الصفحات

الأربعاء، 15 نوفمبر 2023

الطعن 3938 لسنة 85 ق جلسة 18 / 8 / 2020

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الثلاثاء (ه)
برئاسة السيد المستشار / معتز احمد محمد " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر عزت نائب رئيس المحكمة هشام عز الدين ، محمد فاروق وإيهاب طنطاوى
وبحضور رئيس النيابة السيد / أحمد عبدالرازق.
وأمين السر السيد / إسلام محمد.
بالجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
فى يوم الثلاثاء ٢٨ من ذو الحجة سنة ١٤٤١هـ الموافق ١٨ من أغسطس سنة ٢٠٢٠ م.
أصدرت الحكم الآتى:
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم ٣٩٣٨ لسنة ٨٥ ق.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر / محمد بدر عزت نائب رئيس المحكمة، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنة والمطعون ضده الثانى الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠١٢ محكمة المحلة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بقيمة الريع المستحق عن استغلال الشقة المبينة بالصحيفة بواقع ٤٠٠ جنيه شهرياً من تاريخ استلام الطاعنة لها في المحضر رقم ….. لسنة ٢٠٠٢ إدارى مركز المحلة، وإلزام الأخيرة بتحرير عقد إيجار للشقة بقيمة إيجارية مقدارها ٤٠٠ جنيه من تاريخ رفع الدعوى وحتى نهاية تاريخ حضانة الصغيرين على سند من أنها بموجب عقد بيع مؤرخ ٥/٤/٢٠٠٢ اشترت من المطعون ضده الثانى تلك الشقة وقامت بتأجيرها لأحد أقاربها عقب استلامها، إلا أنها فوجئت بتاريخ ١٧/٣/٢٠٠٣ بصدور قرار تمكين للطاعنة بمشاركة الزوج- المطعون ضده الثانى- وتم تنفيذ القرار وانتقلت الحيازة لهما، فأقامت دعوى طرد للغصب قضى فيها بالرفض، ثم دعوى عدم اعتداد بقرار التمكين قضى فيها بعدم القبول، وإذ عادت الطاعنة إلى زوجها مما يترتب عليه زوال آثار قرار التمكين فأقامت الدعوى. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بحكم استأنفته المطعون ضدها الأولى برقم …. لسنة ٨ ق طنطا مأمورية المحلة الكبرى وفيه قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة والمطعون ضده الثانى متضامنين بسداد مبلغ مقداره ٤٠٠ جنية شهرياً مقابل الانتفاع بشقة التداعى اعتبارا من ١٧/٨/٢٠٠٣ . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثانى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، إذ تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠٠٦ محكمة المحلة الابتدائية واستئنافها رقم ١٨٤٢ لسنة ١ ق طنطا مأمورية المحلة الكبرى وهى دعوى طرد للغصب ومقابل الانتفاع بالشقة وقضى فيها بالرفض إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفعها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة- أن مناط حجية الحكم الصادر في إحدى الدعاوى في دعوى تالية سواء كان الحكم السابق صادراً في ذات الموضوع أو في مسألة كلية شاملة أو في مسألة أساسية واحدة في الدعويين أن يكون الحكم السابق صادراً بين الخصوم أنفسهم في الدعوى التالية مع اتحاد الموضوع والسبب في الدعويين فلا تقوم الحجية متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما في الدعوى التالية. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثانى لم يكن خصماً في الدعوى الأولى المدفوع بسابقة الفصل بها وقضى برفض دعوى المطعون ضدها الأولى بشأن طرد الطاعنة للغصب تأسيساً على أن إقامتها بها كانت بناء على سند قانونى وهو قرار النيابة العامة بتمكينها من الشقة باعتبارها حاضنة وكانت المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى الحالية بطلب إلزام الطاعنة بقيمة الريع المستحق عن استغلال الشقة محل التداعى من تاريخ استلام الطاعنة لها – طبقا لقرار النيابة العامة – وإلزام الأخيرة بتحرير عقد إيجار للشقة من تاريخ رفع الدعوى وحتى انتهاء حضانة الصغيرين ومن ثم فإن الدعوى الأولى تختلف عن الدعوى الثانية خصوماً وموضوعاً وسبباً وبالتالي فان الحكم الصادر في الدعوى الأولى لا يحوز حجية في النزاع المتعلق بالدعوى الحالية ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عن دفع الطاعنة الوارد بسبب النعى لأنه لا يستند على أساس قانونى سليم ويضحى النعى عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ تمسكت في دفاعها بأن المطعون ضده الثانى طردها من شقة النزاع منزل الزوجية على إثر خلافات بينهما فتقدمت بشكوى في ٢٧/١/٢٠٠٢ قيدت برقم ….. لسنة ٢٠٠٢ إدارى المحلة صدر بناء عليها قرار بتمكينها منها باعتبارها حاضنة لولدى المطعون ضده الثانى الذى قام بتطليقها وإنها لم تعلم ببيع تلك الشقة إلا من خلال رفع المطعون ضدها الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠٠٦ محكمة المحلة وأن واقعة البيع هي حيلة لاسترداد مسكن الزوجية منها إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعها وإلزامها بمقابل الانتفاع بالتضامن مع المطعون ضده الثانى في حين أنها غير ملزمة بهذا المبلغ باعتبارها حاضنة لولديه وأيهما مطلقها هو الملزم بهذا المبلغ مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى في محله، ذلك بأنه لما كان النص فى المادة 18 مكرراً ثالثاً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه " على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب ، فإذا لم يفعل خلال فترة العدة ، استمروا فى شغل مسكن الزوجية دون المطلق مدة الحضانة . وإذا كان مسكن الزوجية غير مؤجر ، كان من حق الزوج المطلق أن يستقل به إذا هيأ لهم المسكن المستقل المناسب بعد انقضاء العدة . ويخير القاضى الحاضنة بين الاستقلال بمسكن الزوجية ، وبين أن يقرر لها أجر مسكن مناسب للمحضونين ولها .... " يدل على أنه لما كانت نفقة الصغار بأنواعها وبالقدر اللازم منها لضمان كفايتهم على ضوء ما يليق بأمثالهم مسئولية الأب لا يشاركه فيها غيره ولا تسقط عنه ولو كان معسراً مادام قادراً على الكسب وإن امتنع عن أدائها حبس بخلاف سائر الديون ، وكان هذا الالتزام على عاتق الأب من الأصول الثابتة شرعاً التى لا تحتمل الجدال أو التأويل باعتبار أن فى إنفاقه على صغاره إحياءً لهم وفى إحيائهم إحياء لنفسه لتحقق الجزئية والعصبية ، وكان توفير مسكن ملائم للصغار حقاً لهم على أبيهم لأنه جزء من نفقتهم ، لذلك حرص المشرع على تأكيد وتنظيم هذا الحق بوصفه من الحاجات الضرورية التى لا غنى عنها اللازمة لصيانة وحفظ الصغار وذلك بالنص فى المادة 18 مكرراً ثالثاً سالفة البيان على الضوابط التى تكفل لهم استيفاء ذلك الحق فأنشأ بهذا النص التزاماً تخييرياً وجعل الخيرة للزوج المطلق بين محلين أحدهما أن يهيئ لصغاره من مطلقته وحاضنتهم المسكن المستقل المناسب والثانى استمرارهم فى شغل مسكن الزوجية دونه مدة الحضانة ، فاذا أسقط الزوج المطلق خياره بعدم إعداد المسكن المناسب المستقل لصغاره وحاضنتهم انقلب ذلك الالتزام التخييرى إلى التزام بسيط غير موصوف له محل واحد هو استقلال المطلقة الحاضنة مع صغارها بمسكن الزوجية مدة الحضانة متى طلبت ذلك ، ولا يثبت لهم هذا الحق من تاريخ إسقاط الزوج المطلق لخياره بل من تاريخ الطلاق ، ذلك أن ما يترتب على هذا الإسقاط من قصر محل الالتزام علي الاستمرار فى مسكن الزوجية يكون له أثر رجعى بحيث يعتبر الالتزام بسيطاً منذ نشوئه له محل واحد هو مسكن الزوجية لأن حق الخيار يعد بمثابة شرط واقف متى تحقق انصرف أثره إلى الماضى ، وذلك الحق للصغار وحاضنتهم فى الاستمرار فى شغل مسكن الزوجية مصدره المباشر نص القانون فى المادة 18 مكرراً ثالثاً سالفة البيان وهو من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام باعتبار أن الأحكام التى تنظم الأحوال الشخصية فى مجموعها تتعلق بالنظام العام ، لما للشخص ولأسرته من اتصال وثيق بكيان الجماعة ويهدف المشرع من تنظيم أحكامها تحقيق المصلحة العامة ومن أخص هذه الأحكام تلك التى تتعلق بالحقوق والواجبات التى تنشأ من الأبوة ومنها النفقة بمختلف أنواعها لأنها تستند إلى نصوص قاطعة فى الشريعة الإسلامية فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو التحايل عليها ، ومن ثم لا يجوز للزوج المطلق التحايل على أحكام القانون بهدف اسقاط حق الصغار وحاضنتهم فى شغل مسكن الزوجية مدة الحضانة بعد ثبوته لهم عن طريق التصرف بأى صورة للغير فى هذا المسكن بغية التوصل إلى طردهم منه دون أن يوفر لهم المسكن المستقل المناسب ، فإن هذا التصرف لا يسرى ولا ينفذ فى حق الصغار وحاضنتهم متى كان لاحقاً على ثبوت حقهم فى شغل مسكن الزوجية ، وكان المتصرف إليه يعلم وقت إبرام التصرف بهذا الحق لأنه يعد بمثابة اتفاق على مخالفة أحكام القانون الآمرة المتعلقة بالنظام العام ، ويجوز إثبات ذلك التحايل بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة تمسكت بدفاعها الوارد بسبب النعى أمام محكمة الموضوع إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقة رغم جوهريته والذى من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى كما الزمها بالتضامن مع المطعون ضده الثانى بمقابل الانتفاع المقضى به رغم أن الملتزم بسداد ذلك الريع هو المطعون ضده الثانى فقط لأنه هو المسئول عن تدبير المسكن أو أجر المسكن باعتباره ولى أمر الصغيرين ودون أن يورد بأسبابه الأساس الذى استند عليه في ترتيب تلك المسئولية التضامنية فإنه يكون قد ران عليه القصور المبطل الذى جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه مما يعيبه ويستوجب نقضه دون حاجه لبحث باقى أسباب الطعن.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا مأمورية المحلة الكبرى وألزمت المطعون ضدها الأولى المصاريف ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق