الصفحات

الأحد، 26 نوفمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / تَقْرِيرُ لَجْنَةِ اَلْقَانُونِ بِمَجْلِسِ اَلشُّيُوخِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


تقرير لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ (1)

1 – مقدمة

1 – بجلسة 3 يونيه سنة 1946 أحال المجلس إلى لجنة القانون المدني مشروع القانون المدني معدلاً على الوجه الذي أقره مجلس النواب ، وقد توفرت اللجنة على دراسة هذا المشروع في 55 جلسة ابتداء من 7 يناير سنة 1947 لغاية 6 إبريل 1948 بحضور حضرات : صاحب المعالي عبد الرزاق السنهوري باشا وزير المعارف العمومية وصاحب العزة عبده محمد محرم بك المستشار بمجلس الدولة والدكتور حسن أحمد بغدادي بك وكيل كلية الحقوق بجامعة فاروق الأول ، وأفرغت في تمحيص نصوصه من العناية ما أتاح لها أن تتبين مرامي أحكامه وتثبت من مسايرتها لأوضاع الحياة وحاجات المتعاملين ، وأدخلت من التعديلات ما أوحت به التجارب أو ما درج عليه القضاء أو ييسر من أمر المعاملات ، ووجدت من الحكومة في هذه الناحية معاونة تسجل لمندوبيها ، وفي طليعتهم معالي عبد الرزاق السنهوري باشا ، بالثناء والتقدير .

2 – ولم يغب عن اللجنة ما لتعديل القانون المدني من أثر بالغ في نطاق المعاملات وفي نطاق العلوم القانونية بوجه عام، باعتبار أن هذا القانون هو موطن القواعد الكلية المنظمة لروابط الأفراد وسائر المخاطبين بأحكام القانون الخاص، ومرجع القواعد التفصيلية المنظمة للشق الأكبر من هذه الروابط، ولذلك حرصت اللجنة كل الحرص على أن يتناول بحثها كل ما يتصل بسياسة التعديل، ولم يكن رائد اللجنة في هذا البحث مجرد التفكير النظري أو التدليل المنطقي . ولم تقتصر في صدده على ما كان لحضرات الأعضاء المحترمين من آراء، وإنما عمدت إلى استقصاء الواقع واستظهرت جميع الآراء وأمعنت النظر في دليل كل منها، واسترشدت في ذلك كله بالحقائق المستخلصة من دراسة نصوص المشروع. وقد خرجت اللجنة من هذه الدراسة بنتيجتين جوهريتين من الخير إبرازهما قبل الاستطراد فيما انتهى إليه البحث.

3 – الأولى : أن المشروع لم يخرج عن تقاليد التشريعية التي استقرت في البلاد منذ إدخال نظام التقنينات عند إنشاء المحاكم المختلطة في سنة 1876 والمحاكم الوطنية سنة 1883 ، فهو من هذه الناحية لا يقطع الصلة بين الحاضر والماضي ولكنه يتخذ الصالح من أوضاع هذا الماضي أساساً له ، ويستحدث من الأحكام ما اقتضته ضرورات التطور ويعتمد في ذلك على الثروة التي اسفر عنها اجتهاد القضاء المصري بوجه خاص ، ويجاري الفقه الإسلامي في نواح مختلفة ، ويستمد بالقدر الذي يتلاءم مع تلك الأوضاع نصوصا من احدث التشريعات الأجنبية ، وبهذه المثابة يعتبر المشروع صورة صادقة لتطور الظروف الاجتماعية ، وللتقدم العلمي الذي بلغه علم القانون في مصر في مدة نصف قرن من الزمان .

4 – أما النتيجة الثانية: وتتربت على النتيجة الأولى، فهي أن تطبيق الأحكام التي استحدثها المشروع ليس من شأنه أن يفضي إلى قلب أوضاع التعامل التي ألفها الناس، أو أن يخل باستقرار المعاملات، وإنما هو على النقيض من ذلك يسعف هذه الأوضاع بإصلاح طال ترقبه. والواقع أن الحديث من أحكام هذا المشروع قد أحكم التآلف بينه وبين القديم من القواعد الكلية على نحو يجعل انتقال المتعاملين من سلطان القانون القديم إلى سلطان القانون الجديد أمراً يقتضيه التطور الطبيعي للظروف، ثم إن المشروع في تقنين ما استقر عليه القضاء من مبادئ وفي تدارك أوجه النقص في التقنين الحالي قد توخى أن يجعل النهج واضحاً أمام المتعاملين ليكفل استقرار المعاملات على أساس صقلتها التجارب، فرسخت في النفوس من قبل أن تتخذ مكانها في النصوص المعروضة.

5 – وقد رأت اللجنة أن تقسم تقريرها إلى قسمين: ففي القسم الأول تناولت سياسة تعديل القانون المدني كما يعبر عنها المشروع المعروض. وفي القسم الثاني سردت ما رأت إدخاله على نصوص هذا المشروع من تعديلات أو إضافات وما رأت حذفه منها. أما نواحي الإصلاح والاستحداث في المشروع، فقد فصلتها المذكرة الإيضاحية التي رافقت مشروع الحكومة، كما عرض لها هذا التقرير في سياق الكلام عن سياسة التعديل.

2 – سياسة تعديل القانون المدني

6 – عرضت اللجنة لسياسة تعديل القانون المدني من جميع نواحيها، فتناول بحثها بادئ ذي بدء وجوب التعديل في ذاته، وانتقلت بعد ذلك إلى أسلوب التعديل، فوازنت بين رأي القائلين بالاقتصار على تعديل جزئي من طريق إضافة بعض النصوص إلى التشريع الحالي وتنقيح بعض أخر، ورأى القائلين بضرورة التعديل الشامل على الوجه الذي حققه المشروع المعروض ، فرات الأخذ بالراي الثاني .

وانتهت أخيراً إلى دراسة الطرائق التي اتبعت في تنفيذ هذا التعديل الشامل ، وبوجه خاص مصادر النصوص ومبلغ تناسقها فيما بينها ، وكيفية صياغة هذه النصوص وما اتبع في هذه الصياغة من إيراد الأحكام العامة والأحكام التطبيقية أو التفصيلية .

وقد استخلصت اللجنة من دراستها صلاحية الطرائق التي اتبعت .

(1) وجوب التعديل :

7 – انعقد إجماع اللجنة على ضرورة تعديل القانون المدني، ولم يستند هذا الإجماع إلى اتفاق رأي الحكومات المتعاقبة منذ سنة 1936 على وجوب هذا التعديل فحسب، بل استند كذلك إلى الاعتبارات العملية والفنية التي كشفت عن عيوب التقنين الحالي وقصوره عن الوفاء بما تقتضيه حاجات البلاد في حاضرها ومستقبلها.

وقد بدأت الجهود في تعديل القانون المدني منذ سنة 1936. ففي تلك السنة شكلت أول لجنة ، وفي سنة 1938 ناطت وزارة العدل بحضرة صاحب المعالي عبد الرزاق السنهوري وقدمته وزارة العدل إلى رجال القضاء وأساتذة القانون وسائر الهيئات للإدلاء بالراي فيما تضمن من أحكام . وفي سنة 1945 أنشأت وزارة العدل لجنة برئاسة عبد الرزاق السنهوري باشا وعضوية طائفة مختارة من رجال الفقه والقضاء والمحاماة، للنظر في هذا المشروع وفي جميع الآراء والملاحظات التي تلقتها وزارة العدل في شأنه. وفي السنة ذاتها أتمت اللجنة مهمتها وقدمت الحكومة المشروع الذي أقرته هذه اللجنة للبرلمان.

8 – وما من شك في أن مضي الحكومات المتعاقبة في العمل على إنجاز تعديل القانون المدني تعديلا شاملا كان وليد الحاجة التي أحسها جمهور المشتغلين بفقه القانون وتطبيقه. فالتقنين المدني الحالي وضع مع التقنينات الأخرى في ظروف يعلم مداها كل من الم بتاريخ الفترة التي عاصرت إنشاء المحاكم المختلطة. وكان من جراء ذلك أن نقلت النصوص المصرية عن التقنين المدني الفرنسي في اقتضاب يلابسه شيء غير قليل من الغموض فضلا عن التناقض في اكثر من موضع . ولم يكن بد من أن يتبنى المصريون هذا التشريع وأن ينقلوه بحذافيره في تقنينهم الوطني، وأن يظل زهاء نصف قرن عنواناً لتلك الوصاية التشريعية التي فرضتها الدول على مصر باسم نظام الامتيازات.

9 – ومع ذلك فقد عكف القضاء المصري على تطبيق نصوص التقنين الحالي واجتهد ما وسعه الجهد في جلاء الغموض وتفصيل الإجمال وستر التناقض وتدارك النقص، حتى أضحت القواعد التي انتثرت في أحكام المحاكم لا تقل في خطرها عن القواعد التي وعتها تلك النصوص إن لم تجاوزها . ومن جهة أخرى نشطت حركة التأليف في فقه القانون المدني فجلا الفقهاء المصريون حقيقة هذا التقنين، وساهموا مساهمة قيمة في توجيه القضاء من ناحية، وفي إظهار عيوب النص واستشراف أفاق الإصلاح من ناحية أخرى، فلما أنست البلاد أنها توشك أن تسترد سياستها في التشريع كان من الطبيعي أن يتجه التفكير في سنة 1936 إلى اتخاذ الأهبة لتعديل القانون المدني تعديلا يتيح ليد الإصلاح أن تستحدث من الأحكام ما يسد النقص ويزيل الغموض ويواجه تطور الأحوال في البلاد.

10 – والآن قد استردت البلاد سيادتها التشريعية واوشك أن يتقلص أخر ظل من ظلال نظام الامتيازات ، يطيب للجنة أن تعرب عن عظيم اغتباطها بأن يكون القانون المدني الجديد تغبيراً مصرياً خالصاً عن هذه السيادة . فهو يعد بعد الدستور اهم تشريع وضعه المصريون انفسهم ، فقد أعد مشروعه فقيه مصري يشغل مكانة رفيعة بين علماء القانون ، وقد أدلى المصريون بالرأي فيه وكان هذا الرأي محل تقدير ودراسة ، وقد تولت مراجعته لجنة اشترك فيها من رجال الفقه والقضاء والمحاماة فريق من المبرزين . وهو في هذه المرحلة الأخيرة يعرض على نواب الأمة وشيوخها للنظر في أحكامه في ضوء علمهم وخبرتهم بتقاليد البلاد وأوضاعها وحاجاتها . فإذا جاوز هذه المرحلة اصبح القانون المدني " المصري" حقيقة ونعتاً . وكان للأجيال القادمة أن تعتز به وان تعلم لمجرد العبرة أو الذكرى أن مصر احتملت على مضض منها تقنيناً معيباً، ولكنها اجتهدت وجاهدت حتى أخرجت بنفسها ولنفسها هذا التقنين الجديد.

11 – وتود اللجنة أن تكتفي بهذا القدر في صدد عرض فكرة وجوب التعديل في ذاته . فمبدأ التعديل في ذاته كان مسلماً به في جميع مراحل البحث.

(2) تعديل شامل لا تعديل جزئي :

12 – على أن التسليم بمبدأ التعديل لم يحل دون إثارة مسالة المفاضلة بين أسلوبين، كان للحكومة أن تختار بينهما في تحقيق هذا التعديل: أسلوب التعديل الشامل وهو الأسلوب الذي اختارته الحكومة وأسلوب التعديل الجزئي ، من طريق تنقيح بعض النصوص وإضافة أحكام أخرى في نصوص التقنين نفسه أو في تشريعات تصدر على حدة . وقد رأت اللجنة نفسها أمام هذين الرأيين . أما الرأي الثاني فيستند إلى أن تطبيق القانون الحالي فترة طويلة من الزمان قرب منال أحكامه من القضاة والمتقاضيين وانزله منهم منزلة الوضع المألوف ، وفي التغيير أو التعديل الشامل ما يكبدهم مشقة استقصاء التقنين كله للوقوف على ما نقح أو حذف أو أضيف من النصوص ، يضاف إلى ذلك أن من الخير الاقتصار على التعديل في أضيق الحدود ولا سيما أن القضاء المصري زاخر بأحكام تداركت الكثير من نواحي النقص ، وفي التعديل الشامل ما قد يضيع هذه الثروة التي استقرت في التقاليد ، ويستند هذا الرأي أخيراً إلى أن التقنينات تشريعات ضخمة جرى العرف على تجنب المساس بها إلا في أضيق الحدود . فالتقنين المدني الفرنسي مثلا لم يعدل تعديلا شاملا حتى اليوم، واقتصر الأمر فيه على تعديلات جزئية وإضافات صدرت بها تشريعات خاصة.

13 – وقد ناقشت اللجنة هذا الراس وعرضت جميع الحجج المؤيدة له وانتهت إلى وجوب التعديل الشامل ، أي إلى إقرار المسلك الذي اتبعته الحكومة ، وذلك بسبب الرغبة في تناسق صياغة التشريع من ناحية ، وبسبب جسامة الإضافات بوجه خاص من ناحية أخرى ، فقد روعي أن أسلوب التعديل الجزئي قد يكون أولى بالترجيح ، حيث تقتضي الضرورة الاقتصار على مسائل قليلة لا يخل المساس بالنصوص المخصصة لها بما ينبغي للتشريع من تناسق في مجموعه ، أما حيث يتعلق الأمر بتعديل نصوص متعددة وإدخال إضافات كثيرة . فأسلوب التعديل الجزئي يكون ضاراً إذ يفضي إلى بعثرة الأحكام في تشريعات خاصة ، أو إلى وجوب تعديل طائفة من النصوص بسبب تنقيح لفظي يتناول نصاً معيناً بخصوصه ، ومن المعلوم أن القانون المدني بوجه خاص يتضمن كثيراً من النظريات العامة ، وقد نقل بعض هذه النظريات عن التقنين الفرنسي نقلا لا يخلو من خطأ ، وأصبح بعض أخر متخلفاً عن التطور الذي طرأ على أوضاع الحياة في الوقت الحاضر ، وتقويم هذا الخطأ في النصوص أو تهذيبها تهذيباً يساير التطور لا يقتصر على طائفة محدودة من المواد قد يتناول أكثر مواد التقنين الحالي ، وليس ثمة اكفل من التعديل الشامل بتحقيق هذا الغرض .

14 – هذا والصيغة العربية في التقنين الحالي كانت مجرد ترجمة عن الأصل الفرنسي يعوزها كثير من الدقة والصحة في الأداء ويعيبها سقم التعبير وركاكة الصيغة. وابلغ من هذا كله أن لغة الفقه والقضاء قد تطورت في حدود الأداء الفني تطوراً حدا بالكثيرين إلى إيثار النص الفرنسي لفهم مرامي الأحكام وحقيقة دلالتها. فمن الخير إذن أن يكون التعديل الشامل فرصة موفقة لصياغة النصوص العربية بلغة عربية سليمة واضحة.

15 – ويراعى من ناحية الموضوع أن مدى الإضافة ومبلغ التنقيح في الأحكام التفصيلية هما العنصران اللذان يتحكمان بصفة قاطعة في أمر المفاضلة بين الأسلوبين المتقدم ذكرهما . فالتقنين الحالي لم يتضمن إشارة إلى حكم تعاقب التشريعات في الزمان، ولم يفرد لتنازع القوانين سوى مواد ثلاث: إحداها تتعلق بالمواريث والثانية بالوصايا، والثالث بالأهلية. ولم يشتمل على قواعد عامة في شأن الشخصية المعنوية، ولم يورد أحكاماً عامة وخاصة في صدد حوالة الدين أو عقود المقاولات أو التزامات المرافق العامة أو عقد العمل أو الحكر أو إيجار الوقف أو تنظيم الإعسار أو تصفية التركات. وإذ لوحظ أن المواد التي تنظم هذه المسائل يربى عددها في المشروع على نصف عدد مواد التقنين الحالي، وأن الارتباط بينها وبين سائر المسائل التي يتناولها التقنين المدني لا يسوغ معه استصدار تشريعات خاصة بالنسبة إليها، رجحت كفة التعديل الشامل على نحو لا سبيل إلى الشك فيه.

16 – وثمة موضوعات أخرى أجمل التقنين الحالي الأحكام المتعلقة بها إجمالاً ادخل في معنى الاقتضاب، كتكوين العقد والدعوى البوليسية والاشتراط لمصلحة الغير والمسئولية التعاقدية والمسئولية التقصيرية والحراسة والملكية الشائعة وملكية الطبقات ورهن الحيازة وحق الاختصاص. وتفصيل مثل هذه الأحكام على تشعبها لا يجدي فيه أي تعديل جزئي إلا إذا أريد التغاضي عما يلابسها من عيب في غير حاجة أو مصلحة. والواقع أن الأمر لا يتعلق بمجرد التفصيل لزيادة الإيضاح أو إزالة الإبهام، ولكنه يتصل باستكمال أحكام ترتب على قصورها في كثير من الأحيان اختلاف المحاكم واضطراب المعاملات. ومن المحقق أن حسم هذا الخلاف من طريق التنويه صراحة بالحكم لا يتيسر مع تعدد الحالات وكثرتها على الوجه الذي تقدمت الإشارة إليه إلا بالتعديل الشامل.

17 – وقد راعت اللجنة فضلا عن ذلك أن التعديل الشامل يعين على إعادة تبويب القانون تبويباً منطقياً يبرز نواحي الارتباط والتقابل بين الموضوعات وييسر الجمع بين أطراف مسائل انتثرت أحكامها في التقنين الحالي دون نظام رغم ما بين أجزائها من وثيق الصلات فبهذا التعديل الشامل تيسر للمشروع أن ينهج هذا النهج المنطقي المتسق في التبويب وان يوصل الأحكام المتعلقة بالحيازة والحق في الحبس والدفع بعدم التنفيذ والنيابة في التعاقد وحقوق الارتفاق وحقوق الامتياز. ففي ذلك ما يعين على تقريب الأحكام من الأذهان وييسر فهمهما وتطبيقها .

18 – وعلى أساس هذه الاعتبارات لم تر اللجنة أن يكون التعديل جزئياً، فالحجة الخاصة بإرهاق المتعاملين من جراء ترك ما ألفوا في التقنين القديم وتقضي وجوه الإصلاح في التقنين الجديد لا يجوز أن تكون مبرراً لحرمانهم من حسنات هذا الإصلاح. فالحقيقة أن الذين الفوا التقنين القديم هم جمهور المشتغلين بفقه القانون وتطبيقه، وهذا الفريق هو أبصر الناس بحاجة هذا التقنين إلى التعديل الشامل، وهو أقدر من غيره على إدراك نواحي التجديد دون عناء، أما سواد الناس فلم يألف من التقنين الحالي سوى المبادئ العامة آلتي ترتفع إلى مستوى الكليات، وقد تقدم من قبل أن هذه المبادئ باقية في جملتها لم يغير منها المشروع شيئاً، ولذلك لم تر اللجنة أن تقف عند هذه الحجة ولم تر فيها ما يرجح كفة التعديل الجزئي بحال من الأحوال.

19 – والحجة الخاصة بإهدار الثروة التي أسفر عنها اجتهاد القضاء بسبب التعديل الشامل قد تكون ادعى إلى توجيه هذا النوع من التعديل فاللجنة تدرك حق الإدراك سعة الفجوة التي وفق القضاء إلى سدها وتدرك كذلك أن القضاء قد اجتهد اجتهاداً إنشائياً عوض المتعاملين في موضوعات شتى عن قصور التشريع ، ولكنها تصدر في رأيها بالنسبة إلى هذه المسالة من اعتبارين : الأول أن طغيان سوابق القضاء على أحكام التشريع لا يقبل في ظل نظام التقنين ، فالمقصود من تقنين القواعد هو دعم الاستقرار بفضل تعامل الناس على أساس " القانون المسطور " فإذا كان التقنين هزيلاً يفتقد فيه القاضي الحكم فلا يجده ، ويتطلع إليه المتقاضي فلا يهديه في كثير من الموضوعات الهامة فهو خليق بأن يكمل على أساس تعديل شامل ليؤدي وظيفته على الوجه الأمثل .

20 – والثاني أن أحكام القضاء متى تواترت على إقرار قواعد بلغت من الجسامة والسعة هذا الحد الذي يعرفه المشتغلون بالقانون في مصر فمن الخير أن تقنن وان يهيأ لها المكان الذي يتناسب مع أهميتها في نصوصه. بل إن خير أسلوب يتبع في التقنين هو صياغة المبادئ التي أقرها القضاء وثبتت صلاحيتها العلمية في نصوص التشريع فلن يكون في التعديل الشامل إهدار للثروة التي أفاءها اجتهاد القضاء وإنما سيكون هذا التعديل خير سبيل للاحتفاظ بهذه الثروة وتيسير الانتفاع بها للقضاة والمتقاضين. وغني عن البيان أن تقنين المبادئ التي يقررها القضاء يعصم المتعاملين من الاستهداف لاحتمال تضارب الآراء، ويقيل القضاة من عناء الاجتهاد الإنشائي ويركز جهودهم في نطاق التفسير والتطبيق. وإزاء هذين الاعتبارين لم تر اللجنة في الحجة الثانية التي استند إليها أسلوب التعديل الجزئي ما يبرر العدول عن أسلوب التعديل الشامل .

21 – أما الحجة الخاصة بوجوب الاقتصار في التعديل على أضيق الحدود ووجوب احتذاء مثال للفرنسيين في موقفهم من تقنينهم فلا يرد إلا حيث يكون التقنين المراد تعديله قد نشأ كاملا أو قريباً من الكمال ، وحيث يكون مدى التعديل من طريق الإضافة أو التهذيب محدوداً . وقد أشار التقرير من قبل إلى الظروف التي وضع التقنين المصري فيها وأفاض في بيان مدى التعديل وجسامته، وليس يجوز بعد هذا الاجتزاء بتعديل لا يجاوز حدود التفاصيل. والواقع انه لا محل للمقارنة بين التقنينين المصري والفرنسي ، فقد نقل الأول عيوب الثاني واربى عليها واسرف في الاقتضاب إسرافاً أورثه من الغموض والتناقض والقصور ما سبقت الإشارة إليه ومع ذلك فقد وجدت في فرنسا حركة قوية لتعديل هذا القانون العتيق أسفرت عن إصدار مرسوم في 7 يونيه سنة 1945 بتأليف لجنة برياسة الأستاذ جوليو دي لا مورانديير للقيام بهذا التعديل ، وقد نشر الجزء الأول من أعمال هذه اللجنة في سنة 1947 (أعمال لجنة تعديل القانون المدني باريس سيري سنة 1947) وقد عدلت في السنوات الأخيرة كثير من تقنينات نسجت على منوال التقنين الفرنسي تعديلا شاملا لمواجهة ما جد من أحداث الحياة . وأبرز مثال يساق في هذا الصدد التقنين الإيطالي الصادر في سنة 1942، وإزاء كل أولئك رأت اللجنة إقرار الحكومة على مسلكها في اختيار أسلوب التعديل الشامل .

(3) طرائق التعديل :

22 – وانتقلت اللجنة إلى دراسة طرائق التعديل فعرضت لتبويب المشروع والمصادر التي استمد منها الأحكام، ووقفت بوده خاص عند كيفية الصياغة. ولم يثر التبويب أية صعوبة لأن المشروع قد قسم تقسيما منطقياً فافرد باباً أول للنصوص أو الأحكام العامة التمهيدية جمع فيه بعض القواعد المتعلقة بمصادر القانون وكيفية تطبيقه والقواعد الخاصة بالأشخاص والقواعد التي تتناول تقسيم الأموال والأشياء. وقد هيأ هذا الباب للمشروع فرصة إيراد قواعد تنظم تنازع القوانين في الزمان وتنازعها في المكان والشخصية المعنوية ، ووزع المشروع بعد ذلك سائر أحكامه بين قسمين خصص أولهما للالتزامات أو الحقوق الشخصية ، فعالج الالتزام بوجه عام والعقود بوصفها تطبيقاً أو تفصيلا لنظرية الالتزام ، وجمع في القسم الثاني الأحكام الخاصة بالحقوق العينية ، فعرض في كتاب للحقوق العينية الأصلية ، وفي كتاب أخر للحقوق العينية التبعية أو التأمينات وليس للجنة ملاحظات على هذا التقسيم في جملته أو تفاصيله فهو يفضل بغير شك التقسيم المتبع في التقنين الحالي .

23 – أما مصادر الأحكام وكيفية صياغتها فقد أولتها اللجنة أكبر نصيب من عنايتها وقد انتهت إلى إقرار مسلك المشروع في شأنها بعد أن بحثت جميع الآراء التي أبديت فيها. فعرضت لما قيل من التماس الأحكام من مصادر غير التشريع الفرنسي الذي كان يعتبر المصدر الأساسي للتقنين الحالي. وعرضت لما قيل من أن تعدد المصادر الأجنبية يقطع الصلة بين الماضي والحاضر. وعرضت كذلك لما قيل في معرض التدليل النظري، من أن كل تقنين أجنبي يعتبر وحدة متجانسة الأجزاء، والاستعانة في صياغة أحكام التشريع المصري بأكثر من تقنين أجنبي قد يفضي إلى الجمع بين متناقضات أو متنافرات.

24 – عرضت اللجنة لكل هذه الآراء في مستهل بحثها ومحصن كلا منها معتمدة على الواقع الذي استخلصته من نصوص المشروع فتبينت أنها لا تقوم على أساس ذلك أنها درست النصوص دراسة قوامها دقة النظر والإحاطة بظروف الحياة في مصر والإلمام بما جاء في المذكرات الإيضاحية التي قدمتها الحكومة حتى انتهت من نظر النصوص جميعها، فتبينت سلامة الطرائق التي اتبعت في التعديل.

25 – ذلك أن اللجنة قد تبينت أن المصادر التي استمد منها المشروع أحكامه هي التقنين الحالي وما صدر في شأنه من أحكام المحاكم المصرية أولا. وما من نص من نصوص هذا التقنين إلا وأشير إليه في معرض إيضاح النص المقابل له في المشروع في المذكرات الإيضاحية التي قدمتها وزارة العدل، وما من مبدأ استقر القضاء على الأخذ به في تفسير هذه النصوص إلا عرضته هذه المذكرات. وهي في الحالتين تنوه بالإبقاء على الحكم الوارد في النص أو بالتعديل الذي آثرت إدخاله على صياغته تمشياً مع أحكام القضاء أو آراء الفقه ، أو بالإضافة التي رأت إثباتها أخذا بهذه الآراء أو تلك الأحكام ، فالمشروع في هذه الناحية قد ابقى على كل ما هو صالح من قواعد التقنين الحالي ، وإن كان قد هذب صياغتها تهذيباً يتلاءم مع تطور اللغة الاصطلاحية في مصر وأساليب الصياغة فيها ، وهو بهذه المثابة قد احتفظ بالقواعد العامة التي تضمنها هذا التقنين في الجملة ، وأضاف إليها ما اجتهد القضاء في إقراره على أساس هذه المبادئ ، فلا هو يقطع الصلة بين الماضي والحاضر ولا هو يضيع ثروة القضاء من المبادئ والتقاليد ، وإنما هو على النقيض من ذلك يضفي على ما استقر من الأوضاع في الماضي صبغة جديدة من الإصلاح تبرئه من العيوب التي خالطته ، وتكفل الانتفاع منه على أمثل وجه .

26 – وإذا كان هذا التقرير لا يتسع لإيراد أمثلة كثيرة تصور هذه الحقيقة، ففي الوسع الاقتصار على بعض تطبيقات من الكتاب الخاص بنظرية الالتزامات، وهي أهم نظرية من نظريات القانون المدني وأوسعها نطاقاً في التطبيق. فالمشروع فيما يتعلق بمصادر الالتزام حذا حذو التقنين الحالي فتناول العقد والفعل بقسميه النافع والضار. ونص القانون على انه وان التزم هذه الحدود في التقليد إلا أنه ابرز كيان الفعل النافع واستخلص من أحكام القضاء المصري بوجه خاص ومن اتجاهات الفقه بوجه عام أسس نظرية عامة في الإثراء مهد بها لإيراد تطبيقيه التقليدين، وهما دفع غير المستحق والفضالة. ثم أضاف إلى هذه المصادر الإرادة المنفردة بعد ا ناقرها القضاء والفقه في مصر بوصفها مصدراً للالتزام دون أن يجانب في ذلك ما هو مقرر في الفقه الإسلامي وهو مصدر الكثير من الأحكام المطبقة في شأن المواريث والوصايا وغيرها من الأحوال الشخصية. على أن المشروع في اعترافه بالإرادة المنفردة أو الإقرار بكفايتها لإنشاء الالتزام لم يتطرف أو يسرف، وإنما اقتصر على إيراد تطبيق عملي واحد كان القضاء يلتمس له الحل من طريق إرهاق النصوص وتحميلها ما تنكره ألفاظها ودلالتها وفي هذا المثال ما يكشف عن سلامة الخطة التي انتهجها المشروع في الإبقاء على القديم الذي صقلته التجارب وتهذيبه من طريق التنقيح أو الإضافة مستهدياً باتجاهات القضاء وما يكابده من الناحية العملية .

27 – وفي القواعد المتعلقة بالعقد وهو المصدر العملي الأول للالتزامات نسج المشروع على منوال التقنين الحالي، فجعل الرضا ركناً في العقد ونص على أن المجل والسبب ركنان في الالتزام التعاقدي. وليست فكرة السبب بالفكرة المنزهة عن التجريح والنقد ولا هي بالفكرة التي أجمعت التقنينات الأجنبية على الأخذ بها، ومع ذلك فقد أبقي المشروع عليها إيثارا للاحتفاظ بالموروث من التقاليد وبوجه خاص لتيسير الانتفاع بالأحكام التي أصدرها القضاء في هذا الشأن، وكانت النصوص المتعلقة بالسبب في التقنين الحالي مقتضبة كل الاقتضاب، ففصلها المشروع وأكمل نواحي النقص فيها دون أن يستعين في هذا أو ذاك بما استقر عليه قضاء المحاكم في مصر وما وعته أحكامه من المبادئ الكلية أو التفصيلية. ومن الخير أن يشار في صدد أركان العقد إلى أن النصوص التي اشتمل عليها التقنين الحالي لم تواجه كيفية انعقاد العقد . وقد قام القضاء من ناحيته بتدارك هذا النقص فاقر كثيراً من المبادئ المستخلصة من القواعد العامة. ولم يخرج المشروع في الأحكام التي تضمنها في موضوع انعقاد العقد على تلك القواعد أو المبادئ، وإنما قننها تقنيناً اكسبها من الوضوح والاستقرار ما يعود بالخير على المتعاملين. وكذلك كان نهج المشروع فيما يتعلق بعيوب الرضا ونظرية البطلان وغيرها، من المسائل المتصلة بتنظيم العقد.

28 - وفي القواعد الخاصة بالمسئولية عن الفعل الضار وهو المصدر الذي يكاد ينافس العقد في الوقت الحاضر في الأهمية ابقى المشروع على القاعدة العامة في المسئولية على أساس الخطأ أو التقصير وعقد أهلية المساءلة بالتمييز على غرار ما هو مقرر في التشريع الحالي ، ونص على مسئولية المكلف برعاية غيره ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه على نحو ما جاء بهذا التشريع . ولم يورد من التفصيلات في صدد حالات المسئولية وأسباب الإعفاء منها إلا ما اقتضته ضرورة جلاء الغموض الذي يسود النصوص الحالية أو ضرورة تمشيها مع العدالة أو تقنين ما استقر من القواعد في أحكام المحاكم. والواقع أن المحاكم المصرية اجتهدت في تفسير النصوص المتعلقة بالمسئولية التقصيرية بل وفي تأويلها اجتهاداً لا يسمح به ظاهر هذه النصوص. فكان من الواجب أن يتناول التشريع المدني الجديد ما انتهت إليه هذه الأحكام ويفرد لها مكاناً في النصوص. وإذا كان المشروع قد أضاف نصوصاً جديدة فهذه النصوص لا تتعارض مع القواعد العامة التي نقلت عن التشريع الحالي، بل هي من قبيل ما يعتبر مكملاً أو مفصلاً.

29 – واللجنة تجتزئ بهذا القدر من الأمثلة وتكتفي بالتنويه بأن المشروع لم يخل بالقواعد العامة التي قررها التشريع الحالي بل أكسبها من التهذيب ما كانت تتطلع البلاد إليه، وهي مطمئنة إلى أن صياغة المشروع على هذا الوجه فيها من الرعاية لهذه القواعد ما يدفع كل شبهة قد تعرض للذهن فيما يتعلق بوصل الحاضر بالماضي أو بالانتفاع بما استقر من المبادئ والآراء في قضاء المحاكم المصرية. وهي مطمئنة كذلك إلى أن تقنين ما قرره القضاء على الوجه الذي تكشفت عنه نصوص هذا المشروع يعتبر عملاً حكيماً .

30 – وتبينت اللجنة كذلك أن المشروع اعتمد على الشريعة الإسلامية إلى حد بعيد بين مصادره ، فجعلها مصدراً عاماً يرجع إليه القاضي إذا لم يجد حكماً في التشريع أو العرف ، وجعلها مصدراً خاصة لطائفة لا يستهان بها من أحكامه . ولا ينكر ما للفقه الإسلامي من مكانة رفيعة بين مذاهب الفقه العالمي، فكيف وقد كان ولا يزال معتبرا في القانون العام في كثير من المسائل في مصر. وفي تقوية الصلة بين المشروع وأحكام الشريعة الإسلامية إبقاء على تراث روحي حري بأن يصان وأن ينتفع به. واللجنة تسجل ما صادفت في المشروع من أحكام أخذت عن الشريعة الإسلامية كالأحكام الخاصة بنظرية التعسف في استعمال الحق وحوالة الدين ومبدأ الحوادث غير المتوقعة. وهذه الأحكام جميعاً تتضمن من القواعد ما يعتبر شاهداً من شواهد التقدم في التقنينات الغربية، وان كان فقهاء الشريعة قد فطنوا إلى ما حوت من أحكام واحكموا سبكه وتطبيقه على ما عرض في عصورهم من أقضية لقرون خلت قبل أن يخطر شيء من ذلك ببال فقهاء الغرب أو من تولوا أمر التشريع فيه.

31 – ونقل المشروع أيضا عن الشريعة الإسلامية طائفة من الأحكام التفصيلية يكفي أن يشار في صددها إلى ما تعلق بمجلس العقد وإيجار الوقف والحكر وإيجار الأراضي الزراعية وهلاك الزرع في العين المؤجرة وانقضاء الإيجار بموت المستأجر وفسخه بالعذر. هذا إلى مسائل أخرى كثيرة سبق أن اقتبس التقنين الحالي أحكامها من الشريعة الإسلامية وأبقاها المشروع، كبيع المريض مرض الموت والغبن وتبعة الهلاك في البيع وغرس الأشجار في العين المؤجرة والعلو والسفل والحائط المشترك. أما الأهلية والهبة والشفعة والمبدأ الخاص بألا تركة إلا بعد سداد الدين فقد استمد المشروع أحكامها من الشريعة الإسلامية، وهي أحكام لها أهميتها في الحياة العملية.

32 – وفي حدود المصدر الثاني كان مسلك المشروع قويماً ارتاحت إليه اللجنة وآنست فيه اتجاهاً إلى تقدير ما للفقه الإسلامي من مزايا أدركها علماء الغرب منذ زمن بعيد، وبقي على دول الشرق أن تحلها المحل الخليق بها وان تعبر عملياً عن اعتزازها بها وحرصها على استدامتها. ولعل من نافلة القول إن يشار إلى أن هذا المسلك أمعن في رعاية ما للماضي من حرمة وأبلغ في قضاء حق القدماء الذين تعهدوا الفقه الإسلامي باجتهادهم وأسبغوا على أحكامه من المرونة ما جعلها تتسع لما درج الناس عليه في معاملاتهم. ولا ترى اللجنة في الرجوع إلى الشريعة الإسلامية على هذا الوجه أي مساس باستقرار المعاملات، بل ترى فيه تمكيناً لأسباب هذا الاستقرار من طريق تقصي التقاليد الصالحة التي ألفها المتعاملون في البلاد منذ مئات السنين.

33 – على أن للمشروع مصدراً ثالثا هو التقنينات الأجنبية ، وبوجه خاص الحديث منها ز وقد تبينت اللجنة أن المشروع لم يقف من هذه التقنينات عند تقنين بخصوصه ، وإنما تخير منها افضل ما تضمنت مما آنس صلاحيته لمواجهة ضرورات التعامل من جانب وانسجامه مع سائر أحكام المشروع وأسسه العامة من جانب أخر , ويدل استقرار نصوص المشروع على أنه انتفع بالتقنينات الأجنبية من وجهين ، فهو قد اعتبرها عنصراً من عناصر الاستئناس في الصياغة اللفظية للنصوص ، سواء في ذلك ما أبقى من أحكام التقنين الحالي أو ما استحدث من طريق التنقيح أو الإضافة في ضوء ما استقر عليه القضاء . وهو قد استعان ببعضها في مواطن أخرى، فاقتبس منها أحكاماً تفصيلية في بعض الموضوعات التي أغفلها التقنين الحالي إغفالاً تاماً. وكلا الوجهين لم يؤثر في وحدة الأسس العامة التي قام عليها المشروع أو في تجانسها وتناسقها .

34 – وقد لاحظت اللجنة فيما يتعلق بالوجه الأول أن الاستئناس بالصيغ التي استعملت في التقنينات الأجنبية عند تحرير النصوص يتيح الإفادة من تجربة الغير في التعبير ودقة الأداء. فما دام جوهر الحكم في التشريع قد سلم من الخلاف فالاستئناس في التعبير عن معناه بالصيغ الواردة في أي تقنين أجنبي، لا يجوز أن يكون عيباً ينال من قيمة الحكم أو قيمة الصيغة على حد سواء، ولا يجوز كذلك أن يكون سبيلا إلى الإلزام بالرجوع إلى التقنين الذي كان عنصراً من عناصر الاسترشاد في وضع الصيغة. ومما كان يزيد في اطمئنان اللجنة إلى سلامة الصيغة ركونها إلى مقارنتها بما يقابلها في التشريعات الأجنبية من صيغ كانت وليدة تفكير طويل وتحقيق دقيق.

35 – والكثرة الغالبة من النصوص المعروضة قد ظفرت من وراء الاستئناس بصيغ التقنينات الأجنبية بدقة في الأداء وإيجاز في التعبير جعلا للمشروع قيمة فنية ذاتية وطابعاً حسناً. وقد روجعت هذه النصوص في اللجنة التي أنشأتها وزارة العدل بعد جمع الآراء من طريق الاستفتاء وروجعت كذلك في لجان مجلسي البرلمان، وادخل عليها من التعديل اللفظي والموضوعي ما يجعلها تعبر تعبيراً واضحاً عن المعاني التي قصدت إلى أدائها. ولا محل لأن يعاب على المشروع انتفاعه من التجربة التي انتهت إليها التقنينات الأجنبية في حدود الصياغة، ولا سيما بعد أن روجعت الصياغة على النحو المتقدم ذكره وانفصلت بذلك عن كل مصدر من مصادر الاستئناس، وأصبحت معبرة في ذاتها عن المعاني التي استظهرها كل من ساهم في وضع المشروع أو مراجعته أو إقراره. ومن الواجب أن يشار في هذه المناسبة إلى أن صيغ التقنينات المدنية ذات المنزع الواحد تتقارب تقارباً يجعل توحيدها أمراً غير عسير، وأن هذه الصيغ رغم تعددها لا تتباعد تباعدا يذكر في جوهر الحكم .

36 – أما النصوص التي اقتبست أحكامها من تقنينات أجنبية من حيث الموضوع فهي قليلة إذا قيست بسائر نصوص المشروع، وهي تعالج أوضاعاً مستقلة أو مسائل تفصيلية تصلح لأن يفصل فيها برأي أو أخر في أي تقنين من التقنينات دون أن يخل ذلك بتناسق قواعده العامة أو تماسكها. ولم يتوخ المشروع في ذلك مجرد النقل أو التقليد دون نظر إلى ظروف البيئة المصرية ولكنه جعل من ظروف هذه البيئة رائدة فاسترشد بها في المفاضلة بين الحكم الوارد في تقنين وبين غيره مما في تقنينات أخرى وأدخل في كثير من الحالات على ما اقتبس من أحكام تعديلات جوهرية نزولا على ما تقتضي تلك الظروف، وهو في هذا لم يشذ عن الأسلوب المتبع في أكثر الدول عند التقنين في الوقت الحاضر، والمتبع في مصر فعلا بالنسبة إلى كثير من التشريعات. وقد أدمجت الأحكام التي اقتبست على هذا الوجه في المشروع وروعي في هذا الإدماج أحكام التآلف بينها وبين سائر أجزائه، ثم روجعت في مختلف اللجان على ما تقدم ذكره من قبل فاستوى من ذلك كله تقنين متواصل الأجزاء متجانس الأحكام.

37 – فمن أمثلة الأوضاع المستقلة التي استرشد فيها المشروع بالتقنينات أو التشريعات الأجنبية مسائل تنازع القوانين أو فواعد القانون الدولي الخاص ، فلم ينقل فيها التقنين الحالي عن القانون الفرنسي وإنما نهج نهج التقنين الإيطالي القديم ، بل ولم تقتبس لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة من هذا القانون الأحكام التي اشتملت عليها في المادة 29 وهي الخاصة ببيان القانون الواجب تطبيقه في مسائل الأحوال الشخصية ، وإنما اقتبستها من مصادر متعددة من بينها معاهدة لاهاي الخاصة بقواعد الزواج والطلاق وقواعد القانون الإيطالي والقانون الألماني وغيرهما من التشريعات التي قننت بعض قواعد القانون الدولي الخاص . وقد رأت اللجنة أن التقنين في صدد هذه القواعد يجب أن يستأنس بأكبر عدد من التقنينات وأن يتخير اكثر الأحكام ملاءمة لسياسة البلاد في عهدها الجديد ولا سيما أن القضاء المصري نفسه عندما كان يعمد إلى الاجتهاد في مسائل القانون الدولي الخاص كان يستهدي بكثير من التشريعات الأجنبية التي تشير إليها كتب الفقه دون أن يتقيد بتشريع معين . بل و قد اطلعت اللجنة على بعض وثائق إعداد التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة 1942 وتبينت منها أن الاستعانة بنصوص التشريعات الأجنبية في مسائل القانون الدولي الخاص لم تكن تختلف في شيء عما فعل المشروع .

38 – ومن أمثلة المسائل التفصيلية التي نقل فيها المشروع عن تشريعات أجنبية ، تحديد مدة لسقوط الحق في طلب إبطال العقد ، فهذا التحديد مجرد تنظيم لاستعمال هذا الحق وهو تنظيم لا يمس أسباب الإبطال ولا أثاره ، ومن المتصور أن يضاف الآن إلى التقنين الحالي دون أن يترتب على ذلك تعديل في أي نص من نصوص هذا التقنين أو أي حكم من احكماه العامة ز ولم تر اللجنة إقرار الحكم المتعلق بتحديد المدة لمجرد اقتباسه من تشريع أجنبي معين ، ولكنها اقتنعت بان قيام الحق في طلب الإبطال يستتبع وجود وضع غير مستقر في نطاق التعامل ، ومن المرغوب فيه أن يوضع حد لعدم استقرار هذا الوضع دون إخلال بما ينبغي لذوي الشأن من حماية . ولم يختلف عن ذلك رأي اللجنة في سائر مدد السقوط القصيرة التي استحدثها المشروع لتوطيد أسس الاستقرار. ففي هذه الصور وما ماثلها يكون الاستحداث سديداً، لأنه يعود بالنفع دون أن تتأثر الأسس العامة في التقنين أو تفقد تواصلها.

39 – وقد يقع أن تتطلب المسألة التفصيلية وضع طائفة من النصوص يتفاوت عددها قلة وكثرة بتفاوت الأحوال، ومع ذلك فلا يكون لاقتباس هذه النصوص من أي تقنين أجنبي ما يجانب منطق الأسس العامة في المشروع. فمن ذلك مثلا أن المشروع نظم ملكية الأسرة، وهي صورة خاصة من صور الملكية الشائعة مستهدياً في ذلك بالتقنين السويسري والتقنين الإيطالي، فاستجاب لحاجة يدرك خطرها كل من شهد اندثار كثير من المشروعات النافعة وتفتت الثروة عقب موت رب الأسرة في مصر. وفي نطاق هذا التنظيم يظل جوهر الملكية الشائعة باقياً، ولكن تفصيله ينسق على النحو الذي يكفل استغلال ملكية الأسرة لمصلحة الملاك جميعاً ولمصلحة الاقتصاد القومي في البلاد. ومن ذلك أيضا أن المشروع استقى القواعد الخاصة بملكية الطباق من التقنين الحالي ومن الفقه الإسلامي وقضاء المحاكم المصرية، ولكنه استمد من القانون الفرنسي الصادر في سنة 1938 أحكاما خاصة تنظم علاقات ملاك الطباق إذا أرادوا أن يكونوا اتحاداً فيما بينهم، وهذا التنظيم لا يعرض إلا للتفاصيل، وتظل إلى جانب هذه التفاصيل تلك القواعد العامة أساساً لهذا النوع من الملكية وهو يلائم البيئة المصرية ويشجع الادخار ونشر الملكيات الصغيرة.

40 – هذه وتلك أمثلة رأت اللجنة عرضها لتظهر بصورة عملية سلامة الخطة التي اتبعها المشروع فيما يتعلق بتنفيذ التعديل ووسائله، فتعدد مصادر المشروع لا يعتبر بمجرده وبصورة جازمة مانعاً من تجانس الأحكام أو تناسقها أو تواصلها. وكذلك الشأن فيما قيل عن مصادر النص الواحد فالعبرة في هذا كله بجوهر الأحكام وحقيقة الواقع. وليس بصحيح من الناحية العلمية أو العملية أن كل تقنين من التقنينات المدنية يعتبر وحدة غير قابلة للتجزئة ، بحيث يكون من غير المستطاع أو من غير المقبول أن ينقل نص أو طائفة من النصوص من تقنين إلى تقنين أخر ، فكثير من النظريات التي نشأت في ظل التقنينات الجرمانية كالتقنين الألماني والسويسري نقلت إلى فقه التقنينات اللاتينية ، وفي مقدمتها التقنين الفرنسي والتقنين الإيطالي القديم ، ولا يخلو في الوقت الحاضر مرجع من مراجع القانون المدني الفرنسي من الإشارة إلى نصوص القانون المدني الألماني أو القانون المدني السويسري ، والإشارة إلى تفصيل ما تضمنا من النصوص في مواطن كثيرة .

41 – وتؤثر اللجنة أن تتقي الاسترسال في هذا البحث النظري وان تستمد الدليل العملي القاطع من تجربة القانون المدني الحالي وحده. فهذا القانون قد استمد اكثر نصوصه من التقنين الفرنسي واستمد بعضها من التقنين الإيطالي القديم، واستمد بعضاً أخر من الشريعة الإسلامية. ومع هذا فقد عاشت النصوص المستمدة من الشريعة الإسلامية إلى جانب ما جاورها من أحكام القانون الفرنسي دون أن يدعي أحد بفقدان التجانس بين أجزاء التقنين القائم مع ما بين هذا التقنين وتلك الشريعة من تباعد واختلاف بين في أسس الصياغة الفنية ومنطق التنظيم، ولم يخل التقنين الحالي من أحكام استقيت من الشريعة الإسلامية وأحكام نقلت عن القانون الفرنسي جمعت في نص واحد، دون أن يؤدي هذا الجمع إلى اضطراب مفهوم النص أو تعذر تطبيقه.

42 – وقد يكون من المفيد أن تضيف اللجنة إلى ما تقدم أن واضع التقنين اللبناني الحديث ، وهو من كبار أساتذة القانون المدني في فرنسا ، ضمن هذا التقنين كثيرا من الأحكام التي أخذ بها القانون الألماني والقانون السويسري والقانون التونسي والقانون المراكشي ، وأن القانون البولوني اشترك في وضعه كذلك أحد البارزين من أساتذة القانون في فرنسا ، واشتمل على نصوص كثيرة نسج فيها على منوال التقنينات الجرمانية وغيرها من التقنينات الحديثة وقد استمد التقنين الإيطالي الحديث أحكاما عدة من هذه التقنينات مع أن إيطاليا ظلت زهاء قرن من الزمان تطبق تقنيناً مستمدا من التقنين الفرنسي .

43 – قد يقال أن لكل دولة مذهبها في فقه التقنين وتخريج أحكامه على طرائق من النظر تمثل تصويراً فكرياً معيناً، ولكن هذه المذاهب لا تعتبر أصلا جامعاً للحلول العملية التي يتضمنها التقنين، فعلة كل حل من هذه الحلول هي الحاجة التي اقتضت وضعه، ومتى وجدت حاجة للمتعاملين في مصر فمن غير المعقول أن نمتنع عن أن نستمد لها حكما من أي تشريع سبقنا إلى مواجهتها لا لسبب إلا تشبثاً بوجوب النقل عن تشريع معين قد لا ينفعنا في هذا الشأن.

44 – أما ما يقال عن صعوبة التفسير وإلزام القاضي بالرجوع إلى فقه دول متعددة للوقوف على مفهوم نص معين، فترى اللجنة أن النصوص متى أدمجت في التقنين انعزلت عن مصادر الاستئناس، وأصبح لها كيان ذاتي قوامه تساندها مع غيرها من نصوص هذا التقنين، وأثرها في البيئة التي تعيش فيها وانفعالها بظروف هذه البيئة. فما نقل من الصيغ أو النصوص عن تشريعات أو تقنينات أجنبية وصل بنصوص أخرى في المشروع تحددت دلالتها من قبل في التقنين الحالي وفي الفقه المصري وأحكام القضاء في مصر، وهذا التآلف هو أول، بل وأهم عنصر من عناصر التفسير.

 

ما رأت اللجنة إدخاله من تعديل أو إضافة أو حذف (2)

45 – عرضت اللجنة نصوص المشروع في كثير من الإمعان وكانت تقف عندها نصاً نصا تقارن الحكم بما يقابله في التقنين الحالي، وتستظهر في كثير من الأحيان ما يقابله في التقنينات الأجنبية وتتقصى موقف القضاء وحاجات المتعاملين ولذلك أدخلت على هذه النصوص ما عن لها من التعديلات من طريق التنقيح أو الإضافة أو الحذف. بيد أن هذه التعديلات لم تتناول من المشروع أسسه العامة أو مقوماته الجوهرية وإنما تناولت مسائل يتسع فيها مجال الاستحسان لتفاوت النظر أو اختلاف التقدير. وقد توخت اللجنة في استحسانها أن تتخفف من التطبيقات ما دامت القاعدة العامة قد أفرغت في صيغة واضحة، وأن تتوسط فلا توسع كل التوسيع على القضاة في تقديرهم ولا تغالي في تقييدهم. وتحرص اللجنة قبل سرد التعديلات على الإشارة إلى طوائف ثلاث من النصوص اتخذت في شأنها قراراً بالحذف أو التهذيب.

46 – الطائفة الأولى تناولت بيع الوفاء وقد رأت اللجنة بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة جدية في التعامل إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستاراً لرهن وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس. والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان اقل بكثير من هذه القيمة .

ويعتمد غالبا على احتمال وفائه بما قبض قبل انقضاء اجل الاسترداد، ولكنه قل أن يحسن التقدير. فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبناً ينبغي أن يدرأه القانون عنه. ولذلك رؤي أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء، وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصور. وبهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما دون أن يتسع المجال لغبن قلما يؤمن جانبه .

47 – والطائفة الثانية أفردت لعقد التامين وقد حمدت اللجنة للمشروع عنايته بهذا العقد ولا سيما بعد أن أصبح التأمين وضعاً مألوفاً في نطاق التعامل ، واتسع نشاط شركات التامين وتعددت شعابه . إلا أن ناحيتين من نواحي عقد التأمين استرعتا انتباه اللجنة ووجهت رايها في هذا الشأن: الناحية الأولى أن تنظيم هذا العقد تنظيماً كاملا يواجه جميع تفاصيله وجزئياته وما يتخصص به كل نوع من أنواعه أمر يتطلب الإفاضة على نحو قد يخل بتناسق القسم الخاص بالعقود في المشروع المعروض. والناحية الثانية أن هذا التنظيم لا يزال في عنفوان تطوره فهو في حاجة دائمة إلى التنقيح والإضافة، وإزاء ذلك قد يكون من الأنسب أن تظل تفاصيله بعيدة عن نطاق التقنين .

هذا إلى أن من نواحي تنظيم عقد التامين ما يحسن أن تتناوله لوائح تنفيذية لم يجر عرف الصياغة بإصدارها بالنسبة إلى التقنينات. ولذلك آثرت اللجنة أن تبقي في المشروع القواعد الكلية المنظمة لعقد التامين وأن تحذف ما عداها، على أن يصدر تشريع خاص يتناول الجزئيات والتفاصيل التي تقدمت الإشارة إليها .

48 – أما الطائفة الثالثة فتتعلق بحق الاختصاص، وكان من رأي بعض أعضاء اللجنة أن هذا الحق يجب أن يقيد على نحو يدفع ما وجه إلى استعماله من نقد، وقد تبينت اللجنة أن المشروع ادخل من التحسين على النصوص المتعلقة بحق الاختصاص ما يعالج عيوب أحكام التشريع الحالي، ولكنها رأت إمعاناً في ضمان حسن استعمال هذا الحق أن تضع قيوداً تحقق المساواة بين الدائنين وحماية مصالحهم عند التزاحم .

ولذلك قررت أن تقصره على من استصدر من الدائنين حكما واجب التنفيذ .

49 – هذا ولا يسع اللجنة إلا أن تنوه بتقديرها للمعونة القيمة التي صادفتها من حضرات الأساتذة سكرتيري اللجنة الموظفين في جميع مراحل البحث وهي تذكر لهم بالثناء ما بذلوا من جهود صادقة في سبيل التعجيل في إخراج المشروع في صيغته الحالية ومراجعته في يقظة محمودة خلال فترة وجيزة رغم ضخامة العمل ودقته.

واللجنة إذ تورد فيما يلي أهم التعديلات التي رأت إدخالها ترفع تقريرها هذا راجية من المجلس الموقر إقراره بالصيغة المرافقة . (3)

%%%%%%



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 119 .

(2) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 137 .

(3) ستذكر هذه التعديلات وما ورد في شانها من ملاحظات تحت النصوص التي عدلت فيما عدا التعديلات اللفظية فقد رئي إغفالها توخياً للإيجاز .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق