجلسة 16/ 3/ 1991 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسسته على أن شروط شغل وظيفة أمين الجامعة تتمثل في ثلاثة شروط وردت في القانون العام وشرط خاص وحيد يتعلق بالعمل في الجامعة وورد في قانونها وذلك على الوجه التالي:
1 - الحصول على مؤهل عال مناسب دون تحديد لمؤهل عال معين، ومن ثم لا يسوغ القول بأن مؤهل ليسانس الحقوق الحاصل عليه المطعون على ترقيته أكثر مناسبة من دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية الحاصلة عليه المدعية ما دام المشرع لم ينص على غير ذلك صراحة.
2 - مزاولة العمل في وظائف الدرجة الأولى ( مدير عام) مدة لا تقل عن سنة أياً كانت الوظيفة وأياً كانت مسماها وطبيعة العمل فيها ولا عبرة بتفضيل وظيفة على أخرى داخل درجة مدير عام ما دام القانون لم يقض بذلك فلم يقصر الترشيح لأمين الجامعة على شاغلي وظائف الأمناء المساعدين.
3 - اجتياز المرشح البرامج التدريبية التي تتيحها له الجامعة.
4 - أن يكون المرشح ذا خبرة بالشئون الجامعية وذلك أياً كانت نوعية هذه الخبرة أو مداها أو مدتها أو طبيعة العمل الذي قضيت فيه.
وخلص الحكم إلى أن مفاد ذلك أن من توافرت في شأنه الشروط المشار إليها يجوز ترشيحه أميناً للجامعة وأن من تخلف في حقه أحدها فلا يجوز النظر في ترشيحه، كما أن هذه الشروط يجب توافرها جميعاً ولا يفضل إحداها الآخر ولا يسوغ القول بأن أحد هذه الشروط يعتبر عنصر تفضيل يفوق به أحد المرشحين زملاءه ويتميز عليهم ما دام أن القانون لم ينص على هذا، يؤكد ذلك قيام الجامعة المدعى عليها بترشيح خمسة من شاغلي درجة مدير عام بها للترشيح للوظيفة المطعون على الترقية إليها ثلاثة منهم أمناء مساعدون بالجامعة منهم المطعون على ترقيته واثنان مديران عامان بالجامعة منهما المدعية باعتبار توافر جميع الشروط المتطلبة لشغل هذه الوظيفة منهم، وأنه في ضوء ما سلف وما استقر عليه القضاء الإداري بالنسبة للترقية بالاختيار وبعد المقارنة بين الحالة الوظيفية والشخصية لكل من المدعية والمطعون على ترقيته فإن القدر المتيقن هو تساويهما في مرتبة الكفاية وعناصر الامتياز فلا مناص والحالة هذه من اللجوء للضابط العادل بترقية الأقدم داخل مرتبة الكفاية ما دام الأحدث ليس ظاهر الامتياز عليه لذا كان يتعين على الإدارة اختيار المدعية لهذا المنصب باعتبارها أقدم من المطعون على ترقيته ولا يغير من ذلك ما ساقته الإدارة تبريراً لهذا التخطي من انفراد المطعون على ترقيته بعمل إنشائي ضخم هو إقامة وإدارة فرع جامعة الزقازيق ببنها وفوزه في الاستفتاء الذي أجرته الجامعة بين مديري العموم بها لاختيار أمين الجامعة وفي استطلاع الرأي بين عمداء الكليات بالجامعة لكون المبرر الأول مجرد كلام مرسل دون دليل ولكون المبرر الثاني بدعة غير مسبوقة وإجراءات لا يوجبها قانون كما لا يغير مما تقدم ما ساقته الجامعة من نسبة بعض الاتهامات والمخالفات المالية للمدعية أحيلت بسببها لمجلس التأديب ما دام الثابت أنه انتهى للحكم ببراءتها.
ويقوم الطعن الماثل على أن الحكم المذكور خالف القانون وأخطأ في تطبيقه للأسباب الآتية:
1 - مخالفة القانون بالامتناع عن إعمال حكم المادة 87 من قانون العاملين المدنيين بالدولة في شأن المطعون ضدها رغم ثبوت أنها كانت محالة إلى المحاكمة التأديبية والمحاكمة الجنائية حيث إن الثابت أنها كانت عند صدور قرار الترقية المطعون عليه في 17/ 12/ 1987 محالة إلى المحاكمة الجنائية في جناية التربح والإضرار العمدي بأموال ومصالح الدولة وأنها كانت محالة إلى المحاكمة التأديبية بالتحقيق معها إدارياً في الجامعة ثم أمام النيابة الإدارية بما أسفر عن إحالتها إلى المحاكمة التأديبية في 21/ 2/ 1988 وأنه إذا كان قد صدر قرار مجلس التأديب في 14/ 3/ 1989 ببراءتها من الاتهام المسند إليها فإن هذا لا يؤثر في مشروعية القرار المطعون عليه لأن العبرة في تقدير مدى مشروعيته بالعناصر والأسباب القائمة عند صدوره.
2 - الخطأ في تفسير القانون وفي تطبيقه للأوجه الآتية:
أ) اعتبار مؤهل المدعية مؤهلاً مناسباً لوظيفة أمين الجامعة على أساس أن اشتراط الحصول على مؤهل عال مناسب لشغل هذه الوظيفة جاء مطلقاً غير مقيد ولا محدد بمؤهل معين هذا النظر غير سديد لأن تحديد المناسب من المؤهلات لشغل وظيفة معينة لا يحتاج لنص صريح في القانون يحدد هذا المؤهل وإنما يجرى تحديد ذلك على أساس الإحاطة بنوع أعمال الوظيفة وواجباتها ومسئوليات شاغلها ووزن اتصال التأهيل النظري الحاصل عليه العامل مع هذه الأعمال والواجبات وفي ضوء ذلك وباستعراض مسئوليات أمين الجامعة وبطاقة وصف هذه الوظيفة وأهمها الإشراف على كافة الأعمال والإجراءات المالية والإدارية بالجامعة يكون ليسانس الحقوق أو بكالوريوس التجارة هو المؤهل المناسب لهذه الوظيفة.
ب) تفسير الشرط الخاص بالخبرة في الشئون الجامعية من أنه يكفي أن يكون المرشح للوظيفة قد عمل في أي موقع في الجامعة أياً كان نوع الخبرة المكتسبة من هذا العمل فيه إهدار لصريح نص القانون وبطاقة وصف الوظيفة اللذين استلزما أن تكون الخبرة في أكثر من شأن ومجال من شئون ومجالات العمل بالجامعة وهو ما يتوفر في المطعون على ترقيته دون المدعية التي اقتصرت خبرتها في الجامعة على مجال رعاية الشباب هذا فضلاً عن أنه إذا لم تكن الخبرة الشاملة بالشئون الجامعية المستمدة من العمل في مجالات العمل الجامعي المختلفة إن لم تعتبر شرطاً جوهرياً لا تكتمل الصلاحية لشغل الوظيفة إلا بتوافره فإنها تكون في أدنى الفروض وجهاً من أوجه المفاضلة التي ترجح كفة من تتحقق فيه على من يفتقدها من أقرانه المتزاحمون على الترقية.
ج) رفض اعتماد ما لشاغل وظيفة أمين مساعد الجامعة من وضع وظيفي متميز كوظيفة تعلو سائر الوظائف من درجة مدير عام بالجامعة مما يسوغ رئاسة شاغلها لأقرانه من مديري العموم وإشرافه عليهم من خلال مساعدته لأمين الجامعة في كل أعماله وحلوله محله عند غيابه بما يستتبع اعتبار شغل وظيفة الأمين المساعد وجهاً ويبرر موضوعياً اختيار شاغلها للترقية لوظيفة أمين الجامعة متقدماً لزملائه من شاغلي وظائف مديري العموم بالجامعة ومن ثم كان يتعين على المطعون ضدها الأولى أن تجادل في تعيين الطاعن أميناً مساعداً متقدماً عليها وشاغلاً بذلك موقع الرئاسة والإشراف عليها وهو ما يعد تسليماً منها بأنه أكثر كفاءة وأجدر بتولي هذه الوظيفة.
3 - خطأ الحكم في تطبيق القانون على الواقعة موضوع الدعوى حين رجح أفضلية المطعون ضدها الأولى على الطاعن بأسباب وعناصر لا تتعلق بالوظيفة ولا بأداء العمل فيها مثل كونها شخصية عامة لعضويتها في مجلس شعبي محلي وغيرها رغم أن هذه الأعمال لا تكسب القائم بها أية خبرة تفيده في مجال العمل الجامعي علماً بأن الطاعن أيضاً له نشاط مماثل ومشرف، كما أهمل الحكم الإشارة إلى أن المطعون ضدها الأولى كانت محالة للمحاكمتين الجنائية والتأديبية عند صدور القرار المطعون عليه بما يقيم مانعاً من ترقيتها أو اعتبار ذلك من أوجه المفاضلة بحيث يكون استبعادها من الترقية وتفضيل الطاعن عليها قائماً على أسس موضوعية سليمة.
ومن حيث إن المادة 8 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص في فقرتها الثانية على أن "تضع كل وحدة جدولاً للوظائف مرفقاً به بطاقات وصف كل وظيفة وتحدد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها...".
وتنص المادة 12 من ذات القانون على أن "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة".
وتنص المادة 36 على أنه "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية إليها من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها...".
وتطبيقاً لذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن بطاقة وصف الوظيفة هي وحدها التي تحدد اشتراطات شغلها سواء من حيث التأهيل العلمي أو المدة البينية التي يجب قضاؤها في الوظيفة الأدنى مباشرة أو مدة الخبرة الكلية في مجال العمل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على بطاقة وصف وظيفة أمين الجامعة بجامعة الزقازيق قبل تعديلها بتاريخ 26/ 1/ 1991 أنها بالدرجة العالية بالمجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا ويتولى شاغلها الإشراف على كافة الأعمال والإجراءات المالية والإدارية بالجامعة في حدود القوانين واللوائح والنظم والقرارات التي تنظم هذه الأعمال ويشترط لشغلها: مؤهل عال مناسب وخبرة طويلة في مجالات العمل الجامعي مع توافر الصفات والقدرات الشخصية والعلمية التي تناسب أعمال هذه الوظيفة مزاولة العمل في وظائف الدرجة الأدنى بالقطاع الجامعي مدة لا تقل عن سنة - اجتياز البرامج التدريبية وحضور الندوات التي تتيحها الجامعة.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفي الطعن حول مدى توافر هذا الشرط الأخير وإنما ينحصر الخلاف في مدى مناسبة المؤهل الحاصلة عليه المطعون عليها الأولى لشغل هذه الوظيفة وشرط الخبرة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمناسبة المؤهل فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه حين تحدد بطاقة وصف الوظيفة التأهيل العلمي اللازم لشغلها في ضوء طبيعتها أو المجموعة التي تنتمي إليها والدرجة المالية المخصصة لها والواجبات والمسئوليات المنوطة بشاغلها لا يخرج هذا التحديد عادة عند تطلب المؤهل العالي عن أحد البدائل الآتية: 1) مؤهل عال. 2) مؤهل عال مناسب. 3) مؤهل عال متخصص (فني/ هندسي/ تجاري/ قانوني وما يماثل ذلك). وتتفاوت السلطة التقديرية لجهة الإدارة عند مفاضلتها بين المرشحين لشغل الوظيفة وفقاً لأي من هذه البدائل فيتسع نطاق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال فقط بحيث يجوز شغل الوظيفة من بين حملة أي مؤهل من المؤهلات التي تعتبر قانوناً من المؤهلات العالية دون أفضلية للمؤهل على آخر، وتضيق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال متخصص إذ تلتزم الإدارة بشغل الوظيفة من بين حملة هذا المؤهل دون أن يكون لها إحلال مؤهل عال آخر لا يوازيه من حيث التخصص محله، وفيما بين هذين الحدين تتمتع الإدارة عند تطلب مؤهل عال مناسب بسلطة الموازنة والتقدير بين المؤهلات التي يمكن اعتبارها مناسبة للوظيفة. وغني عن البيان أن الإدارة تخضع وهي تمارس سلطتها المشار إليها - بصورها المختلفة - لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم وإذ حددت بطاقة وصف الوظيفة - محل النزاع - التأهيل العلمي اللازم لها بعبارة مؤهل عال مناسب دون عبارة مؤهل عال تجاري أو قانوني فإنها بذلك تفيد عند حصر نطاق الترشيح لشغل هذه الوظيفة من بين حملة المؤهلات العليا التجارية أو القانونية دون غيرهم وإنما تفسخ المجال لحملة أي مؤهل عال ترى الإدارة مناسبته للقيام بأعباء هذه الوظيفة وتحمل مسئولياتها الإدارية والفنية وفقاً لما حددته بطاقة الوصف.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى - فضلاً عن حصولها على ليسانس حقوق سنة 1986 - فإن المؤهل الأصلي الحاصلة عليه والذي عينت بداءة بمقتضاه وهو دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وفقاً لطبيعة المواد العلمية التي تدرس به والخبرات العملية التي يكتسبها حملته عند التحاقهم بالعمل في مجال تخصصهم غير منقطع الصلة بالوظيفة محل النزاع.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بشرط الخبرة في مجالات العمل الجامعي فإنه لا يمكن أن يفسر بوجوب عمل المرشح بجميع الإدارات المختلفة بالجامعة لما في ذلك من تجاوز بحكم المادة 37 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1975 والتي اكتفت باشتراط أن يكون أمين الجامعة ذا خبرة بالشئون الجامعية ولتعذر ذلك عملاً إذ من مقتضاه أن من يعمل طوال حياته الوظيفية بالجامعة بالإدارة القانونية أو الإدارة المالية بعد حصوله على مؤهل عال قانوني أو مؤهل عال تجاري لا يكون صالحاً للترشيح للوظيفة سالفة الذكر وذلك رغم أن ما يكتسبه أي منهما من عمله بهاتين الإدارتين من خبرات متنوعة أمراً لا يمكن إنكاره، ومن ثم فإنه يتعين تفسير الشرط المذكور بأنه يقصد به أن يعمل المرشح منذ تعيينه بالجامعة بعد حصوله على المؤهل العالي في عمل وثيق الصلة بالنشاط الجامعي على اختلاف أنواعه وتخصصاته ولا شك أن العمل بالإدارة العامة لرعاية الشباب بالجامعة بحكم ما يدخل في اختصاص هذه الإدارة من القيام بنشاط رياضي واجتماعي وثقافي وفني وتطبيق لوائح ونظم محددة واتخاذ إجراءات مالية ومحاسبة متعددة من شأنه أن يكسب القائم بهذا العمل خبرة في مجالات العمل الجامعي بما يتوفر معه هذا الشرط في العاملين بهذه الإدارة عند ترشيحهم لشغل وظيفة أمين الجامعة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بتفضيل شاغلي وظيفة أمين مساعد الجامعة للترشيح لوظيفة أمين الجامعة على غيرهم من شاغلي وظائف بدرجة مدير عام بالجامعة بحكم الاختصاصات الإشرافية لأمين مساعد الجامعة على باقي مديري العموم بها وحلوله محل الأمين عند غيابه فإنه رغم عدم وجود نص صريح أو ثبوت عرف مستقر يقضي به فإنه لو سلمنا جدلاً بصحة ذلك بصفة عامة فإن هذا الأمر لا يطبق على النزاع محل الطعن باعتبار أن الطاعن كان يشغل عند الترشيح لشغل الوظيفة المتنازع عليها وظيفة أمين مساعد فرع جامعة الزقازيق ببنها وليس من المعقول القول بأنه وهو يشغل هذا الموقع يشرف على مديري العموم بالإدارات العامة للجامعة بمقرها الرئيسي بالزقازيق يؤكد ذلك حكم المادة 39 من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه والتي تنص على أن "يعاون أمين الجامعة مساعدان من العاملين ذوي الكفاءة في الجامعة ويقوم أقدمهما مقامة عند غيابه ويجوز في حال إنشاء فرع للجامعة تعيين أمين مساعد يعاون أمين الجامعة في شئون الفرع وتكون له جميع الاختصاصات المخولة للأمينين المساعدين في شئون هذا الفرع.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه تتوافر في المطعون ضدها الأولى جميع الشروط اللازمة لشغل وظيفة أمين الجامعة يؤكد ذلك قيام الجامعة ذاتها بترشيحها مع الطاعن وثلاثة آخرين ما بين أمين مساعد ومدير عام بالجامعة لشغل وظيفة أمين الجامعة وذلك بكتاب الجامعة للسيد وزير التعليم بتاريخ 27/ 6/ 1987 تاركة له حرية اختيار من يعين في هذه الوظيفة من بينهم باعتبارهم جميعاً من المستوفين لشروط شغلها طبقاً لبطاقة وصف الوظيفة.
ومن حيث إنه وقد توافرت في شأن المطعون ضدها الأولى شروط شغل وظيفة أمين الجامعة شأنها في ذلك شأن الطاعن وتساوياً في مرتبة الكفاية وعناصر الامتياز بما تعذر معه على الجامعة وهي الجهة الإدارية التي يعملان بها ومن ثم تعتبر أقدر الجهات على الحكم عليهما وتحديد من منهما يفضل الآخر فضلاً عن باقي المرشحين للترشيح لهذه الوظيفة فلا مناص من الرجوع لمعيار الأقدمية وفقاً للمبادئ المستقرة في هذا الشأن والتي تقضي بأنه عند التساوي في مرتبة الكفاية يرقى الأقدم.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المطعون ضدها الأولى هي الأقدم من الطاعن في الحصول على درجة مدير عام حيث حصلت عليها بتاريخ 3/ 1/ 1979 في حين حصل عليها الأخير بتاريخ 8/ 1/ 1979 فإنها تكون صاحبة الحق في الترقية لوظيفة أمين الجامعة.
ومن حيث إنه لا يغير مما سبق ما أثاره الطاعن من وجود مانع قانوني من ترقية المطعون ضدها الأولى لإحالتها للمحاكمتين التأديبية والجنائية عند صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين الطاعن في هذه الوظيفة بتاريخ 17/ 12/ 1987 تطبيقاً لحكم المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ذلك أن المادة المذكورة وإن حظرت ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو موقوف عن العمل في هذه الإحالة أو الوقف فإنها قد حددت في فقرتها الثانية متى يعتبر العامل محالاً للمحاكمة التأديبية بأنه من تاريخ طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية. ولما كان العاملون بالجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس يخضعون لنظام تأديبي خاص ورد بالباب الرابع من قانون تنظيم الجامعات السالف الإشارة إليه والذي تنص المادة 157 منه على أن "تسري أحكام العاملين المدنيين بالدولة على العاملين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون من غير أعضاء هيئة التدريس وذلك فيما لم يرد في شأنه نص خاص بهم في القوانين واللوائح الجامعية".
وتنص المادة 164 من ذات القانون على أن "تكون إحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى مجلس التأديب بقرار من رئيس الجامعة". وتسري بالنسبة لمحاكمتهم تأديبياً أحكام القانون رقم 147 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
ومن حيث إنه تطبيقاً للأحكام المتقدمة فإن العاملين بالجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس لا يعتبرون محالين للمحاكمة التأديبية التي تشكل مانعاً قانونياً من النظر في ترقيتهم وفقاً لحكم المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة السالف الإشارة إليها إلا من تاريخ صدور قرار من رئيس الجامعة المنتمين إليها بإحالتهم لمجلس التأديب المختص.
ومن حيث إن القرار الصادر من رئيس جامعة الزقازيق بإحالة المطعون ضدها الأولى لمجلس التأديب عن المخالفات المنسوبة إليها والتي كانت محل تحقيق معها عند صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1890 لسنة 1982 بتعيين الطاعن في وظيفة أمين جامعة الزقازيق بتاريخ 17/ 12/ 1987 لم يصدر إلا بتاريخ 21/ 7/ 1988 أي بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بكون المطعون ضدها الأولى محالة للمحاكمة الجنائية في تاريخ صدور قرار الترقية محل الطعن فإن ما قدمه الطاعن من مستندات لإثبات التحقيق معها إبان هذه الفترة بواسطة النيابة العامة فيما نسب إليها من مخالفات وقعت منها أثناء عضويتها للمجلس الشعبي المحلي إلا أنه لم يقدم ما يفيد إحالتها للمحاكمة الجنائية بسبب هذه المخالفات وفقاً لمفهوم الإحالة للمحاكمة الجنائية الذي سبق لهذه المحكمة أن انتهت إليه إزاء سكوت النص التشريعي عن تحديد هذا المفهوم حيث قضت بأنه "في المحاكمة الجنائية يوجد مدلول قانوني دقيق خاص لاصطلاح - محال إليها - تحدده القواعد الراسخة المستقرة في قانون الإجراءات الجنائية حاصلها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو مستشار الإحالة أو تتم بتكليف المتهم بالحضور إلى المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن المطعون ضدها الأولى لم تكن محالة للمحاكمتين التأديبية والجنائية عند صدور قرار الترقية محل الطعن بما يشكل مانعاً قانونياً من ترقيتها بموجبه وإن جازت أن تكون عنصراً لتفضيل غيرها من المتزاحمين على الترقية لوظيفة أمين الجامعة بالنظر للوضع الخاص لهذه الوظيفة باعتبارها - وفقاً لقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية على قمة الهرم الوظيفي للعاملين بالجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس ومن ثم فإنه يتعين لشغلها فضلاً عن توافر الشروط المتطلبة قانوناً - ألا تشوب سمعة المرشح أية شائبة تمس أمانته أو نزاهته أو سلوكه الوظيفي أو الشخصي ومن البديهي أن إحالة المرشح للتحقيق بواسطة النيابة الإدارية أو النيابة العامة يلقي ظلالاً من الشك حول شخصه وسلوكه بما يفضل معه غيره من المتزاحمين على شغل هذه الوظيفة عليه إلا أنه إذا ما أسفر التحقيق مع المرشح عن عدم ثبوت ما نسب إليه من مخالفات أو إحالته إلى المحاكمة ثم صدور حكم ببراءته وذلك قبل صدور الحكم في المنازعة الإدارية بالطعن على قرار الترقية فإنه لا تثريب على المحكمة التي تنظر المنازعة الإدارية إن هي اعتدت بنتيجة التحقيق أو بحكم المحكمة الصادر بالبراءة لإجابة الطاعن لطلباته دون أن يعتبر ذلك وزناً للقرار الإداري لأسباب لاحقة على صدوره وذلك بالنظر لأن حكم البراءة لا ينشئ مركزاً قانونياً جديداً للمتهم وإنما هو حكم كاشف يرتد أثره إلى تاريخ اتهامه بالمخالفات التي حقق معه من أجلها أو حوكم بسببها وثبتت براءته منها بحيث تتحقق براءة ساحته من هذه المخالفات اعتباراً من هذا التاريخ بما يعدم أثرها وما ترتب عليها من ترقية غيره بالتخطي له بسببها.
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف تكون المطعون ضدها الأولى على حق في الطعن في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1890 لسنة 1987 والمطالبة بإلغائه فيما تضمنه من تخطيها في التعيين في وظيفة أمين جامعة الزقازيق ويكون الحكم المطعون عليه إذ أجابها إلى طلباتها متفقاً مع صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس بما يتعين معه رفضه وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق