الصفحات

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

الطعن 2055 لسنة 6 ق جلسة 19 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 25 ص 230

جلسة 19 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.

-----------------

(25)

القضية رقم 2055 لسنة 6 القضائية

(أ) موظف - تقرير سنوي - محضر 

- تخفيض درجة كفاية المدعي الذي يعمل كمحضر إعلان بذريعة أنه لم يتقدم للامتحان لكي يعمل محضر تنفيذ - غير جائز قانوناً - التقارير السرية إنما شرعت للوقوف على مدى صلاحية الموظف للعمل المنوط به وليس على أساس عمل آخر لم يشغله.
(ب) موظف - تقرير سنوي - قضاء إداري 

- قضاء المحكمة الإدارية بأن تخفيض درجة الكفاية لم يكن له مبرر من الواقع أو القانون - لا ينطوي على حلول محل الجهة الإدارية فيما هو من شئونها - طلب الجهة الإدارية إعادة التقرير إليها لتجريه طبقاً للأصول السليمة - لا وجه له ما دام أن التقرير سار في خطاه المرسومة ولم يتجنب الصواب إلا من حيث المعيار الذي اتخذ أساساً للتخفيض في الوقت الذي تقر فيه الحكومة وتنادي الملابسات بصحة تقرير الرئيس المباشر.

-----------------
1 - نظراً لأنه من الثابت أن تخفيض درجة كفاية المدعي لم يكن بسبب متعلق بالعمل الذي يؤديه كمحضر إعلان والمعهود به إليه وإنما لأنه لم يتقدم للامتحان لكي يعمل محضر تنفيذ... ولما كانت التقارير السرية قد شرعت للوقوف على مدى صلاحية الموظف للعمل المنوط به ومقدار كفايته لهذا العمل وليس على أساس عمل آخر لم يشغله وقانون نظام القضاء لم يوجب هذا الامتحان وكل ما رتبه على عدم دخوله هو الحرمان من الترقية إلى درجة أعلى - وقد ظل المدعي في الدرجة الثامنة التي عين عليها مدة تربو على تسعة عشر عاماً إلى أن رقي منسياً إلى الدرجة السابعة في سنة 1948 ثم إلى الدرجة السادسة في سنة 1954 ومن ثم ما كان يجوز تخفيض درجة كفايته لأسباب خارجة عن حدود وظيفته التي يشغلها ويؤدي عملها فعلاً ولا يصح قانوناً أن تبنى التقديرات على أساس خارج هذا النطاق وبالتالي يكون التخفيض قد بني على أسباب غير مستساغة قانوناً الأمر الذي يجعل التقرير مخالفاً للقانون وكذلك كل ما يترتب عليه.
2 - ولا محل لإجابة الحكومة لمطلبها، الخاص بإعادة التقرير إلى الجهة الإدارية لتجريه طبقاً للأصول السليمة، وذلك أن التقرير سار في الخطوات المرسومة قانوناً ولم يتجنب الصواب إلا من حيث المعيار الذي اتخذته لجنة شئون الموظفين في تقدير الكفاية على النحو المتقدم ذكره هذا في الوقت الذي تقر فيه الحكومة وتنادي به الملابسات بصحة تقدير الرئيس المباشر لكفاية المدعي في حدود نطاق العمل القائم به فعلاً وعلى ذلك فإن القضاء إذا اعتبر أن تخفيض درجة الكفاية لم يكن له مبرر من الواقع فإنه لا يكون قد أحل نفسه محل السلطة الإدارية فيما هو من شئونها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 يوليو سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد وزير العدل سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية في 24/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 237 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ أمين حنا يعقوب ضد وزارة العدل والقاضي "بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة".
وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات أرجأت النطق بالحكم فيه لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 237 لسنة 5 القضائية في 2/ 9/ 1958 ضد: وزارة العدل طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة شئون الموظفين بتقدير كفاية الطالب بدرجة ضعيف في التقرير السري السنوي المقدم عن عام 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، بانياً طلبه هذا على أن الرئيس المباشر منحه 88 درجة خفضت إلى 48 درجة دون سند من أوراق ملف الخدمة أو القانون - وأن ما جاء بالتقرير السري (من أن المدعي لا يزال محضر إعلان رغم مضي أكثر من عشرين سنة في الخدمة بسبب إحجامه عن دخول امتحان المحضرين ورغم وصوله إلى الدرجة السادسة منسياً وقرب حلول دوره للترقية إلى الدرجة الخامسة وهو الأمر الذي أثر على إنتاجه....) هذا السبب لا يبرر تخفيض درجة كفايته إذ أن العبرة في الإنتاج بما يقوم به الموظف في العمل المعهود به إليه كما أن نصوص القانون رقم 147 لسنة 1949 لا تلزم المحضر بالتقدم للامتحان - والطالب في غير حاجة لأن يؤدي امتحاناً لكبر سنه وطول مدة خدمته وقرب إحالته إلى المعاش، فلا يجوز أن يكون إحجام الطالب عن دخول الامتحان سبباً في منحه تقدير ضعيف والإجحاف به في تقدير كفايته، هذا إلى أن المادة 136 من القانون 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 تنص على أنه (في تطبيق أحكام هذا القانون تحدد درجة كفاية الموظف بالنسبة للتقارير السرية كالآتي: (إذ حصل على 45 درجة فاقل اعتبر ضعيفاً...) وقد حصل الطالب على 48 درجة في التقرير المطعون فيه وهي تنطوي تحت تقدير مرضي. وأنه لا يجوز تعديل مراتب الكفاية كما حددتها المادة المشار إليها والنماذج التي تكتب عليها التقارير السرية السنوية والتي قررها وزير المالية تنفيذاً لحكم المادة (30) من قانون التوظف ومن ثم يكون تقدير كفاية المدعي - وهو حاصل على 48 درجة - بدرجة ضعيف قد جاء مخالفاً للقانون.... أجابت وزارة العدل على الدعوى بأن المادة (60) من القانون رقم 147 لسنة 1949 بإصدار قانون نظام القضاء تنص في فقرتها الثانية على أن (يعين المحضر تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر....) وتنص المادة (61) على أنه (يشترط فيمن يعين محضراً للتنفيذ أن يكون قد شغل وظيفة محضر مدة سنتين على الأقل وحسنت الشهادة في حقه وأن يكون قد نجح في امتحان يختبر فيه تحريرياً وشفوياً) وتنص المادة (64) على أنه (لا يرقى المحضر من الدرجة التي عين فيها إلى الدرجة التي تليها إلا إذا حسنت الشهادة في حقه وجاز الامتحان المنصوص عليه في المادة (62) كما تنص المادة (66) على أنه لا يعين محضر أول لمحكمة جزئية إلا من أمضى في وظيفة محضر للتنفيذ مدة سنتين على الأقل.... والمحضر المتظلم عين في وظيفة مندوب محضر مؤقت في 28/ 2/ 1929 بالدرجة الثامنة ووظيفة مندوب محضر كانت أول وظيفة في سلك المحضرين في الفترة التي سبقت إصدار قانون نظام القضاء التي أطلق عليها هذا القانون في الفقرة الثانية من المادة (60) تسمية (محضر تحت الاختبار) وكانت التعليمات المعمول بها قبل قانون نظام القضاء تقضي بألا يعين مندوباً لمحضر في وظيفة محضر للتنفيذ وبألا يرقى إلى الدرجة التالية لدرجة التعيين إلا إذا اجتاز امتحاناً تحريراً وشفوياً، وهذه القواعد احتفظ بها قانون نظام القضاء في المواد التي سبقت الإشارة إليها وكان تطبيق هذه القواعد سواء قبل إصدار قانون نظام القضاء أو في ظل هذا القانون يقضي بألا يتزحزح المحضر من درجة التعيين طالما أنه لم ينجح في الامتحان. وذلك تأسيساً على أن وظيفة مندوب المحضر أو المحضر تحت الاختبار مسئولياته محدودة... والمحضر المدعي لم يؤد الامتحان منذ تعيينه في سنة 1929 ولذلك ظل إلى الآن في وظيفة محضر إعلان وأصبح من المستحيل الاستفادة به.. وكان المفروض أن يظل في الدرجة التي عين فيها لولا صدور قانون المنسيين سنة 1943 وتطبيقاً لهذا القانون رقي المدعي إلى الدرجة السابعة الشخصية في 19/ 12/ 48 - وإلى الدرجة السادسة الشخصية في 28/ 2/ 1954 وهو الآن في انتظار الترقية إلى الدرجة الخامسة الشخصية بعد شهور معدودة يستكمل فيها الثلاثين من سنى خدمته، ولو أن المدعي آنس في نفسه الكفاءة لتقدم للامتحان ولتدرج في سلك الوظيفة إلى وظيفة محضر تنفيذ فمحضر أول فمفتش أو كبير محضرين، ولأصبح الآن في وظيفة يقوم فيها بعمل يتناسب مع درجته الحالية والمرتب الذي يتقاضاه... وللمدعي جزاءات بالخصم يوم في مايو سنة 1931 لغيابه مدعياً المرض وثلاثة أيام في 25/ 7/ 1931 لإهماله في أداء واجبه وإنذار في 7/ 9/ 1932 لإهماله في تسديد الأوراق الجنائية وخصم يومين لخطئه في إعلان أمر حبس في 22/ 4/ 1935 وإنذار لإهماله في عمله في 14/ 10/ 1956. ولو سار محضرو الإعلان على سنة المدعي لأجدبت أقلام المحضرين من وجود محضر واحد للتنفيذ ولتعطلت التنفيذات تماماً.. وأما قول المدعي بأن المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957.. تقضي بأنه إذا حصل الموظف على 45 درجة فأقل اعتبر ضعيفاً وإذا حصل على 65 درجة فأقل اعتبر مرضياً وهو يريد بهذا أن يعتبر حصوله على 48 درجة في التقرير المطعون فيه في مرتبة (مرضي) - هذا القول منه مردود عليه فإن المادة (30) من قانون نظام الموظفين قضت في فقرتها الأخيرة (بأن تكتب التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدره بعد أخذ رأي ديوان الموظفين) وقد صدر قرار وزير المالية والاقتصاد في 29/ 12/ 1957 وثابت فيه أن درجة الكفاية إذا قدرت أقل من 50 درجة اعتبر التقدير ضعيفاً.... أما تقدير الرئيس المباشر لكفاءة المدعي بدرجة 88 فسببه أن الرئيس أعطاه هذه الدرجة على أساس مقارنته بمحضري الإعلان الذين لا زالوا تحت الاختبار ومعنى هذا الرقم أنه قد يجيد إعلان أية ورقة... ومن ذلك يتبين أن لجنة شئون الموظفين كانت على حق في تقدير درجة كفاءة المدعي بدرجة (ضعيف) ولم يكن في ذلك أي إجحاف به إذ أنه ارتضى لنفسه أن يبقى كما هو من يوم تعيينه... والقواعد السليمة تقضي بأن يكون التقدير بقدر ما يؤديه الموظف من عمل وبقدر ما يمكن أن تفيد الدولة من خدماته وهذه هي مبررات التقدير.
وبتاريخ 24/ 5/ 1960 قضت المحكمة الإدارية المذكورة (بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة) بانية قضاءها على أنه تبين من الاطلاع على التقرير السنوي السري عام 1957 أن لجنة شئون الموظفين غيرت التقدير من مرتبة جيد إلى مرتبة ضعيف وأثبت مدير عام المحاكم بخانة الملاحظات أن المدعي لا يزال محضر إعلان رغم مضي أكثر من عشرين سنة على خدمته بسبب إحجامه عن دخول امتحان المحضرين ورغم وصوله إلى الدرجة السادسة منسياً وقرب حلول دوره في الترقية إلى الدرجة الخامسة مما أثر على إنتاجه رغم كبر درجته وطبقاً للمادة (31) من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 يكون تقدير كفاية الموظف منوطاً في النهاية لرأي لجنة شئون الموظفين، وطبقاً لما جرت عليه أحكام المحكمة العليا أن يكون تقرير اللجنة مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أصول ثابتة ليكون القرار الصادر بالحرمان قائماً على سببه الذي يبرره قانوناً.. ويبدو أن لجنة شئون الموظفين قد خفضت تقدير كفاية المدعي بسبب ما لاحظه مدير المحاكم من أن المدعي لا يزال محضر إعلان.. ويستفاد من النصوص الواردة في قانون نظام القضاء أن عدم اشتراك المدعي في دخول الامتحان يحول بينه وبين الترقية إلى محضر تنفيذ كما يحول دونه والترقي إلى الدرجات المالية أسوة بزملائه الذين يؤدون الامتحان.. ومن ثم فإن الضرر يعود أولاً على المدعي... وكان في وسع الوزارة أن تنقله إلى وظيفة أخرى غير وظائف المحضرين حتى تستفيد منه بما يتناسب ودرجته المالية هذا إلى أن ملف خدمة المدعي خال مما يشينه.. ومن كل هذا يتضح إجحاف الأسس التي أقامت عليها لجنة شئون الموظفين تقديرها للمدعي بدرجة ضعيف.... وبالتالي يكون القرار الصادر بحرمان المدعي من علاوته الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1958 وقد بني على تقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف، قد جاء مخالفاً للقانون...
ومن حيث إن الطعن في الحكم المتقدم ذكره يقوم على أنه طبقاً للتعديل الذي أجراه المشرع بمقتضى القانون رقم 73 لسنة 1957 أصبحت لجنة شئون الموظفين هي السلطة المختصة بتقدير درجة الكفاية التي تراها - وقد رأت هذه اللجنة أن كفاية المدعي لا تؤهله إلا لدرجة ضعيف ولم يكن ذكر عدم دخوله امتحان المحضرين إلا بياناً لأسباب ما لاحظته اللجنة من ضعف إنتاجه وسوء كفايته. هذا إلى أن الترقيات والعلاوات التي تمنح للموظف إنما تمنح له على أساس أنه يزداد خبرة في عمله وأن تحمله للمسئوليات الوظيفية يزداد تبعاً لذلك.. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه بإعادة النظر في تقدير الكفاية الذي قدرته لجنة شئون الموظفين للمدعي وخالف قضاء سابقاً للمحكمة الإدارية العليا التي قالت إن تقديرات الكفاية هي تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه وحتى على فرض صحة ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من فساد الأسس التي أقامت عليها لجنة شئون الموظفين تقديرها لكفاية المدعي فقد كان الواجب أن تعيد التقرير.. لجهة الإدارة لتجريه وفقاً للأوضاع السليمة حتى يمكن أن ينتج التقرير الآثار المترتبة عليه قانوناً ومنها منح المدعي علاوته الدورية أو حرمانه منها وهذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لا يملك أن يقرر منح العلاوة لأن ذلك من شأن لجنة شئون الموظفين التي لها وحدها أن تقدر قيام الموظف بعمله بكفاية كأساس لمنحه العلاوة الدورية.. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون..
ومن حيث إن هيئة المفوضين قدمت تقرير بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى أن لجنة شئون الموظفين لم تبن تقريرها على أسباب صحيحة مستمدة من الأوراق وكان الواجب على جهة الإدارة إن أرادت أن تتخذ قاعدة عامة في تقدير الكفاية للمتخلفين من المحضرين عن تأدية الامتحان أن تنبههم إلى ذلك وتثبت هذه القاعدة في محضرها كأساس في التقدير ثم تطبق آثارها على مفردات التقدير تطبيقاً سليماً..
ومن حيث إنه يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن أن المدعي من مواليد 27/ 3/ 1902 ودخل الخدمة 28/ 2/ 1929 وقد انتهت خدمته في 2/ 7/ 1960 بموجب القانون رقم 120 لسنة 1960 وقد بلغت إجازته في سنة 1957 سبعة أيام إجازة عارضة غير الإجازة الاعتيادية السنوية وإجازة أعياد المسيحيين... ولحصوله على تقريرين متتاليين عن سنتي 1957، 1958 بدرجة ضعيف قدم إلى الهيئة المشكل منها مجلس التأديب وقد أصدرت الهيئة المذكورة في 24/ 10/ 1960 قراراً بسقوط الدعوى التأديبية ضده لتركه الخدمة بإحالته إلى المعاش ولم توقع ضده جزاءات في عام 1957 وأما الجزاءات الموقعة عليه قبل ذلك فقد سبق الإشارة إليها وهو حاصل على الشهادة الثانوية قسم أول عام وعند إحالته إلى المعاش كان يشغل الدرجة السادسة ومع ضم السنتين إلى مدة خدمته ومنحه علاوتين بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 بلغت ماهيته 24 جنيهاً شهرياً وبلغت مدة خدمته الفعلية 31 سنة و4 شهور ويومان والتقارير السرية السنوية الموضوعة عنه حتى نهاية سنة 1956 جميعها بحالة مرضية ولا يوجد في ملف خدمته ما يشين خاصة في سنة 1957 الموضوع عنها التقرير محل الطعن الحالي.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى هذا التقرير يبين أن الرئيس المباشر قدر كفاية المدعي بمرتبة جيد (88) درجة وقد وافق على هذا التقرير كل من المدير المحلي ورئيس المصلحة - وفي خانة الملاحظات من التقرير المذكور دون مدير عام المحاكم في 23/ 4/ 1958 الملاحظة الآتية:
"لا يزال (المدعي) محضر إعلان رغم مضي أكثر من عشرين سنة على دخوله الخدمة بسبب إحجامه عن امتحان المحضرين رغم حصوله على الدرجة السادسة منسياً وقرب حلول دوره في الترقية إلى الدرجة الخامسة مما أثر على إنتاجه رغم كبر درجته..." وفي 24/ 4/ 1958 نزلت لجنة شئون الموظفين بتقدير المدعي إلى مرتبة ضعيف (48 درجة) ولا جدال في قيام الارتباط الوثيق بين هذا التقدير والملاحظة السابق الإشارة إليها وقد أفصحت إدارة المحاكم صراحة في ردها على الدعوى بأن تقدير الرئيس المباشر لكفاءة المدعي بمرتبة جيد (88 درجة) نسبية بطبيعة الحال إذ أن الرئيس المباشر أعطاه هذه الدرجة على أساس نسبة مقارنته بمحضري الإعلان الذين لا زالوا تحت الاختبار ومعنى هذا الرقم أنه قد يجيد إعلان أية ورقة.. وتقدير لجنة شئون الموظفين على هذا الوضع ليس فيه أي إجحاف بالمدعي ما دام أنه قد ارتضى لنفسه أن يبقى كما هو من يوم تعيينه في الدرجة الثامنة حتى الآن وبعد مضى أكثر من 29 سنة.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن تخفيض درجة المدعي لم يكن بسبب متعلق بالعمل الذي يؤديه والمعهود به إليه وإنما لأنه لم يتقدم للامتحان لكي يعمل محضر تنفيذ.. ولما كانت التقارير السرية قد شرعت للوقوف على مدى صلاحية الموظف للعمل المنوط به ومقدار كفايته لهذا العمل وليس على أساس عمل آخر لم يشغله وقانون نظام القضاء لم يوجب هذا الامتحان وكل ما رتبه على عدم دخوله هو الحرمان من الترقية إلى درجة أعلى - وقد ظل المدعي في الدرجة الثامنة التي عين عليها مدة تربو على تسعة عشر عاماً إلى أن رقي منسياً إلى الدرجة السابعة في سنة 1948 ثم إلى الدرجة السادسة في سنة 1954 ومن ثم ما كان يجوز تخفيض درجة كفايته لأسباب خارجة عن حدود وظيفته التي يشغلها ويؤدي عملها فعلاً ولا يصح قانوناً أن تبنى التقديرات على أساس خارج هذا النطاق وبالتالي يكون التخفيض قد بني على أسباب غير مستساغة قانوناً الأمر الذي يجعل التقرير مخالفاً للقانون وكذلك كل ما يترتب عليه ولا محل لإجابة الحكومة لمطلبها الخاص بإعادة التقرير إلى الجهة الإدارية لتجريه طبقاً للأصول السليمة، وذلك أن التقرير سار في الخطوات المرسومة قانوناً ولم يتجنب الصواب إلا من حيث المعيار الذي اتخذته لجنة شئون الموظفين في تقدير الكفاية على النحو المتقدم ذكره هذا في الوقت الذي تقر فيه الحكومة وتنادي به الملابسات بصحة تقدير الرئيس المباشر لكفاية المدعي في حدود نطاق العمل القائم به فعلاً وعلى ذلك فإن القضاء إذ اعتبر أن تخفيض درجة الكفاية لم يكن له مبرر من الواقع أو القانون فإنه لا يكون قد أحل نفسه محل السلطة الإدارية فيما هو من شئونها.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء سليماً متفقاً مع القانون ويكون الطعن غير قائم على سند صحيح مما يتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق